|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() أحكام السرقة الشيخ صلاح نجيب الدق الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَاهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَلَا إلَهَ سِوَاهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، الَّذِي اصْطَفَاهُ وَاجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا إلَى يَوْمِ الدِّينِ؛ أَمَّا بَعْدُ: فإنَّ السرقة لها أحكام شرعية تتعلق يجب على المسلم معرفتها، فأقول وبالله تعالى التوفيق: معنى السرقة: السرقة في اللغة: أَخْذُ الشيء خُفْيَة؛ (المعجم الوجيز صـ309). السرقة في الشرع: أخْذُ الإنسان العاقل، البالغ، غير المكره، مقدارًا مِنَ المال خفية مِن حِرز معلوم بدون حق ولا شبهة؛ (الفقه على المذاهب الأربعة للجزيري جـ5 صـ129). الحرز: المكان الذي يُوضَعُ فيه المال لحفظه. حكم السرقة: السرقة حرام، وقَطْعُ يد السارق ثابت بالكتاب والسُّنَّة وإجماع علماء المسلمين قديمًا وحديثًا؛ (المغني لابن قدامة جـ12 صـ415). شروط السرقة: أولًا: شروط خاصة بالسارق: شروط السارق التي تستوجب إقامة الحد عليه هي: 1- البلوغ. 2– العقل. 3– الاختيار وإرادة السرقة. 4– ألا يكون للسارق في الشيء المسروق شبهة مِلك. فلا تقطع يد الأب إذا سرق مال ولده، ولا تقطع يد الابن إذا سرق مِن مال والديه، وكذلك سرقة الرجل مِن مال زوجته أو سرقة المرأة مِن مال زوجها. ثانيًا: شروط الشيء المسروق: يشترط في الشيء المسروق الذي يُقامُ فيه الحد الأمور التالية: 1– النِّصَاب: وهو مقدار مِن المال حدده الشرع ليقام فيه الحد وهو ربع دينار (0625، 1 جرام ذهب). 2– أن يكون الشيء المسروق مما يمتلك ويحل بيعه. 3– ألا يكون للسارق فيه مِلك، ولا شبهة مِلك. 4– أن يكون المال موجودًا في حرز، (وهو المكان المستخدم في حفظ الشيء فيه عادة)؛ (المغني لابن قدامة جـ12 صـ416: صـ437). ثبوت حد السرقة: يثبت حد السرقة بأحد أمرين: (1) اعتراف السارق وإقراره بالسرقة من غير إكراه. (2) البينة وذلك بشهادة رجلين عدلين مِن المسلمين؛ (المغني لابن قدامة جـ12 صـ463: صـ465). عقوبة السارق: عقوبة السارق البالغ العاقل غير المكره هي: قطع يده اليمنى مع حسمها بالزيت المغلي. فإذا سرق السارق مرة ثانية، قطعت رجله اليسرى مِن مفصل القدم مع حسمها بالزيت أو كيها بالنار، حتى يتوقف نزيف الدم؛ (المغني لابن قدامة جـ12 صـ439: صـ444). روى عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، أَنَّ نَجْدَةَ بْنَ عَامِرٍ، كَتَبَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ: السَّارِقُ يَسْرِقُ فَتُقْطَعُ يَدُهُ، ثُمَّ يَعُودُ فَتُقْطَعُ يَدُهُ الْأُخْرَى، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا ﴾ [المائدة: 38]، قَالَ: «بَلَى، وَلَكِنْ يَدُهُ وَرِجْلُهُ مِنْ خِلَافٍ»؛ (إسناده صحيح)، (مصنف عبدالرزاق جـ10 صـ185رقم 18763). رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَجُلٌ أَسْوَدُ يَأْتِي أَبَا بَكْرٍ فَيُدْنِيهِ، وَيُقْرِئُهُ الْقُرْآنَ، حَتَّى بَعَثَ سَاعِيًا - أَوْ قَالَ: سَرِيَّةً - فَقَالَ: أَرْسِلْنِي مَعَهُ، فَقَالَ: «بَلْ تَمْكُثُ عِنْدَنَا، فَأَبَى، فَأَرْسَلَهُ مَعَهُ، وَاسْتَوْصَى بِهِ خَيْرًا»، فَلَمْ يَغِبْ عَنْهُ إِلَّا قَلِيلًا حَتَّى جَاءَ قَدْ قُطِعَتْ يَدُهُ، فَلَمَّا رَآهُ أَبُو بَكْرٍ فَاضَتْ عَيْنَاهُ، وَقَالَ: «مَا شَأْنُكَ؟» قَالَ: مَا زِدْتُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يُوَلِّينِي شَيْئًا مِنْ عَمَلِهِ، فَخُنْتَهُ فَرِيضَةً وَاحِدَةً، فَقَطَعَ يَدِي، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: «تَجِدُونَ الَّذِي قَطَعَ يَدَ هَذَا يَخُونَ أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ فَرِيضَةً، وَاللَّهِ لَئِنْ كُنْتُ صَادِقًا لَأُقِيدَنَّكَ مِنْهُ»، قَالَ: ثُمَّ أَدْنَاهُ وَلَمْ يُحَوِّلْ مَنْزِلَتَهُ الَّتِي كَانَتْ لَهُ مِنْهُ، قَالَ: وَكَانَ الرَّجُلُ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ فَيَقْرَأُ، فَإِذَا سَمِعَ أَبُو بَكْرٍ صَوْتَهُ قَالَ: «تَالَلَّهِ لَرَجُلٌ قَطَعَ هَذَا»، قَالَ: فَلَمْ يَعِرْ إِلَّا قَلِيلًا حَتَّى فَقَدَ آلُ أَبِي بَكْرٍ حُلِيًّا لَهُمْ وَمَتَاعًا، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: «طَرَقَ الْحَيَّ اللَّيْلَةَ»، فَقَامَ الْأَقْطَعُ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، وَرَفَعَ يَدَهُ الصَّحِيحَةَ وَالْأُخْرَى الَّتِي قُطِعَتْ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ أَظْهِرْ عَلَى مَنْ سَرَقَهُمْ، أَوْ نَحْوَ هَذَا، وَكَانَ مَعْمَرٌ رُبَّمَا يَقُولُ: اللَّهُمَّ أَظْهِرْ عَلَى مَنْ سَرَقَ أَهْلَ هَذَا الْبَيْتِ الصَّالِحِينَ، قَالَ: فَمَا انْتَصَفَ النَّهَارُ حَتَّى ظَهَرُوا عَلَى الْمَتَاعِ عِنْدَهُ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ: «وَيْلَكَ إِنَّكَ لَقَلِيلُ الْعِلْمِ بِاللَّهِ، فَأَمَرَ بِهِ، فَقُطِعَتْ رِجْلُهُ»؛ ( إسناده صحيح ) ( مصنف عبد الرزاق جـ10 صـ188 رقم 18774). تكرار السرقة أكثر من مرتين: إذا سرق شخص وقطعت يده اليمنى في المرة الأولى، وقطعت رجله في المرة الثانية ثم سَرَقَ بعد ذلك، فإنه يُضربُ ويُحبَسُ ولا قَطْع عليه بعد المرة الثانية؛ (المغني لابن قدامة جـ12 صـ446: صـ448). روى عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ عُمَرَ بن الخطاب، أَنَّهُ أُتِيَ بِرَجُلٍ قَدْ سَرَقَ، يُقَالُ لَهُ: سَدُومٌ، فَقَطَعَهُ، ثُمَّ أُتِيَ بِهِ الثَّانِيَةَ، فَقَطَعَهُ، ثُمَّ أُتِيَ بِهِ الثَّالِثَةَ، فَأَرَادَ أَنْ يَقْطَعَهُ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: «لَا تَفْعَلْ إِنَّمَا عَلَيْهِ يَدٌ وَرِجْلٌ وَلَكِنِ احْبِسْهُ»؛ (إسناده حسن)، (مصنف عبد الرزاق جـ10 صـ186 رقم 18766). تكرار السرقة قبل إقامة الحد: إِذَا سَرَقَ اللص عدة مَرَّاتٍ قَبْلَ قطع يده، أَجْزَأَ قَطْعٌ وَاحِدٌ عَنْ جَمِيعِهَا، وَتَدَاخَلَتْ حُدُودُهَا ؛ لِأَنَّهُ حَدٌّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِذَا اجْتَمَعَتْ أَسْبَابُهُ تَدَاخَلَ، كَحَدِّ الزِّنَا؛ (المغني لابن قدامة جـ12 صـ433). اشتراك جماعة في السرقة: إذا اشترك جماعة من الناس في سرقة مال، بحيث لو قسم هذا المال عليهم بلغ نصابًا لكل واحدٍ منهم, فإن الحاكم يقيم عليهم حد السرقة جميعًا باتفاق جميع الفقهاء. وأما إذا كان مقدار المال الذي سرقوه يبلغ نصابًا ولكنه لو قسِّم عليهم لم يبلغ نصابًا لكل منهم، فإن جمهور الفقهاء على أنه يقام عليهم حد السرقة؛ لأنهم جميعًا اشتركوا في هتك حرز وإخراج النصاب منه، فلزمهم إقامة الحد عليهم؛ (المغني لابن قدامة جـ12 صـ468). إنكار السارق: إذا ثبتت سرقة اللص ببينة عادلة (شهادة عدلين من المسلمين)، فأنكر، لم يلتفت لإنكاره، ويقام عليه الحد؛ (المغني لابن قدامة جـ12 صـ472). هبة الشيء المسروق للسارق: إنَّ السَّارِقَ إذَا مَلَكَ الْعَيْنَ الْمَسْرُوقَةَ بِهِبَةٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِمَا مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِ، لَمْ يَخْلُ مِنْ أَنْ يَمْلِكَهَا قَبْلَ رَفْعِهِ إلَى الْحَاكِمِ، وَالْمُطَالَبَةِ بِهَا عِنْدَهُ، أَوْ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنْ مَلَكَهَا قَبْلَهُ، لَمْ يَجِبْ الْقَطْعُ؛ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِهِ الْمُطَالَبَةَ بِالْمَسْرُوقِ وَبَعْدَ مِلْكِهِ لَهُ لَا تَصِحُّ الْمُطَالَبَةُ، وَإِنْ مَلَكَهَا بَعْدَهُ، لَمْ يَسْقُطْ الْقَطْعُ؛ (المغني لابن قدامة جـ12 صـ451: صـ452). جاحد الشيء المستعار: ذهب جمهور الفقهاء إلى عدم وجوب القطع على من جحد العارية؛ لأن القرآن والسنة أوجبا القطع على السارق والجاحد ليس بسارق، وإنما هو خائن، والمرأة التي كانت تستعير المتاع إنما قطعت يدها لسرقتها وليس لجحدها؛ (شرح السنة للبغوي جـ10 صـ321: صـ322)، (نيل الأوطار للشوكاني جـ7 صـ132). روى الترمذيُّ عَنْ جَابِرٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَيْسَ عَلَى خَائِنٍ وَلَا مُنْتَهِبٍ وَلَا مُخْتَلِسٍ قَطْعٌ؛ (حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني حديث 1172). خِتَامًا: أَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالى بِأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى، وَصِفَاتِهِ الْعُلاَ أَنْ يَجْعَلَ هَذَا الْعَمَلَ خَالِصًا لِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ، وأن يجعله ذُخْرًا لي عنده يوم القيامة، يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ، وأسأله سُبْحَانَهُ أن ينفعَ به طلابَ العِلْمِ الكِرَامِ، وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ، وَأَصْحَابِهِ، وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إلَى يَوْمِ الدِّينِ.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |