تدبر القرآن: أهميته وحكمه - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 924 - عددالزوار : 120612 )           »          قواعد مهمة في التعامل مع العلماء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          مكارم الأخلاق على ضوء الكتاب والسنة الصحيحة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          من سؤال الرسول صلى الله عليه وسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          تخريج حديث: أو قد فعلوها، استقبلوا بمقعدتي القبلة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          من أسباب المغفرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (القوي، المتين) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          {إن ينصركم الله فلا غالب لكم} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          مسألة تلبّس الجانّ بالإنسان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          من مائدة الحديث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 8 - عددالزوار : 2959 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 23-01-2022, 08:25 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,369
الدولة : Egypt
افتراضي تدبر القرآن: أهميته وحكمه

تدبر القرآن: أهميته وحكمه
د. محمود بن أحمد الدوسري



إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أمَّا بعد: فالحديث عن "تدبُّر القرآن: أهميته وحكمه" يُجمَع في ثلاثة أمور:

أولًا: تعريف تدبُّر القرآن:

أ- «التَّدبُّر» لغة:جاء التَّدبُّر في اللُّغة مصدرًا مشتقًّا من الفعل الماضي (تَدَبَّرَ)، وقد ذَكَرَ جماعة من علماء اللُّغة لهذا الفعلِ ومشتقَّاتِه استعمالات عديدة، وسوف نَعْرِضُ للمعاني التي تتعلَّق بموضوع البحث، وهي على النَّحو الآتي:

التَّدبُّر: مصدرٌ فِعْلُه الماضي: تَدَبَّرَ. وهو فِعلٌ مزيدٌ، اشتُقَّ من الفعل المجرَّد الماضي: دَبَرَ. ومضارعه: يَدْبُرُ، والمصدر: دَبْرًا ودُبُورًا[1]. ودَبَرَ النَّهارُ أو الصَّيفُ: انْصَرَم، مَضَى وانْقَضَى. ودَبَرَ الشَّيءَ: جاء بعدَه وخلفَه. وتدبَّر الأمرَ تدبُّرًا: نَظَرَ في أدباره، أي: عواقبه، وتفكَّر فيه.



والتَّدبُّر: النَّظر في أدبار الأمر. وهو يعني: التَّأمُّلَ في عواقبه، أو ما يؤول إليه[2]. وتدبَّر الأمرَ: رأى في عاقبتِه ما لم يره في صدره، قال تعالى: ﴿ أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ ﴾ [المؤمنون: 68]. أي: ألم يتفهَّموا ما خُوطبوا به في القرآن العظيم[3].



وخلاصة التَّدبُّر - في أصل اللُّغة: هو النَّظر في عاقبة الأمر والتَّفكُّر فيه، بحيث يشمل أواخر دلالات الكَلِمِ ومراميه البعيدة[4].



ب- «تدبُّر القرآن» اصطلاحًا:قال الآلوسي رحمه الله: «وأصل التَّدبُّر: التَّأمُّل في أدبار الأمور وعواقبها، ثمَّ استُعمل في كلِّ تأمُّل، سواء كان نظرًا في حقيقة الشَّيء وأجزائه، أو سوابقه وأسبابه، أو لواحقه وأعقابه»[5]. وقال السِّعدي رحمه الله - في معنى تدبُّر القرآن: «هو التَّأمُّل في معانيه، وتحديق الفِكر فيه، وفي مبادئه، وعواقبه، ولوازم ذلك»[6].



والخلاصة في «معنى تدبُّر القرآن»:تفهُّم معاني ألفاظه، والتَّفكُّر فيما تدلُّ عليه آياته مطابقةً أو ضمنًا، وما لا تتمُّ تلك المعاني إلاَّ به من الإشارات والتَّنبيهات، وانتفاعُ القلب بذلك، بخشوعه عند مواعظه، وخضوعه لأوامره ونواهيه، وأخذ العبرة منه[7].



ثانيًا: أهمية تدبر القرآن:

تبرز أهميَّة تدبُّر القرآن العظيم في أمور كثيرة، يأتي في مقدِّمتها أنَّ تدبُّر القرآن وتفهُّم علومه من النُّصح لكتاب الله تعالى، وقد أشار إلى هذا المعنى أهل العلم، منهم ابن رجب رحمه الله بقوله: «وأمَّا النَّصيحة لكتاب الله: فشِدَّةُ حُبِّه وتعظيمُ قدرِه، إذ هو كلامُ الخالق، وشدَّةُ الرَّغبة في فَهْمِه، وشدَّةُ العناية لتدبُّره، والوقوف عند تلاوته؛ لِطلب معاني ما أحبَّ مولاه أن يفهمه عنه، ويقوم به له بعدَ ما يفهمه.



وكذلك النَّاصح من العباد يتفهَّم وَصِيَّةَ مَنْ ينصحه، وإنْ ورد عليه كتابٌ منه عُني بفَهْمه؛ ليقوم عليه بما كَتَبَ به فيه إليه، فكذلك النَّاصحُ لِكتاب ربِّه يُعنى بفَهْمه؛ ليقوم لله بما أمر به كما يحبُّ ويرضى، ثم يَنْشُرُ ما فهم في العباد، ويُديم دراسته بالمحبَّة له، والتَّخلُّق بأخلاقه، والتأدُّب بآدابه»[8]. وهناك أمور أخرى تُبرز لنا أهميَّة تدبُّر القرآن الكريم، وهي على النَّحو التَّالي:

أ- حاجة القلب إلى تدبُّر القرآن:

القلب فيه وحشة لا تُزال إلاَّ بالأنس بكتاب الله تعالى، والتَّأمُّل في آياته، وفيه قلق وخوف لا يؤمِّنه إلاَّ السُّكون إلى ما بشَّر الله تعالى به عباده، وفيه فاقة لا يغنيها إلاَّ التَّزوُّد من حِكَمِ القرآن ومواعظه وعبره، وفيه حيرة واضطراب لا ينجيه منها إلاَّ الاعتصام بكتاب الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ * قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ [يونس: 57-58].



وقد حذَّر الله تعالى عباده المؤمنين من مغبَّة التَّمادي في هجر القرآن، فتكون نتيجته قسوةَ القلوب، فقال تعالى: ﴿ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنْ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمْ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ﴾ [الحديد: 16]. قال محمد بن كعب رحمه الله: «كانتِ الصَّحابة بمكَّة مُجْدبين فلمَّا هاجروا أصابوا الرِّيف والنِّعمة، ففتروا عمَّا كانوا فيه، فقست قلوبهم، فوعظهم الله فأفاقوا»[9]. والعتاب لعامَّة المؤمنين أحرى وأولى.



والأصل أنَّ قلوب المؤمنين وجلودَهم تخشع وتخضع وترقُّ وتسكن وتطمئنُّ عند ذكر الله تعالى: ﴿ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ﴾ [الزمر: 23].



فمَنْ أراد أن يخشع قلبه، وينشرح صدره، فلا غنى له عن التَّفكُّر والتَّمعُّن في الآيات الكريمات، ولا يكن همُّه - إذا افتتح السُّورة - أن يقول في نفسه: متى أختمها. قال الآجرِّي رحمه الله: «فالمؤمن العاقل إذا تلا القرآن استعرض القرآن، فكان كالمرآة يرى بها ما حَسُن من فعله وما قَبُحَ فيه، فما حذَّره مولاه حَذَره، وما خوَّفه به من عقابه خافه، وما رغَّب فيه مولاه رَغِبَ فيه ورجاه.



فمن كانت هذه صفته، أو ما قارب هذه الصِّفة فقد تلاه حقَّ تلاوته، ورعاه حقَّ رعايته، وكان له القرآن شاهدًا وشفيعًا وأنيسًا وحِرْزًا، ومن كان هذا وَصْفَه نفع نفسه ونفع أهله، وعاد على والديه وعلى ولده كلُّ خيرٍ في الدُّنيا والآخرة»[10].



و«كان القرآن له شفاءً، فاستغنى بلا مالٍ، وعَزَّ بلا عشيرةٍ، وأنِسَ بما يستوحش منه غيره، وكان همُّه عند التِّلاوة للسُّورة ـ إذا افتتحها: متى أتَّعظ بما أتلوه؟ ولم يكن مراده: متى أختم السُّورة؟ وإنَّما مراده: متى أعقل من الله الخطاب؟ متى أزدجر؟ متى أعتبر؟ لأنَّ تلاوته للقرآن عبادة، والعبادة لا تكون بغفلة»[11].



وقراءة القرآن بالتَّفكُّر هي أصل صلاح القلب واستقامته، ولا شيء أنفع للعبد في معاشه وأقرب إلى نجاته في معاده من تدبُّر القرآن العظيم، وفي هذا الشَّأن يقول ابن القيِّم رحمه الله: «فلا شيءَ أنفعُ للقلب من قراءة القرآن بالتَّدبُّر والتَّفكُّر؛ فإنَّه جامِعٌ لجميعِ منازلِ السَّائرين، وأحوالِ العاملين، ومقامات العارفين، وهو الذي يورث المحبَّةَ والشَّوقَ والخوفَ والرَّجاءَ والإنابة والتَّوكُّل والرِّضا والتَّفويض والشُّكرَ والصَّبرَ، وسائرَ الأحوال التي بها حياةُ القلب وكمالُه، وكذلك يَزْجُرُ عن جميع الصِّفات والأفعال المذمومة التي بها فَسادُ القلبِ وهلاكُه.



فلو عَلِمَ الناسُ ما في قراءة القرآن بالتَّدبُّر، لاشتغلوا بها عن كلِّ ما سواها. فإذا قرأه بتفكُّرٍ، حتَّى إذا مرَّ بآيةٍ وهو محتاج إليها في شفاءِ قلبه، كَرَّرَها ولو مائةَ مرَّة ولو ليلة، فقراءةُ آيةٍ بتفكُّرٍ وتفهُّمٍ خَيرٌ من قراءةِ ختمةٍ بغيرِ تدبُّرٍ وتفهُّم، وأنفعُ للقلب، وأدعى إلى حصولِ الإيمان وذَوْقِ حَلاوةِ القرآن، فقراءةُ القرآنِ بالتَّفكُّرِ هي أصلُ صَلاحِ القلب»[12].



وأكَّد ذلك في موضع آخر، فقال: «فليس أنفعُ للعبد في معاشه ومعاده، وأقربُ إلى نجاته من تدبُّرِ القرآن، وإطالةِ التَّأمُّل، وجَمْعِ منه الفِكْر على معاني آياته؛ فإنَّها تُطْلِعُ العبدَ على معالم الخير والشَّر، وتُثَبِّتُ قواعدَ الإيمانِ في قلبه، وتشيد بنيانه، وتوطِّد أركانه، وتعطيه قوَّةً في قلبه، وحياةً، وسعةً، وانشراحًا، وبهجةً وسرورًا، فيصير في شأنٍ والنَّاسُ في شأنٍ آخر، وفي تأمُّلِ القرآن وتدبُّرِه أضعافُ أضعاف ما ذكرنا من الحِكَم والفوائد»[13].





ب - الدُّخول فيمَنْ أثنى الله عليهم بتدبُّر القرآن:

أثنى الله عزّ وجل - في مواضع كثيرة من القرآن - على مَنْ تدبَّر كلامه وتأثَّر به، وبيَّن أن ذلك صفةُ عباد الله الخاشعين، ومن هذه المواضع:

1- قوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾ [الأنفال: 2-4]. ووجه زيادة إيمانهم - عند سماع القرآن: هو أنَّهم ألقوا السَّمع للقرآن، وأحضروا قلوبهم لتدبُّره، فعند ذلك ازداد إيمانهم ويقينهم.



فالتَّدبُّر يُحدث رغبةَ الخير، واشتياقًا إلى كرامة الله تعالى لهم، ووَجَلًا من عقوباته، وزجرًا عن معاصيه، وكلُّ هذا ممَّا يزداد به الإيمان[14].




يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 96.89 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 95.17 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.77%)]