كرهت زوجي وأريد الطلاق

[ابوالوليد المسلم]

كرهت زوجي وأريد الطلاق
أ. أحمد بن عبيد الحربي

السؤال:

♦ الملخص:
امرأة كرِهت زوجها كرهًا شديدًا؛ إذ اكتشفت علاقات له مع فتيات ومواعدات لهن، كما أنه كثير الكذب، ويشوِّه صورتها بالافتراء أمام أهلها وأهله، ويتهاون كثيرًا في أداء الحقوق الدينية، وهي مصرة على الطلاق، وتسأل: ما الحل؟

♦ التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
أنا امرأة متزوجة منذ ثلاث سنوات ولديَّ طفلة، أبلغ الثانية والعشرين من العمر، أقيم في بلاد أجنبية منذ عشر سنوات، بعد أن تزوجت مكثت مع زوجي ثلاثة أشهر، ثم سافر من أجل العمل، وقد اكتشفت أن زوجي لا يصلِّي رغم مناصحتي له، وكان يصوم رمضان دون صلاة، واختلفنا كثيرًا في هذه النقطة، وبعد سفري إلى الدولة الأجنبية التي أقيم فيها كانت مشاكلنا كثيرة جدًّا، ودائمًا يخبرني زوجي أنه نادم على الزواج مني، واكتشفتُ أيضًا أنه على علاقة مع فتيات أخر؛ فانفصلنا لمدة ستة أشهر، ثم استخرت الله، وعدت إليه لكن بشروط محددة، واتفقنا على أن أسافر إلى محل إقامته، وعند وصولي إليه لم أكن مرتاحة، ولكنني تحمَّلت الأمر من أجل طفلتي، ومن أجل أن أحسن علاقتنا الزوجية، ثم إنني - عن طريق الصدفة - فتحت هاتفه، واكتشفت أنه يخبر أخواته وابنة عمه أنني لست محترمة، وأنه يريد أن يطلقني، ولكنه يخشى عمه، وبعد عامٍ من زواجنا كان يقول أنه لا يريدني، ولكنه يخشى العائلة، وأيضًا حتى يتمكن من دخول الدولة التي أعيش فيها من أجل أن نعيش معًا، وكان ينوي أنه بعد أن يدخل الدولة الأجنبية سيتزوج ويعيش حياته بشكل آخر، وعندما واجهتُهُ بذلك، قال إنه لم يقصد، وقد كان في نوبة غضب، وتغاضيت عن الأمر؛ حفاظًا على زواجنا، واكتشفت أيضًا أنه على علاقة بفتيات، ويتواصل معهن عبر الهاتف عندما يكون في العمل، وأيضًا يواعدهنَّ ويخرج معهنَّ، وأيضًا هناك نقطة أخرى زوجي يكذب كثيرًا، وقد يصل به الأمر إلى أن الحلف على المصحف أنه لم يرتكب شيئًا؛ فقط ليبرِّئَ نفسه، رغم أنه يعلم كل العلم أنه كاذب، وأيضًا يتهاون في الصلاة كثيرًا، ولا يصلي في المسجد مطلقًا، حتى يوم الجمعة ينام عن الصلاة ولا يكترث، وقد تكلمنا كثيرًا في ذلك لكن دون جدوى، وأيضًا لا يحفظ أسرارنا الزوجية، ويختلق القصص الكاذبة ليشوِّه صورتي أمام أهلي وأهله، لقد تعبتُ حقًّا من الحياة معه، وكلما استخرت الله، أكتشف أشياءَ كثيرة تدل على أنه لا يريدني، وإنما يستغلني من أجل مصلحته، أنا الآن مصرةٌ على الطلاق؛ لأنني وصلت لحد أنني أكره أن يلمسني، أو يتحدث معي، فما رأيكم؟ أعتذر عن الإطالة، وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:
فمرحبًا أختي الكريمة، ونشكركِ على الثقة بهذا الموقع، واسمحي لي أن تكون الإجابة على شكل نقاط:
أولًا: تجري الأمور في هذه الحياة وفق ما قَدَّرَ الله وكتب، ولعل في تقلُّب الأمور وتكدُّر الأحوال ما يجعل الإنسان أكثر تعلُّقًا بربه جلَّ وعلا، معتمدًا ومتوكلًا عليه.

ثانيًا: على المسلم أن يسأل ربه كل مطلب، وأن يعتاد بَثَّ همومه وغمومه متضرِّعًا بين يديه.

ثالثًا: في الحياة الزوجية لا ينبغي انتظار الطرف الآخر لردمِ الفجوة وإصلاح الخلل، وإنما المبادرة أهم وسائل الإصلاح.

رابعًا: وفي أي علاقة بين البشر لا تبحثي في الخفاء، بل عليكِ الاكتفاء بما ظَهَر أمامكِ.

خامسًا: كسر الحواجز مهم لدوام العلاقة، فبقاء الطابع الرسمي بين الزوجين دون تبادل المشاعر والأحاسيس - يجعل الحياة رتيبة مُمِلَّة.

سادسًا: الصلاة أمرها عظيم، وحقوق الله عز وجل لا ينبغي التساهل فيها أبدًا، فمتى ما تعاون الزوجان عليها، تحقق لهما الخير العظيم والأنس والسعادة.

سابعًا: اعقدي معه عدة جلسات في أوقات هادئة تكون النفوس فيها صافية؛ لمناقشة ما يجول في خاطركِ، وما يُزعِجُكِ؛ عسى أن تصلا إلى ما يرضيكما، ويحفظ استقرار الحياة الزوجية بينكما.

ثامنًا: احذري أن يكون نصحكِ ومحاولاتكِ في إصلاح أحوالكما مجردَ ردَّاتِ فِعلٍ عابرة عند شعوركِ بتقصيره.

تاسعًا: تأمَّلي طريقة تصرُّفكِ وتعاملكِ داخل المنزل، ومَدَى اهتمامكِ بلباسكِ ومظهركِ، بل حتى مزاجكِ: هل هو يُقرِّبُ الزوج منكِ أو يبعده؟

عاشرًا: عند اتخاذ أي قرار - ولا سيما القرارات المصيرية - لا بد من التأمُّل في العواقب: أهي مناسبة وموافقة لِما نأمل ونرجو، أم هي رغبة في الهروب من ألم الواقع، والتخلُّص من هذا الرِّباط؟ فإذا ما استفقنا، وجدنا أنفسنا بين الحُطامِ قد هدمنا صرحًا مشيدًا لا سبيل إلى إعادة إعماره.

وختامًا: أسأل الله لكِ التوفيق والسداد والحياة السعيدة، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.