قيمة عنصر الزمان بين الإدراك الخارجي والشعوري - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         صلاة ركعتين عند الإحساس بالضيق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          زكاة الأرض المعدة للتجارة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          أسباب تقوية الإيمان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          من أحكام اليمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          براءة كل من صحب النبي في حجة الوداع من النفاق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          الثمرات اليانعات من روائع الفقرات .. (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 23 - عددالزوار : 5881 )           »          ميتٌ يمشي على الأرض! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          لا تشددوا على أنفسكم فيشدد الله عليكم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          احفظ الله يحفظك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          كلمات فواصل في استخدام وسائل التواصل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى اللغة العربية و آدابها ملتقى يختص باللغة العربية الفصحى والعلوم النحوية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18-09-2022, 06:10 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,720
الدولة : Egypt
افتراضي قيمة عنصر الزمان بين الإدراك الخارجي والشعوري

قيمة عنصر الزمان بين الإدراك الخارجي والشعوري


عباس المناصرة







اتَّفقت البشريَّة على قياس عنصر الزَّمان من خلال حركة الشَّمس والشُّروق والغروب، أو حركة القمر وأطواره بالنسبة للقمر - التقويم الشمسي، والتقويم القمري - ثم تعارفتْ على تقسيم اليوم إلى ساعات، والسَّاعات إلى دقائق، والدَّقائق إلى ثوانٍ، وجمعت الأيَّامَ ثلاثين يومًا لتصبح شهرًا، وجمعت الاثني عشر شهرًا لتصبح سنة؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللهِ يَومَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ ﴾ [التوبة: 36].



فلو أنَّك طلبت من صديقٍ لك أن يقابلك في الساعة كذا، ما وجد أيَّ مشقة في فَهْم عنصر الزمان الذي تريد؛ لأن عنصر الزمان الخارجي مُتعارف عليه بين البشر بكُلِّ وضوح ودِقَّة، ولكن الشَّيْءَ الذي يثير الارتباك ويربك الأفهام هو قيمة الزمن عند النفس البشريَّة في الأفراد والجماعات؛ إذ لا يكاد يتَّفق الكثير من الناس على قيمة الزمن، لا من ناحية الأهمية في استغلاله؛ ولكن من ناحية إدراكه ومروره، وشعورهم به، واستقبالهم له، وتفاعلهم معه.



فقد تَمُرُّ الدقائق كأنَّها دهور طويلة عند نفس خائفة مُرتبكة، وقد تمرُّ الليالي كأنها دقائق أو لحظات عند نفس سعيدة مسرورة.



وإذا حاولنا أن نتتبع مرور الزمان على النفس البشريَّة، وكيفية استقبالها له، وإدراكها لقيمته - وجدنا العَجَب العُجاب في هذا الجانب من كَثْرة المواقف وتعدُّدها وتبايُنها.



هذا شاعر العرب في الجاهليَّة "امرؤ القيس" يرى الليل ثابتَ النجوم ثقيلَ الظل؛ لأنَّ حالته النفسية رسمت له الليل بهذه الصورة القاتمة، عند إنسان قلق تأكله الهموم:



وَلَيْلٍ كَمَوْجِ الْبَحْرِ أَرْخَى سُدُولَهُ

عَلَيَّ بِأَنْوَاعِ الهُمُومِ لِيَبْتَلِي



فَيَا لَكَ مِنْ لَيْلٍ كَأَنَّ نُجُومَهُ

بِكُلِّ مُغَارِ الْفَتْلِ شُدَّتْ بِيَذْبُلِ






بينما نرى شاعرًا أندلسيًّا يُصوِّرُ الزَّمان الطويل ليلة دُخوله على عروسه، كأنَّه لحظات ضئيلة لم يصحُ منها إلاَّ بهجوم الصبح كهجوم الحرس:

حِينَ تَمَّ النَّوْمُ مَعْ حُلْوِ اللَّمَى ♦♦♦ هَجَمَ الصُّبْحُ هُجُومَ الْحَرَسِ



ويَجمع ابنُ زيدون الصُّورتين معًا، فيساعدنا على إدراك الحقيقة الكاملة، وهي أنَّ الإنسان يرى الزمان من خلال حالته النفسيَّة، ففي حال سعادته وسُرُوره يرى السنوات الطويلة تمر خفيفة كلمح البصر، أمَّا إذا ضاقت نفسه بالحياة ذرعًا، فإنه يراها بمنظار آخر ثقيلة الظل بطيئة المرور:

إِنْ يَطُلْ بَعْدَكَ لَيْلِي فَلَكَمْ ♦♦♦ بِتُّ أَشْكُو قِصَرَ اللَّيْلِ مَعَكْ



ومثل ذلك يختلف تقديرُ الإنسان لمساحة المكان حوله حَسَبَ حالته النفسيَّة؛ فالقرآن الكريم يُورِد لنا رُؤية النفس البشرية للدُّنيا في قوله - تعالى -: ﴿ حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ ﴾ [التوبة: 118].



والسبب في ذلك: أنَّ النفسَ البشرية تُدرك الدُّنيا من حولها إدراكًا "مصلحيًّا"، مرتبطًا بهواها ورغبتها في الإشباع، فإنْ شبعت هدأت، وإن حرمت سخطت، وضاقت بالزَّمان والمكان.



فالأرضُ الواسعة - على رغم سَعَتِها ورحابتها - تراها النفس ضيقة خانقة، في حال الأزمات، وأوقات الشدائد والخوف.



ولعلَّ السبب في ذلك يعودُ إلى ابتعاد النَّفس عن إدراك حقائق الحياة الموضوعيَّة، بحياد مُنقطع عن الإشباع وتحقيقِ الأطماع، فالأرضُ من حولنا لا هي ضيِّقة ولا هي واسعة، والزَّمن هو هو بانتظامه، ويَلزمنا أن ندرك حقائقهما كما هي، وليس كما ترى وترغب الأنفسُ، ولو تابعنا هذه النفس بشيء من التربية، لتغيرت نظرتُها للحياة، وأدركتها بحكمةٍ واسعة كما يُدرِكها العاقلون؛ قال الشاعر:

لَعَمْرُكَ مَا ضَاقَتْ بِلاَدٌ بِأَهْلِهَا ♦♦♦ وَلَكِنَّ أَخْلاَقَ الرِّجَالِ تَضِيقُ



ويقول آخر:

وَالَّذِي نَفْسُهُ بِغَيْرِ جَمَالٍ ♦♦♦ لاَ يَرَى فِي الْوُجُودِ شَيْئًا جَمِيلاَ



أما آنَ للنفس البشرية أنْ تدركَ قول الله - تعالى -: ﴿ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28]؟!



فالإيمان هو المُخلِّص الوحيد لها من عذابها وهَلَعِها، وهو الدافع لها نحو الأمن والطمأنينة، بعد أن تُدرِك أنَّه لا بُدَّ من التسليم لخالق هذا الكون، كما سلمت بقيَّة الكائنات، وأنَّها مهما خدعت ذاتها بالهموم والمطامع والبَحْث عن السَّعادة الكاذبة في غير مَنهج الله، فلن تصلَ إلى السعادة إلاَّ بأنْ تسلِّم بأنَّه لا ضَرَرَ ولا نفع إلا بإذن الله - سبحانه - وإذا عرفت أنَّ الكون هو ملك الله، وأنَّ جميع المخلوقات عبادُ الله، وبأنه لا يجري شيءٌ في هذا الكون إلاَّ بعلمه، عندها يطمئن الإنسانُ، ويأنسُ بهذا الكون، ويذهب عنه الخوفُ والهلع، وما علينا إلاَّ أن نتذكر قول الفُضَيْل بن عياض: "عليك بطريق الحقِّ، ولا تستوحش لقلَّة السالكين، وإيَّاك وطريقَ الباطل، ولا تعجب لكثرة الهالكين".



هذه الطَّريق هي الوحيدة القادرة على رفْع اليأس والشَّكْوى من الزمان والمكان، والخوف والقلق من نفس الإنسان؛ ليحمل المشاعر الإيجابية الصحيحة تجاه الحياة والأحداث.




صحيح أنَّ الشاعر يرى الحياةَ من خلال الذَّات والنسبيَّة بشكل عام، ولكن الشاعر المسلم تتهذَّب ذاتُه ونسبيَّته، من خلال الخضوع لمنهج الحق، فيرى الحياة بفَراسة المؤمن الذي يرى بنور الله.



المستقبل الإسلامي، العدد: 148، شعبان 1424هـ، أكتوبر 2003م.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 50.70 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 49.03 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.29%)]