الهمة العالية - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         معرفة الحق في فِطر الخلق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          الدعاء والذكر عند قراءة القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 6 - عددالزوار : 764 )           »          شرح كتاب الحج من صحيح مسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 67 - عددالزوار : 54804 )           »          الغش والتزوير لنيل الشهادات العلمية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          حكم التيمّم حال وجود الماء ووقت جوازه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          الواجب على من نسي سجوداً في صلاته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          القضاء والقدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          التحايل على غير المسلمين في المعاملات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          التحذير من شرّ شخص من الغيبة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          ترْكُ الأولاد نائمين في صلاة الفجر لضيق الوقت (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى التنمية البشرية وعلم النفس
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى التنمية البشرية وعلم النفس ملتقى يختص بالتنمية البشرية والمهارات العقلية وإدارة الأعمال وتطوير الذات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 20-06-2022, 04:48 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,980
الدولة : Egypt
افتراضي الهمة العالية

الهمة العالية


حسام العيسوي إبراهيم






تعريف الهمة:
قال ابن القيم: فِعلَة مِن الهمِّ، وهو مبدأ الإرادة، ولكن خصُّوها بنهاية الإرادة؛ فالهمُّ مَبدؤها، والهِمَّة نهايتها[1].

قال صاحب المَنازل: الهِمَّة: ما يَملِك الانبعاث للمقصود صرفًا، لا يَتمالك صاحبها، ولا يَلتفِت عنها.

والمراد: أن همَّة العبد إذا تعلَّقت بالحقِّ -تعالى- طلبًا صادقًا خالصًا محضًا، فتلك هي الهمَّة العالية، التي لا يتمالك صاحِبها؛ أي: لا يَقدِر على المُهلَة، ولا يَتمالك صبرُه؛ لغلبة سُلطانه عليه، ولا يَلتفِت عنها؛ حتى يصل ويَظفر بالمطلوب[2].

قال أحد العلماء: "علوُّ الهمَّة هو استصغار ما دون النهاية مِن مَعالي الأمور"، وقال عمر بن الخطاب: "لا تصغرنَّ همَّتك؛ فإنِّي لم أرَ أقعَد للرجل مِن سُقوط همَّته".

وقال الشاعر:
إذا لم يكن للفتى همَّةٌ
تُبوِّئُه في العُلا مصعَدَا

ونفسٌ يُعوِّدها المَكرُما
تِ والمرءُ يَلزمُ ما عُوِّدَا

ولم تَعْدُ همَّتُه نفسَه
فليسَ يَنالُ بها السُّؤدُدَا



صِفات عالي الهِمَّة:
عالي الهِمَّة همُّه الآخِرة؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن كانت الآخِرة همَّه، جعل الله غِناه في قلبه، وجمَع الله له شمله، وأتتْه الدُّنيا وهي راغِمة، ومَن كانت الدنيا همَّه، جعل الله فقره بين عينَيه، وفرَّق عليه شملَه، ولم يأته مِن الدنيا إلا ما قُدِّر له))[3].

يقول ابن القيم[4] - رضي الله عنه -:
وهمَّة المؤمن مُتعلِّقة بالآخِرة، فكل ما في الدنيا يُحرِّكه إلى ذكر الآخِرة؛ ألا ترى أنه لو دخَل أرباب المِهَن والصَّنائع إلى دار مَعمورة مَشيدة، رأيت البنَّاء يَنظُر إلى البِناء، ورأيت النجَّار يَنظُر إلى النِّجارة، ورأيت البزَّاز يَنظر إلى الفُرُش، وهكذا، والمؤمن لو رأى ظُلمَةً تذكَّر ظلمة القبر، وإذا ذكَر مُؤلِمًا تذكَّر العِقاب، وإذا سمع صوتًا فظيعًا تذكَّر نفخَة الصور، وإذا رأى الناس نيامًا تذكَّر الموتى في القبور، وإذا رأى لذَّة ذكَر الجنَّة؛ فهمَّتُه مُتعلِّقة بأحوال الآخِرة، وأعظم ما عنده أن يتخيَّل دوام البقاء في الجنَّة، وأن مقامه لا يَنقطِع ولا يَزول ولا يَعتريه مُنغِّص، فإذا تخيَّل ذلك يَطيش فرحًا، ويَسهُل عليه كل ما في هذه الدنيا من آلام ومآسٍ، ومرضٍ وابتلاء، وفقْدِ أحبابٍ وهجوم الموت ومُعالَجة غُصَصِه؛ فالتائق إلى العافية لا يُبالي بمرارة الدواء، ثمَّ يتخيَّل المؤمن دخول النار والعُقوبة فيَتنغَّص عَيشه ويَقوى قلقه، فهو في الحالتَين مشغول عن الدنيا وما فيها، فقلبه هائم في بَيداء الشَّوق تارةً، وفي صَحراء الخَوف تارةً أُخرى، فإذا نازَلَه الموت قَوِيَ ظنُّه بالسلامة، ورجا لنفسِه النَّجاة، فإذا نزل القبر وجاءه مَن يَسألونه قال بعضهم لبعض: دعوه فما استراح إلا لساعةٍ.

عالي الهمَّة شريف النفس[5]؛ عالي الهمَّة يَعرف قدْر نفسِه، في غير كِبر، ولا عُجبٍ، ولا غرور، وإذا عرَف المرء قدْر نفسِه صانَها عن الرذائل، وحفظها مِن أن تُهان، ونزَّهها عن دنايا الأمور وسَفاسِفها في السرِّ والعلن، وجنَّبَها مواطن الذلِّ؛ ألم ترَ إلى شرف الكريم بن الكريم بن الكريم نبيِّ الله يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم حين دعا ربَّه: ﴿ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ﴾ [يوسف: 33]، وحين قال لرسول الملك: ﴿ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ ﴾ [يوسف: 50].

قيل لرجل: لي حُوَيجة، فقال: اطلب لها رجيلاً.

وقيل لبعض العلماء: لي سؤال صغير، فقال: اطلب له رجلاً صغيرًا.

يقول أحمد أمين في كتابه "فيض الخاطر":
لا شيءَ أقتَلُ للنفس مِن شُعورها بضِعَتِها، وصِغَرِ شأنها، وقلَّة قيمتها، وأنها لا يَصدُر عنها عمل عظيم، ولا يُنتظَر منها خير كبير، هذا الشعور بالضِّعَة يُفقد الإنسانَ الثقةَ بنفسه والإيمان بقوَّتها، فإذا أقدم على عمل ارتاب في مَقدرتِه، وفي إمكان نجاحِه، وعالجَه بفُتور؛ ففشل فيه.

الثقة بالنفس فضيلة كبرى عليها عِماد النجاح في الحياة، وشتَّان بينها وبين الغُرور الذي يُعدُّ رَذيلةً، والفرق بينهما أن الغُرور اعتماد النفس على الخيال وعلى الكِبر الزائف، والثِّقة بالنفس اعتماد على مَقدرتِها مع تحمُّل المسؤولية، وعلى تقوية مَلكاتها وتحسين استعداداتها.

من صفات الجيل الموعود بالنصر "أنه ذو همَّة عالية"[6]؛ فهو جيل دعوة وجهاد كما كان الصحابة مِن المُهاجرين والأنصار، إنهم مِن نورِهم يَقتبِسون، وعلى هُداهم يسيرون، جاهَدوا في ذات الله أنفسَهم، كما جاهَدوا عدوَّ الله وعدوهم، لا يَشغلُهم جِهادٌ عن جهاد، ولا ميدان عن ميدان، فهم في معركة دائمة مع العدو الباطن والعدو الظاهِر، وهم في صِراع مُتواصِل مع الفجَرة في الداخل والكفَرة في الخارج، لا يُلقون السلاح ولا يَستريحون مِن كفاح؛ حتى لا تكون فتنة ويَكون الدين لله، أرضُ الله كلُّها ميدانهم، ودار الإسلام كلُّها وطنهم، قد ترى أحدهم - وهو العربي - يُقاوِم الزحف الشيوعي الأحمر في أفغانستان، وترى آخَر - وهو باكستاني - يُقاتِل الزحف اليهودي الأسود في فلسطين أو في لبنان، فالكفْر كلُّه ملة واحدة؛ ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ﴾ [الأنفال: 73]، ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ﴾ [التوبة: 71] يُجاهِدون في سبيل الله في كل معركة تطلُبهم، وبكل سلاح يُمكِنهم، قد يكون باليد إذا كان لليد أن تَحمِل المِدفَع، وقد يكون بالمال إذا احتاج الجهاد إلى مالٍ، وقد يكون باللسان إذا كان لا بدَّ مِن كلمة الحقِّ يُصدَع بها في وجه الباطل، تصل إلى الناس مقروءةً ومسموعةً، فإذا عجزوا عن الجهاد باللسان لم يَعجِزوا عن الجهاد بالقرآن، وهو الجهاد الكبير؛ كما سمَّاه القرآن: ﴿ فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا ﴾ [الفرقان: 52]، عزَّ عليهم دينهم، فهانتْ في سبيله دُنياهم، وغلَتْ عِندهم عقيدتهم، فرَخُصتْ مِن أجلِها أنفسُهم وأموالهم.


[1] "تهذيب مدارج السالكين"، لابن القيم.

[2] المرجع السابق.

[3] رواه الترمذي.


[4] "تهذيب مدارج السالكين"، لابن القيم.

[5] "صيد الخاطر"، لابن الجوزي.

[6] "جيل النصر المنشود"، د: يوسف القرضاوي.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 68.80 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 67.08 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.50%)]