|
من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الشرفة (قصة قصيرة) عبدالباسط سعد عيسى أقف في شُرفة صديقي الثريِّ التي هي بحجم أحد بيوت جيرانه الطينيَّة التي تقبع أسفل بنايتِه العالية على النِّيل، البنايات العالية تبدو كرجل مفتول العضلات يقف في صلَف والبيتُ الطينيُّ يستجديه عند قدمِه. أرقبُ طفلًا لا يتجاوز الخامسة من عمره يَختفي نصفه في الماء يصطاد بسنارته البسيطة، وبنتًا على الشطِّ تكبره قليلًا، تضرب طرحتها في الماء ثم تَنفضها، وتلفُّها حول رأسها؛ تُخفِّف حدة شمس أغسطس، غمزت سنارة الولد فانتبهت البنت وترَّقَبا، حتى خرجت سمكة متوسِّطة أوقَعَها الجوع في الفخ، هللت البنت وألقى الولد لها السمكة فتلقَّفتْها بفرح، عاندت السمكة ومزقت كيسَها الضعيف، فكبلتها بطرحتها المبللة، رغمًا عني أرقبهما وهما يَدخلان بيتًا بلا سقف عدا غرفة وحيدة ضيِّقة بأحد أركانه، الفَسحة تَحوي فرنًا وسريرَي جريد و"طلمبة" أمامها حوض إسمنتيٌّ وبطَّتَين، أعطت البنت الأمَّ السمكة وساعدتها في شوائها، دقائق وكانت السمكة بين الطفل وأخته في طبق مع رغيف خبز، يبدو أن الأم تظاهَرت بالانشغال بأعمال البيت؛ حتى لا تُشاركهما الطعام القليل. قاطَعَني دخول الخادم يدفع طاولةً عليها فنجانَي قهوة، طرفَت عيني نحو البيت الطينيِّ، وجدت الطفل وأخته يُمسك كل واحد منهما بقطعة لحم من السمكة، ويتَسابقان ليُطعما أمَّهما، بحركة لا إراديَّة أخرجت مبلغًا من المال وأحكمتُه، ثم ألقَيتُه بمهارة في فسحة الدار، واختبأت. دلف صديقي الثريُّ معتذرًا لانشغاله بمُكالمة مهمَّة، جلسنا إلى الطاولة، وسألني لِخبرتي كمحامٍ عن الطريقة المثلى التي تُمكِّنه من امتلاك البيوت الطينية المجاورة، وأفصَح عن رغبته في تحويلها لحديقة تُحيط بنايته، وقبل أن أتحدَّث دخل الخادم يُخبر صديقي بوجود طفل بالخارج يسأل: هل سقط من شرفتنا شيء ما؟ وقفتُ مستغربًا: أستأذنك... وأكملتُ بحروف صارمة: ذاهبٌ مع الطفل للشهر العقاري؛ فأنا بحاجة إلى أن يُوكِّلني لأقف في صفِّه إذا ما حاول أحد أن يسلب منهم بيتهم الطينيَّ المجاورَ لكم صديقي العزيز!
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |