|
ملتقى مشكلات وحلول قسم يختص بمعالجة المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() أمي دمرت حياتي الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل السؤال: ♦ الملخص: سائل يشكو سوء معاملة أمِّه له وقسوتها وتسلُّطها الشديد، ويتهمها بأنها غدرت بحياته وزجت به في دوامة الوهم، فسببت له أزمات نفسية جعلته لا يستطيع التعامل مع الحياة، ويسأل: ما الحل؟ ♦ التفاصيل: السلام عليكم، لا أعرف من أين أبدأ، أنا نشأت في عائلة تعج بالصراعات، أنا الابن الأصغر للأسرة ولدي أخت فقط، أبي مغلوب على أمره، لا يتحمل مسؤولية الأسرة ولا يكترث لها أبدًا، لم أشعر يومًا أنه فعلًا أبي، أما أمي فهي شخصية قاسية متسلطة إلى أبعد الحدود تمزِّقنا بلا رحمة، الحمد الله تمكَّنت من إكمال الماجستير في بلد أجنبي بفضل الله ثم بفضل مجهودي، ولما بدأت حياتي العملية وفي أول وظيفة أشغلها، بدأت تظهر لي صعوبات كثيرة؛ مثل: فقدان الثقة بالنفس، الاكتئاب الحاد، والصداع النصفي، حتى تخليتُ عن تلك الوظيفة، وأصبحت طريحَ الفراش لمدة عام كامل، وظننت أنها النهاية، وبدأت أفكر في السبب الذي أوصلني لتلك الحالة الخطيرة التي جعلتني أشعر بضَعف شديد، وأنقطع عن الواقع، وأفقد السيطرة على نفسي، تريثتُ كثيرًا قبل الحكم؛ لئلا أُصدر أحكامًا مسبقة ضد أي شخص، إلى أن علمت الحقيقة، وهي: نتيجًة لعدم تحمُّل أبي المسؤولية؛ فقد قررت أمي الانتقام مني ومن أختي مند الصغر والزج بنا - بمساعدة عائلتها والجيران - في دوامة الوهم وكلٌّ يلعب دوره بإتقان، فأنشأت فينا فكرًا وهميًّا لا يمت للواقع بصلة، وزجَّت بنا في قضايا لا صلة لنا بها، واستعملتنا هي وأخواتها كأداة لتنفيذ أوامرها وطغيانها، والغريب في الأمر أنها هي من ضمنتني لإكمال دراستي في بلد أجنبي؛ لأنها في قرارة نفسها تعلم أنني لن أستطيع المجاراة. أمي غدرت بي، غدرت بنفسها، خانت المولى تعالى والله على ما أقول شهيد، سببت لي أزمات نفسية عميقة، زرتُ بسببها عدة أطباء نفسيين، غدرت بي في عرضي، في مالي، في علمي، في حياتي، حسبي الله ونعم الوكيل، فكرت جديًّا في مقاضاتها، ولكن تركتها لله عز وجل، ماذا أفعل؟ الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد: فيبدو لمن يقرأ مشكلتك بشكل واضح جدًّا أنك تعاني من آثارِ صدماتٍ نفسية شديدة ومتتابعة؛ بسبب المشاكل الكثيرة التي تشربتَها منذ نعومة أظفارك. ويبدو أيضًا واضحًا جدًّا - حسب وصفك - أن والدك ضعيف الشخصية، في مقابل قوة وشدة في والدتك إلى درجة التسلط والتحكم. وثبت لي من عدة مشاكل مرت عليَّ سابقًا أن غالب الأبناء الذين يعيشون تحت أمٍّ سلطوية، تتلذذ بعُنْجُهِيَّتِها - أنهم يعيشون ضِعافًا في شخصياتهم وقراراتهم، لماذا؟ لأنهم تربَّوا على الخوف الملازم الذي شلَّ قدراتهم تمامًا، حتى إنهم لا يستطيعون الكلام بطلاقةٍ، بل يلازمهم التَّلَعْثُمُ وربما التأتأة. والمهم هنا معرفة الحل لمشكلتك، فأقول ومن الله التوفيق: الحل بالآتي بمشيئة الله: أولًا: أنصحك ألَّا تحمل في قلبك على أمِّك أيَّ حقدٍ أو ضغينةٍ؛ فهي أمك مهما أخطأت، وأخطاؤها لا تلغي أبدًا حقوقها عليك بالبر؛ فالله سبحانه عظَّم من شأن حقوق الوالدين، وجعله أعظم حق بعد حقوقه سبحانه؛ بدليل قوله تعالى: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ﴾ [الإسراء: 23]، وأيضًا الله عز وجل أمر بِبِرِّ الوالدين، ولو كانا مشركِيْنِ، ويأمران ابنهما بالشرك، فكيف بالمؤمنين؟ قال سبحانه: ﴿ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [لقمان: 15]. ثانيًا: وبالنسبة لك لا تشْغَلْ نفسك بالتفكير فيما حصل لك بسبب أمك، فهذا قضاءٌ وقدر انتهى، لكن اشغل نفسك بمعالجة نفسك بالآتي: أ- كثرة الدعاء لنفسك بالشفاء مما تعانيه؛ فهو علاج عظيم جدًّا؛ قال سبحانه: ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [النمل: 62]. ب- من الخطأ أن تنظر لنفسك على أنك محطَّمٌ ومريض، ولا تستطيع عملَ شيء مفيد وجادٍّ؛ فهذا الشعور هو المرض العضال؛ لذا أريدك أن تحاول نسيان كل ما حصل لك سابقًا، وتبدأ صفحة جديدة بهمة ونشاط، وكأنك مولود من جديد. ج- وعليك بدلًا من الوساوس السلبية المحطمة أن تشغل نفسك بـ: ♦ الإكثار من الصلاة. ♦ والصبر والتصبر. ♦ وتلاوة القرآن والاستغفار والذكر. ♦ والاسترجاع. ♦ ومجاهدة النفس على النهوض. الله سبحانه قال: ﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ﴾ [البقرة: 45]. ثالثًا: قد تواجهك بعض المصاعب في البداية أو بعض الفشل، فإن استسلمتَ له، فقد يلازمك الفشل طول حياتك، ولكن الحل أن تتخطاه، وأن تتذكر أن كبار التجار فشِلوا وخسِروا في البداية عدة مرات، ولم ييئسوا واستمروا، ثم نجحوا. رابعًا: من أسوأ ما يمرض النفس ويُقْعِدُها أمران خطيران؛ هما: ♦ كثرة تذكر الماضي البئيس والتحسر عليه. ♦ وإقناع النفس بأنها مريضة نفسيًّا، وبأنها فاشلة لا تحسِنُ شيئًا ولا يُرجَى لها خير. فاحذرهما وانسفهما، ولا تلفت لهما أبدًا. خامسًا: أعود وأكرر: بِرَّ أمَّك؛ فبِرُّكَ لها ليس مقابلة مادية، بل واجبًا تُؤجَر عليه، مهما أخطأت عليك، وأيضًا بر الوالدين سببٌ عظيمٌ للبركة في الدين والدنيا والآخرة، وعقوقهما سبب لغضب الرب سبحانه، ولِمَحْقِ البركة. حفِظك الله، ورزَقك الصبر والفلاح، وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |