|
الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الرجولة محمد الخطيب الرجولة صفة عالية تلازم نشاط الحياة وثبات الجهاد ثباتاً يلازمه الظفر غاية الحياة المثلى فهي نور الوجود وعدة الإنسانية الكاملة، تمثل بمثل الكواكب السماوية، إن تعددت مظاهرها فغايتها واحدة، هي أن تكون منيرة، وأن تكون لكل نجمة مكانتها في السماء العالية. الرجولة يقظة النهار بمساعيه النشيطة الباهرة. الرجولة صيف الحياة باكتمال نضج أثمارها الشهية الطيبة، فهي صفة الرجل الكامل عضو الإنسانية الفعال الذي عرف نفسه وغايته وحقه وواجبه، فأقدم ثابت الإرادة في مواطن الإقدام وأحجم صلب العزيمة في مواطن الإحجام. فإذا قلنا "الرجولة" فإنما نفهم منها معنى الوجود الأكمل، بما تتضمن الحياة من جهاد وجلاد وصبر وثبات، كأنما هي القوى بأشد يقظتها والحركة بأقصى حدودها والإنتاج بأغزره، مادياً ومعنوياً، حتى لكأن الحياة بركان يقذف بحممه، أو بحر يتوالى تدفق أمواجه، ولكل تاج من الزبد يدل على رفعة شأنه، تلك هي الرجولة وإنها لمليكة الشعوب قاطبة بيدها صولجان العزة، وبحكمها لعنة الذلة، كأنما هي شمس الأفق الفاتنة، تبسم بحكمها الطبيعية لكل من تطلع عليه، وتتجهم لكل من تتوارى عنه، فيتعثر بخطاه أينما اتجه، تلك هي الرجولة، وما استضافها قوم فأكرموها إلا دانت لهم الأرض ومن عليها وجثمت بين أيديهم السعادة الفاتنة كعبدة طيعة، وإن كثيراً من الناس مَن هام بهذه الغادة المتيمة (السعادة) فتمرغ على عتبتها، وبعينيه الدمعة ظناً منه أنه يجدها عند غير مولاتها، وأنها سترضى منه بالسيادة بعد العبودية وما درى أن الدمعة حجبت بريق عينيه فلم ترَ صورتها في عينه، فاسترهبته كالضائعة وولته الدبر هاربة، بكى المسكين واستعبد نفسه، فأضاع ذاته، وأرهب فاتنته، ولو أنه سلك للأمر سبيله فصان رجولته، وضحك بملء نفسه فبرقت عيناه، لاقتربت منه اقتراب السفينة من منارتها، ولاستبانت صورتها في صفاء عينيه الباسمتين فاطمأنت إليه اطمئنان المسافر إلى وطنه، حيث آله وإخوانه وعارفو قدره. لذلك فما على الشعب الذي يريد السعادة لنفسه إلا أن يتحلى بالرجولة، فيدل بمسعاه على حياته، وبإنتاجه على قدرته، فمتى وثق من قدرته وسعيه فليثق بخضوع أية أمنية، وان تعالت في ليلة حالكة، واختبأت وراء النجوم الزاهرة أما الشعب الذي يسلك للحياة غير سبيلها فيحسب السعادة كأساً ووتراً وتقلباً على فرش وثيرة، فإنما هو الشعب الذي خسر مع الأمنية نفسه، كظالم يبغي مع بغيه أمنيته؛ فيلقى في ظلمه حتفه ويفقد روحه، ولا يظفر بما أراده. وإن المسلمين في حاضرهم وماضيهم كهذين الشعبين بتمام أمرهما "وتلك الأيام نداولها بين الناس" فبالأمس ساد المسلمون الكون حتى قال الرشيد لسحابة انقشعت وما أمطرت: "أمطري حيث شئت، فسيأتيني خراجك" وأما اليوم فتأساء المسلمين تردد قول البحتري لصاحب له: قد كنت حراً وأنت عبد ![]() فصرت عبداً وأنت حر ![]() وما ذاك إلا لأن الرجولة ولت، فمن يرد الوحيدة إلى أهلها، فتعود للبيت مسرته؟ ألا أين من يقتفي الأثر؟!
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |