|
ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() المُعلَّقات عند الإمام البخاري د. صهيب هاني محمد عبود الحمد لله السميع العليم، العظيم الحليم، القادر الغفَّار، العزيز الجبَّار، مكوِّر الليل على النهار، ومكوِّر النهار على الليل، أشهد أن لا إله إلا هو المتفرد بالألوهية، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله سيد البشرية، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أولي النفوس الزكية، وسلِّم تسليمًا كثيرًا، وبعد: فإن مما لا شك فيه أن أصحَّ كتابين عند الأمة بعد كتاب الله تعالى هما صحيحا البخاري ومسلم؛ حيث إن الأمة قد تلقَّت أحاديثهما بالقبول، ولكن قد خرج علينا في هذا الزمان من طعن في البخاري ومسلم، وراح يُشكِّك في أحاديثهما، وفي هذا المقال سأُخصِّص بيانًا لمصطلح الحديث المعلق، وبشكل خاص: المعلقات التي وردت في صحيح البخاري، والتي أشكل بعضها على من لم يفهم طريقة البخاري في صحيحه، فراح يُضعِّف أحاديثه من دون علم ولا بصيرة بهذا الشأن؛ حيث يدَّعي أن البخاري احتجَّ بالحديث الضعيف، وهذا ما سأثبت بطلانه من خلال هذا المقال بحول الله تعالى. أولًا: تعريف الحديث المُعلَّق: المُعلَّق لغة: قال ابن فارس في مقاييس اللغة: "(عَلَقَ) الْعَيْنُ وَاللَّامُ وَالْقَافُ أَصْلٌ كَبِيرٌ صَحِيحٌ يَرْجِعُ إلى مَعْنًى وَاحِدٍ، وَهُوَ أَنْ يُنَاطَ الشَّيْءُ بِالشَّيْءِ الْعَالِي.. تَقُولُ: عَلَّقْتُ الشَّيْءَ أُعَلِّقُهُ تَعْلِيقًا. وَقَدْ عَلِقَ بِهِ، إِذَا لَزِمَهُ، وَالْعَلَقُ: الدَّمُ الْجَامِدُ، وَقِيَاسُهُ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ يَعْلَقُ بِالشَّيْءِ"[1]. المعلق في الاصطلاح: " هُوَ الَّذِي حذف من مبتدأ إِسْنَاده وَاحِد فَأكْثر"[2]. قال محمد بن إبراهيم في المنهل الروي عن الحديث المعلق: "وَهُوَ مَا حذف من مُبْتَدأ إِسْنَاده وَاحِد فَأكْثر؛ كَقَوْل الشَّافِعِي: قَالَ نَافِع، أَو قَالَ ابْن عمر، أَو قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَكَأَنَّهُ مَأْخُوذ من تَعْلِيق الْجِدَار"[3]. علاقة المعنى اللغوي بالمعنى الاصطلاحي للحديث المُعلَّق: يبدو للناظر من أول وهلة أنه لا علاقة لمعنى المُعلَّق في اللغة بالمعنى الاصطلاحي، ولكن عند النظر في المعنى يتضح لنا أن الحديث المُعلَّق في الاصطلاح يرجع إلى الأصل الذي استُعمِل له المُعلَّق، فهو مأخوذ من نياطة شيء بشيءٍ آخر من علو؛ ولذا سمي الدم الجامد بالعلقة لكونه معلقًا بجدار الرحم، ومن هذا المعنى يتضح لنا أن المُعلَّق يكون بشيء عالٍ؛ كسلسلة مُعلَّقة بجدار. وأما قولهم: إن الحديث المُعلَّق الذي (حُذف من مبتدأ إسناده واحد) الحذف هنا يكون من مبتدأ الإسناد، والحذف في المُعلَّق يعني أن الحديث فيه انقطاع من بداية إسناده فيُسقط الراوي مَنْ فوقه، وقد يكون واحدًا أو اثنين، فالحديث في هذه الحالة يكون متصلًا من علو (وهي من جهة الصحابي والتابعي)، ويكون منقطعًا من جهة المصنف كما بينَّا آنفًا. ثانيًا: المُعلَّقات في صحيح البخاري: أما عن الأحاديث المُعلَّقة في صحيح البخاري فقد بلغ عددها المعلقات في (1341) حديثًا، وأكثرها مكرر إلا (160) حديثًا وَصَلها ابن حجر[4] رحمه الله تعالى في كتابه: (تغليق التعليق). أنواع المُعلَّقات في صحيح البخاري: ليست كل المُعلَّقات كما علمنا على نوع واحد؛ ولذلك لا نتسرَّع في الحكم على ما في الصحيح من أحاديث لأول وهلة، فالبخاري لا يورد الحديث الضعيف إلا في معرض الاحتجاج لرأي فقهي أو ترجمة لباب. وأنواع الأحاديث المُعلَّقة عند الإمام البخاري على النحو الآتي[5]: أولًا: المُعلَّق المرفوع: وهو قسمان: القسم الأول: ما وصله في موضع آخر من صحيحه، وهو على نوعين: 1- ما علَّقه بصيغة الجزم: (قال، ذَكر). 2- ما علَّقه بصيغة التمريض: (رُوي، ذُكر) بالبناء للمجهول. القسم الثاني: ما لا يوجد في صحيحه إلا معلقًا، وهو على ثلاثة أنواع: النوع الأول: ما علَّقه بصيغة الجزم: (قال، ذَكر) وينقسمإلى أربعة أقسام: أ- صحيح يلتحق بشرطه. ب- صحيح على شرط غيره. ج- حسن. د- ضعيفٌ ينجبر. النوع الثاني: قول البخاري: قال فلان، وهو من شيوخه الذين سمع منهم: فهذا حكمه: صحيح على شرطه. النوع الثالث: ما علَّقه بصيغة التمريض (رُوي، ذُكر) وينقسم إلى أربعة أقسام: أ- صحيح عند غيره. ب- حسن. ج- ضعيفٌ ينجبر. د- ضعيفٌ لا ينجبر وهو نادر وقد نبَّه عليه. ثانيًا: المُعلَّق الموقوف: وهو على قسمين: 1- ما علَّقه بصيغة الجزم: (قال، ذَكر). 2- ما علَّقه بصيغة التمريض: (رُوي، ذُكر) وهو على ثلاثة أنواع: النوع الأول: ما كان ضعيفًا. النوع الثاني: ما أورده من طريقين، وهو قسمان: 1- طريق ضعيف. 2- طريق صحيح. النوع الثالث: ما أورده بالمعنى وهو صحيح. تمثيل على الحديث المُعلَّق عند الإمام البخاري: مثال: 1:ما ذكره البخاري في مقدمة صحيحه قال: "وَقَالَ أَبُو مُوسَى: «غَطَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُكْبَتَيْهِ حِينَ دَخَلَ عُثْمَانُ»"[6]. فإن هذا الحديث مُعلَّق لكون البخاري أسقط مَنْ فوقه، واقتصر على الصحابي، فهذا الحديث حكمه الرفع، وينظر هل ذُكر في صحيحه في موطنٍ آخر متصلًا أم لا، فإن ذكر متصلًا فلا إشكال في صحته، لكونه جزم بروايته بلفظ: (قال)، وأما إن كان لم يذكر إلا مُعلَّقًا ففيه التفصيل السابق الذي بينَّاه. مثال 2: ترجم البخاري في صحيحه قال: "بَابُ وُجُوبِ الصَّلاةِ فِي الثِّيَابِ"، وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: 31]، وَمَنْ صَلَّى مُلْتَحِفًا فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ"وَيُذْكَرُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَقَالَ: «يَزُرُّهُ وَلَوْ بِشَوْكَةٍ» «فِي إِسْنَادِهِ نَظَرٌ»[7]. فهذه الرواية التي ذكرها البخاري بصيغة التمريض (ويُذكر) وردت مُعَلَّقة، ولم ترد في صحيحه مُتَّصلة، وقول البخاري: وفي إسناده نظر، فسَّر هذه اللفظة العيني فقال: "قال العيني: وجه النظر من موسى بن إبراهيم، وزعم ابن القطَّان أن موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي وهو منكر الحديث، فلعلَّ البخاري أراده؛ فلذلك قال: في إسناده نظر، وذكره مُعلَّقًا بصيغة التمريض"[8]. [1] مقاييس اللغة 4/ 125. [2] المقنع في علوم الحديث 1/ 72. [3] المنهل الروي في مختصر علوم الحديث النبوي 1/ 49. [4] مُعلَّقات الإمام البخاري في صحيحه: دراسة تحليلية، د. أحمد عيد العطفي. [5] مُعلَّقات الإمام البخاري في صحيحه: دراسة تحليلية، د. أحمد عيد العطفي. [6] صحيح البخاري 1/ 83. [7] صحيح البخاري 1/ 79،78. [8] صحيح البخاري محققًا، تحقيق: محمد زهير بن ناصر الناصر 1/ 79.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |