كونوا ربانيين.. لا مذهبيين ولا طائفين - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         سلسلة أفقاه لا يستغني عنها الداعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3 - عددالزوار : 495 )           »          أبو القاسم بن عساكر (الحافظ الكبير) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          أبو فرج بن الجوزي (شيخ الواعظين) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          ندبة الودّ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          اجمع بين أصالتك وجمالك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          وهم الأبراج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          بداية تدوين علم التفسير ومعرفة نسخ التفسير القديمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          وسائل الديمقراطيين في إقناع المسلمين بالنظام الديمقراطي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          الخذلان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          إدانة التدين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 09-07-2023, 02:42 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,633
الدولة : Egypt
افتراضي كونوا ربانيين.. لا مذهبيين ولا طائفين

كونوا ربانيين.. لا مذهبيين ولا طائفين

لقد كان خطابُ الله لكل نبيٍّ أن يوقن أنَّه عبدٌ للهِ، وأن الله وحده هو الإله، الذي يتجه إليه العباد بعبوديتهم وبعبادتهم. فلا يمكن لأي نبي أن يدَّعي لنفسه صفة الألوهية التي تقتضي من الناس العبودية، فلا يمكن لنبي اصطفاه الله أن يقول للناس: كونوا عبادًا لي من دون الله. ولكن قوله لهم: كونوا ربانيين. أي منتسبين إلى الرب، عبادًا له، توجهوا إليه وحده بالعبادة، وخذوا عنه وحده منهج حياتكم، حتى تخلصوا له وحده فتكونوا ربانيين. فكان هذا النداء من الله: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ} [آل عمران: 79].

هذه غاية الدين، لكل البشرية؛ صفاء، ونقاء، وسمو، وارتقاء لخالقها ومُصرِّف أقدارِها.

ولكن للأسف يخرج علينا ما ينقل الناس من العبودية الخالصة لله إلى المذهبية والطائفية، فتشقى البشرية، وتصاب المجتمعات الإسلامية بنكبات وجراح وتمزق.

باتت الأمّة تلعقُ جراحاتها، وتئنُّ من أوجاعها، في الوقت الذي جسَّد بعض من يتسمون بالعلماءِ مثلًا سيئًا في العصبيات الطائفية والمذهبية والفكرية والفقهية، وأوغروا صدور الناس بالأحقادِ والأضغان، مع ادعائهم الظاهري باتباعهم النهج المحمّدي وهم أبعدُ الناس عنه.

وآفة علماء الدين حين يفسدون، أن يصبحوا أداة طيعة لتزييف الحقائق، فيحرفون الدين، ويسخرونه في خدمة الأهواء؛ ويحملون النصوص ويلوون أعناقها ليًّا لتوافق هذه الأهواء، حيثما لاح لهم أن هناك مصلحة تتحقق، وأن هناك عرضًا من أعراض هذه الحياة الدنيا يحصل!

ألم يقرأ هؤلاء تهديدَ الله لرسولِه صلى الله عليه وسلم: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ} [الحاقة: 44 - 47].

يجيء ذلك التهديد المرعب، لمن يفتري على الله في شأن العقيدة وهي الجدُّ الذي لا هوادة فيه، ولا تحتمل تسامحًا ولا مجاملة لأحد كائنا من كان، ولو كان هو محمدًا الكريم عند الله الأثير الحبيب.

لقد أطلت علينا المذهبية والطائفية وأصبحت تحاصر الأمة الإسلامية في قوَّتها ووحدتها وإجماعها وأسست لثقافة صدامية حذَّر الإسلام منها، أطلت علينا في فضائيات وإذاعات وجرائد ومنابر، بجلباب المذهبية والطائفية، فراحت تأجج المذهبية والطائفية، فتراهم يتقاذفون بالألفاظ الشنيعة، ويتبادلون الاتهامات الفظيعة، يكفّر بعضهم بعضًا، ويتبادلون التهم، ويبرِّؤون أنفسهم من كل خطيئة، وينزِّهونها عن كل رذيلة..!

ومما زاد الطين بلة قيامُ كل فريقٍ من هؤلاء وهؤلاء بتجييش أتباعهم من العامة لقيادة هذه الصراعات المذهبية والطائفية للدخول في هذه الفتنة مما فاقم من زيادة الصراعات والتصادمات؛ قال الله تعالى في محكم التنزيل: {لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ} [التوبة: 48].

وقال صلّى الله عليه وآله وسلّم: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ دَعَا إِلَى عَصَبِيَّةٍ، وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ قَاتَلَ عَلَى عَصَبِيَّةٍ، وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ مَاتَ عَلَى عَصَبِيَّةٍ».

نقول لهؤلاء: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [آل عمران: 19].

إن الدين الذي يرضاه الله هو الإسلامِ لا المذهب، فالمذاهبُ اجتهادات، أمّا الإسلامُ فهو الدّين: الإسلامَ براءة روحية، وفطرة إلهية، وليس غايات بشرية، وصناعات آدمية يشوبها الهوى، ويمازجها التّعصب، ويخالطها الباطل..! الإسلامُ منبعٌ زلال، صافي المشرب لكلِّ من شربَ من موردهِ، وفتح عقله لمقاصده الرفيعة.

إن ما مزّق شأن الأمّة تناحرًا وتقتيلًا وتباغضًا وتشتيتًا هو اعتبار بعض طوائفها وفئاتها المذاهب أديانا فصاروا يدينون بالمذهب، وتجاهلوا أن المذهب فقه فيه الصواب وفيه الخطأ، ومردُّ الأمرِ عند الاختلاف إلى الله والرسول.

إن القيم العليا في الإسلامِ هي التي يجب أن تسود فوق كل مذهبٍ آخر، فإن لم يستوعبها فقد تعصّب لبشريّتهِ..! وإن قبلها سمى به أٌفقًا، وعلا بها مكانة، نعم ندينُ بالإسلام لا ندين بالمذهب.

إنّ الإسلام عقيدة رحبة، الناس كلّهم أمام الله عبادًا لا فرق بين عربيّهم وأعجميّهم، رسولنا الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم أُرسِل للعالمين كافة، للناس كافة، {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ} [سبأ: 28]، {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107].

العقيدة الإسلامية عقيدةٌ جامعة، والشريعة الإسلامية تتّسم بالمرونة، تتّسم بالقدرة على مواكبة الحياة في كلّ متغيّراتها ومراحلها.

إن العقيدة هي الركيزة الثابتة في حياة المؤمن، تضطرب الدنيا من حوله فيثبت هو على هذه الركيزة، وتتجاذبه الأحداث والدوافع فيتشبث هو بالصخرة التي لا تتزعزع؛ وتتهاوى من حوله الأسناد فيستند هو إلى القاعدة التي لا تحول ولا تزول.

هذه قيمة العقيدة في حياة المؤمن، ومن ثمَّ يجب أن يستوي عليها، متمكنًا منها، واثقًا بها، لا يتلجلج فيها، ولا ينتظر عليها جزاء، فهي في ذاتها جزاء، ذلك أنها الحمى الذي يلجأ إليه، والسند الذي يستند عليه.. أجل هي في ذاتها جزاء، على تفتح القلب للنور، وطلبه للهدى. ومن ثم يهبه الله العقيدة ليأوي إليها، ويطمئن بها. هي في ذاتها جزاء يدرك المؤمن قيمته حين يرى الحيارى الشاردين من حوله، تتجاذبهم الرياح، وتتقاذفهم الزوابع، ويستبد بهم القلق، بينما المؤمن بعقيدته مطمئن القلب، ثابت القدم، هادئ البال، موصول القلب بالله، مطمئن بهذا الاتصال.

كونوا ربانيين، عبادًا لله وعبيدًا له، توجهوا إليه وحده بالعبادة، وخذوا عنه وحده منهج حياتكم، حتى تخلصوا له وحده فتكونوا ربانيين.

كُونُوا رَبَّانِيِّينَ.
كونوا ربانيين.
__________________________________________________ ___
الكاتب: أ. د. فؤاد محمد موسى








__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 49.80 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 48.13 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.35%)]