الزواج والرؤى المنامية

[ابوالوليد المسلم]

الزواج والرؤى المنامية
الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل

السؤال:
♦ الملخص:
شاب يبحث عن فتاة ليتزوجها، لكن رُفِضَ كثيرًا، وقد رأى في الرؤيا الفتاة التي سيتزوجها، ويريد أن يكف عن البحث عن الزوجة؛ اعتمادًا على الرؤيا، ويسأل: هل هذا صحيح؟

♦ التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


أنا في العشرينيات من عمري، وكأي شاب أبحث عن شريكة الحياة المناسبة، ولكن وضعي المادي ضعيف إلى حد ما؛ فقد تقدمت إلى كثير من الفتيات، ورفضْنَني حتى دون وقوع الرؤية الشرعية، مع العلم أني - والحمد لله - ملتزم إلى حدٍّ ما، وقد تركت وظيفة كانت متاحة لي بأحد البنوك؛ لأنني عرفت حرمتها، وعملت بوظيفة أقل ماديًّا؛ مرضاة لله تعالى، وبالرغم من ذلك، فإن أغلب ردود من تقدمت لهم بالزواج كانت بالسلب، اللهم إلا عددًا قليلًا من الفتيات اللاتي قبِلْنَ لأنهن لسْنَ جميلات، ولم أكن أراهن مناسبات لي أثناء الرؤية الشرعية، وبعد مدة من التعب والإرهاق؛ بسبب هذه الأمور، دعوت الله عز وجل أن يُرِيَني من هي تلك الفتاة التي سوف أتزوجها، والحمد لله قد منَّ الله عليَّ برؤية أحسبها صادقة؛ لِما يتوفر عليها من صفات الرؤى الصادقة؛ من وضوح والأحداث وتناسقها، وتوقيتها، وكان مضمون الرؤية أني زواجي سيكون من فتاة بها الصفات الطيبة التي كنت أدعو الله بها، وسؤالي الآن: هل أتوقف عن البحث عن الزوجة بعد رؤية تلك الرؤية، وأن أنتظر لحين وقوعها، أو أستمر بالبحث؟ مع العلم أني رأيت تلك الرؤيا منذ ثلاث سنوات تقريبًا، ولم تتحقق إلا بعض الأجزاء القليلة منها، أرشدوني، وجزاكم الله خيرًا.



الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:
فما دمت سألت سؤالًا محددًا؛ وهو هل تترك البحث عن الزوجة اعتمادًا على رؤيا منامية أو تستمر في البحث؟

فالجواب هو:
أولًا: المنامات على أقسام:
1- فقد يكون منها رؤى صالحة.
2- وقد يكون منها أضغاث أحلام.
3- وقد يكون منها حديث نفس.

ولذا لا يُعتمد عليها، وإنما يُستأنس بها استئناسًا فقط.

ثانيًا: وبناءً على ما سبق أقول: استمر في البحث ولا تيأس أبدًا، ولازمْ مع البحث الأسباب الشرعية الآتية:
1- الدعاء وهو أعظمها نفعًا.
2- الاستغفار.
3- الاسترجاع.
4- الصدقة ولو بالقليل جدًّا.

ثالثًا: اعلم - رحمك الله - أن الزوجة المكتوبة لن يمنعها أحد أبدًا؛ لقوله سبحانه: ﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾ [القمر: 49].

رابعًا: تشكر كثيرًا على استقامتك، وعلى تركك العمل بالبنك الربوي، وأبشر بالخير؛ ففي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إنك لن تَدَعَ شيئًا لله عز وجل إلا بدَّلك الله به ما هو خير لك منه))؛ [رواه أحمد، وقال الألباني: "وسنده صحيح على شرط مسلم"؛ انتهى من السلسلة الضعيفة].

وهذا التبديل والتعويض قد يكون بشيء من جنس الشيء المتروك، وقد يكون من غير جنسه؛ قال ابن القيم رحمه الله: "وقولهم: ((من ترك لله شيئًا عوَّضه الله خيرًا منه حقٌّ، والعوض أنواع مختلفة؛ وأجلُّ ما يعوض به الأنس بالله ومحبته، وطمأنينة القلب به، وقوته ونشاطه وفرحه ورضاه عن ربه تعالى"؛ [الفوائد (ص: 107)].

حفظك الله، ورزقك زوجة صالحة تقر بها عينك، وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.