الأدب الذي نريد - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4898 - عددالزوار : 1921756 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4468 - عددالزوار : 1240206 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 13797 - عددالزوار : 742568 )           »          القواعد العشر في تربية الأبناء : دليل الدكتور بكار للتنشئة الناجحة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          لا يزال الذكاء الاصطناعي دولة مجهولة .. والمراهقون هم روادها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          كيف يعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل مستقبل الصحافة الرقمية؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          كتاب “الغرب نقيضًا للحضارة” .. رحلة جريئة لكشف زيف الحضارة الغربية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          أهمية السيرة النبوية في حياة المراهق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          ثمرات الاستقامة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          حتما.. إنه الرحيل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها > ملتقى النقد اللغوي
التسجيل التعليمـــات التقويم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18-08-2022, 06:46 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 153,988
الدولة : Egypt
افتراضي الأدب الذي نريد

الأدب الذي نريد


سمير مومني





لعل التأمل الرصين في أوصال العدل مع الكلمة والكلام، أن الأشياءَ العظيمة تقتضي منا الصمت حيالها، أو الحديث عنها بتعظيم أو ببراءة، لم يعُدِ الإشكال العقيم كيف نحافظ على الهوية، فلا أحَدَ يستطيع سلخَنا عن خصوصيتنا، وإنما الإشكال الرئيس كيف نتعاطى مع هويتنا، بلُغة الخَلق والصُّنع والبِناء التي هي لغة العصر والمستقبل؛ أي: ما السبيل إلى خَرْق الحواجز النفسية والفكرية العادية؟ في زمن تسُوده فلسفة المِطرقة النيتشية، وعلم النفس الكبتي الفرويدي القائل: "عندما يبدأُ المرء في طرح السؤال عن معنى الحياة والموت، فذلك دليلٌ على أنه مريض".

من مداخل هذه الحواجز والمطرقات التي تخرم هويتنا، يقعُ الأدب باعتبارِه حلقة أيضًا من كينونتنا في زمن إفلاس الهويات، من يحرِّر الأدبَ من التبعية المحتشمة؟ انحرفت قليلاً أو كثيرًا أو خطوة في أودية، هوَتْ بالآداب الأوربية والإنسانية، في أنهارِ الصَّنَمية، والسريالية، والرمزية، والوجودية، والعبَثية، والعبثية السردية، والعبثية الحشوية، والعبثية العابثة.

كنا وما زِلْنا نؤمن برسالية الأدب وبنبوءته؛ فالأدبُ يجب أن يكون مؤسَّسًا على فكرة معينة، ومنطلقًا برؤيا واضحة غير مشتّتة، وموصلاً رسالته إلى المتلقّي الموجود على الأرض، الأدبُ يجب أن يكونَ مستشعرًا البعد، مستشرفًا الآتي، متنبئًا به، بحسِّه الرُّؤيوي، ونظرته التأسيسية المتجاوزة، والتجاوز لا يتحقَّقُ إلا بشرطية التأسيس، وخَلْخلة وتفكيك القائم الراهن، والكل لا يتحقق إلا بشرطيةِ التأصيل، بمعنى خلخلة المؤسس والمؤصل، ثم إعادة بنائه وترتيبه، ضمن الخصوصية الثقافية لمجتمع ما؛ من أجل بناءِ مفهوم إنسانية الإنسان، يقول وليم هدسن: "إن عنايتَنا بالأدبِ تنبُع بسبب أهميته الإنسانية العميقة الخالدة، إنه يستمدُّ موضوعَه مباشرة من الحياةِ وصميمها، وهنا نجد أنفسنا، ونجدُ الحياة نابضةً، فتؤلِّف فينا ومعنا علاقاتٍ كثيرة وجديدة".

ينبغي ألا نتورَّطَ في محظور مفهوم الأدب كما صاغته الذِّهنيةُ الغربية، الأدب يستطيع الكثير، يستطيع أن يمدَّ لنا اليدَ حين نكون في أعماق الاكتئاب، ويقودنا نحو الكائنات البشرية الأخرى من حولنا، ويجعلنا أفضل فَهمًا للعالم، ويعيننا على أن نحيا، فشِئْنا أم أبَيْنا وأمام هذه الفوضى العارمة في مجال الدراسات الأدبية - سيظل الأدبُ إبداعًا إنسانيًّا؛ فالأدب يجعَلُنا نحيا تجارِبَ فريدة، إنه ديوان الحياة كما يقول عز الدين إسماعيل؛ فالأدب الذي يخاطب الإنسان الشقي في فَقْره المادي، المشغول بهمِّ المعاش، ويخاطب الإنسان المُتْخَم الشقي بتُخمته في مجتمع الاستهلاك، الذي يلهب جوعة الحيوان الإنساني، والدعوة إلى المزيد من وسائل الترف، ويعطش غرائزه بالإعلام الفاضح، والإشهار الرازح، وإلى المزيد من المُتعة والتهتُّك والدعارة - ليس بأدبٍ في شيء.

فالأدب إن ادَّعى المذهبية، واكتفى بالحَوْم المحتشم حول حقائقها؛ مخافة أن يقعَ فيها، فيفقد أهليتَه لصفةِ الأدبِ، فإنما هو مِكَرٌّ مِفَرٌّ في اعوجاج، ينبغي أن يكون الأدبُ وسيلة من وسائل التربية، لا أداةَ تسلية وبضاعة واستهلاك، نريد أدبًا مُعافًى من لوثات التعايش مع عصر الاستهلاك والتجارة الحرَّة والاقتصاد المُعَولم.

عُقدة الولاء للاستبداد، هي الجمركة والمطبُّ، باعتبارهما جرعة مأساوية تُثقِل كاهل الأديب، فلا طاقة له على منازلة الفلسفة الدوابِّية، بعد أن أصبح دمية مبرمجة بسلوك معين، ومدجنة ومعلفة، يموت شاعرٌ فيرثيه شعراءُ يُسلِّي أحدُهم زملاءه بأنها دورة الحياة والموت، وأننا جميعًا أوراقٌ في شجرة الحياة، تخضَرُّ، ثم تصفرُّ، ثم تذبُل، ثم تسقُط مائتة، إننا نريد الأديب / الشاعر الناي، يموت الناي ويخلد لحنه، وتغني نغمته جمال الحياة.

إن صدق المضمون وبيان الحقيقة، هما الكيفُ الذي به يكسبُ الأدب قوتَه، ونفوذه، وفضيلته؛ ليغزو ضمير الإنسان في عالَم التجارة العملاقة، وتخوم الهندسة الوراثية، في دين الاقتصاد المعولم وقانونه.

قد فقَد الإنسان في نظر نفسه قدرًا كبيرًا من كرامته، لطالما كان هو مركزَ الوجود وبطَلَه التِّراجيدي.

إذًا لا خير في نعت الأدب أدبًا، إن جرى في مضمار السباق مع الآداب الإنسانية، يلهب الأحاسيسَ بالتشبيهات البارعة، والمبالغات الفنية، والزخارف اللفظية، والنصاعات البيانية، ثم لا تجدُ له مضمونًا إلا خيالاً مدغدغًا، وصورًا حوَّمت لحظة مخيلة، ثم احترقت كما يحترق الفراشُ الهائم.

مصادر ومراجع:
1- إرادة القوة محاولة لقلب كل القيم؛ فريدريك نيتشه، ص: 160.

2- الأدب العربي ووجه العصر؛ لعبدالعزيز شرف، ص: 69.

3- الأدب والارتياب؛ لعبدالفتاح كيليطو، ص: 40.

4- الأدب في خطر؛ تزفيطان تودوروف، ص: 43 - 45.

5- اللغة والمجاز بين التَّوحيد ووحدة الوجود؛ لعبدالوهاب المسيري، ص: 101.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 48.73 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 47.06 كيلو بايت... تم توفير 1.66 كيلو بايت...بمعدل (3.42%)]