|
ملتقى مشكلات وحلول قسم يختص بمعالجة المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الديون أرهقتني وجعلتني عجوزا د. سليمان الحوسني السؤال: ♦ ملخص السؤال: فتاة تعيش مع أهلها، وهي التي تعمل وتتحمل مسؤوليتهم، تشكو من كثرة الديون والأحكام القضائية، خاصة أنها في سن الزواج، فماذا تفعل؟ ♦ تفاصيل السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا فتاة فِلَسْطِينيَّة، حياتي متشابهةٌ منذ سنوات، لا جديدَ فيها، سوى المشكلةِ التي أعيش فيها ولا تتغيَّر. منذ أربعة عشر عامًا وأنا أعيش في أحلامٍ مُؤَجَّلة؛ إذ أجبرتْني الظروفُ على تحمُّل مسؤولية أسرتي؛ فعملتُ لأُنْفِقَ على أسرتي، ولم يساعدني إلا الله تعالى. كان طموحي أن أكونَ مذيعةً أو صحفيةً، لكن ظروفي جعلتْني سكرتيرة، لأتحمَّل ظروفَ أهلي ومشاكل أخي الكبير التي لا تُعد ولا تُحصى. وفَّقني اللهُ في العملِ، ولم أُقَصِّر مع أهلي، وتحمَّلتُ ديونًا وقُروضًا وأساعدهم ماديًّا، لكن أرهقتْني المادّياتُ والديونُ، وكلما سددتُ بابًا ظهَر بابٌ آخر مِن قِبَل أخي الأصغر، الذي لم يَتَوَانَ في إغراقنا بالديون. زاد على ذلك تعرُّضي لعملية نصب تكلَّفتُ بسببها آلافًا، وحُكِم عليَّ بالسجن، حتى رزقني الله بمن سدَّ عني الدَّيْن! كل هذا وأنا عانس لم أتزوَّجْ بعدُ، وبالطبع لن يتقدَّم أحدٌ لفتاةٍ لديها كل هذه المشكلات والظروف، أشعر بأني آلة مُبَرْمجَة لا تتغيَّر. أصبحتُ مُحَطَّمة بدون أحلام، أدعو الله تعالى أن يُعوضني خيرًا، ولا أملك سوى الدعاء. أُكَلِّم نفسي دائمًا، وأسأل نفسي عشرات الأسئلة: لماذا لا تتغيَّر حياتي؟ ولماذا تظلُّ حياتي هكذا؟ أخي لا يُفَكِّر إلا في نفسِه، ويبحث عن إسعاد نفسه على حساب تعاستي، حتى بعد خروجه من السجن ظلَّ كما هو ولم يتغيرْ. الجواب: بسم الله، والحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله. حقيقة هذه الرسالة مِن الرسائل التي أثَّرَتْ في النفس، وحرَّكَت المشاعر؛ لعدة أسباب: • أنها مِن فِلَسْطين الجريحة، ومِن أختٍ مسلمةٍ مظلومةٍ بأكثر مِن مَظْلمة، واشترك في الظلم القريبُ والبعيدُ، وظُلم أهل القرابة لا شك أنه أشد وأوجع كما قال الشاعر: وَظُلْمُ ذَوِي القُرْبَى أَشَدُّ مَضَاضَةً ![]() عَلَى المَرْءِ مِنْ وَقْعِ الحُسَامِ المُهَنَّدِ ![]() وإن كان هناك مُبررٌ للوالدين الكريمين في بعض الأمور فهما معذوران، يشفع لهما أنهما أصحابُ الفضل؛ فهما سببُ وجود الأبناء، وبرُّهما واجبٌ، لكن الأخ المنحرف - هداه الله وأصلحه - لا عُذْرَ له، ويتحمَّل مسؤوليةَ ما تمر به أختُه، بل هو طرَفٌ رئيس في حل مشكلة الأخت الكريمة، كما أنه من أسباب المشكلة. عمومًا أقول للأخت: هنيئًا لك صبرك وثباتك واحتسابك الأجر عند الله، وتحمُّلك للمسؤولية، واعلمي أن المؤمنَ مُبْتَلًى في هذه الحياة، والابتلاءُ على قدْرِ الإيمان، كلما زاد الإيمانُ زاد الابتلاء؛ ولذلك كان الأنبياءُ - صلوات الله عليهم - أشدَّ ابتلاء مِن غيرهم، مع أنهم أشرف وأفضل الخلْقِ. فهذا نبيُّنا - صلى الله عليه وسلم، وهو أفضلُ الأنبياء - مرَّ بمراحلَ عديدةٍ متنوعةٍ مِن الابتلاء والمِحَنِ والشدائد، ابتداءً مِن فقْدِ أبيه قبل ولادته، ثم فقْدِ أمِّه وهو في السادسة مِن عمره، وفقْدِ جَدِّه الذي تولى كفالته، وهو في الثامنة، فانتقل إلى عمه، وعمل برعْيِ الغنَم والتجارة وهو صغير؛ فأكْرَمَهُ اللهُ بخديجة - رضي الله عنها - أولى زوجاته، ولكنه فقَدها وماتتْ بعد ذلك، ومات عمه؛ فسُمِّي العامُ: عام الحزن! وازداد الأذى عليه مِن المشركين نتيجةَ دعوته التي جاء بها، ولَقِيَ أصنافًا مِن الأذى؛ حِصارًا، وتجويعًا، وسبًّا، وشتمًا، بل تآمروا على قتْلِه. وهكذا أصحابه وزوجاته، مرُّوا بمراحلَ مِن الابتلاء، فصبروا وثبتوا، فكانوا قدوةً لمن جاء بعدهم. وأنتم كذلك يا أهل فِلَسْطين الحبيبة، ضربْتم أروع الأمثلة في صبرِكم وثباتكم في واقعنا اليوم، وكلُّ ذلك بقدَر الله وعلْمِه، فربما أنَّ لكم منزلةً ورِفعةً عنده سبحانه، تمرُّون بمرحلةِ تمحيصٍ وابتلاءٍ حتى يَتَبَيَّنَ المؤمنُ مِن غيرِه؛ ﴿ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ﴾[العنكبوت: 2، 3]. وأنتِ أختي الفاضلة في تلك البلاد المباركة تَمُرِّين بظروفٍ قاسيةٍ وصعبةٍ لا شك ولا ريب، ولكن فيكِ صفات أهل التقوى والإيمان، فواصلي طريقَ الصبر والعبادة والدعاء، ولا تَيْئَسي ولا تقنطي، فهي مرحلةٌ وتنتهي - بإذن الله - ولعلي أُذَكِّرك ببعض الوصايا: • الثقة بالله ونَصْرِه وتأييدِه وعونِه وقُربِه مِنْ عبادِه، وأنه هو القادرُ على كلِّ شيء. • عدم اليأس وعدم التوقُّف عن الدعاء، واعلمي أنَّ الدُّعاء كله خير، إما أن يُستجاب في الحال، أو يدرأ اللهُ به ضررًا عن عبده، أو تُدَّخَر الإجابة ليوم القيامة. • مُواصَلة طريق العبادة والصلاة، وكثرة السجود بين يدي الله، وإطالة السجود، فأقربُ ما يكون العبدُ مِن ربه وهو ساجدٌ، واسألي اللهَ في سجودك حاجاتك وطلباتك، وتفريج كرباتك؛ فهو القريبُ القادرُ - سبحانه وتعالى. • اجتهدي في الدعوة إلى الله؛ فهي وسيلةٌ عظيمةٌ للخير وصلاحِ الأحوال، وخاصةً لأخيك، وابذلي في صلاحه قصارى جهدكِ؛ فبِصلاحِه تُصْلَحُ أمورٌ كثيرةٌ، واستعيني بعد الله ببعض الأقارب الصالحين أو العلماء والدُّعاة الربَّانيين، واطلبي منهم المساعَدة لأخيك. • مسألة الفقر وقلة المال لا تقلقي منها كثيرًا، وتَيَقَّني بأنَّ الأرزاق مكتوبة، واللهُ يبدل الأحوال بين لحظة وأخرى؛ هي مسألةُ وقت، فاصبري. • المظلومُ ينتظر الفرَج، والظالمُ هو الخاسر، والعقوبةُ تقع عليه عاجلًا أو آجلًا. • ربما أن الله يَعُدُّك لأمر هو يعلمه، فثقي به، فهو أقربُ إليك مِن عباده. وفي الأخير نسأل الله أن يُفَرِّجَ كرْبك، ويُيَسِّرَ أمرك، ويفُك مِن العزوبة أسْرَك، ويرزقك زوجًا صالحًا طيبًا خلوقًا، يقف معك ويُساندك ويُعينك بعد الله - عز وجل.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |