|
ملتقى الشعر والخواطر كل ما يخص الشعر والشعراء والابداع واحساس الكلمة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() من رثاء الأبناء في الشعر العربي محمد حمادة إمام قد يتعرض الإنسان لخطب يفقده صوابه، ويشغل باله، ويؤرقه في مضجعه، ويشتت شمله في مجمعه: يبدل أمنه ذعرًا وخوفًا، وكل هذا وغيره يضاف إلى فجيعته في فلذة كبده، خاصة إذا كان في عنفوان مجده، وريعان شبابه، ومقتبل عمره، وقد تعلق به والده تعلقا، لا يفارقه في يقظته ومنامه، وذهابه وإيابه. فهذا ابن رشيد [1] يرثي شباب ابنه النجيب، الذي غُيب، ووُوري في الثرى، والغصن ريان رطيب: فكان لهذا الحدث آثاره، إذْ شابت لموته المفارق، وتاقت إلى غصنه الغض القلوب والعيون، فيقول من قصيدة له: [2] [من الطويل] شَبابٌ ثَوَى شَابَتْ عليه المفارقُ ![]() وغُصْنٌ ذَوَى تَاقَتْ إِليه الحدائقُ ![]() على حين رَاقَ النَّاظِرين بسوقه ![]() رمته سِهامٌ للعيونِ رَواشقُ ![]() فمَا أخطأتْ منه الفؤادَ بِعَمْدِها ![]() فلا أبصرْت تلك العيونُ الروانقُ ![]() إلى أن يقول: سبقتَ كُهَولا في الطفولة لا تَنِي ♦♦♦ وأَرْهَقْتَ أَشْياخا وأنت مُراهِقُ لقد رمته العيون بسهامها، فما أخطأت منه الفؤاد، وقد كان سباقاً بدهائه، وحنكته، وبهائه، منذ نعومة أظفاره، فبذ الكهول، وأرهق الشيوخ. لقد أعي الجميع، بذكاء وعلم وحلم منقطع النظير، مما أشعل نيران الحسرة فيه. استهلَ الشاعرُ حديثه بالتصريع، كما اتكأ على بعض صور البديع، من مثل الطباق في، شباب وشابت، وكهولة وطفولة، وأشياخ ومراهق وبين أرهقت ومراهق جناس. وهذا ابن حيان الأندلسي (ت 753 هـ) يرثي ابنته الكاتبة، وقد فارقته، وارتحلت عن الدنيا، والعود نضير ريّان، بعد زيارة النبي المختار، فيقول في أبيات منها: [3] [من الطويل]. فَحَجَّتْ وزَارتْ خَيْرَ من وطئ الثَّرى ![]() نبيٌّ كريمٌ في ذوي الحُرْم شافِعُ ![]() ولمّا قَضَى الرحمنُ إنفاذَ حُكْمِه ![]() وكُلُّ الذِي قَدْ حُمّ لا شَكّ وَاقَعُ ![]() قَضَتْ نَحْبَها شَرْخَ الشبابِ شهيدةً ![]() ولم تك ممن في الحِمَام تُنَازِعُ ![]() ولكن بذهن ثابت قد تشهدت ![]() ثلاثا وفاضت، وَهْيَ فيه تُرَاجِعُ ![]() أبيات تصور أساه، وتصف مصابه، فهي أحب الخلق إليه، وأعزهم عليه، وهي العالمة البهية، المؤمنة التقية، كما تصور - أيضًا الأبيات - أثر العلم والإيمان على المرء خاصة إذا كان في سكرات الموت، فقد من الله تعالى عليها بالشهادة ثلاثا، والتخفيف والتيسير في موقف لا يجدي ولا ينجع فيه إلا طب ودواء الرحمن الرحيم - سبحانه وتعالى الذي وفقها إلى النطق بالشهادتين فكانت آخر كلامها. [1] هو " محمد بن عمر بن محمد.... بن عمر بن رشيد الفهري، من أهل سبتة، يكنى أبا عبد الله، ويعرف بابن رشيد، توفي سنة 721 هـ وكان مولده سنة 657 هـ. " انظر الإحاطة حـ 3 / 135: 142. [2] انظر الإحاطة حـ 3 / 141، 142. [3] انظر ديوان أبي حيان الأندلسي صـ 268، 269، وله في رثائها أيضًا – أبيات أخرى – تصور سمو منزلتها، في العلم والدين، بين لداتها، فائقة بنات ومسلمي زمانها – منها – انظر الديوان صـ 408: [ من الطويل ]. وما لنضار في البنات نظيرة ![]() ففاقت بنات الناس في الحضر والبدو ![]() سَلامٌ على ذاك الشَّبابِ الذي لها ![]() فردَّى رِدَاء العِلْم والدين والسرْوِ ![]() سلامٌ على فخر البنات التي غَدَتْ ![]() لِدَاتٌ لها تزهى بها أيَّما زَهْوِ
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |