اللقاء الأول بين المعلم والطالب

[ابوالوليد المسلم]

اللقاء الأول بين المعلم والطالب


د. أحمد حسن محمد علي





"الانطباعات الأولى تدوم"


الانطباع الأول الذي يتركه المعلم في ذهن المتعلم يدوم ويبقى إلى آخر العام الدراسي، ومن ثم فهو من الأهمية بمكان، حيث يمثل حجز الزاوية في العلاقة بين الطلاب والمعلمين الذين يدركون هذه الحقيقة، ويتصرفون خلالها أحد التصرفات الآتية:
• يقوم بعض المعلمين بقهر المتعلمين عملاً بالقول التالي: "كن قاسياً من أول يومٍ يخضعْ لك طلابك"، فيقومون بإثارة الرهبة والرعب بين الطلاب ظنًّا منهم أنهم بذلك سيفرضون شخصياتهم وقوتهم على الطلاب فيسيطروا عليهم، فتكون النتيجة قطع كل أمل في علاقة طيبة تسود الصف بين المعلم وطلابه.

• يقوم بعض المعلمين بتجاهل أثر اليوم الأول في علاقته بالطلاب، فيتراخون في التعامل مع الطلاب الذين بدورهم يستعدون لجس نبض المعلمين، فيفتعلون بعض المشكلات للتعرف على شخصية المعلم، ومن ثم يضيع المعلم فرصة ثمينة كانت في يده لإدارة الصف إدارة فعالة ومفيدة.

• يقوم بعض المعلمين باغتنام تلك الفرصة بأحسن طريقة ممكنة؛ فيقوم بكسر حاجز الخوف والرهبة بينهم وبين الطلاب، ويبنون جسراً من التواصل والمودة التي لا يمكنه بناؤها إلا في ذلك اليوم؛ ولكي يصل المعلم إلى هذه النتيجة يجب عليه اتباع ما يلي:
1- يقوم المعلم بالتعارف على الطلاب محاولاً حفظ أسمائهم، أو إعداد ورقة لكل طالب يسجل فيها اسمه ويضعها أمامه، لأن ذلك من أحب الأشياء لدى الطالب "أن يناديه المعلم باسمه".

2- بناء المعلم نظامًا بينه وبين الطلاب (عقداً اجتماعيًّا بينهم)، بحيث يوضح فيه تعليمات الدرس ونظامه..
مثال:
• التزام الفصحى أثناء الحديث، والامتناع عن الحديث بالعامية، أو بأي لغة أخرى غير الفصحى.
• التنبيه على الالتزام بأوقات الدرس، ومواعيد الاستراحات.
• التنبيه على ضرورة التزام الآداب الإسلامية في طريقة السؤال والجواب وأمور الاستئذان.
• التنبيه على ضرورة الجرأة عند طرح الأسئلة، وترك الخجل المذموم.
• التنبيه على تجنب الغياب، وإثارة دافعيتهم نحو التعلم.

3- يوضح المعلم لطلابه أن ذلك العقد الاجتماعي نابع من خوفه على مصلحتهم؛ وتأصيل تلك المفاهيم القائمة على الحب لا العنف؛ ذلك كي يتسنى له مساعدة الطلاب بأقصى قدر ممكن.

4- لا بد من بناء العلاقة على أساس المرجعية الثقافية للمعلم، لا على الأساس القيمي الذي اعتاده الطلاب، خاصة إذا كانوا من جنسيات مختلفة، فلكل ثقافة طريقة في التعامل مع المعلمين، ومثال ذلك:
• بعض طلاب الغرب لهم عادات خاصة في طريقة الجلوس حيث يضعون قدما على أخرى، ومن ثم على المعلم أن ينبههم أن هذا ليس من ثقافة طالب العلم، ويكون ذلك بلطف لأنه جزء من اكتساب الثقافة.

• بعض طلاب الغرب يتصرفون بطريقة حرة في أمور الطعام والشراب أثناء الدرس، وعلى المعلم التنبيه على ضرورة اتباع التعليمات الخاصة بتلك الجوانب.

• بعض طلاب الشرق يزيد من احترامه للمعلم بحيث ينحني أمامه بطريقة لافتة، فعلي المعلم أن يتقبل تلك الاختلافات بصدر رحب فيما يتلاءم مع نظام الدرس.

5- لا بد من اتخاذ مواقف حاسمة في اليوم الأول من تطبيق تلك التعليمات مما يحث الطلاب على تنفيذها، خاصة إن نجح المعلم في جعل تلك التعليمات نابعة من حبه لهم، وخوفه على مصلحتهم.

6- التذكير دائماً بهذه التعليمات في الأيام التالية على نحو يسير، مثال كأن يقول المعلم لطلابه: (اتفقنا من اليوم الأول على "خمسة لا": لا غياب، لا تأخير، لا كسل، لا حياء من السؤال، لا حديث إلا بالفصحى).

7- ينبه المعلم على ضرورة الاجتهاد مع تحفيز دافعيتهم نحو التعلم وترك الإهمال والكسل.