|
|||||||
| ملتقى مشكلات وحلول قسم يختص بمعالجة المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
|
زوجتي تشك فيَّ شكًّا مرضيًّا أ. عصام حسين ضاهر السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. زوجتي تشكُّ فيَّ شكًّا غير طبيعيٍّ، تشك أني أُقيم علاقةً مع امرأة أخرى، أو رجلٍ، أو طفلٍ! إذا تأخرتُ عن عملي تظل تسألني: أين كنت؟ وإذا أخبرتُها فلا تصدِّق! أحيانًا تُداهمني في عملي فجأةً لتتأكَّد أني في العمل، كدنا ننفصل بسبب أفعالها! وصل بها الحال أن تدعوَ عليَّ كثيرًا، وأن يفضحني اللهُ إذا كنتُ أفعل شيئًا خطأً. أصابها هذا الشكُّ عندما رأتْ رسالةً مِن فتاةٍ على بريدي، فسألتني عنها، فأنكرتُ معرفتي بها، وزاد عندما رأتْ مذكراتي وكتاباتي وأني أحب فلانًا وفلانًا! مع أني كاتب في هذه المذكرات أشياء كثيرة من المباحث العلمية والشرعية، لكنها تركتْ كلَّ ذلك، وركزتْ على الحب فقط، فاتهمتني بوجود علاقة آثمة بيني وبين أخرى! أنا يَئِسْتُ مِن أن تقتنعَ بأنها على خطأ، لقد مرَّ عام وأكثر ونحن على هذا الحال، والآن أنا أفكِّر في طلاقِها لأنني لن أستطيعَ أن أعيش معها هكذا، فما نصيحتكم لي؟ علمًا بأنها امرأة طيبةٌ صالحةٌ، فيما عدَا كثرة شكِّها في كلِّ الناس. الجواب: الحمدُ لله، والصلاةُ والسلام على رسول الله ومَن والاه، وبعدُ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أخي الكريم، يتمنَّى كلُّ إنسانٍ أن يعيشَ حياةً مُستقرةً، ينعم فيها بالأمنِ والهدوء، ويبذل في سبيل ذلك الكثير مِن التضحيات؛ سواء المادية أو المعنوية، ولكن الحياة دائمًا لا تُعطي الإنسان كلَّ ما يتمناه ويطلبه، وما أصدقَ قول أبي الطيب المتنبي: مَا كُلُّ مَا يَتَمَنَّى المَرْءُ يُدْرِكُهُ ![]() تَأْتِي الرِّيَاحُ بِمَا لَا تَشْتَهِي السُّفُنُ ![]() وفي العلاقات الزوجيةِ ينبغي على العُقلاء أن يتغاضوا عن بعض الهفَوات والزَّلَّات للطرف الآخر، فكما قيل : "تسعةُ أعشار حُسن الخُلُق في التغافُل"؛ لأنَّ العلاقات الزوجية تحتاج إلى ذلك، وإلى أن ينظرَ كُلُّ طرفٍ إلى إيجابيات الطرف الآخر، فيرى أفضل ما فيه، ويتغاضى عما يَسُوءُه منه؛ لذلك خاطبنا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - قائلًا: ((لا يفرَك مؤمنٌ مؤمنةً، إن كرِهَ منْها خُلقًا رضِيَ منْها آخرَ، أو قال: غيرَهُ))، قال الشيخ السَّعْدِي - رحمه الله - في تناوُلِه لهذا الحديث: "وفي الحديثِ فائدتان عظيمتانِ: إحداهما: الإرشاد إلى مُعاملة الزوجة والقريب والصاحب والمعامل، وكل مَن بينك وبينه علاقة واتصال، وأنه ينبغي أن توطِّن نفسك على أنه لا بد أن يكونَ فيه عيبٌ أو نقص أو أمر تكرهه، فإذا وجدت ذلك فقارِنْ بين هذا وبين ما يجب عليك، أو ينبغي لك مِن قوة الاتصال والإبقاء على المحبة، بتذكر ما فيه مِن المحاسن، والمقاصد الخاصة والعامة، وبهذا الإغضاء عن المساوئ، ومُلاحظة المحاسن، تَدُومُ الصُّحْبَةُ والاتصال، وتتم الراحة، وتحصل لك. الفائدة الثانية: وهي زوال الهمِّ والقلق، وبقاء الصفاء، والمداوَمة على القيام بالحقوق الواجبة والمستحبَّة، وحصول الراحة بين الطرفَيْن، ومن لم يسترشدْ بهذا الذي ذكَرَهُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بل عَكَس القضية، فلاحَظَ المساوئَ، وعمي عن المحاسن؛ فلا بُد أن يقلقَ، ولا بُد أن يتكدرَ ما بينه وبين مَن يتصل به من المحبة، ويتقطع كثير مِن الحقوق التي على كلٍّ منهما المحافظة عليها". لذلك أنصحك بما يأتي: أولًا: انظر في محاسن زوجتك - فهي كما أخبرتَ امرأة صالحة - وعدِّد إيجابياتها، وسترى أنَّ فيها الكثيرَ مِن الأمور التي تعجبك، فلا تأخذها بجريرة هذا الشك، حتى ولو كرهته، واعلم أن الله تعالى يقول: ﴿ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾[النساء: 19]. ثانيًا: لا تنسَ أنك المسؤول عن زرْع هذا الشك في زوجتك؛ لذلك عليك أن تبعثَ فيها الثقة فيك مِن جديد، وأن تعملَ على تقوية ثقتها بنفسها أيضًا، بالعديد مِن الوسائل، مثل أن تجعلَها تطَّلِع على جوالك ورسائلك البريدية مِن وقتٍ لآخر، وألا تمنعها مِن شيءٍ مِن ذلك. ثالثًا: حاول أن تخرجَ بها في رحلة ترفيهيةٍ تستمر لمدة ثلاثة أيام أو أكثر، بعيدًا عن المنزل والجو الذي تعيشان فيه الآن، فسوف يكون لذلك أثره - بإذن الله تعالى. رابعًا: ليكن لكما جلسة إيمانية يومية بالمنزل، تبدأ مثلًا بعد صلاة الفجر، تَقْرَأَان فيها وِرْدًا قرآنيًّا، وتقولان أذكار الصباح معًا، ثم تصليان صلاة الضُّحَى، وستريان تغيُّرًا ملموسًا في العلاقة - بإذن الله تعالى؛ حيث إنَّ طاعتك لربك ستحسِّن لك مِن خُلُق زوجتك معك، واحذر الوقوعَ في المعصية؛ لأنك سترى ذلك في تصرُّف زوجتك معك، وهذا هو ما جعل بعض السلف يقول: إني لأعرف طاعتي مِن مَعصيتي مِن خُلُق زوجتي وعثرة دابتي. خامسًا: كنْ حريصًا على قلب زوجتك، فلا تجرحه بتصرفٍ يغضبها، فقد قيل لأبي عثمان النيسابوري: ما أرجى عمل عندك؟ قال: كنتُ في صبوتي يجتهد أهلي أن أتزوَّج فآبى، فجاءتني امرأةٌ فقالتْ: يا أبا عثمان، أسألك بالله أن تتزوَّجني، فأحضرت أباها، وكان فقيرًا فزوجني منها، وفرح بذلك، فلما دخلت إليَّ رأيتها عوراء، عرجاء مشومة! قال: وكانتْ لمحبتها لي تمنعني الخروج، فأقعد حفظًا لقلبِها، ولا أظهر لها مِن البُغض شيئًا، فبقيتُ هكذا خمس عشرة سنة حتى ماتتْ، فما مِن عملي شيء هو أرجى عندي مِن حفظي لقلبِها. سادسًا: اكتبْ هذا الحديث، وضعْهُ في مكانٍ بارز في منزلك، حتى تراه زوجتك كلما مرتْ به، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إنَّ مِن الغيرة ما يحب الله، ومنها ما يبغض الله، فأما الغيرة التي يحبها الله فالغيرة في الريبة، وأما الغيرة التي يبغض الله فالغيرة في غير الريبة))؛ حسَّنه الألباني في صحيح الجامع. سابعًا: إذا قمتَ بتلك الأمور السابقة جميعها، وداومتَ على ذلك فترة مِن الزمن، وليكن أربعة أشهر مثلًا، ولم تجد تغيرًا من تصرفات زوجتك، وأن حالة الشك التي تمر بها ما زالتْ مُستمرةً، فأنصحك حينها أن تطلبَ منها أن تزورَ طبيبةً نفسيةً؛ لتساعدها على التخلص مِن وطأة الشك الذي تُعاني منه، فربما تكون تعاني مما يعرف بالاضطراب الضلالي. أسأل الله تعالى أن يُصلحَ لك زوجتك، وأن يُباركَ لها فيك، ويُبارك لك فيها، وأن يجمعَ بينكما في خيرٍ دائمًا.
__________________
|
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |