|
ملتقى مشكلات وحلول قسم يختص بمعالجة المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() استمرار الزواج من أجل الأولاد أ. مروة يوسف عاشور السؤال: ♦ ملخص السؤال: سيدة متزوجة وغير سعيدة مع زوجها، فهما في خلافٍ دائمٍ، وزوجها يقول: أعيش معك من أجل الأولاد، وهي غير متقبِّلة لهذا الوضع، وتسأل: ماذا أفعل؟ ♦ تفاصيل السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا سيدة متزوِّجة منذ ثلاث سنوات، وزواجي غير سعيد، فزوجي يقول لي: لا أحبك، وأعيش معك فقط مِنْ أجْلِ الأولاد! نحن في خلافٍ دائمٍ، ولا يُريد أن نتحدثَ معًا نهائيًّا، وكل واحد منا في حالِه، والعلاقة التي بيننا فقط هي علاقة جنسيَّة! أنا غير مُتقبِّلة لهذا الوضْع، ولا أعرف لماذا يفعل ذلك؟ أنا محتارة فأعينوني، وأخبروني ماذا أفعل؟ الجواب: الأخت الفاضلة، حياك الله. "زَوِّجْها التقيَّ؛ فإنه إن أحبَّها أكْرَمَها، وإن كرهها لم يُهنها"، كانتْ نصيحة الحسن البصري لرجلٍ استشارَهُ في تزويج ابنته، ولله درُّ ذلك الفقه العالي، والفَهم الثاقب؛ فالتقيُّ لن يظلمَ، ولن يجورَ أو يتجاوز الحدَّ في التعامُل مع أهله، ولو لم يتجاوبْ معه قلبُه. قد لا يكون لنا على قلوبنا مِن سبيلٍ، وقد لا نملك أن نُوجِّهها على حسب ما نُريد، أو على حسب ما يفترض به أن يكون، وكم سارت القلوبُ في عكس الاتجاه! وكم سبَحَتْ عكس التيار! وكم عصتْ وتمرَّدَتْ! إلا أنَّ الله تعالى لا يُحاسب عبدًا على ما لا يملك، وإنما المحاسَبة تكون على ما أعاننا ربُّنا عليه، وجعله في أيدينا، والرجلُ قد لا يجد في قلبه لزوجه محبةً تُزينها في عينيه، ولا مودة تُجملها في نفسه، إلا أن كرَم الأخلاق ونُبلها يحمله على ألا يظلمَها بقولٍ أو فعلٍ أو هجرٍ، أو غيرها مما تتأذى به المرأةُ، وتتألم له؛ وفي ذلك قال الله تعالى: ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾ [النساء: 19]. قال السعدي - رحمه الله -: ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾: يشمل المعاشَرة القولية والفعلية، فعلى الزوج أن يُعاشِرَ زوجته بالمعروف؛ مِن الصُّحبة الجميلة، وكفِّ الأذى، وبذْل الإحسان، وحُسن المعامَلة، ويدخل في ذلك النفقة والكِسوة ونحوهما، فيجب على الزوج لزوجته المعروف مِن مثله لمثْلِها في ذلك الزمان والمكان، وهذا يتفاوت بتفاوُت الأحوال. ﴿ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾ أي: ينبغي لكم - أيها الأزواج - أن تمسكوا زوجاتكم مع الكراهة لهنَّ، فإنَّ في ذلك خيرًا كثيرًا، من ذلك: امتثال أمر الله، وقبولُ وصيته التي فيها سعادة الدنيا والآخرة. ومنها أنَّ إجباره نفسه - مع عدم محبته لها - فيه مُجاهدة النفس، والتخلُّق بالأخلاق الجميلة، وربما أن الكراهة تَزول وتخلُفها المحبَّة، كما هو الواقع في ذلك، وربما رُزِق منها ولدًا صالحًا نفع والديه في الدنيا والآخرة، وهذا كلُّه مع الإمكان في الإمساك وعدم المحذور، فإن كان لا بد مِن الفراق، وليس للإمساك محلٌّ، فليس الإمساكُ بلازم". انتهى. فالواجبُ على الزوج مُراعاة زوجه، ومُعاملتها بالمعروف، فإن لم يجدْ لنفسه طاقةً على تحمُّلها، فلا داعي لتحميل نفسه ما لا يطيق، وعليه حينها اختيار واحدة مِن اثنتين: ﴿ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ﴾ [البقرة: 229]، وما يفعله زوجُك معك ليس مِن الإمساك بالمعروف، وإنما فيه مِن التعذيب النفسيِّ والأَلَم العاطفيِّ ما فيه، ولا أخفي عليك تعجُّبي مِن ذلك، وتوقع أن هناك ما لم يتم توضيحه في الأمر؛ فزوجُك إما أن يكونَ قد أُجبر عليك، وقد يُستبعد ذلك الاحتمال بقولك: إنكما دائمًا تختلفان؛ أي: إنه كان يتحاوَر معك، ويتجاذَب أطراف الحديث الذي ينتهي دائمًا بما لا يَروقُه أو يُشعره بفجوةٍ بينكما تتَّسِع مع أمورٍ أخرى، حتى تكون هُوة سحيقة يصْعُب عليه تجاوُزها، فيُقرر الحياة معك على الهامش مِن أجْلِ الطفل! وما أنصحك به - وأنتِ أدرى بالحال مني - هو أن تُراجعي سلوكك معه جيدًا، وتُراقبي كلماتك، وتتأمَّلي عباراتك، هل فيها مِن الحدَّة ما يُنفره منك إلى هذا الحدِّ المؤلِم؟ عزيزتي، قد نتفوَّه بكلمات غير مبالين بها، تقع مِن سامعينا على أسوأ ما يُمكن لها أن تقع؛ فقد تمازحين زوجك بكلمةٍ، أو تخالفينه بعبارةٍ لا ترين بها بأسًا، في حين تُحول سعادته إلى تعاسةٍ، وتقلب حُبه بغضًا، وتحطِّم في نفسه الكثير مِن المعاني الجميلة التي كان يستشعرها معك، كل ذلك يحدث في لحظةٍ ومن كلمة صغيرةٍ، يهولها الشيطانُ في نفسه وينفخ فيها، فتكون شررًا يحرق المحبة، ويُطفئ نورها. فاستمري في تعامُلك معه مع إضافة اختلافاتٍ يسيرة على أسلوبك، وانتقاء أفضل لكلماتك وأفعالك، وتذكَّري أن حياتك الزوجية واستقرارك الأسري نعمةٌ تستحق المجاهَدة وبذل المحاولات لإنجاحها، والإقلاع بها مِن شاطئ الخلافات إلى ميناء المحبة الصافي. وإنما ضربتُ لك مثلًا بالكلمة؛ لأنها السبب الأعلى في إيغار الصدور بين الناس بوجهٍ عام، والزوجين بوجْهٍ خاصٍّ، وعليك بمُراجعة كلِّ ما بينكما مِن تعامُلات، وتذكُّر بداية أيام زواجك، فإن كان ثمة نفور أو إكراه حدَث لزوجك، فلا بُد وأن يظهر أثرُه مع أول أيام الزواج، فإن أظهر لك مِن المحبة والقبول ما لا يدَع مجالًا للشكِّ السابق، فعليك باتباع ما أشرتُ عليك به. فإن بذلتِ وحاولتِ ثُمَّ لم يكنْ إلا النفور، فلستُ بمُكرهة على الاستمرار معه، وإلى حين يتقرر لديك الاستمرار أم الانفصال، لا ينبغي لك الامتناع عنه؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا دعا الرجلُ امرأته إلى فراشه فأبتْ، فبات غضبان عليها؛ لعَنَتْها الملائكةُ حتى تُصبح))؛ متفق عليه. فاستعيني بالله، وتوجَّهي إليه بالدعاء أن يهديَ زوجك، ويُصلح حاله، ولا يحملنك سوء تعامُله ونفوره على التقصير في حقه، ولعل الأجر يزيد بالمجاهَدة وحمل النفس على التجمُّل والتطيُّب والتزيُّن رغم ما يصدر مِن الزوج؛ فعن عائشةَ رضي الله عنها أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال لها في عمرتها: ((إن لك مِن الأجر على قدر نصبك ونفقتك))؛ رواه الحاكم، وصحَّحه الألباني. واللهُ المُوفِّق، وهو الهادي إلى سواء السبيل
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |