
19-08-2022, 07:30 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,235
الدولة :
|
|
وداعا أيها القلق ( 25 نصيحة للتخلص من القلق )
وداعا أيها القلق ( 25 نصيحة للتخلص من القلق )
د. أحمد البراء الأميري
1- عِشْ في حدود يومك:
إذا انتابك القلقُ على غدِك، فاسْعَ جاهدًا كي تعيشَ في حدود يومِك، وتذكَّر قولَه صلى الله عليه وسلم: ((من أصبح منكم آمِنًا في سِرْبه، معافًى في جسده، عنده قوتُ يومه، فكأنما حِيزت له الدنيا بحَذَافيرها))[2]، اكتُبْ هذا الحديثَ الشريف على ورقة وعلِّقه حيث يمكنُ أن تراه، وأعِدْ قراءته مراتٍ وأنت تتأمَّل معناه.
إن من الحماقة أن تستعجلَ مصاعبَ ومصائب قد تأتي وقد لا تأتي، وافترِضْ أنها ستأتي، فلماذا تعيشُها قبل وقوعِها؟
على أن عدمَ الاغتمام من أجل الغدِ لا يعني عدمَ الاهتمام به؛ فالتخطيطُ للمستقبل، والاستعدادُ له، واجبٌ تُدرِكه الفطرة السليمة، ويحُثُّ عليه الدين الحنيف، وما العملُ للآخرة إلا استعدادٌ للمستقبل في أهمِّ صورِه ومعانيه.
2- اشغَلْ نفسَك:
من الحِكم التي تُروَى عن الإمام الشافعيِّ رحمه الله: "إذا لم تشغَلْ نفسَك بالحق، شغَلَتْك بالباطل"، وللفراغ آفاتٌ تُنهِك الجسمَ والنَّفْس, هذا في الأحوالِ العادية، أما في أوقاتِ الأزمات، والمصائب، والمِحَن، فالانشغالُ بالعمل المفيد خيرُ دواء وشفاء.
عندما كانت الحربُ العالَمية الثانية في ذروتها، كان "ونستون تشرشل" رئيس وزراء بريطانيا يعمَلُ ثماني عشرة ساعة في اليوم، ولَمَّا سُئل: هل هو قلقٌ بسببِ المسؤوليات الضخمة الملقاة على عاتقة؟ أجاب: إنني مشغول جدًّا، ولا وقت لديَّ للقلق.
وقد عبَّر جورج برناردشو عن هذه الفكرة بأسلوبٍ آخرَ فقال: إن سببَ الإحساس بالتعاسة هو أن يتوافَرَ لديك الوقتُ لتتساءل: هل أنت سعيدٌ أم لا؟
3- لا تعِشْ في أخطاءِ الماضي:
لو كانت لنا سلطةٌ على الماضي تمكِّنُنا من تغييره، فنصحح الأخطاء التي وقَعَت فيه، لكانت العودةُ إلى الماضي واجبةً، أما وذلك مستحيلٌ، فخيرٌ لنا أن نهتمَّ بالحاضر، ونستعدَّ للمستقبل.
إن الالتفاتَ إلى الماضي واجبٌ في حدود التعلُّم منه، والاستفادة من دروسه، والاعتبار بها؛ ففي هذه الحدودِ فقط يمكن أن نلتفتَ إليه ونعيش فيه؛ قال تعالى في سورة يوسف عليه السلام: ﴿ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ [يوسف: 111].
وهذا الذي وضَّحه الحديثُ الشريف: ((وإن أصابك شيءٌ فلا تقُلْ: لو أني فعلتُ لكان كذا وكذا، ولكن قل: قدَر اللهِ وما شاء فعل؛ فإن لو تفتَحُ عملَ الشيطان))[3].
4- ارضَ بالقضاء: (تقبل ما ليس منه بد):
رُوِي عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أن قال: ((مِن سعادة ابن آدمَ رضاه بما قضى اللهُ، ومِن شقاوة ابنِ آدم سَخَطُه بما قضى الله))[4].
تخيَّل رجلاً فقَد ماله، أو مات له عزيز، هل يغيِّر حزنه وسخطُه من الواقع شيئًا؟ أليس الأنفعُ لك في الدنيا والآخرة أن ترضى بالقضاء، وتحتسبَ عند الله، وتغيِّر ردَّة فعلك تجاه الأحداث؛ الكبير منها والصغير؟ فإذا ضاع منك مبلغٌ من المال - مثلاً - من غير تقصيرٍ في حِفظه، أو انكسر إناءٌ كان في يدِك عن غير انتباه، أو سُرقت ساعتُك، أو غير ذلك من مئات الأمور التي تحدُثُ في حياتنا، فوطِّنْ نفسَك على قَبول ما حصل، والاستفادة من الدرس الذي مرَّ؛ لأن التحسرَ لن يغيِّر من الواقع شيئًا، بل سيؤذيك في صحتِك النفسية، وربما في الجِسمية أيضًا.
5- لا تهتمَّ بصغائر الأمور[5]:
الحياة أقصرُ من أن نقصِّرَها، وهي ملأى بأمورٍ جديرة بالحُزن والتوجُّع؛ من المصائب التي تصيب الفردَ في نفسِه أو أهله أو ماله، أو تصيب الأمَّةَ؛ من قتلٍ، وتدمير، وإرهاب، فهل من الحكمة أن نكدِّرَ ما نستمتعُ به من صفو الحياة بتصرُّفٍ صادرٍ عن حُسْن نية أو سوء نية من زوجة، أو ولَد، أو جارٍ، أو قريب؟! لا أظنُّ ذلك.
إن النَّفس الكبيرة كالبحرِ لا يكدِّر ماءَه حجرٌ يُلقى فيه، ولا ألفُ حجر، والنَّفس الصغيرة كالبركةِ الصغيرة يكدِّر ماءَها مرُّ النَّسيم، فاختَرْ لنفسِكَ كيف تريد أن تكونَ!
6- اختَرْ أفكارَك بعناية:
إن للأفكارِ المسيطرةِ على المرء تأثيرًا عظيمًا في تكييف حياتِه؛ ذلك لأن حياتَنا مِن صُنع أفكارنا، وقد صدَق من قال: قُلْ لي ماذا تفكِّر أقُلْ لك من أنت؛ فالذي تسيطرُ عليه أفكار الخوف، والتردُّد، والشك، غير الذي تسيطرُ عليه أفكار الشجاعة، والإقدامِ، والثقة، ترى الفرق بين الاثنين في حياتِهما، وسلوكهما، وعملِهما، وفي صحتِهما الجسمية والنَّفسية، والجيوش التي تنتصر في المعاركِ تستمد قوَّتَها من رُوحها المعنوية العالية قبل أن تستمدَّها من السلاح والعتادِ، وهل الرُّوح المعنوية إلا الأفكارُ القوية التي تملأ القلوبَ.
فإذا وجدتَ في ذهنك فكرةً سلبية تدعوك إلى الضعف أو التردد أو الإحجام، فبادِرْ بطَرْدها وازرَعْ مكانها فكرةً إيجابية تدعوك إلى القوةِ والإقدام.
7- حوِّل السلبيات إلى إيجابيات:
هذا غيرُ ممكن دائمًا، لكنه ممكن في كثيرٍ من الأحيان، وهو الصفة التي يتحلَّى بها الناجحون والعُظَماء في كلِّ زمان ومكان، ومِن شعاراتهم: رُبَّ ضارةٍ نافعة، وربما صحتِ الأجسامُ بالعلل، وربَّ محنةٍ في طيِّها مِنحة، ومن لم تكن له بدايةٌ مُحرِقة، لم تكن له نهاية مُشرِقة، إن أصحابَ النفوس الكبيرةِ لا يجسِّمون مصائبَهم ويجلِسون أمامَها باكينَ شاكِينَ، لكنهم يقبَلون الواقعَ المفروض عليهم، ثم يسعَوْن إلى تغييره، والإمامُ ابن تيمية واحدٌ من هؤلاء، فحينَ وضَعه خصومُه في السجن قال: ما يفعلُ أعدائي بي؟؟ بستاني في صدري، سجني خَلوةٌ، ونَفيي سياحة، وقتلي شَهادة، وأعرف صديقًا لي كان يتقدَّم علَيَّ في الدراسة الإعدادية بعام، فرسَب في إحدى السنوات، لكنه تعلَّم من ذلك الرسوبِ درسًا؛ إذ أصبَح بعد ذلك الأولَ على فصله، إلى أن تخرَّج في الجامعة مهندسًا، واستطاع أن يحوِّلَ سلبيةَ الرسوب إلى إيجابية التفوُّق.
يقول أحد الكتَّاب: ليس استثمارُ المكاسب أهمَّ شيء في الحياة؛ فإن أيَّ إنسان عادي يستطيعُ ذلك، لكن الشيءَ المهم حقًّا هو تحويلُ الخسائر إلى مكاسب؛ فهذا يتطلب ذَكاءً ومهارة وحِكمة، وفيه يكمُنُ الفرقُ بين الرجلِ الحكيم المقتدر، وبين الإنسانِ العاديِّ أو العاجز.
8- حاوِلْ أن تحصيَ نِعمَ الله عليك:
من الخطأ أن يحصيَ الإنسانُ رأسَ ماله بما يملِكُه من نقود وعَقَارات وأموال فحسب، رأسُ مال الإنسان أكبرُ بكثير من هذا: السمع، والبصَر، والأمن، والأهل، والأصدقاء، والعافية.. إلخ، هل ترضى أن تسجن في (غوانتاناموا) وتأخذ عشرة ملايين دولار؟ وأن تفقدَ بصرك وتأخذَ المبلغ نفسه؟ أو أن تفقدَ ساقًا، أو ذراعًا؟ أو ولَدًا..، لو حسبتَ هذا لوجدتَ أنك ملياردير، بل أغنى، لكنك لا تقدِّرُ نِعَم الله عليك بشكلٍ يفيض مِن العقل والقلب على السلوك، وتجد أثَرَه في الرِّضا والسَّعادة والطُّمأنينة.
أَحْصِ نِعَمَ الله عليك، وتحدَّث عنها، بدلاً من أن تحصيَ متاعبَك وتتحدثَ عنها، إنك إن حاولتَ وجدتَ أنك غيرَ قادرٍ على إحصاء نِعمة واحدة؛ (كنِعمة البصر مثلاً)؛ لأن في طياتِها ألوفَ النِّعم التي تتجدَّدُ كل ثانية، فكيف يمكن أن تُحصَى؟ ولهذا قال تعالى: ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ﴾ [إبراهيم: 34]، وقال في السورةِ التي بعدها: ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النحل: 18]؛ لِما يعلَمُه سبحانه مِن عجزنا عن هذا الإحصاء، ولكمالِ رحمتِه ومغفرته.
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|