|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() التصنيف المغرر.. دكتورة عذاري بنت عبدالرحمن اليابس لحظت في زماننا تصنيف مجتمعنا إلى طائفتين هما: ملتزمة وغير ملتزمة، أو (مطاوعة وغير مطاوعة)، أو ما يقاربها من التسميات التي فتحت باب شرٍّ كبير؛ وذلك للأسباب الآتية: 1- تيسّر على بعض النفوس فعل المحرّمات بحجة غير الالتزام. والشيطان -عليه غضب الله- يعجبه هذا التقسيم، حيث يجرّ الشرّ على من اتّبع هواه بارتكاب المحظورات، ويبرّر لهم إمّا بأنّها فتاة غير ملتزمة، أو شابّ غير ملتزم، وليس بينهما أيّ علاقة بين الفعل والعذر، والعياذ بالله. 2- إنّ المظهر الخارجيّ للمسلم من الأمور التي تولّتها الشريعة الإسلامية بالعناية، ممّا يدلّ على شموليّة الدين العظيم، إلا أنّها عند البعض أصبحت شعارًا للملتزمين فقط، وللأسف كم من مسلم ليس له من الدين إلا المظهر، فيرونه ضعاف العلم أنّه يمثّل الدين، والدين يمقت عمله أحيانا (كما حدث عند جماعة التكفير) أو تجد من فيهم الخير يرفضون المظهر الشرعيّ بحكم أنّ المجتمع سيحاسبه على كلّ زلّة ويقال له: (أنت مطوّع وتعمل كذا) فلهذا يرى أنّه لا يريد تشويه الدين من خلال شخصه (وهذه الرؤية خاطئة)؛ فنظرنا الصحيح إلى الدين يكون بالنظر إلى أحكامه السامية، وليس بالحكم على الدين من خلال الحكم على تصرفات بعض الأشخاص. ويكفينا في بيان ذلك حديث الرسول - صلّى الله عليه وسلّم-: «إنّ الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم»[1]. قال الإمام النووي –رحمه الله-: " إنّ الأعمال الظاهرة لا يحصل بها التقوى، وإنّما تحصل بما يقع في القلب من عظمة الله – تعالى- وخشيته ومراقبته "[2]. وليس معنى هذا أن نبتعد عن مظهر أهل الإسلام - حاشا والله-، بل نحرص أن تكون ظواهرنا موافقة لما أمر الله، وليس لهذا التقسيم المبتدع، خاصّة أنّه يوجد من الأمور الظاهرة ما هي واجبة؛ كالستر للنساء، والنهي عن الإسبال للرجال، فهي واجبة على كلّ مسلم. 3- إنّ إطلاق الالتزام لفئة من الناس فيه تزكية للنفوس، والله – سبحانه- يقول: ﴿ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى ﴾ [النجم: 32]. 4- لو تأمّلنا الهدي النبويّ لم نجد هذا التفريق مع العلم بوجود المنافقين، ولم يكن تصنيفهم ظاهرًا، بل إنّ حذيفة بن اليمان رضي الله عنه كان صاحب سرّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم؛ لأنّه صلّى الله عليه وسلّم أعلمه أسماء وأحوال بعض المنافقين، وأخبره ببعض الفتن والأمور التي تقع في هذه الأمة بعده، وجعل ذلك سرًّا بينه وبينه، وكان عمر - رضي الله تعالى عنه- إذا مات واحد يتبع حذيفة فإن صلّى عليه هو صلّى عليه أيضًا عمر وإلاَّ فلا[3]. فتأمّل - رعاك الله - كيف أن أمر المنافقين في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن معلنًا مع شدّة ضررهم؟! وفي هذا رجاء لهدايتهم وتوبتهم وجمعًا لكلمة المسلمين، وكذلك في أكثر من قصّة عندما يغضب الصحابة من تصرّف بعض المنافقين فيقول الصحابيّ: أفلا تأمر بهم يا رسول الله فنضرب أعناقهم؟ فيردّه رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - قائلًا: أكره أن يتحدّث الناس، ويقولوا إنّ محمّدًا يقتل أصحابه.. وهذا يدلّ على عدم ظهور تصنيفهم، وكذلك لمّا لعن الصحابة -رضوان الله عليهم- شارب الخمر لما أقيم عليه الحدّ، فقال عنه - صلّى الله عليه وسلّم-: «لا تلعنوه، فوالله ما علمت إنّه يحبّ الله ورسوله»، وفي رواية: «لا تكونوا عونَ الشيطان على أخيكم»[4]. وتأمّل أنّه - صلّى الله عليه وسلّم- لم يحرمه من فضل الصحبة رضي الله عنهم أجمعين. وهذا فيه دليل على نبذ الدين الإسلامي لكلّ ما يدعو إلى التناحر والاختلاف والفرقة، فهو دين الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر. وأخيرًا: فإنّي لحظت - والله أعلم- من أخبار الآباء والأجداد (من أهل نجد خاصّة) أنّهم في السابق يطلقون تسمية المطوّع للرجل المقرئ للقرآن أو إمام المسجد، ولم يبرز عندهم هذا التقسيم، بل تناقلته الأجيال من بعدهم حتى وصل إلى من أطلقه عامّة على كلّ من قصّر ثوبه وأطال لحيته، فوقع في الخطأ واللبس في هذا الزمن. والعلاج لنبذ هذه الظاهرة هو الابتعاد عن هذا التصنيف في حوارنا ونقاشنا، ففيه دعوة للتنفير والفرقة والتحزب. فلنترك هذا التقسيم حفاظًا لديننا وأبنائنا، اللهمّ إنّا نسألك صلاح نيّاتنا وذريّاتنا. هذا والله أعلم وصلّى اللهمّ وسلّم على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين... اللهمّ أرنا الحقّ حقًّا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه. [1]أخرجه مسلم في صحيحة، كتاب الأدب، باب تحريم ظلم المسلم وخذله واحتقاره ودمه وعرضه وماله، برقم: (2564). مروي عن أبي هريرة رضي الله عنه. [2]شرح صحيح مسلم 10 /6574. [3]ينظر: عمدة القاري للعيني، 16/ 237. [4]أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الحدود وباب ما يكره من لعن شارب الخمر، برقم: (6780، 6781).
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |