حتى لا تغرق السفينة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         المبسوط فى الفقه الحنفى محمد بن أحمد السرخسي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 430 - عددالزوار : 20047 )           »          التوضيح لشرح الجامع الصحيح أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري المعروف بـ ابن الملقن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 9 - عددالزوار : 157 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 5115 - عددالزوار : 2393095 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4703 - عددالزوار : 1698551 )           »          تنبيه وتحذير من عصابات الدجل أو الابتزاز (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 97 )           »          فرص وكنوز ليالي الشتاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 54 )           »          الصدقة على النفس كل يوم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 48 )           »          خطورة الغش وأهم صوره (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          عولمة الرذيلة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 60 )           »          القدوة الصالحة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 71 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الأسرة المسلمة > ملتقى الأمومة والطفل
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الأمومة والطفل يختص بكل ما يفيد الطفل وبتوعية الام وتثقيفها صحياً وتعليمياً ودينياً

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28-12-2021, 12:26 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 168,343
الدولة : Egypt
افتراضي حتى لا تغرق السفينة

حتى لا تغرق السفينة


د. محمد بن إبراهيم السعيدي


يتخذ اسم هذا المقال جاذبيته من كونه ترجمة دقيقة لما رواه البخاري وغيره عن النُّعْمَانَ بن بَشِيرٍ -رضي الله عنهما- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَثَلُ الْقَائِمِ على حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فيها كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا على سَفِينَةٍ فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلَاهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا فَكَانَ الَّذِينَ في أَسْفَلِهَا إذا اسْتَقَوْا من الْمَاءِ مَرُّوا على من فَوْقَهُمْ فَقَالُوا لو أَنَّا خَرَقْنَا في نَصِيبِنَا خَرْقًا ولم نُؤْذِ من فَوْقَنَا، فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وما أَرَادُوا هَلَكُوا جميعا وَإِنْ أَخَذُوا على أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جميعهم».

وبالرغم من قِصَر هذا الحديث ووجازة القصة التي يتضمنها، إلا أن تعدد الآفاق التي يفتحها للمتأمل تجعل اتخاذه عنوانا لعدد من الكتابات أو المحاضرات لا يعني حتمية تكرار الفكرة أو تكرار أسلوب المناقشة.

مفهوم الإسلام للحياة الدنيا

فالقصة التي في الحديث يمكن اتخاذها صورة مصغرة لمفهوم الإسلام للحياة الدنيا عموما، فالدنيا دار سفر وليست دار مقامة، والناس في هذا السفر يعانون حتمية المشقة التي تصيب أصحاب الأسفار، ومن حكمة المسافر التي تمليها عليه حاجته: أنه لا يبحث عن حلول لأكثر ما يصاحب سفره من مشكلات، ليقينه بأن هذه المشكلة سوف تنتهي بانتهاء هذا السفر، وحين يشغل نفسه بالبحث عن مثل هذه الحلول فإنه سيكون حتمًا أول المتضررين.

مشكلات ذات طابع مصاحب للحياة

والحياة الدنيا تشتمل على مشكلات ذات طابع مصاحب للحياة لا يمكن انفكاك الحياة عنه مهما تحسنت سبلها وازداد رغد العيش فيها، كالذي يُلاقيه البشر جميعهم من مشاق الحياة اليومية التي لا تنتهي، فهذه المشاق لابد من الصبر على صحبتها حتى تنتهي من تلقائها أو تنتهي الرحلة التي تستلزمها.

القضاء على إحدى المشاق

نُزَلاء سُفل السفينة أرادوا القضاء على إحدى المشاق المصاحبة للسفر، التي تقتضي طبيعة تكوين السفينة في ذلك الوقت عدم جدوى أي محاولة صحيحة للقضاء عليها، لكن هؤلاء كانت لديهم حالة مما يُمكن تسميته عدم الدراسة الصحيحة للحالة الراهنة؛ فقدموا لمشكلتهم حلا مُهلكًا يمكن عدَّه أنموذجًا أو قل: كناية عن خطورة مبادرات الحلول السريعة التي لا تصدر عن إحاطة بالظروف المحيطة بالمشكلة.

المطالبون بإحداث الثقب

كما أن في رواية الحديث إشارةً واضحة إلى أن المطالبين بإحداث الثقب لم يكونوا يحملون هَمَّهُم وحدهم بل يحملون همَّ إخوانهم نزلاء علو السفينة؛ حيث كانوا حريصين على عدم إذايتهم بكثرة التردد عليهم في طلب الماء، وحُسن النوايا في كثير من الوقائع يتخذه بعض الناس شعارًا لسلامة المطالب ونزاهة العمل، بل يُمكن لمثل هذا الشعار أن يزيد في أعداد المؤيدين، لكن المثال الوارد في الحديث يُجَسد لنا كيف أن نزاهة المطلب لا تكفي وحدها مُسوغا لتأييد العمل المقترح، لأن الأمور إنما هي بخواتيمها وعواقبها، لكن مُشكلة العواقب والخواتيم أنها لا تحظى من الوضوح بذلك الحجم الذي للشعارات التي لا تعتمد هي أيضا على إدراك كامل بمعطيات الواقع.

تراكم أخطاء المجتمع

وجاء في رواية أخرى للحديث عند ابن حبان: أن مِهراق الماء، أي مكان تجمع مياه السفينة كان عند مكان أحد الراكبين فضجر مما هو فيه فأخذ قَدُومًا يريد أن يخرق به السفينة كي يَصرِف الماء المجتمع لديه إلى البحر، فشكوى هذا الرجل أنه يعاني من مُشكلة لم تُحدثها طبيعة السفر أو طبيعة السفينة، بل صنعها تراكم أخطاء المجتمع المحيط به، فهو مجتمع لا يُبالي بالخطأ بل لا يُبالي بتكرار الخطأ، كما أنه مجتمع أناني لا يبالي بمن حوله وما يعانيه مرافقوه في السفينة من متاعب، ألا تراهم أهملوا مياههم الفاضلة عنهم لتجري إلى حيث مكان ذلك الرجل حتى أصابه الضجر، ولم يلتفتوا إليه ويشعروا بما هو فيه إلا حين وجدوا أنفسهم في خطر من استخدام ذلك المسكين للفأس كحل نهائي لمأساته؟


كناية معبرة

قصة هذه الرواية أيضا كناية معبرة عن نوع من المجتمعات يتسبب بإحداث المصائب لأفراده عن طريق السكوت عن المظالم التي تقع بين أفراد ذلك المجتمع، وعدم الشعور بها حتى يصل الكرب بالمظلومين إلى الإضرار بالجميع في محاولاتهم اليائسة لتخليص أنفسهم.

الأحاديث الشريفة المتضمنة لضرب الأمثال ممتلئة بالكثير من المعاني التي يُمكن استثمارها في محاولة فهم المجتمعات أو استنباط تفسيرات للتاريخ والواقع، كما يمكن من خلالها تقديم محاولات ممتازة لاستشراف المستقبل.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 48.58 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 46.91 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.43%)]