|
الملتقى الطبي كل ما يتعلق بالطب المسند والتداوي بالأعشاب |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() التواصل الاجتماعي الافتراضي تواصل وهمي أم انفصال حقيقي؟ نايف عبوش لا شك أننا أصبحنا اليوم أسرع اتصالاً ببعضنا البعض، بفضل تقنيات الاتصال الرقمي بمختلف وسائله المتاحة، من الهواتف الذكية، والإنترنت، وتقنيات الوسائل المتعددة وغيرها، حيث ساعدتنا ثورة الاتصال والمعلوماتية، بلا شك، على تخطي صعوبات الابتعاد عن الأهل، والأصدقاء بسلاسة، ومكنت الناس من مشاركتهم تجاربهم بعضهم البعض، وتبادل صورهم، وصور تفاصيل مناسباتهم، عبر تلك الوسائل، وكذلك الدردشة بينهم، بما أتاحته تلك التقنية العجيبة، من فوائد جمة في الاتصال، يمكن وصفها دون تردد، بأنها نعمة حضارية، ورفاهية اجتماعية، تحسب لها في هذا المجال. ومع كل الإيجابيات التي أفرزتها تقنيات التواصل الرقمي، إلا أنها في ذات الوقت ظلت وسائل ذات تأثير اجتماعي سلبي حقيقي، إذا ما نظرنا إليه من زاوية المنعكسات الاجتماعية السلبية، وكيف يمكن أن تؤدي هذه الظاهرة بتراكم تداعياتها مع الزمن، إلى خلق جيل انعزالي، منكفئ على ذاته، بعد أن ضعفت قدرته على التواصل الوجاهي المباشر مع الآخرين، نتيجة انغماسه كلية في بيئة التواصل الافتراضي، واستهلاكه جل وقته، وطاقته في الالتصاق التام بفضائها الوهمي، كبديل للواقع الحقيقي الذي يعيشه في حياته العملية، مما أضعف العلاقات الاجتماعية البينية، التي اعتدنا أن نمارسها في حياتنا اليومية، في أجواء إنسانية طبيعية مباشرة، في العائلة، والمجالس، والدواوين، والمحافل العامة، بل وحتى على قارعة الطريق للمجاملة، في كثير من الأحيان. ولا شك أن ظاهرة العزلة بين الجيل، التي أفرزتها ظاهرة الانغماس الشديد في الواقع الافتراضي، والإدمان على التفاعل معه، كبديل للواقع الحقيقي، بدأت تسلبنا تدريجياً دفء العاطفة الوجداني في العلاقات الاجتماعية، ونخسر بفعلها التواصل الوجاهي المباشر، الذي كان معززا بالمعانقة، والمصافحة، والقبلة، ليتم اكتفاءنا اليوم برسالة بريد إلكتروني، أو رسالة جوال نصية قصيرة، نصوغها بعبارات جامدة مقولبة بنص نمطي، يفتقر لروح المناسبة، لنرسلها بضغطة زر، لكل من هو مسجل في قائمة اتصالنا المخزونة في الحاسوب، أو الهاتف النقال، دون تمييز لذائقة من نرسلها لهم. وهكذا صرنا نتفاعل مع عالم زائف لا يسعد بوجودنا.. ولا يحزن لفراقنا، ولا يتحسس مشاعرنا، حيث فقَدَ الكثيرون ممن أدمنوا منا الانغماس في مواقع التواصل الاجتماعي الافتراضي، روحهم الاجتماعية الاعتيادية، وأصبحوا أشبه بأجزاء صماء من مكونات أجهزة الحواسيب، والهواتف، المعدنية، وبذلك فقدوا قدرتهم على الاستمتاع بالوجود الاجتماعي الحقيقي بين أهلهم، وزملائهم، ومجتمعهم، وخسروا دفء تعبيرات الوجود الإنساني الحقيقي، ولم يعد يهمهم ذلك الوجود كثيراً، فتحولوا إلى ما يشبه الروبوتات الآلية، الخالية من المشاعر والعواطف. إنها إذن ظاهرة انفصال حقيقي، لا ظاهرة تواصل اجتماعي، كما قد يبدو لأول وهلة. وبذلك فإن المجتمع اليوم أمام تحديات فجوة اجتماعية بين الأجيال، وانفصام حاد في عرى التماسك البيني بين الأفراد، وهو أمر يستوجب الانتباه حقاً.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |