مع العسر يسرا

[ابوالفاروق الأثري]

أظلمت الدنيا وعم السواد أرجاء المعمورة وسكن الجميع قلت في نفسي الى أين أنا ؟؟ ومتى ترسو سفنى ؟؟ يالهذا الانسان اذا امتحنه الله ظن أنه ما على وجه الأرض من معذب الا هو ...!!
ثم جاء الصباح بنوره وضيائه وعرفت أسناني طريقا للظهور .. وبعد طول غياب ابتسمت , ماكنت أظن أنني سأبتسم ..كنت أحسب أنني في رحلة عذاب دائمة , ولكن سبحان الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكّر أو أراد شكورا ..!!!
أراد حاتم الأصم رحمه الله أن يحج وكان معه من المال مايكفيه لرحلته من العراق الى الأراضي المقدسة , ولكن أهله يحتاجون الى المال فشاورهم فتذمروا كلهم الا ابنته قالت في ايمان عظيم :
( اذهب ياأبي ولن يضيعنا الله ...!!)
فسافر حاتم , وجعل أهله يلومون ابنتهم التي شجعت والدها على الذهاب ووبّخوها , فحزنت وحبست نفسها .
مر الخليفة في ذلك الوقت بدارهم وكان يشعر بالعطش فقال لخدمه : ( بيت من هذا ؟) قالوا :
( بيت حاتم الأصم ) فقال : ( قولوا لأهل الدار أننا نريد ماءا ) , وفعلا .. أعطوهم الماء وبعد ان شربوا قال الخليفة لخدمة كل من عنده مال فليخرجه فجمع مالا كثيرا فأعطاه لأهل حاتم ففرحوا كثيرا , فلما ذهب الخليفة دخلوا على أختهم وقالوا : ( تعالي وانظري انه مال كثير ) فنظرت وقالت : ( هذه نظرة مخلوق فكيف إذا نظر الخالق ..؟؟؟)
خرج شقيق البلخي من بيته وعياله يبكون ويصيحون ( ياأبتاه الجوع ) , هو لايدري لمن يذهب ولا من أين يستدين المال ؟؟ ولكنه تذكر صاحبا له كان قد فتح له الباب اذا احتاج الى شئ , وفى الطريق تذكر قول شيخه : ( ياشقيق اذا عرضت لك حاجة للمخلوق فابدأ بالخالق ) فدخل الى مسجد على الطريق وصلى ثم استلقى فاخذته غفوة فنام ,وفي المنام أتاه مناد يقول : ( ياشقيق أتدل العباد على الله وتنساه ..؟؟؟!! )
فاستيقظ مفزوعا وقرر أن يذهب الى داره ولايسأل أحدا من الخلق شيئا . دخل الى داره فوجد الأطفال فرحين مستبشرين فتعجب قال : ( ماذا هناك ) قالوا : ( انه صديقك فلان أحضر لنا بضاعة فيها طعام وشراب وقال لك : تأخرت عنا فأتيناك ..!!!)
أحبتي ...
ان الظلام مهما عم فانه سياتي من بعده ضياء ..
وان الحياة مهما كانت بائسة فلاشك أن طعم البؤس سيزول ويحل مكانه طعم النعيم ..
فقط من يصبر ....؟