|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الاشتقاق من أسماء الأطعمة د. سيد مصطفى أبو طالب • قال أبو عبيد: في حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه (ألا ترون أني لا أقوم إلا رِفْدا،[1] ولا آكل إلا ما لُوِّقَ لي...).[2] وقوله: لا آكل إلا ما لُوِّق لي، هو مأخوذ من اللُّوقة؛ واللوقة: الزُبْدة في قول الكسائي والفراء وقال ابن الكلبي: هو الزبد بالرطب، وأنشدني لرجل من عذرة:[3] (الطويل ). وإني لِمَنْ سَالَمْتُمُ لأَلُوقةٌ *** وإني لمن عاديتمُ سُمُّ أَسْوَدِ وقال غيره:[4] (الطويل ) حديثك أشهى عندنا من أَلُوَقَةٍ *** تَعَجَّلَهَا ظَمْآنُ شَهْوانُ للطُّعْمِ والذي أراد عبادة بقوله: "لُوقِّ لي"، يقول: لُيِّن لي من الطعام حتى يصير كالزُبْد في لينه، يعني: أنه لا يقدر على غير ذلك من الكِبَر.[5] أوضح أبو عبيد أن اللوقة الزبد، وقد قيل لُوِّق، وهو مأخوذ منها، والمعنى: ما لَيِّن من الطعام حتى يتيسر له أكله، وذلك من الكبر في السن. يقول ابن فارس: اللام والواو والقاف كلمةٌ تدلُّ على تطييب شيءٍ. يقال: لَوَّقَ الطّعامَ، إذا طيَّبَه بإِدامه. ويقولون: اللُّوقة: الزُّبْدَة.[6] فابن فارس يبين أن ما تدل عليه الكلمة هو تطيب وتليين، وأن اللوقة: الزبدة. ولا شك أن اللوقة هي الأصل لأنها حسية، والحسي أسبق من المعنوي. ويقول ابن الأثير: ولاَ آكُل إلاَّ مَا لُوِّقَ لي، أي: لاَ آكُل إلاَّ مَا لُيِّن لِي، وأصله من اللُّوقَة وهي الزُّبْدَة.[7] وجاء في القاموس: واللُّوقَةُ-بالضم-الزُّبْدَةُ، أو بالرُّطَبِ، أو السَّمنُ بالرُّطَبِ، كالأَلوقَةِ كمَلولَةٍ، وتَلْويقُ الطعامِ: إصْلاحُه بها.[8] من خلال هذه النقول يمكن القول بأن اللوقة هي الزبدة، ويؤخذ منها: لُوِّق، أي: لُيِّن، وهو مأخوذ من اسم العين. وبيان ذلك كما يلي: المشتق لُوِّق. توصيفه فعل ماض مبني للمفعول. المشتق منه اللوقة. توصيفه الزبدة: وهي من الأطعمة. دلالة الاشتقاق يدل على غاية الليونة وكمالها في المشتق منه وهو اللوقة = "الزبدة". • قال ابن قتيبة في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا أراد الله بعَبْد خيرًا عَسَله).[9] قولُه: عسَلَه، أراه مأخوذا من العَسْل، شبَّه العَمَل الصالح الذي يفتح للعبد حتى يرضى الناس عنه، ويطيب ذِكْرُه فيهم كالعَسَل، يقال: عسَّلْت الطعام أعْسِله وأَعْسُله عَسْلاً.[10] بين ابن قتيبة أن الفعل (عسله) مأخوذ من العَسَل. يقول ابن فارس: العين والسين واللام، الصحيح في هذا الباب أصلان،... والثاني طعامٌ حُلْو، ويُشتقُّ منه،... والعَسَّالة، والعاسل، وعَسَل،... ومِمّا حُمل على هذا العُسيْلة. وفي الحديث: "حَتَّى يَذُوق عُسَيْلَتَها وتذوقَ عُسيلتَه" إنما يُرَاد به الجِماع،... وفي الحديث: "إذا أراد الله بعبدٍ خيرًا عَسَلَه"، وهو من هذا.[11] فهذا القول من ابن فارس صريح الدلالة على الاشتقاق من العسل. ويقول الزمخشري في هذا الحديث: هو من عسل الطعام.[12] وفي النهاية: العَسْل: طِيبُ الثَّنَاء مأخُوذٌ من العَسَل. يقال: عَسَل الطَّعَامَ يَعْسِله: إذا جَعَل فيه العَسَل.[13] وعلى ذلك؛ فإن اللفظ الوارد في الحديث (عسله) مأخوذ من العسل وهو من الأعيان. وبيان ذلك كما يلي: المشتق عَسَلَه. توصيفه فعل ماض متعد. المشتق منه العسل. توصيفه نوع من أنواع الأطعمة. دلالة الاشتقاق يدل على زيادة الحلاوة في المشتق منه وهو (العَسَل). • قال الخطابي في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: أنه نزل وأبو بكر رضي الله عنه بأم معبد وَذْفَان مخرجه إلى المدينة، فأرسلت إليه شاة فرأى فيها بُصْرَة من لبن، فنظر إلى ضرعها، فقال: إن بهذه لبنا ولكن أَبغِينِي شَاةً ليس فيها لبن، فبعثت إليه بعَنَاق جَذَعَة، فقبلها، قال هشام بن حبيش الكعبي: أنا رأيت الشاة وإنها لتأدمُهُا وتَأْدُم صِرْمَتَهَا.[14] ويقال أدمت الخبز آدمه والاسم الإدام والأدم ويقال من اللبن لبنته أَلْبِنُه وأَلْبُنُه ومن التمر تَمَرْتُه أَتْمُرُه ومن اللحم أَلْحَمْتُهُ بالألف.[15] ذكر الخطابي أن أدمت فعل والاسم منه الأدم، فكأنه يريد: إن أدمت من الأدم مأخوذ، كما يؤخذ لبنت وألبنت من اللبن، وألحمت من اللحم،وأتمرت وتمرت من التمر يقول الصاحب ابن عباد والأدْمُ: مَعْرُوْفٌ؛ وهو الإِدَامُ يُؤْتَدَمُ به. وطَعَامٌ مَأدُوْمٌ وأدِيْمٌ. واسْتَأدَمَنِي فأدَمْتُه وآدَمْتُه.[16] ويقول الجوهري: والأُدْمُ والإدامُ: مايؤتَدَمُ به. تقول منه: أَدَمَ الخبزَ باللحم يَأدِمُهُ.[17] ويقول ابن منظور: والإِدامُ معروف ما يُؤْتَدَمُ به مع الخبز، والأُدْمُ ما يؤكل بالخبز، أَيَّ شيء كان، وأَدَمَ الخبز يَأْدِمُه أَدْمًا.[18] من هذه النصوص يستفاد أن الإدام ما يؤتدم به الطعام، وما يؤكل بالخبز، ومنه يشتق: أدم يأدم أدمًا. وهذا اشتقاق من اسم العين. وبيان ذلك كما يلي: المشتق تأدمها توصيفه مضارع أَدَمَ المتعدي إلى الواحد. المشتق منه الإدام توصيفه جنس من الطعام. دلالة الاشتقاق يدل على صيرورة الفاعل (الشاة) مصدرًا للمشتق منه = (الإدام). [1] لا أقوم إلا رِفْدا يقول: لا أقدر على القيام إلا أن أرفد فأعان عليه. غريب أبي عبيد (5/ 165). [2] الفائق (2/ 73)، والنهاية (4/ 278). [3] اللسان (لوق) (8/ 159). [4] اللسان (لوق) (8/ 159). [5] غريب أبي عبيد (5/ 165،166). [6] المقاييس (لوق) (2/ 465). [7] النهاية (4/ 278)، وينظر اللسان (لوق) (8/ 159)، والمعجم الوسيط (لوق) (2/ 846). [8] القاموس ( لوق) (2/ 846). [9] ابن حبان (كتاب البر والإحسان - باب ما جاء في الطاعات وثوابها) (2/ 54)، ومسند البزار (6/ 286). [10] غريب ابن قتيبة (1/ 301، 302). [11] المقاييس (عسل) (2/ 263). [12] الفائق (2/ 429). [13] النهاية (3/ 237). [14] مجمع الزوائد (6/ 68)، وأسد الغابة (1/ 473). [15] غريب الخطابي ( 1/ 421، 422). [16] المحيط في اللغة (أدم) (5/ 385). [17] الصحاح (أدم) (5/ 1859). [18] اللسان (أدم) (1/ 102)، وينظر: الاشتقاق لعبد الله أمين (ص54)، والمعجم الوسيط (أدم) (1/ 10).
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |