|
ملتقى الأخت المسلمة كل ما يختص بالاخت المسلمة من امور الحياة والدين |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الخيال في الحب صلاح الحمداني غيَّرَ نظرتَها للحياةِ، ودلَّها على عالم الطُّهر، عالم لا صراعَ فيه مع القدر، غيَّر نظرتها فخلقَ فيها نشوةَ الحياة؛ لينتحرَ كبرياؤها، شانقًا نفسه بكلمة: "أُحبك". كلمة نطقَتْها بعفوية بريئة، تُناجي قلبَها الصغير عن أحلامٍ ضائعة، نطقتها بعفوية تسمو بالحبِّ الطاهر، البعيد عن الأنانية، وعن الرغبات، وعن الشهوات، وعن الأطماع. نطقتها بأحرف تتمرَّد على قيم مجتمعهم المحافظ، نطقتها منتظرةً أن يعلو بمشاعرها الصادقة في بستان تختفي فيه ضجةُ المدينة الفاسقة، وتعلو فيه أنوار العشق؛ لتُخفي المداخن السوداء. وأنا أكتب جذب قلمي أنفاسًا طويلةً، تتمهَّل الوصول إلى النهاية الحزينة، نطقتها... وما كانت تدري أنها تشهد الموت المؤجَّل، نطقتها... وما تدري أن جَوَادها يخترقُ غابة أيامه، يغزو حكاياته التائهة في حبٍّ ضائع. نطقتها... وما تدري أنه لا يختصر الشهادة في طلقة تخترق حاجزَ قلبِه، مصوَّبة من النظام، لكنه يخشى الشهادة في طعنة تُسقِط القلبَ من الهيام. انتظرَتْ جوابَه متأمِّلَةً صمتَه في خيالٍ ينسجُ حكايات تغلي في الذات، وتتوتَّر في الإدراك، كتبت أنامله الخشنة الملمس: كيف أحببتني في هذا الوقت؟ تراقصت عيناها... اختنقت أنفاسها... وتسارعت دقَّات قلبها في الخفقان، وضعت يديها عليه وتساءلت بصوتٍ مسموعٍ: أتراه الموت؟ إذا بها تسمع صوتًا بعيدًا يجتاح الخيال: كلَّا، يا ملاكي، إنه الحبُّ. أدركت أنه صوتُ أختها، فتورَّدت خجلًا معلنة عن ارتكابها لِجُرم لا يعاقب عليه القانون ولا الأعراف ولا الدين؛ لأنه مرئيٌّ ترتكبه الجوارحُ عندما يثمل العقل، ويغيب عن القلب، فيجد حريَّة تبحر إلى العالم الذكوري، وتستسلم له؛ لذا يعاقب عليه القدر. عادت أناملها للوحة الحاسوب، فكتبت بكلمات متقطِّعة، تكاد تصف مشاعرها النبيلة: وهل للحب ميعادٌ، أخي؟ قرَّرت أن تنسحب؛ لأن حبَّها لأخيها أصبح من المحرَّمات، وتجاوز خطوطَه الحمراء، لكنَّ أخاها أفاض عليها بكلماتٍ، جعلتها ترضخ للحظات من الأمل، وجعل نبضَها يمشي على الماء، ويسافر نحوه ويتوغَّل بشوق لقلبه من شريان إلى شريان. ومع إشراقٍ جديدٍ، أشرقت حياة جديدة، خرجت من أيام الخريف والنزيف؛ لتعلن عن عهد شريف، أشرقت أنوارُ العفَّة؛ لتعلن عن مولودة جديدة تتوجها أجنحة الملائكة في عرش الحب الطاهر. لم تسأل عن النار، ولا عمَّن يخلق الأقمار، وتوقَّفت عن التقاط الأصداف، وانشغلت بالتنقيب عن الماسة في البحار، غيرت حياتها وهاجرت من عالم الثائرات إلى عالم الملتزمات. تسوَّقت من كتبها ما تحتاجه من كلمات، وحملت قُفَّة من العبارات، ولاحت في أفق المتاهات، مقدِّمة جبلًا من التنازلات. ذات يوم قررت أن تضع حدًّا لحبٍّ تائه في الظلمات، فأرسلت له رسالةً لا يهم ما كُتب فيها؛ لأن الأهمَّ أنها انتهت بكلمة: "الودااااااااع". دون أن يكترث، ودون أن يتمسَّك بها ولو للحظات، ردَّ: "أتمنى أن يتقطَّع قلبي بحبك، ساعتها "فلانة" سأبحث عنك بأي طريقة ولو تحت الأرض...". نطقَها وما كان في قلبها لؤلؤٌ، وفي جرحها احتفالٌ، نطقها وماتت دموعها وحيدة فوق خديها، ذبل جسدها، وأصبحت كثوبٍ رثٍّ فَقَدَ ورديَّتَه. وقفَتْ أمام باب غرفتِها الضيِّقة، فتحت النافذة، استلْقَتْ فوق سريرها، أغمضت عينيها تتذكَّر سربَ التماسيح السوداء، لطالما كانت صادقة مع الآخرين، لكنها لم تتذوَّقْ طعمَ الصدق مع نفسها، فاكتشفت أن لا سعادةَ أعذب من سعادة تعيشها في لحظة صدق. أشواكها حمَتْها من النحل الجائع، لكنها لم تحمِها من خضوعٍ أنثويٍّ عنيدٍ، لطالما مرَّر وجهها على كلِّ الوجوه ليستقرَّ في وجهٍ استقرارًا يبحث عن براءة الصِّبا في ملامح تنطق بشجاعة عارمة. تنطق بتحدٍّ يُثير فيك غرورًا عنيفًا، تهلَّلت أساريرها، وتنهَّدت: تراه كم سيطول هذا الانتظار؟ أخرجته من عالمها، لكنَّها لم تخرج عالمه منها: تراه سيعود يومًا؟ أنزلت الستار فوق مُقلتيها، واستقرت دمعتان فوقَ رموشِها، وكتبت بهما رسالة الوداع فوق خدَّيها، واستسلمت للنوم.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |