|
ملتقى الحوارات والنقاشات العامة قسم يتناول النقاشات العامة الهادفة والبناءة ويعالج المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() غلب الطبع التطبع عبدالله لعريط هجا مسلم بن الوليد قومًا فقال: قَبُحتْ مناظرهم فحينَ خَبَرتُهم ♦♦♦ حَسُنتْ مناظرُهم لقبح المخبرِ شرح مختصر: لما وقع نظري عليهم تعوَّذْتُ بالله من شر هذه المناظر، وقلتُ في نفسي: لعلي مخطئ أن أحكم بالظاهر على الباطن، وبالقالب على القلب! فرُحْتُ أجالسهم وأعاملهم، وأسافر معهم؛ فتبيَّن لي أن مناظرهم أحسن بكثير من مخابرهم، فهم أقبح خلق الله في أقوالهم وأعمالهم وسوء تصرفاتهم. وبالتالي فهو قبح على قبح: قبح المنظر، وقبح المخبر - عياذًا بالله. وفي معنى البيت نترك إمامنا الشافعي رحمه الله يقص علينا قصة طريفة: جاء في (الحلية) عن الإمام الشافعي رحمه الله قال: خرجتُ إلى اليمن في طلب كتب الفِراسة حتى كتبتُها وجمعتُها، ثم لمَّا حان انصرافي مررتُ على رجل في الطريق مُحْتَبٍ بفناء داره، أزرق العين، ناتئ الجبهة سناط، وهذا النعت أخبث ما يكون في الفراسة - فقلت له: هل من منزل؟ فقال: نعم، فأنزلني، فرأيته أكرمَ ما يكون من رجل! بعث إليَّ بعشاء، وطيب، وعلَف لدابتي، وفراش ولحاف، فجعلت أتقلَّبُ الليل ما أصنع بهذه الكتب إذا رأيت النعت في هذا الرجل؟ فقلت: أرمي بهذه الكتب. فلما أصبحت قلت للغلام: أسرج، فأسرج فركبتُ ومررت عليه، وقلت له: إذا قدمتَ مكة، ومررت بذي طوى فاسأل عن محمد بن إدريس الشافعي، فقال: أمولًى لأبيك أنا؟! قلت: لا، قال: فهل كانت لك عندي نعمة؟! قلت: لا، قال: أين ما تكلَّفت لك البارحة؟ قلت: وما هو؟ قال: اشتريت طعامًا لك بدرهمين، وإدامًا بكذا وكذا، وعطرًا بثلاثة دراهم، وعلفًا لدابتك بدرهمين، وكراء الفرش واللحاف درهمان! قلت: يا غلام، أعطِه، فهل بقي شيء؟ قال: كراء البيت فإني قد وسّعت عليك، وضيّقت على نفسي، قال: فغبطتُ بتلك الكتب، فقلت له: هل بقي لك من شيء؟ قال: امضِ أخزاك اللهُ، فما رأيت قطُّ شرًّا منك! • • • • الفِراسَةُ: المهارة في تعرُّف بواطن الأمور من ظواهرها. • محتب: احْتبَى: جلَس على أَلْيَتَيْه، وضمَّ فخِذَيْه وساقَيْه إلى بطنه بذراعيه ليستَنِدَ. • سناط: مَن لا لحية له. • رأيت النعت في هذا الرجل: وصفته بقبح فأخطأت فراستي. • بذي طوى: وادٍ بمكة يعرف الآن بالزاهر. • أمولى لأبيك أنا؟: أي: أجيرٌ وخادم له، يريد دفع الثمن. • • • المعنى العام: ربما مظهر العبد يدل على مخبره، فهذا إمامنا الشافعي رحمه الله يَمرُّ برجل أقبحَ ما رأتْ عيناه، فجال بخاطره أن قبح مظهره من قبح مخبره، فطلب منه الضيافة، فاستضافه في بيته، وقام بخدمته، وأحسن وأجمل في الخدمة؛ فأعجب به شيخنا الفاضل! وقال في نفسه: أخطأتْ فراستي، وضاع علمي وسعيي، وهمَّ بحرق الكتب التي سهر لأجلها الليالي، وقطع لجمعها البواديَ والفيافي. ثم لما همَّ بالرحيل، ومرَّ على هذا الرجل ليدلَّه على موطنه حتى يردَّ له جَمِيلَه، تبيَّنت حينها خليقةُ الرجل الخفية؛ فطلب من الإمام أن يدفع له ثمن الطعام والشراب والمبيت، مع قبح العبارة والكلام، وهنا سُرَّ إمامُنا بكتبه وعلمه الذي لم يذهب سدًى، فدفع له الثمن واستزاده وأكمل المسير. •••• الفوائد: 1- قد يدل مظهر العبد على مَخْبرِه. 2- لا تنخدعنَّ بالمظاهر المزيفة. 3- ضرورة التريُّثِ وعدم التسرع. 4- غلب الطبَعُ التطبُّعَ. 5- احذر فراسة المؤمن؛ فهي لا تخطئ. لفتة: قد تُعرَفُ طبيعة الشخص من خلال منظره، فقد يكون جميلاً لجمال منظره، وقبيحًا لقبح منظره،لكن العاقل اللبيب مَن لا يحكم على الأشخاص حتى يجالسهم، ويعاملهم، ويختبر درهمهم، وإلا فعاقبة الأمر وخيمة، والنهاية أليمة! وقفة: دعاة في آخر الزمان ألسنتهم أحلى من العسل، ومناظرهم أبهى من ضوء القمر، هم دعاة على أبواب جهنم، مَن أجابهم قذفوه فيها، فليكن المرءُ كيِّسًا فطنًا قبل فوات الأوان! نسأل الله أن يجمِّل مظهرَنا ومخبرنا، ويجنّبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |