رَمَضَانُ شَهْرُ الِانْتِصَارَاتِ وَالْفُتُوحَاتِ - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الموازنة بين سؤال الخليل عليه السلام لربه وبين عطاء الله للنبي صلى الله عليه وسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          تفسير سورة العاديات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 58 )           »          تفسير قوله تعالى: {ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 49 )           »          حذف الياء وإثباتها في ضوء القراءات القرآنية: دراسة لغوية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 96 )           »          «عون الرحمن في تفسير القرآن» ------متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 489 - عددالزوار : 200698 )           »          تفسير سورة النصر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          المصادر الكلية الأساسية التي يرجع إليها المفسر ويستمد منها علم التفسير تفصيلا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 59 )           »          تفسير سورة القارعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 64 )           »          {ألم نجعل الأرض مهادا} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 57 )           »          تعريف (القرآن) بين الشرع والاصطلاح: عرض وتحرير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 14-04-2023, 01:08 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 168,444
الدولة : Egypt
افتراضي رَمَضَانُ شَهْرُ الِانْتِصَارَاتِ وَالْفُتُوحَاتِ

خطبة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية - رَمَضَانُ شَهْرُ الِانْتِصَارَاتِ وَالْفُتُوحَاتِ


الفرقان

جاءت خطبة الجمعة لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لهذا الأسبوع 16 من رمضان 1444هـ - الموافق 7 / 4 / 2023م بعنوان: {رَمَضَانُ شَهْرُ الِانْتِصَارَاتِ وَالْفُتُوحَاتِ}؛ حيث بينت الخطبة أن رمضان هو شهر الفتوحات والانتصارات الذي أضفى على الأمة عزها ومجدها. فكان مما جاء في هذه الخطبة:
إِنَّ شَهْرَ رَمَضَانَ شَهْرُ فُتُوحَاتٍ غَيَّرَتْ مَجْرَى التَّارِيخِ، وَانْتِصَارَاتٍ أَعْلَتْ مَجْدَ الْأُمَّةِ، حِينَ يُذْكَرُ رَمَضَانُ يَسْتَذْكِرُ الْمُؤْمِنُ وَقْعَةَ بَدْرٍ الْكُبْرَى، فَفِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ السَّابِـعَ عَشَرَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ مِنَ الْهِجْرَةِ وَقَعَتْ هَذِهِ الْغَزْوَةُ الَّتِي غَيَّرَتْ وَجْهَ الدُّنْيَا، وَأَصْبَحَ سُلْطَانُ الْإِسْلَامِ سَائِدًا عَلَى الْعُتَاةِ الْمُعَانِدِينَ، {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (آل عمران:123)، وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ: أَيْ قَلِيلُونَ لَا تَمْلِكُونَ مِنَ الْعَتَادِ وَالْعُدَّةِ وَالْعَدَدِ مَا يُوَازِي أَعْدَاءَكُمْ، بَلْ خَرَجْتُمْ وَعُدَّتُكُمْ ثَلَاثُمِائَةٍ وَبِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا، وَكَانَ الْعَدُوُّ يَوْمَئِذٍ يَبْلُغُ أَلْفًا فِي عُدَّتِهِ وَعَتَادِهِ، فَالْمُعْطَيَاتُ الدُّنْيَوِيَّةُ الْحِسِّيَّةُ تُشْعِرُكَ بِمَنْ لَهُ الْكِفَّةُ؛ {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (9) وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (الأنفال:9-10) فَأَمَدَّ اللهُ نَبِيَّهُ - صلى الله عليه وسلم - وَالْمُؤْمِنِينَ بِالْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ قَاتَلُوا فِي صُفُوفِ الْمُسْلِمِينَ، وَذَبُّوا عَنْ دِينِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
وَلِذَا فَقَدْ قِيلَ: إِنَّ أَفْخَرَ بَيْتٍ قَالَتْهُ الْعَرَبُ: قَوْلُ حَسَّانَ:
وَبِيَوْمِ بَدْرٍ إِذْ يَرُدُّ وُجُوهَهُمْ
جِبْرِيلُ تَحْتَ لِوَائِنَا وَمُحَمَّدُ
الملائكة تقاتل مع المؤمنين
رَوَى الْإِمَامُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قَالَ: بَيْنَمَا رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ يَشْتَدُّ فِي أَثَرِ رَجُلٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ أَمَامَهُ، إِذْ سَمِعَ ضَرْبَةً بِالسَّوْطِ فَوْقَهُ، وَصَوْتَ الْفَارِسِ يَقُولُ: أَقْدِمْ حَيْزُومُ، فَنَظَرَ إِلَى الْمُشْرِكِ أَمَامَهُ فَخَرَّ مُسْتَلْقِيًا، فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَإِذَا هُوَ قَدْ خُطِمَ أَنْفُهُ وَشُقَّ وَجْهُهُ كَضَرْبَةِ السَّوْطِ، فَاخْضَرَّ ذَلِكَ أَجْمَعُ، فَجَاءَ الْأَنْصَارِيُّ، فَحَدَّثَ بِذَلِكَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: «صَدَقْتَ، ذَلِكَ مِنْ مَدَدِ السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ» وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَصَحَّحَهُ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ لِي أَبِي: يَا بُنَيَّ لَقَدْ رَأْيَتُنَا يَوْمَ بَدْرٍ، وَإِنَّ أَحَدَنَا لَيُشِيرُ بِسَيْفِهِ إِلَى رَأْسِ الْمُشْرِكِ فَيَقَعُ رَأْسُهُ عَنْ جَسَدِهِ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ السَّيْفُ إِلَيْهِ.
معجزة إلهية
إِنَّ مِنْ جُمْلَةِ نَصْرِ اللهِ لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ: أَنَّهُ قَلَّلَ الْمُشْرِكِينَ فِي أَعْيُنِهِمْ؛ قَالَ -تعالى-: {وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ} (الأنفال:44)، وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْ عبداللهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - قَالَ: لَقَدْ قُلِّلُوا فِي أَعْيُنِنَا يَوْمَ بَدْرٍ، حَتَّى قُلْتُ لِرَجُلٍ إِلَى جَنْبِي: تَرَاهُمْ سَبْعِينَ ؟ قَالَ: أَرَاهُمْ مِائَةً. قَالَ: فَأَسَرْنَا رَجُلًا مِنْهُمْ فَقُلْنَا: كَمْ كُنْتُمْ؟ قَالَ: أَلْفًا.
فَبَدَأَتْ جُمُوعُ الْمُشْرِكِينَ بِالْفِرَارِ وَالِانْسِحَابِ، وَقَدْ بَدَتْ عَلَيْهِمْ مَخَايِلُ الْهَزِيمَةِ وَالْكَآبَةِ الْمُسْتَدِيمَةِ، وَتَحَقَّقَ وَعْدُ اللهِ فِي قُرْآنِهِ {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} (القمر:45)، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-: كَانَ بَيْنَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ وَبَيْنَ بَدْرٍ سَبْعُ سِنِينَ، وَرَوَى عبدالرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْ عُمَرَ - رضي الله عنه - قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} جَعَلْتُ أَقُولُ: أَيُّ جَمْعٍ يُهْزَمُ؟ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَثِبُ فِي الدِّرْعِ وَهُوَ يَقُولُ: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} فَعَرَفْتُ تَأْوِيلَهَا يَوْمَئِذٍ.
اسْتَحَرَّ الْقَتْلُ وَالْأَسْرُ فِي جُمُوعِ الْمُشْرِكِينَ
فَاسْتَحَرَّ الْقَتْلُ وَالْأَسْرُ فِي جُمُوعِ الْمُشْرِكِينَ، فَقُتِلَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ، وَأُسِرَ سَبْعُونَ، وَالْقَتْلَى لَمْ يَبْرَحْ أَحَدٌ مِنْهُمُ الْمَوْضِعَ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ -[-، كَمَا جَاءَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «هَذَا مَصْرَعُ فُلَانٍ»، قَالَ: وَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى الْأَرْضِ «هَاهُنَا، هَاهُنَا»، قَالَ: فَمَا مَاطَ أَحَدُهُمْ عَنْ مَوْضِعِ يَدِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم .
أهل بدر مغفور لهم
فَاسْتَحَقَّ أُولَئِكَ الْأَخْيَارُ وِسَامَ الشَّرَفِ بِشُهُودِهِمْ تِلْكَ الْمَعْرَكَةَ، فَكَانَ يُقَالُ فِي تَرْجَمَةِ أَحَدِهِمْ: وَكَانَ بَدْرِيًّا، جَاءَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ - رضي الله عنه - أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ إِلَى أَهْلِ بَدْرٍ، فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ، فَقَدْ وَجَبَتْ لَكُمُ الْجَنَّةُ، أَوْ: فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ».
فَحَازَ أَهْلُ بَدْرٍ مِنَ الشَّرَفِ أَعْلَاهُ، وَمِنَ الْقَدْرِ أَعْظَمَهُ وَأَرْقَاهُ، حَتَّى اسْتَقَرَّ ذَلِكَ عِنْدَ عُمُومِ الصَّحَابَةِ، وَلَمْ يَقْتَصِرْ هَذَا الشَّرَفُ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ حَتَّى نَالَ أَهْلَ السَّمَاءِ؛ رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ أَبِيهِ - رضي الله عنه وَكَانَ أَبُوهُ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ- قَالَ: جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: مَا تَعُدُّونَ أَهْلَ بَدْرٍ فِيكُمْ؟ قَالَ: مِنْ أَفْضَلِ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا، قَالَ: وَكَذَلِكَ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ، أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا.
(عين جالوت) و(شقحب) انتصارات في رمضان
لَمْ تَقْتَصِرِ الْاِنْتِصَارَاتُ فِي هَذَا الشَّهْرِ الْمُبَارَكِ عَلَى غَزْوَةِ بَدْرٍ، وَإِنْ كَانَتْ بَدْرٌ أَذْكَرَ فِي النَّاسِ؛ فَفَتْحُ مَكَّةَ كَانَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ مِنَ الْهِجْرَةِ، وَفِي رَمَضَانَ فُتِحَتْ بِلَادُ الْأَنْدَلُسِ عَلَى يَدِ الْمُقَاتِلِ الْبَارِع طَارِقِ بْنِ زِيَادٍ فِي عَهْدِ الْوَلِيدِ بْنِ عبدالْمَلِكِ، وَفِي رَمَضَانَ انْتَصَرَ الْمُسْلِمُونَ بِقِيَادَةِ (سَيْفِ الدِّينِ قُطُزَ) عَلَى التَّتَارِ فِي مَعْرَكَةِ (عَيْنِ جَالُوتَ)، وَفِي رَمَضَانَ وَقَعَتْ مَعْرَكَةُ (شَقْحَبَ) الَّتِي لَمَعَ فِيهَا نَجْمُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ -رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ-؛ إِذْ أَخَذَ يَطُوفُ عَلَى الْجُيُوشِ يُثَبِّتُهُمْ، وَيُقَوِّي جَأْشَهُمْ، وَيُطَيِّبُ قُلُوبَهُمْ، وَوَعَدَهُمُ النَّصْرَ وَالظَّفَرَ عَلَى الْأَعْدَاءِ، وَكَانَ يَحْلِفُ لِلْأُمَرَاءِ وَالنَّاسِ: إِنَّكُمْ فِي هَذِهِ الْكَرَّةِ لَمَنْصُورُونَ، فَيَقُولُ لَهُ الْأُمَرَاءُ: قُلْ إِنْ شَاءَ اللهُ، فَيَقُولُ: إِنْ شَاءَ اللهُ تَحْقِيقًا لَا تَعْلِيقًا، يَتَأَوَّلُ قَوْلَ اللهِ -تعالى-: {ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ} (الحج:60)، فَالْتَقَى الصَّفَّانِ، وَالْتَحَمَ الْفَرِيقَانِ، فَعَمِلَ السَّيْفُ فِي رِقَابِ التَّتَرِ لَيْلًا وَنَهَارًا، فَهَرَبُوا وَفَرُّوا وَاعْتَصَمُوا بِالْجِبَالِ وَالتِّلَالِ، وَلَمْ يَسْلَمْ مِنْهُمْ إِلَّا الْقَلِيلُ، فَأَمْسَى النَّاسُ وَقَدِ اسْتَقَرَّتْ خَوَاطِرُهُمْ وَتَبَاشَرُوا لِهَذَا الْفَتْحِ الْعَظِيمِ وَالنَّصْرِ الْمُسْتَبِينِ، وَدَقَّتِ الْبَشَائِرُ فِي قَلْعَةِ دِمَشْقَ -حرَسَهَا اللهُ وَحَمَاهَا-؛ فَرَمَضَانُ لَيْسَ شَهْرًا لِلْكَسَلِ وَالدَّعَةِ وَالْخَوَرِ، بَلْ هُوَ شَهْرُ انْتِصَارٍ وَفَتْحٍ وَظَفَرٍ؛ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ جِهَادٌ بِالسَّيْفِ وَالسِّنَانِ، فَجِهَادُ النَّفْسِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ إِنْسَانٍ، فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ عَلَى جِهَادِ النَّفْسِ الَّتِي بَيْنَ جَنْبَيْهِ فَمَاذَا عَسَاهُ أَنْ يَفْعَلَ تَحْتَ وَقْعِ الْأَسِنَّةِ وَطَعْنِ الرِّمَاحِ؟!.
الْأُمَّةُ لم تنس أَقْصَاهَا وَأَرْضَهَا الْمُبَارَكَةَ
لَقَدْ ضَاقَتِ الْأُمَّةُ الْإِسْلَامِيَّةُ بِالصَّهَايِنَةِ الْمُعْتَدِينَ فِي الْأَرْضِ الْمُبَارَكَةِ فِلَسْطِينَ، الذين تَجَاوُزوا حُدُودَهُمْ، وَبَلَغَ طُغْيَانُهُمْ أَنِ اقْتَحَمُوا الْمَسْجِدَ الْأَقْصَى فِي هَذِهِ اللَّيَالِي الْمُبَارَكَةِ وَتَجَاوَزُوا إِلَى حُرُمَاتِ الْمُسْلِمينَ فِي أَقْصَاهُمُ الْمُبَارَكِ، وَلَمْ تَنْسَ الْأُمَّةُ أَقْصَاهَا وَأَرْضَهَا الْمُبَارَكَةَ فِلَسْطِينَ؛ فَهُوَ مَسْرَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؛ قَالَ -تَعَالَى-: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (الإسراء:1).
أَحْلَامُ الصَّهَايِنَةِ وَمُخَطَّطَاتُهُمْ
كَانَتْ وَمَاتَـزَالُ أَحْلَامُ الصَّهَايِنَةِ وَمُخَطَّطَاتُهُمْ هَدْمَ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وإِزَالَتَهُ وَتَحْوِيلَهُ إِلَى مَا يُسَمَّى بِالْهَيْكَلِ، كَمَا صَرَّحَ مُؤَسِّسُ كِيَانِهِمْ: «إِنَّهُ لَا مَعْنَى لِإِسْرَائِيلَ بِدُونِ الْقُدْسِ، وَلَا مَعْنَى لِلْقُدْسِ بِدُونِ انْتِزَاعِ مَوْقِعِ الْهَيْكَلِ مِنَ الْعَرَبِ...»، وَلِذَلِكَ قَامُوا بِحَرْقِ الْأَقْصَى عَامَ تِسْعَةٍ وَسِتِّينَ وَتِسْعِمِائَةٍ وَأَلْفٍ، وَعَمَلِيَّاتِ الِاقْتِحَامِ الْمُتَـكَرِّرَةِ مِنْ جَمَاعَاتٍ يَهُودِيَّةٍ مُتَطَرِّفَةٍ وَبِحِمَايَةِ الشُّرْطَةِ، وَإِعْمالِ حَفْرِيَّاتٍ تَحْتَ سَاحَاتِ الْمَسْجِدِ وَأَسَاسَاتِهِ، بِدَعْوَى الْبَحْثِ عَنْ آثَارٍ مُقَدَّسَةٍ، وَهُمْ يُرِيدُونَ هَدْمَهُ أَوْ تَعْرِيضَهُ لِلِانْهِيَارِ.
الْأَقْصَى فِي خَطَرٍ شَدِيدٍ
إِنَّ الْأَقْصَى فِي خَطَرٍ شَدِيدٍ: فَمَنْعُ الْمُصَلِّينَ مِنَ الصَّلَاةِ فِيهِ وَحِرْمَانُهُمْ مِنَ الدُّخُولِ إِلَيْهِ، وَفَرْضُ قُيُودٍ مُشَدَّدَةٍ، وَتَحْدِيدُ أَعْمَارٍ مُعَيَّنَةٍ وَشُرُوطٍ تَعْجِيزِيَّةٍ لِلْحَيْلُولَةِ دُونَ دُخُولِهِمُ الْقُدْسَ، وَتَنْفِيذُ عَمَلِيَّاتِ اعْتِقَالٍ مُنَظَّمٍ لِشَبَابِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَمِنَ اعْتِدَاءٍ عَلَى الْمُصَلِّينَ وَالْمُعْتَكِفِينَ بِالضَّرْبِ وَالْإِيذَاءِ؛ لِإِثَارَةِ حَالَةٍ مِنَ الرُّعْبِ وَالْخَوْفِ بَيْنَ سُكَّانِ فِلَسْطِينَ الْأَبِيَّةِ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ. إِنَّ إِخْوَانَنَا فِي فِلَسْطِينَ يَعِيشُونَ فِي وَطَنِهِمُ الْمُحْتَلِّ بَيْنَ حِصَارٍ جَائِرٍ، وَفَقْرٍ مُدْقِعٍ، وَبِطَالَةٍ، وَقَهْرٍ وَظُلْمٍ، فَلَا أَمْنَ وَلَا أَمَانَ بَلِ اعْتِقَالَاتٍ مُتَكَرِّرَةً وَاعْتِدَاءَاتٍ مُسْتَمِرَّةً فِي تَجَاوُزٍ صَارِخٍ لِجَمِيعِ الْقَوَانِينِ الدُّوَلِيَّةِ وَالْأَعْرَافِ الْإِنْسَانِيَّةِ، وَإِذَا عَجَزْنَا عَنِ النُّصْرَةِ الْحَقِيقِيَّةِ فَلَا نَعْجِزْ عَنِ النُّصْرَةِ بالدُّعَاءِ وَاللُّجُوءِ إِلَى اللهِ أَنْ يَكْشِفَ كُرْبَتَهُمْ.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 77.13 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 75.41 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.23%)]