أعادت للمسلمين حقوقهم الاجتماعية والسياسية الدعوة الإسلامية في ساحل العاج تجربة قابلة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         ليلة النصف من شعبان ..... الواجب والممنوع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          فضل صيام شهر رمضان.خصائص وفضائل شهر رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          المقصود بالتثليث النصراني الذي أبطله القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          حكم تخصيص ليلة النصف من شعبان أو يومه بعبادة معينة بدعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          مواضع الدعاء في الصلاة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          ذرية الشيطان.. وطريقة حصولها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          هل الإشهاد شرط لصحة الطلاق ؟ (الشيخ اﻷلباني) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          هل يجوز للجنب قراءة او مس المصحف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          ( مَحَبَّةِ الْجَمَالِ )كلمات لابن تيمية رحمه الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          هل الدعاء في الوتر في رمضان قبل الوتر أم بعده (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > ملتقى اخبار الشفاء والحدث والموضوعات المميزة > فلسطين والأقصى الجريح
التسجيل التعليمـــات التقويم

فلسطين والأقصى الجريح ملتقى يختص بالقضية الفلسطينية واقصانا الجريح ( تابع آخر الأخبار في غزة )

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19-02-2024, 11:25 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,603
الدولة : Egypt
افتراضي أعادت للمسلمين حقوقهم الاجتماعية والسياسية الدعوة الإسلامية في ساحل العاج تجربة قابلة

أعادت للمسلمين حقوقهم الاجتماعية والسياسية الدعوة الإسلامية في ساحل العاج تجربة قابلة للتعميم في أفريقيا


تفتح أحداث ساحل العاج الأخيرة الباب واسعا أمام مستقبل ما زال غامضا، بعد وصول الرئيس المسلم الحسن وتارا لسدة الحكم في ظل استمرار الصراع المستعر بين الأطراف الغربية «الفرنسية – الأمريكية – الصهيونية» على كعكة الاقتصاد العاجي المتصاعد والموقع الاستراتيجي في الغرب الأفريقي.
كما يحمل المستقبل الآني لساحل العاج بعد سقوط حكم المستبد (لوران جباجبو) الكثير من التحديات المجتمعية، في مقدمتها استعادة الاندماج الوطني وإنهاء التهميش السياسي الذي تعرض له المسلمون لعقود من الزمن بدعم من الكنائس الغربية.
ومع سقوط حكم جباجبو بعد اضطرابات أهلية راح ضحيتها نحو 1000 قتيل ونزوح مليون، منذ رفض جباجبو نتائج الانتخابات الرئاسية التي جرت في نهاية نوفمبر 2010م التي فاز بها الرئيس المسلم الحسن وتارا، تكون الأغلبية المسلمة قد استعادت حقوقها الضائعة في حكم ساحل العاج الذي يبلغ نسبة مسلميه 60% من السكان، بفعل تمدد الدعوة الإسلامية ودخول ملايين الوثنيين في الدين الإسلامي بفضل أخلاق المسلمين وصدقهم في تعاملاتهم التجارية بجانب الهجرات الباحثة عن العمل في مزارع الكاكاو من دول الجوار الأفريقي، وتزايد نسبة الخصوبة بين النساء المسلمات إلى 8 مواليد، فيما الأمراض الجنسية تقضم صحة غير المسلمين الذين ابتعدوا عن الفطرة الإلهية، ما يمثل تحولا نوعيا للمسلمين بانتقالهم من حالة التهميش والإقصاء إلى أن يصبحوا أغلبية مؤثرة سياسيا وعسكريا واجتماعيا على أرض الواقع بعد أن تحولوا إلى أغلبية ديموغرافية تتجاوز 12 مليون مسلم من إجمالي نحو 18 مليون عاجي.. مستفيدين من المكون الديني والحضاري الممتد من القرن الحادي عشر الميلادي كما تشير دلائل التاريخ المعاصر لساحل العاج.
رحلة الإسلام في ساحل العاج
كبقية القارة السمراء عرفت ساحل العاج الإسلام عبر التجار المسلمين الذين نقلوا حضارة الإسلام عبر أخلاقهم ومعاملاتهم الناصعة التي بهرت الأفارقة وأكسبتهم الثقة في المسلمين والإسلام، وكان التحول الأبرز لمسار الإسلام في ساحل العاج في العام 1025م، حين اعتنق زعماء قبيلة (الماندينجو) الإسلام، والماندن أو الماندينجو إحدى أكبر وأهم قبائل أفريقيا الغربية، وينتشرون منذ القديم على ضفتي نهر النيجر وما حوله من حزام الصحراء الكبرى شمالاً وشرقًا، إلى ضفاف المحيط الأطلنطي غربًا وجنوبًا. وهي المنطقة التي تتوزع اليوم بين كل من: غينيا، ومالي، وساحل العاج، وغامبيا، وسيراليون، وليبيريا، والسنغال، وغانا، وبوركينافاسو، والنيجر، ويطلق على لغتهم «أنكو»، واستطاعت قبائل الماندينجو المسلمة في شمال ساحل العاج الاستقلال عن مملكة غانة 1050م، قبل أن تتمكن دولة المرابطين من احتلال عاصمة المملكة بعد حرب دامت نحو عشرين عامًا، والقضاء نهائيًّا على مملكة غانة عام 1076م على يد أمير المرابطين في الجنوب أبو بكر بن عمر.
الدعوة للإسلام..حب وصبر
وبعد دخول قبائل الماندينجو في الإسلام، انطلق رجالها لنشر الدعوة الإسلامية، في غرب أفريقيا كلها, واستطاع الإسلام بناء حضارات جديدة بالبلاد وغيَّر على نطاق واسع من عادات أهلها وثقافتهم، فاندثرت عادة العري وشيوعية الجنس، وتم تنظيم الزواج وتحديد عدد الزوجات مع منح المرأة حق اختيار زوجها.
وتوالت الممالك الإسلامية في غرب أفريقيا وساحل العاج وأهمها مملكة مالي التي اشتهر ملوكها برحلات الحج، ثم صنغاي وكانم وبرنو وغيرها، حتى ظهرت الأساطيل الأوروبية على شواطئ غرب أفريقيا أواسط القرن الخامس عشر الميلادي، وكان السبق للبرتغال ثم تلتها فرنسا وبريطانيا.
وبعد اكتشاف الأمريكتين عام 1492م، تعرضت ساحل العاج لهجمات أوروبية واسعة لسلب ونهب ثرواتها واختطاف الأطفال والشباب والفتيات، وحمل ذلك كله على سفنهم المتجهة إلى أمريكا، واستمرت هذه الجرائم البشعة حتى تم تحريم تجارة الرقيق عام 1848م، بعد ما تسببت في تفكيك قبائل الماندينجو ونشر الذعر والهلع في غرب أفريقيا كله.
وفي عام 1861م، تحصن الزعيم المسلم ساموري توري بالجبال وجمع حوله العديد من رجال قبائل الماندينجو المسلمين، وأسس أكبر إمبراطورية إسلامية وقتها في غرب أفريقيا، وكانت تضم أجزاء شاسعة من بلاد ساحل العاج.
وأعلن ساموري تطبيق الشريعة الإسلامية في مملكته عام 1884م، وذلك بعد انتصاره على القوات الفرنسية التي بدأت الحرب ضده عام 1881م، ورغم هزيمتها إلا أنها واصلت الزحف نحو مملكته فواجهها ببسالة من جديد واستطاع تكبيد حملاتها خسائر فادحة على مدار 17 عامًا حتى لقبه الفرنسيون بـ«نابليون الأفريقي».
واستخدمت فرنسا كل قوتها المدفعية واستعانت بالقبائل الوثنية في الشرق، كما استمالت ملك غينيا المسلم تيبا لضرب ساموري؛ ما اضطر الأخير لعقد هدنة مع الفرنسيين عام 1887م، تخلى بموجبها عن بعض المناطق لفرنسا التي لم تكتف بذلك، وعادت لإعلان الحرب، حتى استولت على عاصمته كانان، فأسس عاصمة جديدة في مدينة داباقالا بساحل العاج 1891م لتكون بعيدة عن الفرنسيين.
وبعد حروب طويلة قدم فيها ساموري ومسلمو ساحل العاج أروع صور الجهاد، استطاعت القوات الفرنسية محاصرتهم في غابات ساحل العاج، ووقع ساموري في الأسر بمنطقة جويلمو، ليتم سجنه في 29 سبتمبر 1898م، وترحيله إلى الجابون حيث لقي ربه عام 1900م.
تنصير وعلمنة
وخلفت فرنسا البرتغال على جنوب ساحل العاج، وعقدت عام 1843م معاهدة مع ملك الأغني، قرب مدينة أبيدجان، وبموجبها بسطت الحماية على الجنوب، وبعد الانتصار على ساموري، دانت البلاد كلها لفرنسا، التي كانت تعرف أن الإسلام والمسلمين هم فقط من يهددون مشروعها الاستراتيجي في ساحل العاج.
وفي عام 1939م صدر قانون يضع زعماء المسلمين تحت المراقبة، ليمكن وزارة الداخلية من التضييق على الدعاة المسلمين، وحصر أعمال الدعاة وتحديد أماكن تحركاتهم؛ لإفساح المجال أمام المنصرين فقط في الغابات الاستوائية جنوب ساحل العاج. كما قررت سلطة الاحتلال منح مكافآت فورية لكل من يرتد عن الإسلام ومنحه الجنسية الفرنسية، ومنعت تدريس الإسلام في المدارس، وشمل الحظر لغة الأنكو الخاصة بقبائل الماندينجو المسلمة التي أصبحت لغة الإسلام في غرب أفريقيا، فيما حرصت على تعليم ضعاف العقيدة من المسلمين في مدارسها أو نقلهم إلى باريس؛ حتى يتشربوا الثقافة الفرنسية، ويحتقروا هويتهم وتعاليمهم ومن ثم إشاعة ذلك بين أهاليهم وفي مناطقهم.
وحاول حاماله بن محمد بن عمر مواجهة الإفساد الفرنسي بعد قدومه إلى شمال ساحل العاج منفيًا من السودان عام1930م؛ حيث اشتغل بالوعظ والإصلاح ودعا لتغيير العادات الوثنية واستبدالها بالتقاليد الإسلامية، كما هاجم الصوفية المبتدعة، واستطاع أعداؤه إقناع السلطات الفرنسية بساحل العاج بأنه كان المسؤول في وقت سابق عن الانتفاضات السياسية في السودان الفرنسية؛ فطردته السلطات وحظرت تعاليمه.
حكم الأقلية
وفي عام 1955م وافقت ساحل العاج على مشروع ديجول الذي قدمته باريس للمستعمرات الأفريقية، وكان يعطى للدول التي تقبله استقلالاً صوريًّا، فقامت حكومة وطنية تعمل تحت الحماية الفرنسية، وقبل منحها الاستقلال الكامل عام 1960م، عمدت فرنسا إلى ترك السلطة.
مقاومة المسلمين لم تلن
ومن جانبهم واجه المسلمون الهجمات التنصيرية بإنشاء العديد من المدارس الإسلامية، واستعانوا بعلماء من غينيا المجاورة لتدريس العلوم الشرعية، كما أسسوا الجمعية الإسلامية لتنظيم الحج والعمرة، ومنظمة المجلس الإسلامي الأعلى لساحل العاج، الذي أنشأ المعهد العلمي العربي لتدريس اللغة العربية، كما دشنوا أكبر مركز اسلامي في أبيدجان اسمه مركز «ويليامزفيل» الإسلامي الثقافي، ولكن تأثيره قلَّ كثيرًا بعد رحيل مديره محمد لامين كابا.
وانتشرت مدارس تعليم القرآن واللغة العربية خاصة في الفترات المسائية، ورغم المشكلات التي عانت منها المدارس في البداية لضعف مستوى المدرسين, كذلك استطاع المسلمون أبناء التجار التوسع في أعمال التجارة؛ ما جعلهم يتمتعون بدرجة عالية من الغنى والثراء، يدلل عليها امتلاكهم نحو 70% من المباني الفخمة في المدن وتحكمهم في رؤوس الأموال التجارية الداخلية.
وحققت ساحل العاج- بفضل المسلمين- تقدمًا اقتصاديًّا كبيرًا، وبلغ معدل النمو حوالي 6% كما بلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي 2000 دولار، وتفوقت البلاد في إنتاج الكاكاو حتى بلغ 40% من الإنتاج العالمي، هذا فضلاً عن المشاريع الزراعية بالشمال ولاسيما الموز والأناناس. ورغم كل الممارسات الفرنسية لبتر الإسلام والمسلمين من ساحل العاج، إلا أن انتشار الإسلام تنامى ليبلغ نحو 20% عند استقلال ساحل العاج في 1960م .
التركيبة العقدية للمسلمين
ويمثل المسلمون السُنة نحو 95% من عدد المسلمين في ساحل العاج ويلتزمون بالمذهب المالكي، والباقون من الشيعة البالغ تعدادهم نحو نصف مليون؛ وذلك نظرًا لهجرة آلاف اللبنانيين من جنوب لبنان إلى ساحل العاج التي يقطن بها نحو 150 ألفا من أصل لبناني، مع وجود ملحوظ للجماعة الأحمدية المبتدعة والحركات الصوفية كالطريقة القادرية التي تأسست في القرن الحادي عشر وتنتشر بالغرب، والتيجانية التي تأسست في القرن الثامن عشر وتنتشر بالشرق، والطريقة السنوسية المدعومة من ليبيا.
وينتشر كثير من الأفكار السلفية والحركات الإصلاحية التي تعمل على مواجهة البدع وأعمال السحر والشعوذة المنتشرة التي تضرب بعض التجمعات المسلمة منذ دولة المرابطين في شمال ساحل العاج، وترتبط تلك الحركات الإصلاحية بالسعودية التي كانت ترسل مع الحجيج كتبا ومنشورات دعوية، بجانب البعثات التعليمية التي تستقدمها السعودية من العاجيين الذين يتعلمون في مكة والمدينة ويعودون إلى ساحل العاج لممارسة أدوارهم الدعوية.
قلق نصراني ومحاولات الالتفاف على المسلمين
وفي عام 1990م استدعى الرئيس بوانييه (1960-1993) الزعيم المسلم الحسن وتارا نائب رئيس صندوق النقد الدولي وقتها ليترأس الحكومة، والإشراف على تقدم اقتصادي للبلاد، وأعطاه تقريبًا كل صلاحيات رئيس الجمهورية؛ بسبب شيخوخته ومرضه.
وخافت فرنسا على مصالحها في ساحل العاج، فأعدت شخصية نصرانية أخرى وهو هانري كونان بيديه، رئيس البرلمان المخول من قِبَل الدستور لخلافة رئيس الدولة في حال وفاته، فلم يكن صعبًا لبيديه تسلم الرئاسة بعد وفاة الرئيس العجوز عام 1993م، وسط تأييد داخلي وخارجي مسيحي. ولكي يتفادى بيديه الخسارة أمام وتارا في الانتخابات الرئاسية، أصدر قانونًا بمنع دخول الانتخابات إلا لأصحاب الجنسية العاجية النقية؛ ما كان يمنع دخول وتارا الانتخابات لأن أمه كانت من بوركينافاسو، وبذلك يتخلص من الزعيم المسلم الذي يتمتع بأصوات الأغلبية المسلمة، إضافةً إلى أصوات المنصفين من النصارى والوثنيين الذين أعجبوا به من خلال إصلاحاته الاقتصادية في البلاد.
وفي 23 ديسمبر 1999م، دبر ضابط كاثوليكي هو (روبرت جيه) انقلابًا ضد بيديه مستغلاً الأزمات السياسية التي لاحقت البلاد جراء سياسات الرئيس وبرنامجه الاقتصادي للتكيف الهيكلي، ووعد جيه بإجراء انتخابات رئاسية في سبتمبر 2000م، وأعلن السماح لوتارا بخوضها.
إلا أنه رجع وقرر منع الزعيم المسلم من الانتخابات وقام بتحديد إقامته، وأجرى انتخابات شابها تزوير واسع، إلا أنه فوجئ بمنافس قوي هو (جباجبو)، الذي أعلن فوزه في الانتخابات ودعا إلى انتفاضة شعبية أدت في النهاية إلى فرار (جيه) خارج البلاد، وإعلان (جباجبو) نفسه رئيسًا لساحل العاج.
جباجبو للمسلمين: التهميش أو الذبح
ورفض جباجبو التصالح مع زعماء المسلمين وإجراء انتخابات نزيهة، وعمد لتشكيل ميليشيات عسكرية باسم (كتائب الموت)، أغلبها من أفراد قبيلته (البيتي)، فقامت بارتكاب أبشع المذابح في صفوف المسلمين، وحرق مساجدهم، ولم تكتف فرق الموت باستهداف عامة المسلمين في ساحل العاج، بل شنت حملة التصفية على العلماء والأئمة ومحفظي القرآن؛ سعيًا لإيجاد حالة من الانفصام بين المسلمين ودينهم، وإفشال مساعي المؤسسات الإسلامية لتنمية الوعي الديني للمسلمين وإفشال مخططات المنظمات التنصيرية لتجريف هويتهم.
وتوالت الحركات الانقلابية ضد جباجيو، وكثرت الجرائم في المسلمين، حتى قامت باريس بدعوة كل الفصائل للمصالحة في ماركوسي بفرنسا؛ حيث تم التوقيع على اتفاقية ماركوسي التي تنص على أن يحتفظ الرئيس لوران جباجبو بالكرسي الرئاسي إلى نهاية ولايته عام 2005م، وتشكيل حكومة وحدة وطنية يتولى المسلمون فيها رئاسة الوزراء ووزارة الداخلية ووزارة الدفاع، وتتولى التحضير للانتخابات الرئاسية عام 2005م. إلا أن جباجبو لم ينفذ من الاتفاقية سوى استكمال فترة رئاسته، وقام بتعطيل الانتخابات الرئاسية بحجج مختلفة؛ حتى نوفمبر 2010، والتي فاز بها وتارا.
استعادة الحقوق
وبذلك نصل إلى المحطة الفاصلة في مسار المسلمين بعد فوز وتارا في الانتخابات الرئاسية التي جرت في نوفمبر 2010م، التي أسفرت تفاعلاتها عن التدخل الغربي لإعادة الحق إلى وتارا بعد انتهاء أهمية جباجبو للغرب وتهديد الأغلبية المسلمة بتوسيع دائرة العمل المسلح ما هدد بالفعل المصالح الغربية والفرنسية التي تيقنت أن ميزان مصالحها الاقتصادية يمكن أن يتحقق في ظل الحاكم المسلم، وهو علماني التوجه متزوج من غربية.
إلا أن مد يد العون عربيا وإسلاميا بات ضرورة استراتيجية للخروج بساحل العاج من تحت مقصلة الانقلابات التي لن تتوقف مراجلها لإفشال تجربة الحاكم المسلم، والذي يتهدده ضغوط دولية متعددة من الكيان الصهيوني صاحب اليد المهمة في تسليح وتدريب جيش ساحل العاج والتمدد الاقتصادي الفرنسي في مزارع الكاكاو والموانئ البحرية في الجنوب، بجانب مخططات نشر التشيع التي تستهدف أن يكون المذهب الشيعي هو المذهب العام في البلاد بعد عشر سنوات وفق تصريحات زعيم الطائفة الشيعة في ساحل العاج في حديث خاص لجريدة «كل الأخبار» العراقية « بالعدد 161 بتاريخ 12/8/2010: «إن التشيع في ساحل العاج يسير بخطط منتظمة ووفق دراسة زمنية تجري متابعتها من قبل الجمهورية الإسلامية في إيران، الأمر الذي يستتبع سرعة التحرك من أجل إغاثة مسلمي ساحل العاج ثقافيا.
تجربة قابلة للتعميم
ويبقى الدرس الأهم في ختام تلك الإطلالة أن الدعوة الإسلامية قادرة على إنجاز ما لا تستطيعه السياسة، فالتمدد الدعوي والإصرار على توصيل معاني وقيم وقواعد الإسلام ظل الشغل الشاغل لزعماء وعامة المسلمين في ساحل العاج منذ عرفوا الإسلام، حتى تحول المسلمون من أقلية لا تتجاوز 20% عند الاستقلال إلى أغلبية تتجاوز 60% في 2011 ، مكنتها الظروف الإقليمية والدولية من الحصول على حقوقها الضائعة.. ولعل أزمة جنوب السودان هي الأقرب لتطبيق النموذج العاجي من دعم الدعوة الإسلامية في الواقع الجنوبي ما يزيل الخلافات ويحقق المشروع الوحدوي الذي فشلت السياسة في تحقيقه، حيث بلغت نسبة المسلمين في آخر إحصاء رسمي، تم إجراؤه منتصف الثلاثينيات على يد مجلس الكنائس العالمي برعاية الاحتلال البريطاني 18%، أما المسيحيون فبلغت نسبتهم 17%، واحتل اللاوحديين 65%، لكن هذه الخريطة شهدت تغيُّرًا خطيرًا، فطبقًا لآخر تقرير للمجلس الأعلى لتجمع المسلمين في جنوب السودان؛ فإن نسبة المسلمين قفزت إلى 35%، ويساويها اللاوحديين 35%، ويليهم المسيحيون بنسبة 30%، وهي الإحصائيات التي أقلقت الكنائس الغربية، بجانب ذلك تشير الإحصاءات إلى تزايد دخول الجنوبيين في الإسلام بصورة يومية، تتراوح بين 10 و15 مهتديا كل أسبوع، بالإضافة إلى أنه نتيجة الفقر المدقع خلال سنوات الحرب كان المسلمون يلجئون لإخفاء هويتهم من أجل الحصول على المعونات التي تقدمها الكنائس ومنظمات الإغاثة لمواطني الجنوب، والتي كان يتم منعها عن المسلمين أو تقديمها لمن ترى فيه الكنيسة فرصةً سانحةً للتنصير.. تلك المؤشرات توضح إمكانية ملاءمة الجنوب السوداني لتعميم التجربة العاجية، إذا ما توافرت الإرادة والدعم العلمي والمادي من المؤسسات الإسلامية الرسمية وغير الرسمية.


اعداد: رضا عبد الودود




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 61.77 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 60.10 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.70%)]