|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() مكالمة هاتفية (الحلقة الأولى) مروان محمد أبو بكر اجتمعتُ معه كثيرًا على طاعة الله؛ فقد كان من أنشط شباب مسجدنا، وأوفرهم أدبًا، حتى إني كنت أضرب به المثل أمام مشاغبي شبابنا. وعلى الرغم من نشاطه في الخير، لم تكن علاقتي به خاصة، أو تتميز عن علاقتي بكثير من شباب المسجد، ولعل ذلك يرجع إلى كونه يصغرني سنًّا. وحدَث ذات يوم أن أخبرني أحد المقرَّبين منه أنه على علاقة بزميلته في الدراسة! وأنهما تعاهدا على الزواج بعد التخرج، وأنها على قدر من الالتزام، وقد اشترطَت عليه أن يحفظ القرآن قبل عقد قرانهما، و..، و..، و... من نحو هذا المطلب، وأن حجَّته في إنشاء هذه الصلة: تربيتها على الخير؛ ليبني في المستقبل أسرةً طائعةً لربها، قائمةً علي حدوده، وأن هذه العلاقة علاقة معلنة؛ فهي معروفةٌ لكلتا الأسرتين. لم تَرُقْ لي الفكرة وقتها، ولكني آثرت ألَّا أتسرَّع في إبداء النصح - الذي هو من حقوق الأخوَّة في الله - خاصةً في مثل هذه المواضيع، لما أعرف من خطورة التسرُّع في علاجها، إضافةً إلى أنني شعرت بأني لم أُلمَّ بجوانب الموضوع، كما أن صاحبه لم يَسْتنصحني فيه. ثم قدَّر الله لي السفر للعمل بإحدى الدول العربية، وانقطعَت صلتي بالأخ شيئًا ما، وأخذتني الحياة بتيَّارها الجارف. وفي حين أنا في طريقي عائدًا من سفر إلى مكان عملي، أتلقى اتصالًا على هاتفي المحمول: • السلام عليكم. • (بصوت خافت): وعليكم السلام، أكيد أنك سمعت عن البنت التي كنت أربِّيها في الجامعة! • نعم، سمعت. • وينفجر باكيًا: خطوبتها الليلة، جاءها أحد الميسَّرين، وأنا تعبتُ معها، وبنيتُ آمالي عليها، و...!! حاولتُ أن أهدِّئ من روعه؛ فقلتُ: "عسى أن يكون في ذلك خيرٌ لك ولها، وأنت رجل خير، ولن يضيِّعك الله أبدًا، ستجد مَن تسعد وتهنأ بها..."، وكلامًا في هذا المعنى. وعلى ذلك انتهت المحادثة، ولا أخفيكم؛ فقد تألمتُ كثيرًا، فأنا لا أطيق أن أرى أحد إخواني يتألم، هذا من جهة، ومن جهة أخرى؛ لأن قضيته لفتت نظري إلى مشكلة خطيرة، هي تلك الصداقات - أيًّا كان نوعها - التي انتشرت في الجامعات المختلطة، بين الطلاب والطالبات، وبدأتُ أتفكَّر في هذه القضية، على الإرهاق والتعب وعناء السفر، وظللتُ بعد ذلك زمنًا أُدير الأمر في رأسي، وأبحث عن حل له في كتاب الله وسنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم، وكان خلاصة ذلك ما أصوغه في هذه الأسطر، راجيًا أن تصل إلى أصحاب القضية، مِن طلبة وطالبات الجامعات المختلطة أوَّلًا، وإلى غيرهم ممن أهمَّهم ما أهمَّني، وأرحِّب بأيِّ رأي أو نقد عبر بريدي الإلكتروني. وقفة أولى: إن الشريحة المعنية بهذا الخطاب - وهي الأغلبية والحمد لله - من الشباب الذين تربَّوا على خُلق ودين، ممن يحافظون على صلواتهم، ويرتجي المجتمع منهم الكثير، وقد دخلوا تلك الجامعات لتحقيق مستقبل زاهر لهم ولأمَّتهم، فدخل الشيطان عليهم من باب هذه الصداقات، مستغلًّا حسن نواياهم، زاعمًا أن ذلك هو الطريق الممهَّد للحياة الزوجية السعيدة؛ ليجترَّهم إلى هاوية يعسُر على مَنْ سقط فيها تحقيق النجاحات المطلوبة. أمَّا أولئك المستهترون، الذين يريدون الإفساد في الأرض؛ فلا أقول بتركهم يَغرَقون ويُغرِقون، ولكني أعتقد أنهم يحتاجون إلى خطاب يختلف في صياغته عن هذا. وقفة ثانية: إن هذه القضية الهامة - الصداقة بين الجنسين - ليست قاصرة على طلاب الجامعات المختلطة وحدهم؛ بل هي مشكلة موجودة في كثير من المؤسسات والشركات والمرافق التي يوجد بها اختلاط بين الجنسين، وما يقال للطلاب يقال لهؤلاء أيضًا. تنبيه: ومما يَجدُر بي في هذا المقام: أن أطرق أصل القضية التي أضعها بين يدي القارئ الكريم، فمما لا شك فيه أن قضية الاختلاط هي أصل موضوعنا. والاختلاط غير المنضبط، الذي لا مبرر له إلا هوى النفس، انقطع نفَس بعضهم وهو يحاول أن يجد في نصوص الشرع ما يبيحه، ولستُ بصدد تقرير حكم في هذا الشأن، ولكنني أفسح المجال لنصوص الشريعة، وأقوال الراسخين فيها؛ فإليك بعض ذلك: قال الله تعالى: ﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ﴾ [الأحزاب: 33]، وقال تعالى: ﴿ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ﴾ [الأحزاب: 53]. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خيرُ صفوفِ الرجالِ أولُها، وشرُّها آخرُها، وخير صفوف النساء آخرها، وشرُّها أولها). أخرجه مسلم. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلَّم، قام النساء حين يقضي تسليمه، ويمكث هو في مقامه يسيرًا قبل أن يقوم. قال: "نرى والله أعلم أن ذلك كان لكي ينصرف النساء"؛ (البخاري). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للنساء: (اسْتأخِرْنَ؛ فإنه ليس لكنَّ أن تَحْقُقْنَ الطريق، عليكنَّ بحافات الطريق)؛ أخرجه أبو داود. وجعل النبي صلى الله عليه وسلم للنساء موضعًا في مصلَّى العيد، ثم أقبل عليهنَّ، فوعظهنَّ؛ رواه البخاري. وقالت النساء للنبي صلى الله عليه وسلم: غلبَنا عليك الرجالُ؛ فاجعل لنا يومًا. فوعدهنَّ يومًا لقيهنَّ فيه، فوعظهنَّ، وأمرهنَّ؛ أخرجه البخاري. وقال النبي صلي الله عليه وسلم عن بابٍ من أبواب المسجد: (لو تركنا هذا الباب للنساء!). قال نافع: "فلم يدخل منه ابن عمر حتى مات"؛ رواه أبو داود. وكانت عائشة رضي الله عنها تطوف حَجِزةً من الرجال، لا تخالطهم، وكانت رضي الله عنها تُعلِّمُ الرجالَ من وراء حجاب. قال ابن القيم رحمه الله: "لا ريب أن تمكين النساء من الاختلاط بالرجال أصل كلِّ بليَّةٍ وشرٍّ، وهو من أعظم أسباب نزول العقوبات العامة، واختلاطُ الرجال بالنساء سببٌ لكثرة الفواحش والزنا"[1]. أما ما يقع من اختلاطٍ بين الرجال والنساء للضرورة، كما في الأسواق ونحوها؛ فإن الضرورة تقدَّر بقدرها، لا يُزاد عليها، ولا يُتَوَسَّع فيها. ولكنَّ المقصود من هذه المقالة ليس بيان الحكم الشرعي للاختلاط؛ بل المقصود: كيف يحفظ الطالب الذي التحق بالجامعة المختلطة نفسَه من هاوية الصداقات المسمومة مع الجنس الآخر، المدمرِّة لدينِه وأخلاقه ومستقبله، بعد أن صار يعيش ذلك الواقع رضينا أم أبينا؟ وأتصوَّر أن هذا المطلب العزيز لا بد أن تجتمع فيه ثلاثة أمور، نفصِّلها فيما يلي - إن شاء الله. [1] "الطرق الحكمية": (1 /408).
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]() مكالمة هاتفية (الحلقة الثانية) مروان محمد أبو بكر تكلمنا في الحلقة الماضية من هذا المقال عن قضية العلاقة بين الجنسين، التي تكثر بين طلاب وطالبات الجامعات والمعاهد وغيرها، وقد تقع كثير من هذه العلاقات بحسن نية، ولمقصد طيب كالزواج بعد التخرج من الدراسة، وقد وعدنا القارئ الكريم بتفصيل القول عن: كيف يحفظ الطالب الذي التحق بالجامعة المختلطة نفسه من هاوية الصداقات المسمومة مع الجنس الآخر، المدمرة لدينه وأخلاقه ومستقبله، بعد أن صار يعيش ذلك الواقع، رضينا أم أبينا؟ وإني أتصور أن هذا المطلب العزيز، لابد أن تجتمع فيه ثلاثة أمور، أبينها فيما يلي: أولاً: الدراسية. وأعني بذلك أن تكون العلاقة قائمة على ما تتطلبه أمور الدراسة، ويُلزم به نظامها، مع الحذر كل الحذر من أن تتحول تلك العلاقة إلى علاقة عاطفية، أو صداقة شخصية؛ فإن النقل والعقل يرفضان علاقة الصداقة بين الجنسين رفضاً باتّاً؛ قال الله تعالي: ﴿ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ ﴾ [النساء: 25]؛ ففي هذه الآية نهى الله تعالى أن تتخذ المرأة من الرجال خِدْناً، أي: صديقاً. وإن كان نساء الجاهلية، يتخذن الأخدان لارتكاب جريمة الزنا؛ فإن نساء اليوم ورجاله يفعلون ذلك، ولو بوجه من الوجوه، ألم يقل النبي صلي الله عليه وسلم فيما رواه الإمام مسلم في "صحيحه": (إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنى، أَدْرَكَ ذلك لا محالة؛ فزنى العينين النظر، وزنى اللسان النطق، والنفس تَمَنَّى وتَشْتَهِي، والفَرْج يُصَدِّق ذلك أو يُكَذِّبُه). ولنتأمل تلك الصداقة المبنية علي وعد مزعوم بالزواج بعد الدراسة، وما فيها من رؤية كل واحد للآخر على أنه موضع قضاء وطره في المستقبل القريب، وتخيل ذلك حال لقائهما! ثم لنسأل أنفسنا، كم من شاكلة هذه العلاقات تنتهي بالزواج، والجواب معروف لدينا جميعًا؛ فهي نسبة ضئيلة جداً، والواقع لا يخفى علينا، وقصة أخينا التي وردت في المقال السابق ما هي إلا واحدة من قصص كثيرة، يعرفها الجميع، وشباب الجامعات المختلطة على وجه خاص. ولا عجب أن يتحطم قارب الصداقة الوهمية هذا مع أول موجة، ليس لكون ربَّانه قليل الخبرة، ولا لأنه لا يجيد القيادة فحسب؛ بل لأن العناصر التي صُنع منها في غاية الهشاشة؛ فليس ثمة شيء غير التخيلات والأماني والأحلام، وإذا أضفنا إلى ذلك تحبيذ مجتمعنا أن يكون الزوج أكبر من الزوجة سنّاً لأسباب منطقية فإن تلك الصداقة بين الأقران من الجنسين تنعي لنا احتمال ميلاد أسرة منها لحظة نشوئها. إن هذه العلاقات المحرمة شرعاً، والتي تنتهي إلى لا شيء غير الآثام غالبًا - هذا إذا سلم للطرفين شرفهما بالمعني الخاص - لها تأثيرها البالغ في الحياة الزوجية لطرفيها مستقبلاً. فعلى الفرض الأرجح؛ وهو انتهاء هذه العلاقة أثناء الدراسة، أو بعدها بقليل، ثم يذهب كل طرف إلى سبيله، ويتزوج كل واحد منها من غير الطرف الذي أحب، تظل إسقاطات تلكم العلاقة مدمرة لحياته الأسرية؛ فقد تكوَّنت فكرة خاطئة للحياة الزوجية، نتيجة تلكم العلاقة التي تكثر فيها المجاملات، وتقل فيها الواقعية إن لم تنعدم فيبقى كلا الطرفين نادمًا طول حياته، علي عدم الزواج من الآخر الذي أحبه، ووجد منه وهمًا ما لم يجده من شريك حياته الحالي، ويظل يقارن بين تصرفات شريك حياته المبنية على الواقعية، وتلكم التصرفات العاطفية الخالصة، التي لم يكن ليدوم تكلفها لو قُدِّر لهما الزواج، فيجد البَوْن شاسعًا، مما يؤدي إلى ما لا يُحمد من المشاكل الزوجية. أما إن حصل النادر، وتزوج الطرفان، فلتلك العلاقة قبل الزواج، آثارها المدمرة على هذه الزيجة ذات التاريخ العريض في عالم الغرام؛ فكلا الطرفين تعوَّد أن يرى صاحبه على حالة وردية، وقد آن الأوان لتراه على حقيقته، بأخلاقه وصفاته التي نشأ عليها؛ بل آن الأوان لأن تراه مستيقظاً من نومه، وقد انتفش شعره، وذهب رونق ملابسه، وقد يراها بعد أن أعجزها المطبخ عن الإسراع في تغيير ملابسها حال خروجها منه، ورائحة الثوم والبصل التي تزكم الأنوف تفوح منها، بدلاً من رائحة الياسمين التي طالما عبقت منها في لقاءات سابقة، وتبدأ نفسه تحدِّثه: هل هذه فلانة التي أحببتُ؟ وتبدأ المشاكل، ويكثر التوبيخ والتبكيت. إذاً فالمحتم أن تكون علاقة الجامعة على قدر الدراسة لا أكثر، وليكن الجميع حريص على ألا ينزلق في هاوية العلاقات العاطفية أو الصداقة مع الجنس الآخر. ثانياً: الجماعية. فلا يصحُّ أن تنشأ علاقة - وإن كانت دراسية - بين طالب وطالبة بمعزل عن الآخرين، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ولا يخلونَّ أحدكم بامرأة؛ فإن الشيطان ثالثهما)؛ رواه ابن حبَّان، وصحَّحه الألباني. فالخلوة من أعظم المعاصي؛ لما تفضي إليه من المهالك، ولا تبررها الدراسة ولا غيرها، وما ظنُّك بلقاءٍ يحضره الشيطان؛ بل يكون شريكاً فيه كما في الحديث السابق، والله تعالى يقول: ﴿ الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ ﴾ [البقرة: 286]؟ أن كثيرا من شبابنا وفتياتنا يصابون بحالة أشبه بالغرور إذا ما التحقوا الجامعات، خاصةً إذا انتسبوا إلى بعض الكليات التي لا يُقبل فيها إلا أصحاب النسب الكبيرة؛ فيظنون أن عندهم من الوعي ما يعصمهم من الوقوع في المحذور، ولكن هيهات!! فكم من خلوة هتكت أعراضاً، وأضاعت شرفاً، وكان طرفاها يظنان أنهما قد بلغا من الوعي والفهم ما يكون لهما عاصماً. فلو فرضنا وجود هذا الوعي؛ فإن العاقل لا يلقي بنفسه في المهالك؛ بحجة أن عنده ما يقيه منها. وأحكام الشريعة التي أُمرنا بتطبيقها، وخُيِّل إلى بعضنا أن بإمكانه تجاوزها، لما أوتي من عقل راجح وفهم صائب، قد أُمر بها من هم أرجح منَّا عقولاً، وأوسع منَّا فهماً، وأكثر منَّا علماً، وأطهر منَّا قلوباً، وأنقى منَّا سريرةً من نساء النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فهل بعد هذا لأحدنا أن يزعم أنه كبر على التقيُّد بها؟ إن بعض شبابنا وفتياتنا يفرطون في الغباء، عندما يخيَّل إليهم أن البعد عن مواطن الشبهات والنأي عنها دليلٌ على عدم ثقتهم في أنفسهم، ولهؤلاء نهدي هذه الآيات التي تحدثنا عن نبي الله يوسف عليه السلام. قال الله تعالى: ﴿ وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ * وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ * وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ ﴾ [يوسف: 23-25]. هذه الآيات تخبر أن يوسف عليه السلام وهو نبيٌّ كريمٌ معصومٌ لمَّا وجد نفسه في موضع خلوة وشبهة ودعوة إلى المعاصي ولَّى هارباً، وهو من هو؛ فماذا أنتم قائلون؟! فمع أن يوسف عليه السلام كان في ذلك الموقف مكرهاً؛ لأنه كان خادماً في ذلك البيت الوزاري فإنَّه تولَّى عن موطن الفتنة، ولم يعتدّ بنفسه، أو يزعم أن هروبه عدم ثقة فيها، فما يقول من يختار أن يفتن نفسه طائعاً مختاراً، مسوغاً ذلك بأن عنده ثقة في نفسه؟ بل والأغرب من ذلك أنه وهو النبي المعصوم لم يغتر بنفسه؛ بل هرب من مكان الشبهة والمعصية! فما يقول أحدنا ممن لا يكاد يحافظ على صلواته في جماعة؟ ثالثاً: العلنية. فلا يصحُّ أن تكون هذه العلاقة الدراسية الجماعية بين الطلاب من الجنسين سرية في غير دور العلم المعروفة للجميع؛ كالجامعات والمعاهد والمدارس وغيرها، فإن اجتماع ذكور وإناث ليس بينهم رابطة رحم، في مكان لا يعرف بكونه مرفقاً عاماً، أو دار علم يرتادها الجميع، خطر بكل المقاييس، ولا يصحُّ التذرُّع بالمذاكرة الجماعية أو نحو ذلك لإقامة اجتماع مختلط بين الطلاب والطالبات. إن الالتقاء على ذلكم النحو أقل مفاسده أن يكون مثار الشبهة، والقيل والقال، وقد احتاج النبي صلى الله عليه وسلم يوم كان يسير في الليل مع صفية زوجته، ومر به رجلان من أصحابه، أن يقول لهما: (إنها صفية زوجتي)؛ ليقطع الطريق على كل خاطر فاسد، أو ظن سيئ!! مع أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مَنْ هو في استقامته وبعده عن المعاصي، ولكنَّ العاقل لا يعرِّض نفسه للشبهات. فهذه الأمور إذا التزم بها طلابنا رجونا أن تستقيم على الدين أحوالهم، وتعفَّ نفوسهم، فهم أملنا ومستقبل أمتنا، والله الهادي إلى سبيل الرشاد.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |