قصيدة عن قراء بلدة الحدباء

[ابوالوليد المسلم]

قصيدة عن قراء بلدة الحدباء (1)


من نظم الشيخ المقرئ إبراهيم المشهداني حفظه الله

أكرمْ بجمع السادةِ القراءِ

بمُجَمَّعٍ في بلدةِ الحدباءِ

وهم الشيوخُ به وتمَّ لقاؤهمْ

والله ربي زانهم بعطاءِ

وأتى الأحبةُ عندهمْ في مجْمعٍ

حضن الأنام برحمةِ الآباءِ

الله أكرمهمْ وأعظم شأنهمْ

حتى ارْتقَوا لكواكبِ الجوزاءِ

شمسٌ تشع تنيرُ كونًا واسعًا

فهي السراجُ تلوحُ في الظلماءِ

قدْ غرَّدوا ونشيْدهمْ متألقٌ

بكتابِ ربي غايةِ السعداءِ

وكتابُ ربيْ بالهدايةِ مفعمٌ

وبه الرشادُ لأمةِ البيداءِ

والمقرئون كواكبٌ قدْ ألبسوا

بعض الأنام بحلة الإقراءِ

ونشيْدُهمْ اللهُ أكبرُ كلما

نادى المؤذنُ في الورى بنِداءِ

همْ يسْمعونَ تلاوةً ميمونةً

بروايةٍ عنْ سيدِ البلغاءِ

وتلاوةُ القرآن أفضلُ رتبةٍ

للعاملينَ بمسْلكِ القرَّاءِ

هذي قراءةُ نافعٍ ورواتُه

قالونُ معْ ورشٍ من الأسماءِ

[ابوالوليد المسلم]

وكذلكَ القراء تأتي بعْدهُ

في عزةٍ ومودةٍ وإخاءِ

مكيهمْ بصريهمْ من بعدهِ

شاميهم ولعاصمٍ مجْد من الآباءِ

ولحمزةٍ ثم الكسائيْ بعْدهُ

يتمثلون كواكبًا بسماءِ

ويزيدُ يعقوبٌ أتى منْ بعدهِ

خلَفٌ أتمَّ جماعةَ الفضلاءِ

والشيخُ صالحُ[2] أصلُ كل فضيلةٍ

شيخُ الشيوخِ نتيجة القراءِ

وكذلكَ الجوْمرد[3] يأتيْ بعْدهُ

قد زانَ أربعةً من النجباءِ

عبد اللطيف[4] الزينُ يأتي بعدهُ

الفخري زينةُ أمَّةِ الحدباءِ

فجزاهم الرحمنُ منْ أفضالهِ

جناتهِ طابتْ معَ الحوراءِ

تستغفرُ الحيتانُ في أبحارها

للسالكينَ مدراجَ العلماءِ

وكذا الملائكةُ الكرامُ دعاؤهمْ

عند اجتماع القومِ للإقراءِ

اقرأ ورتلْ وارتقِ في عِزةٍ

عندَ المليكِ وصاعدًا لسماءِ

يا ربِّ سلمْ جمعهمْ منْ نزغةٍ

مسمومةٍ محفوفةٍ بعَداءِ

[ابوالوليد المسلم]

واجعلْ مقامهمْ بأعلى جنةٍ

تزهوْ ومقعدُهمْ مع الفضلاءِ

المصلحونَ وقدْ تضافرَ سَعْيُهم

والمبدعون بمهمةِ الوجهاءِ

وكتابُ ربي جاءنا منْ فضلهمْ

وكذاك سنة سيدِ النجباءِ

يأتي الرشادُ من الكتابِ مفصلًا

وتجيء سيرةُ سيدِ البلغاءِ

كيْ يستقيمَ الأمر عند شعوبنا

بكتابِ ربي أحكمِ الحكماءِ

وبسنةِ الهادي الحبيبِ محمدٍ

خيرِ الورى هو سيد الشفعاءِ

فمن ابتغى منْ غير هذا نهجهُ

فلقدْ أضلَّ وضلَّ في البيداءِ

يا ربِّ سلمنا وسلم ديننا

منْ كلِّ سوءٍ جاءَ بالضراءِ

واجعلْ عدو المسلمينَ بحسرةٍ

وبزفرةٍ وبذلةٍ ووباءِ

ثم الصلاة على الحبيبِ محمدٍ

ما دامَ مسْتمَعٌ خرير الماءِ

[1] أُلقيت هذه القصيدة بمناسبة افتتاح مجمع القراءات القرآنية بتاريخ 28 شوال 1442، وقد تضمنت أعلام القراء في مدينة الموصل، وهي من بحر الكامل.




[2] الشيخ محمد صالح أفندي الجوادي رحمه الله (1884-1973)، شيخ مشايخ العراق في القراءات السبع، وإليه يرجع سند معظم العراقيين في القراءات السبع من طريق الشاطبية.




[3] عبدالفتاح بن محمد شيت الجومرد، وُلد في الموصل عام 1920 بمحلة (حوش الخان)، أخذ مبادئ التجويد على أبيه محمد شيت الجومرد، ثم أُحيل إلى الشيخ محمد صالح الجوادي الذي أكمل عليه القراءات السبع حتى أتمها، وأُجيز بها وذلك في سنة 1339 هـ، ولقبُه بدر القراء، تُوفي رحمه الله تعالى في السابع والعشرين من شهر رجب سنة 1404 هـ، الموافق 28 نيسان 1984، ودُفن بمقبرة المنصور جنوب غرب الموصل.





[4] هو شيخنا الشيخ عبداللطيف بن خليل بن خضر، وُلد في نينوى من عام 1930، ونشأ في محلة (عبدو خوب)، وسنده من أعلى أسانيد الموصل، وذلك لأنه مجاز من الشيخ صالح أفندي الجوادي مباشرة، وله مؤلفات عدة في علم القراءات، غالبها لم يطبع، وما يزال يدرس في بيته وفي المساجد علوم القرآن، حفظه الله ورعاه.