|
ملتقى مشكلات وحلول قسم يختص بمعالجة المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() إدمان العادة منذ الصغر أ. هنا أحمد السؤال: ♦ الملخص: فتاة كانت تنظُر إلى الحرام وهي صغيرة دون علمٍ منها بأنه حرامٌ، ولَمَّا علِمت تابت إلى الله، لكنها أدمنت العادة السرية، وتسأل: ما الحل؟ ♦ تفاصيل السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا فتاة في الخامسة عشرة من عمري، منذ سنتين أو ثلاث كنت أنظر إلى المحرمات من غير علمٍ بكونها حرامًا، ولما علمت بحرمتها، تبت ورجعت إلى الله، لكني اكتسبت العادة السرية، وأصبحت مدمنة، ولا أستطيع لها تركًا، وفي كل مرة أقول لنفسي: لن أفعلها، فإني أفشل، فهل عقابي عند الله كبير؟ أرجو توجيهكم، وجزاكم الله خيرًا. الجواب: بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد: فهكذا يخدع الشيطان ابن آدم، يستدرجه إلى الحرام على مراحل، فلا يقول له: اكفر، ولا يهجم عليه دفعة واحدة؛ ليخرجه من الإيمان إلى الكفر، ومن الطاعة إلى المعصية، بل يتدرج للوصول إلى هدفه، وينظر نقاط الضعف في الشخص، ويحاول أن يلج من خلالها، فإن وجد فيه قوة في دينه، أتاه من جانب المباحات، وحرَّضه على الإكثار منها ليضيِّع عليه بعض المستحبات، ثم لا يزال به حتى يتهاون بالسنن، وهكذا حتى يتهاون في الواجبات، وإن وجد في الشخص غلوًّا ومَيلًا نحو التطرف في جانب من جوانب الدين، حبَّب إليه البدع والمحدَثات، ثم لا يزال به حتى يجعل منه حاميًا لها مدافعًا عنها، بل وركنًا من أركانها. وإن وجد في الشخص تهاونًا في الواجبات، وانهماكًا في المحرمات، فتلك الغنيمة التي يبحث عنها؛ حيث لا يزال يحثه على التفلُّتِ من الفرائض، ويحرِّضه على الإكثار من فعل الحرام، حتى يصبح عديم الدين والخُلق. ولا يكتفي الشيطان بإضلال العباد فحسب، بل يُتْبِعُ إضلالَه تزيينًا لباطله، فلا يَدَعُ ضحاياه فريسة لتأنيب الضمير، وأسرى لتقريع المواعظ، وإنما يحاول أن يبقيهم في سلام داخلي مع أنفسهم بأن يزين لهم أعمالهم، فلا يشعروا بأي نفور منها، أو أنها مخالفة للفِطَرِ والعقول؛ قال تعالى: ﴿ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الأنعام: 43]. ويأتي هذا التزيين على شكل مبررات يسوقها الشيطان لضحاياه لتبرير أفعالهم؛ فالذي يزني ويأتي الفواحش يزين له أنه يمارس حريته الشخصية، والذي يسرق ويختلس يزين له أنه يستعين بذلك على تكاليف الحياة، والذي يمارس الدكتاتورية والقهر يزين له أنه يحافظ على وحدة الشعب وتماسكه من الدعوات الطائفية والعرقية، وهكذا دواليك. ومن العجيب أن أسلحة الشيطان في ذلك لا تخرج عن التأثير النفسي، وهو ما سماه الله بـ"الوسوسة"؛ وهي حديث النفس والكلام الخفي الذي لا يُسمع، فالشيطان يوسوس في صدور الناس ويأمرهم بالمنكر وينهاهم عن المعروف، وقد مكنه الله من مخاطبة النفس والإيحاء إليها؛ قال تعالى: ﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ ﴾ [الناس: 1 - 6]، فالوسوسة هي سلاح إبليس الأمضى، وما أخرج آدم عليه السلام من الجنة إلا وسوسة إبليس؛ قال تعالى: ﴿ فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى ﴾ [طه: 120]، ورغم افتقاد إبليس للسلاح المادي في الإضلال، إلا أنه قد أغوى أكثر الخلق - والعياذ بالله - وكان لوسوسته تأثير كبير على إضلال البشر، يساعده في ذلك موافقة أهواء النفس وشهواتها لما يدعو إليه، فيجتمع على العبد نفسه وشيطانه، فلا يقف أمامهما إلا خالص المؤمنين، وإلا فالغالب يقع في أسر الشيطان وسلطانه، وإن كان ذلك بدرجات متفاوتة. هذا مع أن الله قد أخبر أن ﴿ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا ﴾ [النساء: 76]، إلا أن ضعف النفس البشرية أمام المغريات قد أعطى لضعف الشيطان قوة؛ ذلك أن قوة العدو في أحيان كثيرة لا تستند إلى قوة ذاتية، بقدر ما تستند إلى ضعف الخصم وتراخيه واستسلامه؛ لذلك كانت الآيات القرآنية منصبة على التحذير من وسائل الشيطان وأساليبه في الغواية من أجل تقوية النفس البشرية، وتحصين دفاعاتها. وقد بسط الله سبحانه القول في الشيطان في آيات كثيرة، وأوضح طرائق إضلاله وإغوائه في بيان جليٍّ أقام به الحجة على الخلق، وأزال به كل عذر لمعتذر. فمن تلك الآيات قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾ [فاطر: 6]، وهذا إعلان صريح بعداوة الشيطان لبني آدم، عداوة لا هوادة فيها، ولا مجاملة، وأن على العباد أن يقابلوا هذه العداوة بمثلها، ﴿ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ﴾. ولم يكتفِ بهذا الإعلان، وإنما أتبعه بآيات كثيرة تبين سبل إغواء الشيطان وإضلاله للعباد؛ فقال سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ﴾ [النور: 21]. عزيزتي: توبي إلى الله، إن باب التوبة مفتوح لا يُغلق حتى تطلع الشمس من مغربها، وحينها ﴿ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا ﴾ [الأنعام: 158]، ويُغلَق هذا الباب أيضًا إذا بلغت الروح الحلقوم؛ قال تعالى: ﴿ وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ ﴾ [النساء: 18]، والله تبارك وتعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، بل ويفرح بتوبة عبده حين يتوب إليه، فسارعي إلى الدخول في رحمة الله، واحذري من تأخير التوبة، فإن الإنسان لا يدري متى ينتهي به العمر، ولن يستطيع أحد أن يحول بينكِ وبين التوبة. والمسلم إذا أراد أن يرجع إلى الله لا يحتاج لواسطة كما هو حال الناس في هذه الدنيا، فإذا توضأتِ وكبَّرتِ، فإنكِ تقفين بين يدي الله يسمع كلامكِ ويجيب سؤالكِ، فاستري على نفسكِ، وتوجهي إلى التوَّاب الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات. والتوبة النصوح ينبغي أن تتوفر فيها شروط بيَّنها العلماء؛ كما يلي: أولًا: أن يكون صاحبها مخلصًا في توبته لا يريد بها إلا وجه الله، فليس تائبًا من يترك المعاصي خوفًا من رجال الشرطة أو خشية الفضيحة، أو يترك الخمر خوفًا على نفسه وحفاظًا لصحته، أو يبتعد عن الزنا خوفًا من طاعون العصر (الإيذر). ثانيًا: أن يكون صادقًا في توبته، فلا يَقُلْ: تبت بلسانه، وقلبه متعلق بالمعصية؛ فتلك توبة الكذابين. ثالثًا: أن يترك المعصية في الحال. رابعًا: أن يعزم على ألَّا يعود. خامسًا: أن يندم على وقوعه في المخالفة، وإذا كانت المعصية متعلقة بحقوق الآدميين؛ فإنها تحتاج لشرط إضافي؛ وهو: سادسًا: رد الحقوق إلى أصحابها، أو التحلل وطلب العفو منهم. واعلمي أنما يأكل الذنب من الغنم القاصية؛ أي: إن الشيطان يسهل عليه الإنسان المنفرد الوحيد الفارغ الذي لا يشغله علم ولا طاعة، ولا عبادة ولا صحبة صالحة، وهذا هو مفتاح خروجكِ مما أنتِ فيه، فلا بد أن تغلقي أبواب الشيطان في حياتكِ، فإن وقوعكِ في الحرام سهل؛ لأنكِ تقضين وقتًا طويلًا فارغة وحيدة، ولا بد من إغلاق هذا الباب فورًا، وأن يكون وقتكِ مشغولًا دائمًا، فلا يجد الشيطان فرصة ليوسوس لكِ، التزمي صحبة صالحة إذا كنتِ بين الناس، واطرحي عنكِ صحبة السوء، وإذا خلوتِ إلى نفسكِ، فليكن هذا للمذاكرة التي تجدين فيها متعة وتحبينها، أو استذكري دروسكِ بين أهلكِ أو قريبًا منهم، لا تغلقي عليكِ بابكِ بقدر المستطاع، فإذا خلوتِ، فليكن القرآن رفيقكِ، والصلاة غايتكِ، والدعاء سلاحكِ، وتعلم العلم الشرعي هدفكِ، فإذا فرغتِ من هذا، فاسرعي بالخروج من انفرادكِ إلى حيث أهلكِ، أو صحبتكِ الصالحة. هدانا الله وإياكِ إلى الصراط المستقيم.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |