
14-12-2021, 02:23 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 168,700
الدولة :
|
|
حسن اختيار شريك الحياة
حسن اختيار شريك الحياة
د. سامية منيسي
للأسرة في الإسلام قدسيتها ومكانتها وأهميتها، حيث إنها الخلية الأولى للمجتمع بأسره، فإن صلح الأب والأم صلحت الأسرة وصلح المجتمع كله، وإن فسد الأب والأم فسدت الأسرة وتشتت شملها وانهارت وفسد المجتمع بأكمله وتعرَّض لتيارات عديدة قد تؤدي إلى انهياره[1].
فعندما تبلغ المرأة (الفتاة) سن الزواج عليها أن تختار شريك حياتها بما يناسب مستواها الاجتماعي أولاً ثم المستوى العلمي.. إلا أنه يأتي في مقدمة هذا وذاك الالتزام بالدين والخلق فهو الأساس الأول لمكانة أي إنسان ذكرًا كان أم أنثى.
فقد نزلت آيات بينات عديدة، في هذا المضمار تحث على الالتزام بالطهارة والخشوع، والالتزام بتعاليم الإسلام، والبعد عن الموبقات، فإن اختارت المرأة زوجها ممن لهم هذه الصفات العالية المستوى كان عليها أمينا ولحدود الله حافظًا ملتزمًا.
يقول الله تعالى في سورة المؤمنون: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَىٰ وَرَاءَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَٰئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [المؤمنون: 1 - 11].
كما وصف الله تعالى عباده المختارين المصطفين (وهم عباد الرحمن) الذين وضع فيهم المثل العليا التي يحتذى بها عند المؤمنين، وكذا جزاؤهم الذي سوف يلقونه من الله تعالى بقوله: ﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا *وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا * وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا * إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا * وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا * وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا * وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا * وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا * وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا * وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا * أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا * خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا ﴾ [الفرقان: 63 - 76].
فالإنسان ذو الخلق والدين هو الذي ينبغي على المرأة أن تحرص على اختياره كزوج، وقيّم، وأمين عليها وعلى أولادها وأسرتها. فقد وردت آيات الله البينات كما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الحث على الزواج من صاحب الدين والخلق. ومن مظاهر الخلق والدين التزام المساجد وانتظار الصلاة بكل شغف وحب وترحاب، وأداء الزكاة على وجهها الأكمل.
يقول تعالى: ﴿ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ﴾ [التوبة: 18].
كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في شأن هذه الآية أنه قال: ((إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد فاشهدوا له بالإيمان))[2].
وأيضًا مصداقًا لقوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ﴾ [التوبة: 18].
كما روى عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أحدكم إذا دخل المسجد، كان في صلاة وكانت الصلاة تحبسه، والملائكة يصلون على أحدكم مادام في مجلسه الذي صلى فيه يقولون: اللهم اغفر له. اللهم ارحمه. اللهم تب عليه، مالم يحدث فيه. ولم يؤذ فيه))[3].
كذلك روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما توطن رجل مسلم المساجد للصلاة والذكر إلا تبشبش الله له كما يتبشبش أهل الغائب بغائبهم إذا قدم عليهم))[4].
وعن أهمية حرص الرجل والمرأة على الصلاة حيث إنها أمانة لا تسقط إلا بأداء العبد لها قال تعالى:
﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ﴾ [البقرة: 238].
والحفاظ على الصلاة يدل على أمانة العبد، فإذا حرص على أن يؤدي أمانته تجاه الله تعالى، أدى بالتالي أمانته تجاه خلقه. وصلاة العصر هي الصلاة الوسطى لمزيد فضلها ولكون وقتها أثناء الأشغال لعامة الناس بخلاف سائر الصلوات التي لها فراغ إما قبلها أو بعدها؛ ولذلك توعد رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها فقال: ((من فاته صلاة العصر فإنما وتر أهله وماله)) أي فقدهما، ومعنى (وقوموا لله قانتين) أي مطيعين، خاشعين[5].
وعن عبد الله بن فضالة، عن أبيه قال: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان فيما علمني ((وحافظ على الصلوات الخمس)) قال: قلت: إن هذه ساعات لي فيها أشغال فمرني بأمر جامع إذا أنا فعلته أجزأ عني، فقال: ((حافظ على العصرين)) وما كانت من لغتنا، فقلت: وما العصران؟ فقال: ((صلاة قبل طلوع الشمس، وصلاة قبل غروبها))[6].
لذلك قال تعالى: ﴿ أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا ﴾ [الإسراء: 78].
لذلك كان العصران هما صلاة الفجر وصلاة العصر لأن فيهما مشقة على الإنسان دون بقية الصلوات. فالأول يفزع فيها الإنسان من نومه لأدائها لله تعالى يقول تعالى: ﴿ تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا ﴾ [السجدة: 16].
والثانية تكون وقت انشغال الإنسان في حياته العامة وعمله فإن حرص على كلتيهما حرص على باقي الصلوات وكانت أخف عليه في أدائها. ﴿ تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ ﴾ أي تتنحى عن الفراش للعبادة[7].
لذلك كان من الأحاديث المتفق عليها قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يعقد الشيطان على قافية أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد. يضرب على كل عقدة: عليك ليل طويل فارقد، فإذا استيقظ فذكر الله تعالى انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة. فإن صلى انحلت عقده كلها، فأصبح نشيطًا طيب النفس وإلا أصبح خبيث النفس كسلان))، متفق عليه.
وفي سنن أبي داود عن سعيد بن المسيب: إن أبا قتادة بن ربعي أخبره قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قال الله تعالى: إني فرضت على أمتك خمس صلوات وعهدت عندي عهدًا أنه من جاء يحافظ عليهن لوقتهن أدخلته الجنة، ومن لم يحافظ عليهن فلا عهد له عندي ))[8].
كما روى عن أم فروة قالت: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل؟ قال: ((الصلاة في أول وقتها))[9].
لذلك كان الرجل الذي يلتزم بأداء الصلاة في وقتها ويحافظ عليها هو الرجل الذي تحرص المرأة على الزواج منه.
هذا وقد حضّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على الزواج لأنه حصن للشباب وللإنسان بصفة عامة قال صلى الله عليه وسلم: ((يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فإن الصوم له وجاء))[10]. وهذا الحديث يقرِّب الزواج إلى الوجوب.
وقال صلى الله عليه وسلم في حديث رواه عنه أبو هريرة رضي الله عنه: ((إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد عريض))[11]. فعلى المرأة أن تلتزم بتعاليم الإسلام وأوامر رسول الله صلى الله عليه وسلم للمسلمين في هذا المضمار وعليها أن تختار لنفسها ذا الخلق والدين.
وكذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم لصالح الأسرة والزوج والأبناء باختيار المرأة الصالحة.
كما أمر باختيار الرجل الصالح. فعلى الرجل أيضًا أن يحسن الاختيار، فالمرأة ستكون أمينة عليه وعلى بيته وأبنائه وهي المعلم الأول لهؤلاء الأبناء الذين يحملون اسمه وأيضًا عليها الاختيار لما يناسبها خلقًا ومكانا وعلمًا.
لذلك قال صلى الله عليه وسلم: ((تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس)).
وفي حديث عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تخيروا لنطفكم، أنكحوا الأكفاء وأنكحوا إليهم))[12].
كما روى أبو هريرة رضي الله عنه حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((تنكح المرأة لأربع؛ لجمالها ولمالها ولحسبها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك)) كما روى الحديث عن جابر بن عبدالله أيضًا[13].
هذا وينبغي استئذان المرأة في الزواج حيث منح الإسلام لها الحرية المطلقة في قبول زواجها أو رفضه. فكان سكوت البكر هو علامة قبولها للزواج. أما الثيب - أي من سبق لها الزواج - فينبغي أن تعلن قبولها أو رفضها صراحة لهذا الزواج. أما إذا رفضت البكر زواجها فلا ترغم على ذلك. فقد ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
((لا تنكح الأيم حتى تُستأمر ولا تنكح البكر حتى تُستأذن)) قالوا: يا رسول الله وكيف إذنها؟ قال: ((أن تسكت))[14].
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|