من أساليب التربية النبوية ، تكرار الحديث والتمهل فيه - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         محرمات استهان بها الناس كتاب الكتروني رائع (اخر مشاركة : Adel Mohamed - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          الهوية الإمبريالية للحرب الصليبية في الشرق الأوسط (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          «ابن الجنرال» ونهاية الحُلم الصهيوني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          التغيير في العلاقات الأمريكية الروسية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          هل اقتربت نهاية المشروع الإيراني؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          الشيخ عثمان دي فودي: رائد حركات الإصلاح الديني في إفريقيا الغربية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          دور العلماء الرّواة والكُتّاب في نشأة البلاغة العربية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          مرصد الأحداث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          وقفات مع قول الله تعالى: ﴿وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          أصحّ ما في الباب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 06-08-2024, 11:24 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,446
الدولة : Egypt
افتراضي من أساليب التربية النبوية ، تكرار الحديث والتمهل فيه

من أساليب التربية النبوية ، تكرار الحديث والتمهل فيه



الدكتور عثمان قدري مكانسي


من الطرائق التي اعتمدها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في عدد وافر من أحاديثه الشريفة (التكرار) . . فلِمَ كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يكرر ؟ .
1ـ لم يكن على عهده ـ صلى الله عليه وسلم ـ ـ كما نعلم ـ آلات تحفظ الصوت لتعيده فيما بعد ، كما أن أدوات الكتابة ـ من ورق ومداد وأقلام . . ـ كانت بدائية ، وكان المسلمون يكتبون على سعف النخل والأكتاف ، والعظام والأحجار المسطحة ، وجلود الأغنام والأبقار الرقيقة ، وما شابه ذلك ، وحملُ هذه الأشياء إلى المسجد متعثر نوعاً ما .
2ـ ولم يكن هنالك مجلس محدد يعلِّم فيه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ المسلمين أمور دينهم ، فقد كانت كل كلمة منه ، بل كل حركة وكل إقرار . . على مدى اليوم والمكان عِلماً ودرساً وتربية وتهذيباً .


3ـ والعرب أمة لا يقرأون ولا يكتبون ـ فعامتهم هكذا ـ فكيف يحفظون عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أمور آخرتهم ودنياهم ومعاشهم ؟ . . .
تروي السيدة عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يحدث حديثاً لو عدّه العادّ لأحصاه(1) .
وعنها أيضاً : أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ (( لم يكن يسرد الحديث كسردكم ))(2) .
تصور معي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ جالساً بين أصحابه ، يحدثهم في أمر ما ،


1- جُمَلُهُ فصيحة ،
2- لا يسرع في كلامه ،
3- يلفظ الكلمة فيتوقف عندها ،
4- يكرر التعبير فقرة فقرة ، وجملة جملة ، وكلمة كلمة ،
5- يستعمل المبسوط في موضع البسط ، والإيجاز في موضع الإيجاز .
6- وقد يستعمل حركة يديه ، أو إيماءة من رأسه ،
7- يوزع نظراته ، ويتابع وجوه القوم ليستقرئ فهمهم ، ويستجلي تأثرهم ،
8- ويناقشهم ويجيب عن أسئلتهم .


وبهذا الأسلوب الواضح المستأني ، وبهذا التكرار المفيد ، يستوعب الصحابة الحديث فيحفظونه ، وتثبت ألفاظه ومعانيه في العقل ، وتنغرس الأفكار وظلالها ، والألفاظ وإيحاءاتها في النفوس ، ويتمثلون حديث رسول الله عملاً وتطبيقاً في مجال حياتهم ، ثم تصل إلينا نقية ، لا شائبة فيها ، حية بحيوية حامليها .


من الأحاديث التي ترى فيها مصداق ما ذكرته سابقاً :
ما رواه أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
قال : رغم أنفه ، رغم أنفه ، رغم أنفه .
قالوا : يا رسول الله من ؟
قال : من أدرك والديه عند الكبر ـ أو أحدهما ـ فدخل النار(3).
أية قشعريرة أخذتني وأنا أقرأ هذا الحديث فأفاجأ بقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ( رغم أنفه ) تتكر ثلاث مرات ، وأنا بعيد عن زمان الحديث ألفاً وأربع مئة وإحدى وثلاثين سنة ، فمادت بي الأرض وأسرعت إلى الوالدة أقبل يديها ورجليها وأسألها الرضا والدعاء . .


أحسست بها على الرغم من البعد الزمني والمكاني كذلك ، لكن الروح والقلب والفكر هناك مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فكيف والصحابة بين يديه يسمعون ويرون تعابير وجهه توحي بالتهديد والوعيد لمن عق والديه ؟!
ومن التكرار الرائع ذوي الوتيرة الموسيقية والتفصيل الهادف ما رواه المقدام بن معدي كرب أنه سمع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول :


1- ما أطعمت نفسك فهو لك صدقة ،
2- وما أطعمت ولدك فهو لك صدقة ،
3- وما أطعمت زوجك فهو لك صدقة ،
4- وما أطعمت خادمك فهو لك صدقة(4) .

فتكرار : ( ما أطعمت ) يوحي بالحث على الإنفاق ، وذكر النفس والولد والزوجة والخادم يؤكد ضرورة الحفاظ على الأسرة . وتكرار ( فهو لك صدقة ) دليل على إحراز قصب السبق لمن فعل ذلك .
والفكرة نفسها نجدها في قالب آخر من التكرار في ما رواه عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال : حدثني رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : كلكم راع ، وكلكم مسؤول عن رعيته ،
والرجل راع على أهل بيته ، وهو مسؤول عن رعيته ، وعبد الرجل راع وهو مسؤول عن رعيته ،
ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته(5) .


والملاحظ هنا أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ ذكر أهم ركن في البيت (الرجل) ، وأقل ركن فيه (الخادم) ، وهذا يعني أنه يقصد ما بينهما من زوجة وولد .
وانظر معي إلى التأكيد على الإيمان بالله وعدم الاعتماد على النسب والمال ، ولئن كانت الدنيا بالمال ، إن الآخرة بالأعمال فقط ، إلا أن تنقذ رحمة ُ الله بعباده الموقفَ المخيف . . والله رحيم بعباده .
فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين أنزل عليه :
( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الاَْقْرَبِينَ )(6) .
(( يا معشر قريش : اشتروا أنفسكم من الله ، لا أغني عنكم من الله شيئاً .
يا بني عبد المطلب اشتروا أنفسكم من الله ، لا أغني عنكم من الله شيئاً .
يا عباس بن عبد المطلب اشترِ نفسك من الله ، لا أغني عنك من الله شيئاً .
يا صفية عمة رسول الله اشتري نفسك من الله ، لا أغني عنك من الله شيئاً .
يا فاطمة بنت رسول الله سليني ما شئت لا أغني عنك من الله شيئاً ))(7) .
وتأمل معي كلمة (تعس) في الحديث التالي كم هي مخيفة تقرع الآذان ، وتهز النفس والمشاعر :

قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : تعس عبد الدنيا ، تعس عبد الدينار ، تعس عبد الخميصة(8)تعس عبد الخميلة(9) إن أعطي رضي ، وإن لم يُعط سخط تعس وانتكس ، وإذا شيك فلا انتقش(10) .

إنها جمل فعلية ذات أسلوب خبري ، لكن الغرض البلاغي منها الدعاء بالتعاسة والخسران على هؤلاء الذين اتبعوا شهواتهم . ويذَيِّلُها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالتعليق العميق الأثر في نفوس المسلمين ، فهو يدعو عليهم بالتعاسة والانتكاس في كل ما يفعلون ، حتى إذا أصابت أحدَهم شوكة ٌصغيرة فلا خرجت من جسده ، فكأنه يدعو عليهم بالألم الدائم ، والإرهاق لرضاهم بالحياة الدنيا دون الآخرة .


وقد نجح التكرار من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لجلب الانتباه لما يقال ، والتكرار من الصحابي للإعرابِ عن انتباهه لما يقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، ومن صوره ما رواه أنس ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ (ومعاذ رديفه على الرحل)
قال : يا معاذ .
قال : لبيك يا رسول الله وسعديك .
قال : يا معاذ .
قال : لبيك يا رسول الله وسعديك .
قال : يا معاذ .
قال : لبيك يا رسول الله وسعديك . . . إلى آخر الحديث(11) .
وقد نرى الرسول الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ يكرر الجملة ثلاث مرات . وهذا نجده في أحاديثه الشريفة كثيراً . ومن صوره : ما رواه ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : هلك المتنطعون ، قالها ثلاثاً(12) .


وقد نجده ـ صلى الله عليه وسلم ـ يردد الكلمة دون تحديد عدد ، لبيان أهميتها ، فعن أبي بكرة ـ رضي الله عنه ـ قال :
قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ؟ (ثلاثاً)
قالوا : بلى يا رسول الله .
قال : الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين . وجلس وكان متكئاً : ألا وقول الزور ، فما زال يكررها حتى قلت : ليته سكت(13) .



فقد كرر رسول الله : (قول الزور) كثيراً حتى ضج بعض الصحابة ، ورجوا أن يسكت لما نالهم من خوف شديد لتهديده ـ صلى الله عليه وسلم ـ قائلي الزور ، وخوفٍ شديد على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يناله الأسى .
فجزاه الله عن أمته كل خير .


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 51.08 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 49.42 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.27%)]