|
الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() استنباطات اقتصادية من حديث الفسيلة د. عبدالحميد المحيمد عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فَسِيلَةٌ، فإن استطاع ألا تقوم حتى يغرسَها فلْيَغرسْها))[2]. والفسيلة هي النخلة الصغيرة[3]. قال الهيثمي: لعله أراد بقيام الساعة أَمارتها[4]. ويشهد لذلك الرواية الثانية: ((إن سمعتَ بالدجال قد خرج وأنت على وَدِيَّةٍ[5] تغرسها، فلا تَعجَلْ أن تُصلحها؛ فإن للناس بعد ذلك عيشًا))[6]. وقد يكون ذلك تشبيهًا وضربًا للمثل؛ كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله أحيانًا؛ ليقرِّب للأذهان المرادَ. الفوائد الاقتصادية: يمكن استنباط بعض الفوائد الاقتصادية من هذا الحديث: 1- بوَّب البخاري للحديث بـ:" باب اصطناع المال"، وفي هذا إشارة إلى الاستثمار بالزراعة؛ لأنها إحدى وسائل صناعة المال. 2- بالرغم أن دورة رأس المال طويلة وبطيئة في الاستثمار الزراعي، فإن النبي صلى الله عليه وسلم حثَّ على الزراعة - وخاصة النخل - لأن في ذلك نفعًا يعود على من بعدك. 3- في الحديث تشجيع على العمل، ونبذ التواكل والكسل، فإن ضيق الوقت مع هول أحداث القيامة أو أماراتِها ينبغي ألا يمنع المسلمَ من إتقان عمله، وطلب الكسب المباح؛ كيلا يكون عالة على غيره. 4- في الحديث إشارةٌ إلى عمارة الأرض، والحفاظ عليها وعلى البيئة. قال المناوي: والحاصل أنه مبالغة في الحثِّ على غرس الأشجار وحفر الأنهار؛ لتبقى هذه الدار عامرةً إلى آخر أمدِها المحدود المعدود، المعلوم عند خالقها، فكما غرس لك غيرُك فانتفعتَ به، فاغرس لمن يجيء بعدك لينتفع، وإن لم يبقَ من الدنيا إلا صُبابةٌ، وذلك بهذا القصد لا يُنافي الزهدَ والتقلل من الدنيا[7]. 5- التنمية الاقتصادية للمجتمع تتحقق عندما يؤدي كلُّ فرد دورَه في خدمة المجتمع، في إطار أفق واسع يرتقي إلى خدمة الأجيال وتركِ ما يُصلح معاشَهم. 6- الحديث يرتقي بالمسلمين فوق كل مظاهر اليأس والإحباط والبطالة. 7- الحث على كسب الحلال وإعفاف النفس؛ لأن اليد العليا خيرٌ من اليد السفلى. 8- في الحديث توجيهٌ إلى اكتساب الخير والأجر مهما كانت الظروف عسيرةً، فإن في الزرع أجرًا يعود على صاحبه؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((ما من مسلم يغرس غرسًا أو يزرع زرعًا، فيأكل منه طيرٌ أو إنسان أو بهيمة، إلا كان له به صدقةٌ))؛ متفق عليه. قال الألباني: ولا أدلَّ على الحض على الاستثمار من هذه الأحاديث الكريمة، لا سيما الحديث الأخير منها؛ فإن فيه ترغيبًا عظيمًا على اغتنام آخر فرصة من الحياة في سبيل زرع ما ينتفع به الناس بعد موته، فيجري له أجرُه، وتُكتب له صدقته إلى يوم القيامة[8]. 9- الحث على إتقان العمل وإكمال مشاريع الخير حتى وإن غابت الرقابةُ الدنيوية. 10- التخطيط للأجيال القادمة وترك ما يصلح معاشهم، وقد جاء في الرواية الثانية ما يؤكِّد هذا المعنى: ((فلا تَعجَلْ أن تُصلحها؛ فإن للناس بعد ذلك عيشًا))؛ فإن النخل يحتاج عدة سنوات ليثمر، وفي مثل هذه الظروف التي ظهرت فيها أماراتُ الساعة، فإن الإنسان قد لا يخطِّط لأكثر من معاش يومه، فجاء الحديث مؤكِّدًا على زرع الفسيلة، ولو كان هذا آخرَ عمل يقوم به المسلم. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين [1] الدكتور عبدالحميد المحيمد: باحث في الفقه والاقتصاد الإسلامي. [2] الأدب المفرد؛ للبخاري ص181. وقال الهيثمي: رجاله أثبات ثقات؛ مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (4 /63)، وصحح المناوي إسناده في التيسير بشرح الجامع الصغير (1/ 372)، وكذلك صححه الألباني. [3] المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (2/ 473). [4] مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (4/ 63). [5] الوَدِيُّ هو صغار النخل، واحدتها وَدِيَّة؛ غريب الحديث؛ للقاسم بن سلام (4/ 202). [6] الأدب المفرد، الموضع السابق؛ صحح إسنادها المناوي في التيسير بشرح الجامع الصغير (1/ 372)، وقد ضعف الألباني هذه الرواية في تعليقه على الأدب المفرد. [7] فيض القدير (3/ 30). [8] سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها (1/ 38).
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |