زوجي يتحكم في حياتي

[ابوالوليد المسلم]

زوجي يتحكم في حياتي
أ. فيصل العشاري

السؤال:

♦ ملخص السؤال:
زوجة تشكو مِن تحكُّم زوجها في حياتها، ومنْعها مِن زيارة أهلها، وتفكِّر في الانفِصال لتعيشَ كما تريد.

♦ تفاصيل السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


أنا متزوجةٌ منذ سنة ونصف، ولديَّ طفلةٌ، زوجي نشأ في بيئةٍ أخرى غير التي نشأتُ فيها؛ فهو رجلٌ يعتمد على نفسه، ثابَر وكافَح وعاش ظروفًا قاسيةً، كما أنه طَموح جدًّا وعمليٌّ ومتديِّن ويحبني.


أما أنا فعشتُ بين والدين كريمين، غمرتْنا أمُّنا بالحنان الفياض، وعلَّمنا أبي في أفضل المدارس، والتحقتُ بالجامعة، والحمد لله أكملت الماجستير.


مشكلتي أن زوجي متسلِّطٌ، ولا يرضى بالشيء ما دام غير مُقتنعٍ به، حتى وإن كنتُ سأشتري شيئًا من راتبي، ويمنعني مِن المناسبات الاجتماعية؛ بحجة أنها تضيع الأوقات، ويضيق عليَّ تضييقات كثيرةً، مما يشعرني بالإهانة، والضيق المستمرِّ.


زوجي مُغْرَمٌ بالنجاح؛ فهو يريدني ناجحة في دراستي، والحمد لله أنا كذلك، لكنه يبالغ كثيرًا، فيشجعني على حضور دورات تدريبية وعملية، لأنه يعتقد أنها مفيدة، أما العلاقات الاجتماعية وزيارة أهلي فلا!

أفكِّر في الانفصال حتى أكونَ على حريتي، فأشيروا عليَّ جزاكم الله خيرًا

الجواب:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

نشكركم على تواصُلكم معنا، وثقتكم في شبكة الألوكة.

مِن مشكلات الزواج - في بيئتنا - الاكتفاء بالنظر إلى دين الشخص والتزامه بالفُروض الدينية فقط، دون النظَر إلى مسألة (التوافُق الزواجي)، والتي لها علاقة بـ(الجانب الأخلاقي) مِن ناحية، وبـ(الكفاءة) مِن ناحية أخرى.

وحتى مع وجود قدْرٍ معقول من (الأخلاق) في شخصية الزوج، إلا أن جانب الفارق الاجتماعي والتعليمي يلعب دورًا مهمًّا حسب حجم هذا الفارق، وهذا يمكن أن نُدرجه تحت مصطلح: (الكفاءة) التي تحدَّث عنها الفقهاءُ.

عمومًا، لا نريد منك أن تأخذي نظرةً سلبيةً أكثر قتامة مما أنت عليه الآن، فحسب وصفك فإن زوجك (متدينٌ) و(يحبك)، ومن فرْطِ حبه لك فهو يبحث لك عن (التميُّز) و(النجاح) دائمًا!

هذا جانبٌ إيجابيٌّ في الزوج، ولكنه بحاجةٍ إلى توجيهٍ بطريقةٍ صحيحةٍ، بحيث يقدِّم لك هذا الاهتمام والحب بطريقة مُهَذَّبة وسليمةٍ.

من المهم أن تعقدي مقارناتٍ بين إيجابيات زوجك وسلبياته قبل اتخاذ أي قرار مصيري في حياتك، ولا ننصحك بالتفكير في موضوع الطلاق؛ فما زلتِ في بداية الطريق، وكما يظهر من شخصية زوجك فإنه يستجيب للأمور التي يقتنع بها - رغم شخصيته العنيدة والمتحكِّمة - فيمكنك تطوير شخصية زوجك عن طريق (دورات أسرية)، أو دورات تنمية بشرية تتعلَّق بالجانب الأسري، وهي موجودة بكثرة عن طريق مراكز متخصصة، كما يمكن الاستفادة من دورات الإنترنت التي تستعرض الحقوق الزوجية بشكل تفصيلي، ومسألة الذكاء العاطفي، وحاجة الزوجة لعطف زوجها وإكرامها، كلُّ هذه المعاني وأكثر يمكن أن يتلقَّاها بطريقةٍ غير مباشرة عن طريق هذه الدورات التطويرية (التي نصحك بها)!

بعضُ الأزواج يُظهر قدْرًا مِن الحزْم والسيطرة على البيت وعلى زوجته، بسبب معتقدات اجتماعية خاطئةٍ، وأحيانًا مِن فرط حبه وغيرته.

وإضافةً لمسألة (الدورات التطويرية) للزوج، يُمكنك الاستعانة بشخصٍ حكيمٍ في العائلة يعزُّه زوجك ويحترمه ويثق فيه، ولا يتحسَّس منه في الكلام عن هذه المواضيع الأسرية، فإن توفَّر هذا الشخص الحكيمُ فسيوفر عليك المبالغ التي قد تُنفقينها في الدورات التطويرية للزوج.

السنواتُ الخمس الأولى مِن عُمر الزواج عادةً ما تكون سنوات حاسمة، وتتسم بقدْرٍ عالٍ من الحساسية بين الزوجين، فإن استطعتم تجاوُز هذه السنوات الخمس، فستنضمُّون إلى سِرْب الأُسَر الناجحة في عالم الأسرة.

الأسلوب الثالث الذي يمكن أن تسلكيه مع الزوج - وقد حاولتِ سابقًا - هو: أسلوب الحوار المباشر حول حقوقك الشرعية كزوجة؛ حق تملك المال، وحق صرفه، وحق التسوق والخروج من البيت، (ومسألة إذن الزوج لا ينبغي أن تكون سيفًا مُصلتًا على رقبة الزوجة بمناسبة وبدونها)، فكما أن طاعة الزوجة لزوجها بالمعروف، فكذلك إدارة الرجل لبيته وقوامته على زوجته ينبغي أن تكون بالمعروف، فلا يمنعها من مباحٍ، ولا يُضيق عليها، طالما أنه لا يحصل ضرر عليه، ولا على غيره.

يُمكن أن تُحَدِّدي هذه المسائل وتكتبيها في ورقةٍ، وتتخيري وقتًا مناسبًا يكون مزاجه رائقًا فيه، وصدره منشرحًا، وتناقِشَا هذه المسائل بهدوء، ومع المحاولات الهادئة ستصلان لنتائج بإذن الله تعالى.

نسأل الله تعالى أن يَهْدِيَ زوجك، وأن يُصْلِحَ ما يبنكما

واللهُ الموفِّق