شقة الأبناء تحترق - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4954 - عددالزوار : 2057042 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4529 - عددالزوار : 1325093 )           »          الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 65 - عددالزوار : 52101 )           »          الحرص على الائتلاف والجماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 80 - عددالزوار : 45885 )           »          الدِّين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 196 - عددالزوار : 64241 )           »          فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 374 - عددالزوار : 155291 )           »          6 مميزات جديدة فى تطبيق الهاتف الخاص بنظام iOS 18 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »          إيه الفرق؟.. تعرف على أبرز الاختلافات بين هاتف iPhone 12 و Google Pixel 9 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          برنامج الدردشة Gemini متاح الآن على Gmail لمستخدمى أندرويد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الأسرة المسلمة > ملتقى الأخت المسلمة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الأخت المسلمة كل ما يختص بالاخت المسلمة من امور الحياة والدين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21-12-2021, 03:50 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,565
الدولة : Egypt
افتراضي شقة الأبناء تحترق

شقة الأبناء تحترق
أ. شائع محمد الغبيشي




جلس الأبوان في الصالة يتجاذبان أطرافَ الحديث تارةً، ويتصفَّح كلُّ واحد منها جوَّاله تارةً، وفجأة يشتمَّان رائحةَ دخان، وما هي إلا لحظات وإذ بالدخان يتدفَّق من شقَّة الأبناء بكثافة، يخالطه صراخ الأبناء واستغاثتهم، والمدهش أنَّ الأبَ والأمَّ أخذا يردِّدان: لاحول ولا قوة إلا بالله! لا نستطيع إطفاء ذلك الحريق، وعاد كلُّ واحد منهما إلى جوَّاله، ولم يصبْهما الذُّعر، ولم يحاولا فتحَ الأبواب لإنقاذ البنين والبنات، ولم يتَّصلا بالدفاع المدنيِّ، ولم يستعينا بالجيران.

هل تتوقَّعون أنَّ هذا مشهد حقيقيٌّ؟
هل يتصوَّر عقل بشريٌّ هذا التصرُّفَ من الأبوين؟ هل يُتصوَّر أنْ يصدُرَ هذا التصرُّفُ مِن إنسانٍ له قلبٌ وجنان، وأحاسيس وحنان؟

نعم لا يُتصوَّر ذلك، ولكن الواقع أشدُّ إيلامًا من ذلك؛ فبيوتُنا تحترق على مَن فيها حريقًا أشدَّ مِن احتراق الشقَّة، ولكنه حريقٌ لا نرى لهبه، ولا نشتم دخانه، ولا نُحِسُّ بلفحه وإحراقه.
أُدرك أنكم تتساءلون: كيف ذلك؟!


إنه الحريق الذي يحدث في كلِّ بيتٍ، دون أنْ نشعر به، أو نحن في غفلة عنه، وهو حريق تضييع الأبناء للصلاة وخطره عليهم أعظم مِن احتراق شقَّتهم عليهم؛ لأن حقيقته إحراق للأبناء في الدنيا والآخرة، تأمَّلوا قولَ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مشفق علينا: ((تحترقون تحترقون، فإذا صلَّيتُم الفجر غسَلَتْها، ثم تحترقون تحترقون، فإذا صلَّيتم الظهر غسلتها، ثم تحترقون تحترقون، فإذا صليتم العصر غسلتها، ثم تحترقون تحترقون، فإذا صليتم المغرب غسلتها، ثم تحترقون تحترقون، فإذا صليتم العشاء غسلتها، ثم تنامون فلا يكتب عليكم حتى تستيقظوا))؛ رواه الطبراني، وصححه الألباني.

وينذرنا أخرى فيقول صلى الله عليه وسلم: ((يُبعث منادٍ عند حضرة كلِّ صلاة فيقول: يا بني آدم، قوموا فأطفئوا عنكم ما أوقدتم على أنفسكم، فيقومون فيتطهَّرون، وتسقط خطاياهم مِن أعينهم، ويصلُّون فيُغفر لهم ما بينهما، ثم يوقدون فيما بين ذلك، فإذا كان عند صلاة الأولى نادى: يا بني آدم، قوموا فأطفئوا ما أوقدتم على أنفسكم، فيقومون فيتطهرون ويصلُّون فيغفر لهم ما بينهما، فإذا حضرت العصر فمثل ذلك، فإذا حضرت المغرب فمثل ذلك، فإذا حضرت العَتَمَةُ فمثل ذلك، فينامون وقد غُفر لهم))، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فمدلج في خير، ومدلج في شرٍّ))؛ رواه الطبراني، وحسنه الألباني.

ويوم القيامة يأتي السؤال للمفرِّطين في الصلاة المضيِّعين لها: ﴿ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ﴾ [المدثر: 42، 43].

إخوتي الكرام، فَرْق كبير بين حريق نار الدنيا الذي قد يكتُب الله لصاحبه أجرَ الشهيد، ويَلْقَى الهناء والمسرَّات في آخِرَته، وحريقِ ترك الصلاة، الذي هو عذاب وضيق وشقاء في الدنيا، وفي القبر: ﴿ النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا ﴾ [غافر: 46]، وفي النار حريق لا فكاك منه.

لذا فمسؤولية الأبوين في تربية الأبناء على الصلاة مسؤوليةٌ عظيمة، لا بد لهما أنْ يقوما بجهدٍ عظيم في إنقاذ ذريَّتهما من النار، فهذا إبراهيم عليه السلام يبيِّن سببَ إسكانه لزوجِه وولده بوادٍ غيرِ ذي زرعٍ؛ فيقول: ﴿ رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ ﴾ [إبراهيم: 37]، ويخرج من عندهما فيلهج بالدعاء لنفسه ولذريته فيقول: ﴿ رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ ﴾ [إبراهيم: 40].

ويمدح الله إسماعيل عليه السلام فيقول: ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا * وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا ﴾ [مريم: 54، 55].

ويأمر نبيَّنا محمدًا صلى الله عليه وسلم أنْ يأمرَ أهلَه بالصلاة: ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ﴾ [طه: 132].

تروي لنا أمُّ سلمةَ رضي الله عنها خوف النبيِّ صلى الله عليه وسلم على أهله؛ فتقول: استيقظ النبيُّ صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فقال: ((سبحان الله! ماذا أُنزل الليلة من الفتن؟ وماذا فُتح من الخزائن؟ أيقِظوا صواحب الحجر؛ فرُبَّ كاسيةٍ في الدنيا عاريةٌ في الآخرة))؛ رواه البخاري.

إخوتي الكرام، إن واقعنا مع الصلاة مُحزن مُبكٍ، أين خوفُنا على أبنائنا؟ أين شفقتنا عليهم؟
سأل معلم في المرحلة الثانوية طلابَ فصلِه: مَن صلَّى منكم الفجر هذا اليوم؟ فلم يرفع يدَه إلا ثلاثةُ طلاب!

وسألهم مرَّة أخرى: مَن الذي لا يحافظ على أداء جميع الصلوات؟ فكانت الفاجعة، ما يقارب نصف الفصل لا يحافظ على أداء جميع الصلوات.

إنها كارثة مؤذِنة بالخَطَر، ألا نخاف مِن قول الله عز وجل: ﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ﴾ [مريم: 59]؟

الصلاة صلة بين العبد وربِّه، فكيف نرضى لأبنائنا أن يقطعوا صِلَتَهم بالله؟
الكون كلُّه يسجد لله، فكيف يشُذُّ أبناؤنا عن هذا الكون المتسق في عبوديته لله؟ ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ﴾ [الحج: 18].

الصلاة حماية للأبناء مِن الفتن المتلاطمة التي تحدق بهم، فكيف نحميهم من فتن الشبهات والشهوات وهم مضيِّعون للصلاة؟
قال تعالى: ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ﴾ [العنكبوت: 45].

قال الإمام السعدي: "ووجه كون الصلاة تَنْهَى عن الفحشاء والمنكر: أنَّ العبد المقيم لها، المتمِّم لأركانها وشروطها وخشوعها - يستنير قلبُه، ويتطهَّر فؤاده، ويزداد إيمانه، وتقوى رغبتُه في الخير، وتقلُّ أو تعدم رغبته في الشرِّ، فبالضرورة مداومتها والمحافظة عليها على هذا الوجه، تنهى عن الفحشاء والمنكر، فهذا مِن أعظم مقاصدها وثمراتها"[1].

إنَّ ترك الصلاة والتفريط فيها كُفْر بالله عز وجل؛ فعن عبدالله بن بريدة، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمَن تَرَكَها فقد كفر))؛ رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه، وصححه الألباني.

وعن جابر بن عبدالله يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((بين الرجل وبين الشرك والكفر تركُ الصلاة))؛ رواه مسلم.
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "ولا حظَّ في الإسلام لمَن تَرَك الصلاة"؛ رواه الإمام مالك في الموطأ.

أخي ربَّ الأسرة، تذكَّر أنك مسؤول أمام الله عزَّ وجل؛ ولذا عليك أنْ تستفرغ جهدك في إنقاذ نفسك وذريتك من هذا الحريق المهول، وإليك بعض المقترحات لإنقاذ نفسك وذريتك:
1- كن قدوةً حسنةً صالحةً لأهل بيتك، مبادرًا لأداء الصلاة في بيوت الله.
2- رَبِّ أسرتَك على الصلاة مِن أول حياتك الزوجية، واستغل سنَّ الصغر للحثِّ على الصلاة والأمر بها.
3- الدعاء ثم الدعاء ثم الدعاء من أعظم أسلحة الوالدين في إصلاح الأبناء وتربيتهم على الصلاة.
4- الصبر وعدم اليأس، والاستمرار في التوجيه والحثِّ على المحافظة على الصلاة.
5- التواصل مع المدرسة والمسجد وتكامل الأدوار في الأمر بالصلاة والتربية عليها.

6- حسن العشرة في التعامل مع الأهل والأبناء، والرِّفق بهم، والرحمة والشفقة عليهم، وكسب قلوبهم - مِن أعظم أسباب إصلاحهم وهدايتهم.



[1] تفسير السعدي (ص: 632).

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 51.76 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 50.10 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.22%)]