|
ملتقى مشكلات وحلول قسم يختص بمعالجة المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() أرى أني أفضل من الآخرين أ. مروة يوسف عاشور السؤال: ♦ الملخص: فتاة لا ترضى عن حياة اللهو التي تعيشها فتيات كثيرات، وترى نفسها أفضل من هؤلاء الفتيات، وتخاف من الرياء والتعالي على الآخرين. ♦ التفاصيل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: عندما أقرأ الآيات والأحاديث التي تتحدث عن عاقبة المتكبرين، أخاف وأخشع، ولكن لا أدري هل ما بي تكبُّر أم لا؟ فعندما أرى اهتمام الفتيات في مجتمعي منصبًّا في سفاسف الأمور، وأرى تصرُّفاتهنَّ ليس فيها أي نوع من الوقار أو الرزانة، كالضحك واللهو واللغو في الكلام، مع الصوت العالي دون حاجة، ثم أقارن بين تصرُّفاتي وتصرفاتهنَّ، أرى تصرفاتي أفضل كثيرًا، وأشعُر أني أفضل منهنَّ في هذه الجهة، فأنا أكره هذه التصرفات وأمقتها كثيرًا، ولأن غالبية من هم حولي هكذا، فقد شعرت بالتعالي عليهنَّ بعض الشيء، لكني إذا تعاملتُ مع إحداهنَّ، لا أجدني أحمل في قلبي شيئًا لها، بل ربما أكون محبةً لها، وأتمنى لها الخير، وأُساعدها وأدعو لها. والأمر الآخر الذي أشك فيه هو الرياء، ففي المنزل أُصلي في غرفتي وحيدةً، وأطيل السجود، أما إذا صليتُ خارجًا ومرَّت إحداهنَّ بجانبي، فأُسرع في صلاتي؛ خوفًا من رؤيتها لي وأنا أُطيل السجود، حتى إنه من سرعتي وتشتُّت ذهني، أحسب أن صلاتي بطَلت، وأنه يجب عليَّ إعادتها مرة أخرى، لذَهاب الخشوع وتوتُّري أثناء الصلاة، ماذا أفعل؟ الجواب: ابنتي الكريمة، وعليكِ السلام ورحمة الله وبركاته: تبسمتُ وأنا أقرأ رسالتكِ، وسعدتُ بوجود تلك الفتاة في ذلك المجتمع الذي يسير بسرعة مخيفة نحو مستقبل نسأل الله اللطف فيه، دعيني أبدأ بالشق الثاني من رسالتك لأهميته: سألت عائشة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تفسير قوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ ﴾ [المؤمنون: 60]، قالت: يا رسول الله، أهو الرجل يزني ويسرق ويشرب الخمر؟ قال: ((لا يا بنت الصديق، ولكنه الرجل يصوم ويتصدق ويصلي، وهو يخاف ألا يُتقبَّل منه))؛ أخرجه الترمذي وابن ماجه. فحال المؤمن الذي يخشى الله أنه يستشعر الخوف من عدم القبول، ويتفقد أحوال قلبه ويتعهده دائمًا، ويزيد هذا الخوف مع علمه بشدة خطورة الرياء وأثره على الإيمان، لكن يبقى الشيطان متربصًا به، منتظرًا اللحظة الحاسمة للهجوم وبث السموم في ذلك القلب التقي النقي، ويظل يلقي عليه الوساوس، فلا يتركه إلا حائرًا تائهًا لا يدري أيعمل العمل لله أم أنه قد دخله الرياء، ويتساءل في خوف: أحبِط عملي وأنا لا أدري؟ وإذا تأملتِ ما كتبتِ أعلاه، فستجدين المشكلة لديكِ ليست الرياء، ولكنها الخوف من الرياء؛ فما ذكرتِه هو خوفكِ من الوقوع في الرياء، ووصول الخوف إلى حد الوسوسة التي تمنعكِ من أداء العبادات بالشكل الصحيح، وبهذا الصدد أختم حديثي بنصيحة ابن عباس التي يُطمئن بها المسلمين، ويُثبت قلوبهم التي يخشون عليها ضياع الإيمان، فقال رضي الله عنه لمن يشك في تزعُزع قلبه وانزلاقه في الرياء: ماذا يفعل الشيطان بالبيت الخرب؟ أي: إن تلك الشكوك دليل الإيمان والخوف من الله، والشيطان لا حاجة له بالقلب المريض. فقومي وصلِّي في أي مكان، وطَمْئني قلبكِ ونفسكِ بتساؤل يسير: هل تطيلين في صلاتكِ أمامهم، ثم تختلف هذه الصلاة وتقصر وأنتِ منفردة؟ إن كانتا متساويتين، فلا تُلقي بالًا لِما يُلقيه الشيطان في أذنيكِ، واهزميه بمواصلة العبادة في أي مكان بالبيت، حتى وإن كان في ذلك مشقة، فلتقاومي الشعور إلى أن تزول تلك الوساوس! المشكلة الأخرى هي الشعور أنكِ أفضل من الغير؛ قد تكونين بالفعل أفضل من الكثير من الفتيات من حولكِ، ولكن دعينا نتأمَّل بعض الوقت معنى الكِبر كما ورد في الحديث: ((الكبر بطرُ الحق وغمطُ الناس))، فالشق الأول من المعنى يفيد أن الإنسان المتكبر لا يقبل الحق إن ظهر له، ولا يعترف بخطئه إن هو أخطأ، ويُصر على رأيه حتى لو أدرك أنه لم يكن على صواب؛ أنفةً وتكبرًا أن يظهر بمظهر المخطئ، وحيث إنكِ لم تذكري عن ذلك شيئًا، فالأمر إليكِ لتحكمي على نفسكِ: هل تُصرين على رأيكِ إن وقعتِ في خطأ ونبَّهكِ أحدهم؛ خشيةً أن يكون مظهركِ أمام الناس سيئًا؟ وأما غمط الناس فقد يكون لديكِ منه الشيء اليسير بأن تشعري أنكِ أفضلُ مَن حولكِ، حتى وإن كان ذلك صحيحًا، فاعتقاد المرء بأنه أفضل من زملائه وأصدقائه وأقربائه، قد يُصيبه بشعور من الازدراء لهم، وعلاجه بأن تركزي على أمرين: أولًا: أنكِ تكرهين أفعالهم واهتماماتهم، ولا تحتقرينهم لشخصهم. ثانيًا: ذكِّري نفسكِ أنه كما يوجد حولكِ تلك النماذج السيئة، فهناك الكثير من حافظات القرآن، وحافظات السنة، والمتفقهات في الدين، وهن كثيرات ولله الحمد والمنَّة، وإن تيسَّر لكِ يا بنيَّتي أن تلتحقي بدُور التحفيظ - خاصة التي تهتم بتناول العلم الشرعي مع حفظ القرآن - فإنك ستجدين مَن هُنَّ في مثل عمركِ وقد فتح الله عليهنَّ في العلم والعمل؛ مما يجعل شعوركِ متوازنًا، ويجعلكِ تستشعرين أنه كما يعج المجتمع بنماذج مُحبطة، فإنه يحوي كنوزًا بداخله، بيد أنها تختبئ كما يختبئ اللؤلؤ داخل المحار، ويقل عددُها كما يقل عدد الأحجار الكريمة مقارنةً بغيرها من الأحجار. سعيدة بتواصلكِ وسعيدة بحرصكِ على إصلاح نفسكِ وتهذيبها، واللهَ أسأل أن يرزقَكِ الصحبة الصالحة التي تعينكِ على طاعة الله، وتنير لكِ الدَّربَ، والله الموفِّق، وهو الهادي إلى سواء السبيل.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |