|
ملتقى مشكلات وحلول قسم يختص بمعالجة المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() هل أنتظرها أو أنساها؟ أ. مروة يوسف عاشور السؤال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أشكركم على ما تقدِّمونه مِن عملٍ وخدمة للمسلمين، وأسأل الله أن يجعلَ ما تُقدِّمون في ميزان حسناتكم. أنا شابٌّ في منتصف العشرينيات، كنتُ أعرف فتاةً في المنطقة التي أعيش فيها، ولكني لم أكنْ أتكلم معها؛ إذ كانتْ مُلتزمةً جدًّا. وجدتها قدرًا على موقع مِن المواقع الاجتماعية، فحاولتُ أن أكلمَها، ولكني وجدتُ صعوبةً في هذا الأمر؛ إذ كانت ترفض الحديث، وكان الحديث يقتصر على الدراسة فقط، أحببتُها مع الوقت، وطلبتُ رقم الهاتف، وكنتُ أكلِّمها، ثم صارحتُها أني أريد الزواج منها، ولكني فُوجئتُ بأنها تعتبرني كأخيها ليس إلَّا! ولا تفَكِّر في الزواج في الوقت الحالي! أنا في حيرةٍ كبيرة، كيف أقنعها بالزواج وأنا أحبها جدًّا؟ وهل أصبر حتى تفكر في الزواج ثم أطلب منها، أو أنساها؟ الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. شكَر الله لك ثناءك الحسَن، وتقبَّل دعاءك الطيِّب، وجعل لك منه أوفر النصيب. تطوَّرتْ علاقتكما وتُحادثها في الهاتف وهي مُلتزمة؟! هذه مُشكِلة لدى بعضنا، حُسن الظنِّ بأنفسنا ومَن حولنا! إن كانتْ مُلتزمة وأنتَ مُحافِظ، فلن يغيِّرَ ذلك طبيعة الرجل والمرأة، ولن تتغيَّر الفِتنة الحاصِلة بينهما, والشرعُ منَع بعض الأمور؛ كالتواصُل السرِّي بينكما؛ سدًّا للذرائع مِن هذا المُنطَلق. أيها الفاضل, لم يعدْ هناك مجالٌ للتفكير بعد أن أَخبرتْكَ بأنها لا تراك إلا كأخٍ لها, ولا أنصحك أبدًا بانتِظارها؛ فالفتاةُ عندما تقول هذه العبارة، لا تَعني بها إلا أنها لن تُفكِّر في الزواج منك، اللهم إلا مُضطرَّة! وهذا رفْضٌ صريح للزواج، لكنه مَصحوبٌ ببعض ما مِن شأنه أن يُخفِّفَ مِن حدَّة تأثُّرك، أو يُقلِّل مِن ردة فعلك كما تظنُّ هي, ولعلها لا تَعني بذلك أنها لا تُفكِّر فعليًّا في الزواج؛ فلا أعلم فتاةً طبيعيَّةً لا تُفكِّر في الزواج نهائيًّا! اعلمْ - أيها الكريم - أنَّ المشاعِر مِن الأمور التي لا تُستجلَب ولا تُستخرَج بقوة، أو إلحاح، أو أي نوع مِن أنواع المُحاوَلات, فإما أن تتولَّد مِن تلقاء نفسها، أو لا تكون أبدًا! ولا أنصحك أن تَستسلِم لما أنت فيه، وتبقَى تُمنِّي نفسكَ بيوم يَرِقُّ فيه قلبُها، وتَنظُر إليك غير نظرتها للأخ, فما أسوأ الانتظار، وما أطول ليله على قلب المُحبِّ! وما أصعب الأمنيات الكاذبة؛ تَمنحُك سعادةً لحظات، ثم تُظهر لك الواقع المرير؛ فتصحو منها على صوت قرعاته المُفزعة! كما حدث للقائل: يا سالبًا عَينيَّ طيبَ الهجودْ *** ومُلبسًا جسْمِيَ ثوبَ الضَّنى ![]() لا أنتَ بالوصْلِ عَلينا تَجود *** وَلا أنا أسْلو لِطولِ العَنا ![]() ولم يزلْ حظِّيَ مِنكَ الصُّدودْ *** أُعَلِّل النفس بِطولِ المُنى ![]() القلوب بيد مُقلِّبها - عزَّ وجل - ولا يَملِكها بشَرٌ مهما علَتْ سُلطتُه، وارتفعتْ مكانتُه, والأمرُ انتهى؛ لأن العائق لا يَقتصر على أنها لا تفكِّر في الزواج, بل لأنها تَنظُر إليك نظرتها لأخ, وهذا يَعني - بكلِّ وضوح - أنها متى فكَّرتْ في الزواج، فلن يكونَ أنت مَن تُفكِّر فيه! أعتذر, لكن تلك الحقيقة التي عليك أن تَعِيَها؛ حتى لا تقضيَ عمرك مُنتحبًا، وتُفني دهرَك باكيًا! العمر أمامك - بإذن الله - فسِرْ في الحياة، وامضِ في طريقك، رغم ما يَحمل قلبك مِن همٍّ، وما يَعلو نفسك مِن غمٍّ, فلمْ يَعُدْ هناك وقتٌ لتضييعه في أمور لن نَجني من ورائها إلا العذابَ النفسيَّ، والإجهادَ الجسديَّ. وهنا عليك أن تُفكِّر في تواصُلك معها، وأنه لا غرضَ مِن ورائه الآن، ولا داعي له, فلْتقطَع صِلَتك بها إن كنتَ ترجو طاعة الله، ولْتَستعِن به وحده على نسيانها، ولا تُضيِّق على قلبك, فسُبُل النِّسيان كثيرةٌ، بيد أنَّ أغلب مَن يطلب النسيان يسعى في الطريق المعاكس، ويذكِّر نفسه بما يتمنَّى نسيانه! وهذا مِن عجائب أحوال الناس. فلتكنْ سبيلك في النسيان واقعيَّةً وعمَليةً, وليكنْ أولها إهمال كل فكرة وكل خاطرة تَطرُق ذِهنَك، وتَعصِف بقلبك، مُحاوِلة التنغيص عليك, ولا تُحاول محاربتها أو مُدافعتها بالقوة؛ فلن تزدادَ نفسُكَ بها إلَّا تمسُّكًا, وإنما اشغَلْ نفسَك عنها بهدوء، والأيام كفيلةٌ بتبخيرها. ثم اجتهدْ في إصلاح نفسِك، وتقويم ما تَراه بحاجة لتقويم بها؛ فالنفسُ أمَّارةٌ بالسوء، لن تلبثَ أن تَطرحَ عليك فِكرةً أو رأيًا يصبُّ في غير مَصلحتك، ويَزيد مِن حَيْرَتِك, فلا تَستجِبْ لكل داعٍ، ولا تَستمِع لكل همسَة, وإنما عليك بعَرض كل ما يتراءَى لك على شرْعِ ربنا, فلن تجدَ فيه إلا ما يُريح قلبك، ويُطمئِن نفسَك، ويُسعِدك في الدارَين. أخيرًا، "قد تنتهي الصَّداقةُ بالحبِّ, لكنَّ الحبَّ لا يَنتهي بالصداقة". فتجنَّب لِقاءها، وفرَّ مِن مُراسَلتها، وجاهِدْ محبَّتها، واعلم أنه لم يعدْ إليها مِن سبيل. وفَّقكَ الله، وأصلح حالك، ويسَّر أمرَك، وملأ قلبَك بطاعته ومحبته, والله الموفِّق وهو الهادي إلى سواء السبيل.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |