مفهوم الشخصية ووحداتها في السنة النبوية - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4926 - عددالزوار : 2001807 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4498 - عددالزوار : 1284821 )           »          أذكار المساء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          حرب غزة ومشكلة الشر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          مالك الملك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          العفو عند المقدرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          سِيَرِ أعلام المحدثين من الصحابة والتابعين .....يوميا فى رمضان . (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 29 - عددالزوار : 35 )           »          تفسير (الجامع لأحكام القرآن) الشيخ الفقيه الامام القرطبى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 594 - عددالزوار : 135878 )           »          مكارم الأخلاق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 4 - عددالزوار : 1072 )           »          الوصايا النبوية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 25 - عددالزوار : 5578 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 29-09-2023, 09:14 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 156,371
الدولة : Egypt
افتراضي مفهوم الشخصية ووحداتها في السنة النبوية

مفهوم الشخصية ووحداتها في السنة النبوية (1)

مفهوم الشخصية السوية


حرص نبينا - صلى الله عليه وسلم - على بناء الشخصية السوية، التي تعمِّر وتبني، وتُصلح ولا تُفسِد، وفقَ الرسالة السامية التي دعا الإسلامُ إليها، وقد بنى - صلى الله عليه وسلم - الشخصيةَ على التوازن بين حاجات الروح والجسد، والتمسك بالقيم النبيلة والأخلاق السامية، وبتلك الشخصية السوية يتكون مجتمع صالح متماسك يسري الحب والتعاون بين أبنائه؛ لذلك جاء البحث للوقوف على أبعاد بيان مفهوم الشخصية السوية في السنة النبوية وعند علماء النفس.
والإنسان السوي صاحب النفس المطمئنة هو الذي يعيش وفقا للفطرة التي فطره الله -تعالى- عليها وهي عقيدة التوحيد ولقد تحققت الشخصية السوية في أكمل صورها في شخصية الرسول - صلى الله عليه وسلم - الذي توازن فيه الجانبان المادي والروحي، فشخصية الرسول - صلى الله عليه وسلم - هي الشخصية الإنسانية الكاملة، والنموذج الأكمل للشخصية السوية التي تتحقق فيها الاستقامة في السلوك في أكمل صورها، قال -تعالى-: {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21) وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} (الأحزاب)، فشخصيته مدرسة شرعية مترامية البنيان.
تعريف الشخصية
الشخصية هي كل صفة تميز الشخص عن غيره من الناس، فذكاؤه وقدراته الخاصة وثقافته وعاداته ونوع تفكيره وآراؤه ومعتقداته من مقومات شخصيته، كذلك مزاجه ومدى ثباته الانفعالي ومستوى طموحه، وما يحمله في أعماق نفسه من مخاوف وعقد، وما يتسم به من صفات اجتماعية وخلقية، فضلا عما يتميز به من صفات جسمية كالقوة والجمال، وبهذا فإن الشخصية في علم النفس هي جملة من الصفات الجسمية والعقلية والمزاجية والاجتماعية والخلقية التي تميز الشخص عن غيره تمييزا واضحًا.
قوة الشخصية
والشخصية تكون قوية إذا ارتبطت عناصرها واتجهت لغرض واحد في الحياة، فإن هذا الترابط والتوحيد في عناصر الشخصية وأغراضها يسمى تكامل الشخصية. وأسمى الأهداف وأعظمها الإيمان بالله -تعالى-، لذلك فإن كمال شخصية العبد بكمال إيمانه وتعلقه بالله -تعالى-، وكلما كان إيمانه أقوى كانت شخصيته أقوى وأكثر تكاملا، لارتباط وحداتها ودوافعها نحو هدف واحد سام، وهو كمال العبودية لله -تعالى-. ويمكن تعريف الشخصية السوية في السنة النبوية بأنها المنطلقة من دافع الإيمان القوي بالله -تعالى-، والمتبعة لمنهج النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحياة.
الشخصية الصادقة المؤمنة
ولقد علق النبي - صلى الله عليه وسلم - البشارة بالدارين للشخصية الصادقة المؤمنة فقال - صلى الله عليه وسلم -: «أَبْشِرُوا وَبَشِّرُوا مَنْ وَرَاءَكُمْ، أَنَّهُ مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ صَادِقَا بِهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ»، فصاحب الشخصية السوية هو الصادق الذي حقق الإيمان بأركانه فاستحق بذلك دخول الجنة. ويطلق على الشخصية السوية في علم النفس الشخصية البحبوحة، وهي تؤدي دورها الإنساني السليم، وهي بفضل تفاعلها ومشاركتها الواعية والتزامها بالقيم الإسلامية الرشيدة وحرصها المستمر على إعمال الإدارة دائما في كل تصرفاتها، تجعل الأمل وما يصاحبه من تفاؤل هو الغاية، ونجد هذا في قوله - صلى الله عليه وسلم -: «عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ»، فالمؤمن منضبط الانفعالات، متصف بالإيجابية وقوة الإرادة بما يملكه من وحدات معرفية تثبته وتقويه.
تكوين الشخصية الإسلامية الإيجابية
ومن شأن تكوين هذه الشخصية الإسلامية الإيجابية والفعالة التي أعدت وفقا لمنهج النبي رفع مستوى الأداء المعرفي والاجتماعي والانفعالي ورفع كفاءة التدريب والتعليم والتنشئة الإبداعية، والتفاعل الاجتماعي الفعال، وهذا الاستمرار للحياة النفسية طالما يتماشى مع منهج النبي يكسب الإنسان قيمته ويعطيه إرادته الفعالة في حدود الشرع.
الشخصية السوية
والشخصية السوية هي الشخصية الإسلامية التي حققت الغرض من وجودها وقامت بدورها في الحياة: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (الذاريات:56)، فحققت العبادة واتبعت الفطرة الإسلامية، قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم : «مَا مِنْ مَوْلُودِ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَة، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، وَيُنَصِّرَانِهِ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ، كَمَا تَنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةٌ، هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ؟».: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا نَدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} (الروم:30)، والشخصية الإسلامية هي الوحيدة التي توسم بأنها سوية، سوية في صفاتها وخصائصها وآمالها وطبائعها، ومقاييسها وموازينها، فهي السوية التي لم تمسخ فطرتها، ولم تشوه جبلتها، وهي الشخصية الإنسانية التي تسعى لتكون كما شاء الخالق سبحانه، وغيرها يجري في الحياة منكس القلب، مشوش الفكر، لا يعرف طريقه وسبيله.
أكمل شخصية إنسانية
لذلك كانت أكمل شخصية إنسانية هي شخصية النبي - صلى الله عليه وسلم -، لما يملكه النبي - صلى الله عليه وسلم - من سمات ومعارف ودوافع ربانية معتدلة في كل الأمور، شخصية جمعت السواء النفسي والديني والمعرفي والوجداني والانفعالي والاجتماعي والسلوكي.
شخصية وسط
ويؤكد علماء النفس أن الشخصية السوية هي شخصية وسط، وإذا زادت الصفة عن حدها أو نقصت أصبح الإنسان معلول الشخصية، فالإنسان يجب أن يكون فطنا في تعامله الناس بدون إساءة ظن أو توجس (الشخصية السوية، وإذا شك في الآخرين وتوجس منهم دون سبب واضح كان مريضًا (الشخصية المرتابة)، وإذا كان يثق في جميع الناس ثقة عمياء فهو كذلك مريض (الشخصية الساذجة) وهكذا في جميع الصفات.
الصورة المُرْضِيَة
وبعبارة أدق نستطيع القول: إن الشخصية السوية هي الصورة المُرْضِيَة فكرًا ومشاعر وسلوكا؛ لذلك يبدأ تغيير الإنسان بتغيير أفكاره التي تغير بطبيعتها مشاعره التي توجه سلوكه، فنجد منهج النبي - صلى الله عليه وسلم - يركز على الإيمان والمبادئ ويغذي الروح ويوجه وحدات الشخصية نحو هدف واحد واضح وهو الفطرة التي فطر الإنسان عليها، ونجد النبي - صلى الله عليه وسلم - يهتم بالوجدان والانفعالات والدوافع، ويقيم سلوك المؤمن بطريقة الإقناع والتوجيه التي تنتج إنسانا سويا.
وحدات الشخصية في السنة النبوية
تعد السمات، والمخططات المعرفية، والدوافع والانفعالات وحدات أساسية للشخصية، وهذه الوحدات الثلاث العامة تجمع: القدرات العقلية بالسمات المزاجية، والدوافع اللاشعورية والاتجاهات الاجتماعية والأساليب والمخططات المعرفية، والاهتمامات والقيم، والسمات التعبيرية والسمات الأسلوبية والميول.
وبهذا نستطيع القول: إن وحدات الشخصية:
١- المخططات المعرفية: وهي التي تمثل الجانب المعرفي لدى الشخص (الأفكار).
2- الدوافع والانفعالات: وهذه الوحدة هي المحرك للفرد، فالدوافع تحركه وتحرك انفعالاته، فإذا ضبطت الدوافع وكانت ضمن إطار الشرع، كانت الشخصية سوية متزنة (المشاعر).
3 - السمات وهي الصفات والقيم، أي كل ما يتصف به الفرد (السلوك).
عناية السنة بوحدات الشخصية
ولقد عنت السنة النبوية بوحدات الشخصية عناية بالغة؛ فنجد النبي يدعو للالتزام بالقيم بأنواعها الإيمانية والسلوكية والأخلاقية، ويرغب بطلب العلم وإشباع حاجة المعرفة ونجده - صلى الله عليه وسلم - يرتقي بدوافع المؤمن فيجعلها دوافع إيمانية روحانية، تشمل كل حاجات الحياة من دافع الارتباط بالأقوى والمحبة والأمان والإنجاز والتقدير والتفاعل وغيرها من الدوافع المعنوية والفسيولوجية.


اعداد: د. سندس عادل العبيد




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 30-09-2023, 02:43 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 156,371
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مفهوم الشخصية ووحداتها في السنة النبوية

مفهوم الشخصية ووحداتها في السنة النبوية (2)

أسس الشخصية السوية في السنة النبوية


حرص نبينا -صلى الله عليه وسلم- على بناء الشخصية السوية، التي تعمِّر وتبني، وتُصلح ولا تُفسِد، وفقَ الرسالة السامية التي دعا الإسلامُ إليها، وقد بنى -صلى الله عليه وسلم- الشخصيةَ على التوازن بين حاجات الروح والجسد، والتمسك بالقيم النبيلة والأخلاق السامية، وبتلك الشخصية السوية يتكون مجتمع صالح متماسك، يسري الحب والتعاون بين أبنائه؛ لذلك جاء هذا المقال للوقوف على أبعاد بيان مفهوم الشخصية السوية في السنة النبوية وعند علماء النفس، وقد تعرضنا لبعض المفاهيم والمعاني في الحلقة الماضية، منها: تعريف الشخصية، وقوة الشخصية، والشخصية الصادقة المؤمنة، وتكوين الشخصية الإسلامية الإيجابية، والشخصية السوية، وأكمل شخصية إنسانية، ووحدات الشخصية في السنة النبوية، واليوم نتكلم عن أسس الشخصية السوية في السنة النبوية، مع تكوين نظريات نفسية في علم النفس الإسلامي لبيان طريق السواء النفسي.
أولاً: تحقيق الإيمان بالله -تعالى
من سمات الشخصية السوية في السّنّة النبوية تحقيق الإيمان بالله -تعالى-، وفي هذا جاء قوله - صلى الله عليه وسلم - حينما سئل عن أفضل الأعمال فقال - صلى الله عليه وسلم -: «إِيمَانُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ»، فبين النبي - صلى الله عليه وسلم - أَن أفضل الأعمال وأولاها في تحديد هوية الإنسان هو الإيمان بالله -تعالى- ورسوله، الذي يؤثر في باقي دوافع العبد وعواطفه وسلوكه، ويعد الإيمان من أهم الجوانب المعرفية التي تشكل الشخصية السوية؛ مما يسوقه إلى الاتساق مع ذاته والتوافق الكامل.
قوة العقيدة
الذين يملكون معتقدا قويا بالله -تعالى- يتصرفون بدرجة عالية من الكفاءة والعقلانية والفاعلية الاجتماعية، وفي إطار الصحة النفسية على المستوى الفردي والاجتماعي. والهدف المطلوب للنفس الإنسانية السوية وضحه خالقها بقوله -تعالى-: {وَمَا خَلَقْتُ الجنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (الذاريات:56)، فمن وجه هذه النفس نحو غايتها، استحق أن يكون أمره كله في جميع أحواله إلى خير ، سواء في حالة الاكتئاب أم الحزن أم القلق والهم ، وهذا ما تعجب منه النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: «عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ»؛ فالمؤمن الذي يتمتع بهذه الخصوصية يعلم أن أمره كله خير؛ فالإنسان المؤمن يستطيع إدارة انفعالاته بنجاح في كل الظروف؛ لما يملكه من دافع الإيمان الذي يقوده إلى السواء النفسي، لذلك كان من أهم الأسس في تكوين الشخصية السوية للمسلم وأولها الإيمان بالله -تعالى.
ثانيًا: التوازن بين الجانب الروحي والمادي
إن تحقيق التوازن بين الجانبين المادي والروحي في الإنسان عن طريق التوسط والاعتدال في إشباع كل من دوافعنا البدنية والروحية، والابتعاد عن الغلو والإسراف، يؤدي إلى التوازن في شخصية الإنسان، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا، أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتَزَوج النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سَنَتِي فَلَيْسَ مِني»، نظرة السنّة النبوية للإنسان نظرة شمولية، والسّنّة النبوية تقدر البعدين المادي والروحي، مؤكدة إرضاء المطالب الروحية والمادية.
وفي شخصية المؤمن السوية يتم التمييز بين اللذة البدنية وعملية الإشباع النفسي؛ لذلك إذا أراد المسلم تحقيق السواء النفسي، عليه بالتوازن بين الجانب الروحي والمادي، وله في ذلك خير أسوة وهو النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي حقق أعلى درجات السواء للشخصية الكاملة المثالية. قال -تعالى-: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أَسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كثيرا ما} (الأحزاب:21).
ثالثًا: تقدير الذات
طاقات الإنسان تتجلى من خلال أنشطته وقدراته، والله وهب الإنسان طاقات وقدرات عقلية، وهي أهم ما يميز شخصيته، والسنّة النبوية تحث العبد على النشاط والحيوية والإنتاجية؛ مما يقوي ثقته بنفسه، الثقة المستمدة من إيمانه القوي بالله وثقته وحسن ظنه بربه -سبحانه. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطَّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَل يَده»، و في هذا الحديث دعوة للعمل والنشاط والحيوية، ودعوة لكسب اليد، والبعد عن الكسل والبطالة.
حاجة إنسانية أساسية
وتقدير الذات حالة يخبرها الإنسان وتكون خلفية لكل مظاهر تفكيره ومشاعره وأفعاله، وهو حاجة إنسانية أساسية، ويسهم بدور فعال في عملية الحياة، كما أنه لا غنى عنه للنمو السوي الإيجابي للذات الإنسانية، وله قيمة واضحة في إزهار الإنسان وفعاليته في الحياة، وينمو هذا المفهوم من خلال المواهب والفضائل الأخلاقية، والإنجازات في الحياة، والشعور بالتحكم بحياته، ومحبة الآخرين وهو ينم عن درجة الرضا عن ذاته في نواح عدة، وهو ما دعت إليه السنّة النبوية. والشعور بالرضا يأتي نتيجة لممارسة القوة في الشخصية، فيصعب الفوز فيه بسهولة؛ لذلك يعد تحديد مواطن القوة وتنميتها في الشخصية أمرا حتميا، ومن المصدات القوية ضد حدوث الاكتئاب، وهو السبيل للشخصية السوية.
ومن صور إبراز الجوانب القوة في شخصية أصحابه -رضي الله عنهم-: اسْتَقْرِئوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةِ: مِنْ عَبْد اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَبَدَأَ بِهِ وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ»، وقوله: «إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينَا، وَإِنْ أَمِينَنَا، أَيَّتُهَا الْأُمَّةُ، أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ». واختياره لعثمان في صلح الحديبية لما يمتلكه من حلم وأناة وترو تصلح في هذا الموقف، كل هذه المواقف وغيرها الكثير تؤكد حرص النبي على تعزيز جوانب القوة في الشخصية وتقدير الذات في حدود الشرع؛ لأنها حاجات نفسية تقود إلى السواء الشخصي.
تحقيق التفاعل الاجتماعي
أكدت السِّنّة النبوية أهمية التفاعل والتوافق الاجتماعي؛ فقد قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «لا يُؤْمِنْ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ»؛ فقرن حب الآخرين والإحسان إليهم بالإيمان، وجعله إحدى خصاله، بل لا يكتمل إيمان العبد حتى يحقق هذه الخصلة، وهذا يدل على أهمية هذا الجانب في الشخصية السوية.
فالإنسان مدني بالطبع واجتماعي بالضرورة، وهو يميل إلى الحياة في مجتمع إنساني وما تتطلبه هذه الحياة من إقامة علاقات اجتماعية، في التفاعل والتكيّف والمرونة، وتكوين الاتجاهات والقابلية للتطور والتغيّر، وتحمل المسؤولية وأداء الأدوار الاجتماعية.
والشخصية السوية تتمتع بالأريحية وما تكشف عنه من سلوك يتميز بالعطاء والتفاعل مع الآخرين، وتؤصل للوصال المبني على التفاعل والمودة بين الإنسان والآخرين. قال: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَنْ يَحْرُمُ عَلَى النَّارِ أَوْ بِمَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ النَّارُ عَلَى كُلِّ قَرِيبٍ سَهْلِ»، وقال: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ، يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا. وَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ»، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ خَمْسٌ؛ رَدُّ السَّلَامِ، وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ، وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ، وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ»، كل هذه الأحاديث وغيرها تؤكد ضرورة التفاعل والتواصل الاجتماعي للفرد، فهذا التفاعل يسد حاجة الإنسان للأمان والانتماء، وينمي لديه الشعور بالمحبة والألفة؛ مما يقوي شخصيته ويحسن أداءه وسلوكه.


اعداد: د. سندس عادل العبيد




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 02-10-2023, 03:13 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 156,371
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مفهوم الشخصية ووحداتها في السنة النبوية

مفهوم الشخصية ووحداتها في السنة النبوية (3)

أسس الشخصية السوية في السنة النبوية



حرص نبينا - صلى الله عليه وسلم - على بناء الشخصية السوية، التي تعمِّر وتبني، وتُصلح ولا تُفسِد، وفقَ الرسالة السامية التي دعا الإسلامُ إليها، وقد بنى - صلى الله عليه وسلم - الشخصيةَ على التوازن بين حاجات الروح والجسد، والتمسك بالقيم النبيلة والأخلاق السامية، وبتلك الشخصية السوية يتكون مجتمع صالح متماسك يسري الحب والتعاون بين أبنائه؛ لذلك جاء هذا المقال للوقوف على أبعاد بيان مفهوم الشخصية السوية في السنة النبوية وعند علماء النفس، وقد تكلمنا في الحلقة الماضية عن أسس الشخصية السوية في السنة النبوية، وذكرنا منها تحقيق الإيمان بالله -تعالى-، التوازن بين الجانب الروحي والمادي، تقدير الذات واليوم نستكمل الحديث عن تلك السمات.
رابعًا: تحقيق التفاعل الاجتماعي
أكدت السِّنّة النبوية أهمية التفاعل والتوافق الاجتماعي فقد قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «لا يُؤْمِنْ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ»؛ فقرن أول حب الآخرين والإحسان إليهم بالإيمان، وجعله إحدى خصاله، بل لا يكتمل إيمان العبد حتى يحقق هذه الخصلة، وهذا يدل على أهمية هذا الجانب في الشخصية السوية.
فالإنسان مدني بالطبع واجتماعي بالضرورة، وهو يميل إلى الحياة في مجتمع إنساني وما تتطلبه هذه الحياة من إقامة علاقات اجتماعية في التفاعل والتكيّف والمرونة وتكوين الاتجاهات والقابلية للتطور والتغيّر، وتحمل المسؤولية وأداء الأدوار الاجتماعية.
والشخصية السوية تتمتع بالأريحية وما تكشف عنه من سلوك يتميز بالعطاء والتفاعل مع الآخرين، وتؤصل للوصال المبني على التفاعل والمودة بين الإنسان والآخرين. قال: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَنْ يَحْرُمُ عَلَى النَّارِ أَوْ بِمَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ النَّارُ عَلَى كُلِّ قَرِيبٍ سَهْلِ»، وقال: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ، يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا. وَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ»، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ خَمْسٌ؛ رَدُّ السَّلَامِ، وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ، وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ، وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ»، كل هذه الأحاديث وغيرها تؤكد ضرورة التفاعل والتواصل الاجتماعي للفرد، فهذا التفاعل يسد حاجة الإنسان للأمان والانتماء، وينمي لديه الشعور بالمحبة والألفة مما يقوي شخصيته ويحسن أداءه وسلوكه.
خامسًا: المرونة النفسية
تتمتع الشخصية السوية بإرادة تزن الأمور وتقدرها؛ بحيث لا نجدها تتعامل مع موقف أو ظرف طارئ إلا اعتمادًا على ما يستدعيه الظرف من تصرفات، وقد تعجب النبي - صلى الله عليه وسلم - من الشخصية المؤمنة وما تمتلكه من مرونة نفسية وإرادة قوية؛ فقال: «عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ »، وفي هذا الحديث مدح للمؤمن لتأثير دافع الإيمان على سلوكه وعواطفه، فتلقى أقدار الله -سبحانه- كلها بنفس مطمئنة سوية راضية، مؤمنة بأن أمر الله كله خير، وإن خفي عليه ذلك لقصوره البشري. والمرونة النفسية تعني القدرة على التأقلم أو التوافق والتصدي ومواجهة الضغوط أو منغصات الحياة، ويشير هذا المصطلح إلى كل مقومات المناعة ضد التأثيرات السلبية للأحداث السيئة في المستقبل، وهذا ما يحتاجه المسلم في شخصيته لكي يتحكم بانفعالاته، لذلك من أهم أسس الشخصية السوية: المرونة النفسية، وهي لا تحصل لكل أحد؛ لأنها تابعة لتحقيق الإيمان الراسخ وتطبيق شعائر الدين، فمن حقق الإيمان اعتقادا وقولا وعملا، وفق لذلك ورزق التكيف والمرونة ومن ثم الراحة والسكينة.
سادسًا: النضج الانفعالي
ويقصد به قدرة الفرد على ضبط نفسه في المواقف التي تثير الانفعال، ومن مظاهر النضج الانفعالي الاستعانة بالله -تعالى- ثم الاعتماد على النفس والثقة بها وأن يكون الشخص واقعيا في مواجهة مشاكل الحياة.
وفي هذا المفهوم جاء حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ، إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ »؛ فالشدة والقوة لا تقاس باندفاع الانفعالات وشدة الغضب، إنما تقاس بقدرة الإنسان على ضبط نفسه والتحكم بإدارة سلوكه نحو الصواب، وفي الحديث بيان فضل النضج الانفعالي والقدرة على ضبط النفس، وأن الشدة والخيرية إنما تكون بالمؤمن الذي يملك هذه السمة في شخصيته.
ضبط النفس وتطويرها
والحصول على الشخصية السوية إنما يتعلق بقدرة الإنسان على ضبط النفس وتطويرها، فمتى امتلك الإرادة استطاع قيادة نفسه إلى طريق السواء والإيجابية. والإنسان بفطرته يميز بين الحق والباطل، وبين الخير والشر، كما أنه يمتلك استعدادًا لما وهبه الله من حرية الإرادة لاختيار طريق الخير أو طريق الشر، وبقدرته على ضبط ذاته يستطيع الوصول إلى تكامل الشخصية والنضج الانفعالي.
عاطفة اعتبار الذات
وتعد العواطف نوعا من أنواع الدوافع قوية التأثير، وعاطفة اعتبار الذات التي مركزها فكرة المرء عن نفسه، تستثار فيشعر الإنسان بالغضب من نفسه إن فعل أمرًا لا يرتضيه لنفسه، ويشعر بالسرور إذا حقق لنفسه ما يريده، وتعد هذه العاطفة المنظم الأساسي للسلوك، وهي التي تتوقف عليها قوة الشخصية وتكامل نزعاتها؛ لذلك اهتمت السنّة النبوية بالجانب الوجداني، ودعت إلى الذكاء الوجداني لما للعاطفة من تأثير ملحوظ في سلوك العبد. وأثبتت الدراسات أن الذكاء الذهني وحده غير كاف للنجاحات المستقبلية، بل يجب أن يتوفر إلى جانبه الذكاء العاطفي الوجداني، وهو قدرة الفرد على التعامل الإيجابي مع ذاته ومع الآخرين، لتحقيق أكبر قدر من السعادة لنفسه ومن حوله.
سابعًا: التفاؤل والإيجابية
الشخصية السوية -بحكم مرونتها وثقتها المطروحة بعقلانية ومودة مع الآخرين- تقبل على الحياة مرحة منشرحة، وقد امتدح النبي - صلى الله عليه وسلم - المؤمن القوي في كل الجوانب، فقال: «الْمُؤْمِنُ الْقَوِء إِلَى اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلِّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجِزْ، وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ قَدْرَ اللَّهُ وَمَا شَاءَ فَعَلَ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ»، فالمؤمن قوي الشخصية يمتلك نظرة إيجابية للحياة، وهمة وإقداماً لكل خير ومنفعة، وهو يتحرك بدافع التوكل على الله -تعالى-، وبمشاعر الرضا عن الماضي، في الشخصية السوية ينظر المؤمن إلى الماضي وكأنه صندوق تجارب، وإلى الحاضر وكأنه ملعب للتحدي، وإلى المستقبل وكأنه ممر منير، فالتفاؤل من الإيمان والتشاؤم من الشيطان وأكثر الناس تفاؤلا أكثرهم نجاحًا وعملا.
والواجب على المسلمين أن يكون لهم شخصيّة مستقلة في دينهم، للوصول إلى السواء البشري الذي يقودهم إلى السلوك الإيجابي والحياة الإيجابية، وهذه الأسس النبوية تساعد على تكوين مناعة نفسية في شخصية المؤمن، تمده بالقوة في مواجهة الحياة بكل ظروفها.



اعداد: د. سندس عادل العبيد




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 79.90 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 77.31 كيلو بايت... تم توفير 2.59 كيلو بايت...بمعدل (3.24%)]