|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() السنة في مقدار صيام التطوع، وقيام الليل، وختم القرآن منصور بن عبدالرحمن القاضي الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد: فقد كلَّفني شيخُنا عبد الرحمن البراك - حفظه الله - بدراسة ثلاثِ مسائل، وهي كما يلي: المسألة الأولى: ما هي السنة في مقدار صوم التطوع؟ والمسألة الثانية: ما هي السنة في مقدار قيام الليل؟ والمسألة الثالثة: ما هي السنة في مدة ختم القران؟ وقد بحثت بحمد الله هذه المسائل الثلاث بتوسع، وجمعت بشأنها الأدلة من الكتاب والسنة، وحاصل تلك الأدلة يرجع إلى حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما الذي رواه الجماعة بروايات متعددة صحيحة. كما أنني راجعت كلام الأئمة في هذه المسائل الثلاث، وخصوصًا كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لأنه يحقق المسائل -في الغالب- أكثر من غيره، فوجدت أن خلاصة رأيه تتفق مع ما وصلت إليه بفضل الله. وسأورد هنا خلاصة ما توصلت إليه في بحثي، ولم أذكر فيها تفاصيل الأدلة وتخريجاتها وشروحاتها ودلالاتها، وتفنيد أدلة المخالفين حرصًا مني على الاختصار والإيجاز لتحصل الفائدة المرجوة إن شاء الله تعالى!! وقد عرضت على شيخنا عبد الرحمن البراك حفظه الله ما توصلت إليه فاستحسنه. المسألة الأولى: وهي مسألة مقدار صيام التطوع، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفضل الصيام صيام داود كان يصوم يومًا ويفطر يومًا". وتكره الزيادة على صيام داود لأن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه، قال للنبي صلى الله عليه وسلم أطيق أكثر من ذلك، أي أكثر من صيام يوم وفطر يوم، فقال له: "لا أفضل من ذلك". وكذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صيام الدهر، وهو صيام أيام العام كلها ما عدا يومي العيدين لأنه لا يصح صومهما أصلًا، ولذا فإن الذي يصوم أيام السنة كلها ما عدا العيدين وأيام التشريق مثلًا، أقل أحواله الكراهة كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالـى، ويخلط البعض بين صيام الدهر، وسرد الصوم، فيظنون أن صيام الدهر هو نفسه سرد الصيام، وهذا غلط بل سرد الصوم يعني صيام أيام متتالية شهر أو أكثر أو أقل، ثم سرد الفطر كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم. وقد أشكل عليهم قول أسامة بن زيد رضي الله عنه: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يسرد الصوم فيقال لا يفطر)؛ رواه الإمام أحمد. قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: (لا يلزم من سرد الصيام صوم الدهر... فلا يلزمُ من ذكر السرد صيام الدهر). المسألة الثانية: مسألة السنة في مقدار قيام الليل، فقد أوضح النبي صلى الله عليه وسلم، في حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، أن أفضل القيام قيام داوود كان ينام نصف الليل ثم يقوم ثلثه ثم ينام سدسه، والأفضل في قيام الليل أن يكون في آخر الليل لمن يقدر على ذلك، فإن لم يستطع أو شك في قدرته على القيام آخر الليل فالأفضل له أن يوتر قبل أن ينام، كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصاه بثلاث منها أن يوتر قبل أن ينام رواه مسلم. وفي قيام الليل لم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا أفضل من قيام داوود، وقد قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ ﴾ [المزمل: 20]. ولذلك تشرع الزيادة عن ثلث الليل في القيام، ولكن لا يقوم الليل كاملًا بل ينام جزءًا منه ما عدا ليالي العشر الأواخر من رمضان فإنه يسن قيام ليالي العشر كاملة. وبناءً على المذكور أعلاه فإنه لا يصح شرعًا ما ينقل عن بعض الأئمة والعباد مثل قولهم: "إن فلانًا صلى الفجر بوضوء العشاء أربعين سنة"، أي أنه يقوم الليل كله ولا ينام مطلقًا، فهذا لا يسوغ شرعًا، كما أنه عند التمحيص، لا يمكن عقلًا، فإنه من المستحيل أن يستطيع شخصٌ أن يصلي الفجر بوضوء العشاء لمدة أربعين سنة متصلة، لأنه في حاجة إلى قضاء الحاجة والله أعلم. المسألة الثالثة: ما هي السنة في مدة ختم القرآن؟ الأفضل هو قراءة القرآن في سبعة أيام ويجوز في ثلاثة أيام ويكره ما دون ذلك. لأن النبي صلى الله عليه وسلم أرشد عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما – في الحديث السابق - أن يقرأ القرآن في سبعة أيام، فقال عبدالله: إني أقوى من ذلِك. قالَ: "لاَ يفقَهُ من قرأَهُ في أقلَّ من ثلاثٍ". وهذا نهيٌ عن قراءة القرآن في أقل من ثلاثة أيام، وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يختمون القرآن في ثمانية أيام وفي سبعة أيام كما نُقل ذلك عن أبي بن كعب وتميم الداري رضي الله عنهما، والنهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاثة أيام نهي عام في رمضان وفي غيره، وما قاله بعض العلماء مثل الحافظ ابن رجب رحمه الله في أنه يستثنى من ذلك رمضان والمواسم الفاضلة فلا دليل عليه، والله أعلم. فقد اتضحت السنة في هذه المسائل الثلاث، ولكن يشكل على ذلك أنه قد ورد عن بعض الصحابة أو بعض العلماء مخالفتهم للمذكور آنفًا، وجواب هذا الإشكال أن هذه المخالفة لا تخرج عن ثلاثِ حالات: الحالة الأولى: أن ذلك لا يثبت عنهم. الحالة الثانية: أنهم فعلوا ذلك المرة أو المرتين ولم يداوموا على ذلك. مثل ما نقل عن عثمان رضي الله عنه -إن ثبت- أنه ختم القرآن في ليلة واحدة وفي ركعة واحدة. الحالة الثالثة: أنهم فعلوا ذلك متأولين ومجتهدين فلهم أجر الاجتهاد، ولكنهم مخطئون في فعلهم هذا لمخالفتهم لهدي النبي صلى الله عليه وسلم. وختامًا: فإن المستند في كل ما سبق ذكره هو ما أرشدت إليه أدلة الكتاب والسنة فهي الحجة والمرجع عند الاختلاف، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تركتُ فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله وسنتي)؛ رواه الترمذي بسند حسن. وقد قال الإمام مالك رحمه الله تعالى: (كل يؤخذ منه ويرد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم). هذا ما تيسر إيضاحه وبيانه، والله أعلم وأحكم، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد، والحمد لله رب العالمين.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |