|
ملتقى الشعر والخواطر كل ما يخص الشعر والشعراء والابداع واحساس الكلمة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() لمحة عن الشعر في العهد الإسلامي د. نزار نبيل أبو منشار ظهر الإسلام أول ما ظهر في بلاد العرب، وكان من مقتضيات ذلك أن يتأثر المجتمع الإسلامي منذ نعومة أظفاره وحتى ترسيخ دعائمه في الأقطار بالحياة السائدة، لاسيما الجانب الثقافي من الحياة المجتمعية. فقد عني الإسلام بالأدب مكانة وموضعاً، وأنزل الشعر والشعراء منازلهم، فقد ذكره القرآن الكريم واضعاً حدّيه أمام كل ناظر، فعاب على من اتخذ من الشعر وسيلة لهوٍ وترفٍ فكري، ومجالاً للتفاخر المذموم والمديح الممقوت، واستثنى زمرة الشعراء من أهل الإيمان والعمل الصالح، ومن جعلوه مدرجة لذكر الله وتذكير الناس بالفضائل. قال تعالى: ﴿ وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ * أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ * وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الشعراء: 224 - 227] [1]. شهدت روايات التاريخ الموثقة المتسلسلة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد سمع الشعر يُنشد بين يديه، بل وكان يطالب الشعراء أن يفيضوا بمعين أقوالهم أمامه، وقد جعل - عليه السلام - للمعركة الإعلامية بين معسكر المسلمين ومعسكر خصومهم جبهة مفتوحة قاد ركابها حسان بن ثابت " شاعر الرسول " - صلى الله عليه وسلم - وعبد الله بن رواحة وغيرهما، حيث جعلوا من قرائحهم الشعرية مادة ينصرون بها - بإذن الله - المد الإسلامي الزاحف، وينصرون القيم الإيجابية في المجتمع، وينسفون ما سواها. وبسمو الفهم؛ كان خلفاء الدولة الإسلامية بعد رسول الله يتذكرون أنه كان ينادي على حسان بن ثابت في أوقات لا ينفع فيها سيف خالد، فباتوا على صلة بالشعر، وخاصةً: ما ينطق منه بالحكمة. تميز من بين الخلفاء بذكرهم عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - حيث كان يتذوق القصائد الشعرية ويعلّق عليها، وكان من المعجبين بشعر النابغة الذبياني، وقد وردت قصائد نسبت إلى على بن أبي طالب - رضي الله عنه - تبين النظرة الواعية لدور الشعر في حياة الأمة - والرسالة الحضارية التي يمكن إيصالها ما بين كل رويّ وقافية، ومن حكمه وأشعاره - رضي الله عنه - لا زالت الناس تنشد، وخصوصاً بعض أشعاره المشهورة بفخر المنتمي الأصيل لدين الله القويم [2]. ومن ثم ازدهرت الحركة الأدبية في العصور الإسلامية اللاحقة، فتراها ترتقي في العهد الأموي نتيجة كثرة الوقائع والمساجلات، وإضافة حواضر إسلامية جديدة إلى جسد الدين الجديد، فصارت بلاد الشام والعراق وغيرها منارات للأدب والشعر والمساجلات الشعرية بين دهاقنة الشعراء. بمثل هذا النعيم والإبداع تطورت المواهب، وتخصصت المدارس، وتنوعت المشارب الفكرية، وبخاصة بمجيء الدولة العباسية، يرفدهم خليفة خليفة [3]. كلهم قد رعي العلم واعتنى بأهله، وقدم أهل الشعر والفصاحة إلى منزلة عالية في قصور الإمارة، حتى باتوا يصطحبونهم معهم في كل معركة وفي كل تحرك، ليوثّقوا للدنيا أمجاداً ينبغي لها أن تُحفظ وتراعى. بذلك نجزم أن دين الشمول والوسطية قد أعطى كل إنسان حقه في الإبداع ما بين الضوابط، بل وحثّ في أكثر من آية وأكثر من حديث على ضرورة إعمال العقل وتنوير الفكر، وفتح آفاق الابتكار الذهني، مما يثري البيئة الأساسية التي ينطلق منها الشعراء والأدباء. [1] سورة الشعراء / الآيات: 244- 246. [2] انظر في ذلك: المرتضى، أبوعلى الحسني الندوي، دار القلم – دمشق، الطبعة الثانية 1998م، ص 202 – 203. [3] انظر: مجلة العربي، العدد 509، سنة 2001، عدد شهر 4، صفحة 74- 79 وفيها تفصيل وبيان شامل للنهضة في العصر العباسي.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |