|
الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() حتى لا يكون المدرس تلميذا مجتهدا امحمد الخوجة إن التدريس مهنةٌ معقَّدةٌ جدًّا، والجوانب المتحكمة فيها كثيرة ومتشعِّبة، ولا يَسَع المدرس المجتهد إلَّا أن يكون خبيًرا بهذا الفن، مُلِمًّا بالجوانب التي تُسهِم في إنجاح عطاءاته طول مدة عمله. ولعلَّ الهوس الذي يقضُّ مضجع المدرسين"المجتهدين" عمومًا، هو المتعلِّق بالجانب المعرفي والمنهجي فقط، فلا تراهم إلَّا منهمكين في إعداد دروس اعتمادًا على جُذاذات يومية وأسبوعية وسنوية تحتوي على معارف ومعلومات، ينبغي تمريرُها انطلاقًا من تخطيط وتدبير لا يُراعي في أغلب الأحيان جوانبَ المتعلِّم النفسية والاجتماعية، وكذا المحيط الذي يُؤثِّر بشكل أو بآخر في أداء المدرس. إننا لا نُماري في كون المعرفة والمنهج ركنينِ مُهمَّينِ في نجاح العملية التعليمية التعلُّمية، ولكن ما ينبغي الإشارة إليه هو أن المدرس لا بُدَّ له من الاطِّلاع على جوانب كثيرة؛ بل تتجَدَّد مع استمرار الحياة التعليمية وتطوُّرها، ومنها: الجانب السيكولوجي: عندما يتجاهل المدرس هذا الجانب أو "يجهله" مكتفيًا بتمرير المعارف الجاهزة والقواعد النمطية وَفْق منهج مُحكَمٍ ودقيق ومُتكرِّر، فإنه لا يكون لدروسه فائدة تُذكَر إلَّا "إنتاج متعلم جافٍّ ونمطي" يُقلِّد ويتلقَّف ما يُلقيه مدرِّسُه إليه، وقد لا يستجيب للتعلُّمات أصلًا؛ لأنها ببساطة لا تُراعي نموَّه النفسي، ولا تُساير وِجدانه، خصوصًا ونحن نعلم أن المتعلم هو إنسان أيضًا، تُؤثِّر فيه كتلةٌ من الأحاسيس والمشاعر. الجانب السوسيولوجي: لا يمكن أن يحدث تعلُّمٌ بعيدًا عن اهتمام المدرس بالجانب الاجتماعي للمتعلم، فالتنشئة الأُسْرية والحي وموقع السَّكَن، هي عناصر تُؤثِّر في شخصية المتعلِّم، وبالتالي فإنه يتحتَّم الاطِّلاعُ وربْط علاقات مع أولياء أمور المتعلمين، لجَسِّ نَبْض الأحوال التي تُحيطُ بهم. الجانب المتعلِّق بالانفتاح على محيط المؤسسة التعليمية: والمقصود بهذا الانفتاح إيجاد علاقات مُتعدِّدة بين المدرس والمؤسسات الفاعلة، والجمعيات الثقافية، والمهتمين بالشأن التعليمي، من أجل الإخبار عن طريق التأليف والكتابة والاقتراح، ومن ثم يستطيع المدرِّسُ أن تكون حياتُه حياةً مليئةً بالنشاط والحيوية، وأن يكون منتجًا لأفلام تعليمية تعلُّمية، تهدف إلى اكتشاف المواهب، في الرياضة، والتفوُّق التكنولوجي، والبحث، مع محاولة إيجاد متعلِّم فاعل في مجتمعه بشكل إيجابي، ومن ثم فإن اهتمامات المدرس لا تنحصر في إعداد جُذاذات معدَّة بشكل منمَّق تنتظر قدوم المؤطِّر التربوي للاطِّلاع عليها. قد يبدو هذا الطَّرْح فيه من العَنَت والمشقَّة ما يُثقِل كاهل المدرِّس، ولكن لا شَكَّ أن هذا الأخير تجتمع فيه كل المواصفات الحميدة، فهو المرشد، والقائد، والموجِّه، والداعية، وما عليه إلَّا أن يتجشَّم المعاناة من أجل نشر العلم والثقافة والمهارة. ومن ثم فإن مهارات المدرس ينبغي أن تتجاوز فضاء الفصل؛ بل فضاء المؤسسة أيضًا؛ لأنه هو صِلة الوَصْل بين المتعلمين - وهم البُناة الجُدُد - وبين باقي مكونات المجتمع. وخلاصة القول: إن الكفايات الأربع التي تُحدِّد شخصية المدرس، وهي الكفاية المعرفية والمنهجية والأدائية والأخلاقية - ينبغي أن يُضافَ إليها ما ذُكِر أعلاه، مع كثرة القراءة والبحث في تلك المواضيع، وإلَّا فإن المدرس لن يعدو إلَّا أن يكون تلميذًا مجتهدًا فقط.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |