مقام الحق تعبدا ووجودا - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 859 - عددالزوار : 118732 )           »          شرح كتاب الحج من صحيح مسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 56 - عددالزوار : 40182 )           »          التكبير لسجود التلاوة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          زكاة التمر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          صيام التطوع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          كيف تترك التدخين؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          حين تربت الآيات على القلوب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          تفسير القرآن الكريم ***متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3096 - عددالزوار : 366962 )           »          تحريم الاستعانة بغير الله تعالى فيما لا يقدر عليه إلا الله جل وعلا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »          فوائد ترك التنشيف بعد الغسل والوضوء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 01-12-2021, 08:37 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,235
الدولة : Egypt
افتراضي مقام الحق تعبدا ووجودا

مقام الحق تعبدا ووجودا
محسن الشعار



مدخل:

كنا بدأنا سلسلة مقالات تناقش بعضًا من أسماء الله الحسنى، نتناول فيها مقتضى الاسم ومعناه بما يميِّزه عن غيره من أسماء الله. وهذا المقال متعلِّق باسم الله الحق، لكني أحببت لو يتفرع إلى قضايا عدة؛ أولًا لأهميتها الفكرية، وكذلك لأن هذه القضايا تعين على فهم اسم الله تعالى الحق والعمل بمقتضاه، وهذه أهمية تعبديَّة.




وقبل الحديث عن الله تعالى واتصافه بالحقِّ، وقبل توضيح معنى الحق، يلزم علينا أن نتذكر معلومًا بالضرورة؛ وهو أن القيمة العليا في هذا الوجود، من أقصى نقطة فيه إلى أدنى نقطة، هي الحق.. وأن الوجود كلَّه، دنياه وأُخراه، إنما وُجد بالحق، ولأجل الحقِّ.




والقرآن يأتي بهذا المعنى في كل سياق؛ فيخبرنا:

أن الله تعالى هو الحق، وأن نفس الإنسان إنما وُجدت بالحق، وأن السمواتِ والأرض وما بينهما كله بالحق، وأن الخلق إنما ابتدئ بالحق، وغايته الحقُّ.




﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ [الحج: 62].

﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ [الحجر: 85].

﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا [المؤمنون: 115].




ثم أن الرسل جاءت بالحق، والكتب نزلت بالحق، وتلاوة الآيات على النبيِّ بفعل جبريل إنما كانت، ككل شيء، بالحقِّ! وأن الله يهدي إلى السبيل، ويقول الحقَّ، ولا يقول إلا الحق، وأن الآيات تحوم في الآفاق، وتبيت في النفوس، وما كانت إلا ليتبيَّن لهم أنه الحق!




﴿ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا [البقرة: 119].. ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ [النساء: 105].. ﴿ تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ [آل عمران: 108].. ﴿ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ [الأحزاب: 4].. ﴿ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ [فصلت: 53].




وأن الحكم كلَّه لله، والحكم بالحق، ولا يقبل حكم أرضي من أرضي إلا بالحق، وأن القضاء الأعلى لله، ولا يقضي إلا بالحق.




﴿ قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ [الأنبياء: 112].. ﴿ وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ [الزمر: 69].




وأن الصراع الرئيس الوجوديَّ هو بين الحق وضده، وأن الذين كفروا اتبَعوا الباطل، وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق، وقل: زهق الباطل وجاء الحق. وأن الله يوالي أهل الحق، ولا وليَّ لأهل الباطل، وأن الله يفتح بين أوليائه وأعدائه بالحق.




﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ [محمد: 3].. ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ [محمد: 11].. ﴿ هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ [الكهف: 44].. ﴿ قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ [سبأ: 49].. ﴿ وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا [الإسراء: 81].. ﴿ رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ [الأعراف: 89].




وأن الباطل سجّال، وأهله يجادلون ليُدحِضوا به الحق، لكن الله يمحو الباطل، وبكلماته يحقُّ الحق. وأن الله ناصر دينه الذي أرسل به نبيَّه، وأنه مُظهِرُه على كل باطل؛ لأنه دين الحق.




﴿ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ [غافر: 5].. ﴿ وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ [الشورى: 24].. ﴿ بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ [الأنبياء: 18].. ﴿ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ [التوبة: 33].




وأن للموت سكراتٍ تأتي بالحق، وأنها صيحة واحدة ينهض بها الموتى، وتقوم الساعة، فذلك يوم الحق، وكل ما كان وما يكون هو الحق.




﴿ وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ [ق: 19].. ﴿ يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ [ق: 42].. ﴿ وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ [الحج: 7].. ﴿ ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ [النبأ: 39].. ﴿ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ [الأنعام: 73].




وأن الميزان يقوم بالحق، والكتاب ينطق بالحق، والشهادة بالحق، ووعدُ الله هو الحق، فأهل النار في النار، وأهل الجنة في الجنة، والجنة والنار حق.




﴿ اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ [الشورى: 17].. ﴿ وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ [المؤمنون: 62].. ﴿ وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ [الأنبياء: 97].. ﴿ وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ [الشورى: 7].. ﴿ وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ [غافر: 6].




وأن من استكبر في الأرض معاقَبٌ؛ لأن استكباره منافٍ للحق. ومَن توكَّل على الله آمِنٌ؛ لأن توكُّلَه بالحق.

﴿ فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ [الأحقاف: 20].




وأن الأخلاق الكريمة لا تقوم إلا بالحق، فلا يحدها إلا الحقُّ، والله لا يستحيي من الحق!

﴿ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ [الأحزاب: 53].




وأن مشاعر الإنسان فيه من الحق، فلا يجوز أن تكون في غير الحق، ﴿ ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ [غافر: 75]!

﴿ ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ [غافر: 75].




وأن أهل الإيمان في هذه الدنيا، إنما تواصوا ما تواصوا بالصبر، كما تواصوا بالحق! وأن أهل الكفر إنما يتبعون الظن، ولا يغني الظنُّ شيئًا من الحق.

﴿ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ [العصر: 3].. ﴿ وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا [النجم: 28].




كلُّ هذه آيات في الكتاب العزيز، تبرهن وتؤكد على أن القضية الوجودية القصوى هي الحق، وأنه لا مناص من قيام الحق، طوعًا أو كرهًا. ومتى ما اتضح لنا ذلك، جدر بنا أن نفهم لِمَ وعلامَ يكون الحق قضية الوجود العظمى؟ وما مقتضى ذلك؟ وهو ما نفصله في الآتي بإذن الله.



مفهوم الحق:

الحق في اللغة هو صِنوُ الحقيقة؛ أي الذي لا ريب فيه ولا شك، لا في وجوده، ولا في صفته التي يعلم بها كنهه والغاية منه والقصد إليه، ومثال هذا لو قلت: "تحقَّقَتِ النبوءةُ"؛ أي: خرجت للوجود على صفتها المعلومة.




وضده الباطل، وهو المعدوم، وجودًا أو صفة، بل إن المشكوك في وجوده وصفته هو مِن الظن، وهو باطل، وليس من الحق في شيء ﴿ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا [النجم: 28].




قد قال تعالى: ﴿ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ [الرعد: 17]، فانتفاء صفة النفع والغائية في الزَّبَد، جعلته باطلًا، وثبوتُ صفة النفع والغائية فيما يمكث في الأرض جعلته حقًّا، كذلك يضرب الله الحقَّ والباطل.




وقال تعالى: ﴿ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا [الأنفال: 4]، ﴿ أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا [النساء: 151]؛ أي: بالصفة التي يكونون بها مؤمنين أو كافرين، و(يستحقون) بها أن يكونوا المؤمنين أو الكافرين[1].




ومن هنا، فإن الله تعالى، باسمه الحق، قد اتصَف أزلًا بالوجود المطلق، متصفًا بصفاته العليا، وقد سمى نفسه بأسمائها، وهذا على غير شكٍّ أو ريب، فوُجود الله تعالى وصفاته حقيقة مطلقة يُسلَّمُ بها، ولا يجوز أن تكون على سبيل الظن. بل إن الله تعالى وحده هو الحقيقة الأولى المطلقة، التي لو بطَلتْ، لم يكن بعدها أيُّ حقائقَ، وفي ذلك تفصيل خفيف.




إن حقيقةَ وجود الله تعالى يُتوصل إليها باعتبار الضروريات العقلية، كمبدأ السببيَّة، وقانون التمانع، وغيرها من الضروريات التي لا يستقيم بدونها منطقٌ ولا ذهن. وهذه الضروريات هي في حكم البداهة، لا تحتاج إلى إقامة دليل، كما نقول بأن الكلَّ أكبرُ من الجزء، وأنه لا يجتمع نقيضان، إلى غيرهما من البدهيات التي لا تحتاج لإعمال نظرٍ أو إقامة دليل.




وإن من أنكَر الله تعالى وجودًا، أنكَر هذه الضروريات؛ إذ إن التزامها حتمًا يصل بنا إلى إثبات وجود الله عز وجل؛ ولذلك لما نرى قول الملاحدة في إنكار الله، فإنهم بداية يقولون بأن الضروريات العقلية ليست في الواقع ضروريات ولا بدَهيات، وإنما هي فعلُ التطور البشري، حتى صار يوهم نفسَه بأفكار لا أصل لها، وإنما هو تطوُّر تكيفي مع الواقع الطبيعي؛ فلا حقيقة مطلقة! ولا ضروريات عقلية، ولا حاجة للبحث عن سبب ظاهرة الضروريات العقلية عند الإنسان؛ إذ إنها أصلًا وهم، وإذ إن وجود سبب أصلًا ليس ضرورة، وإنما هو من فعل الوهم، وهنا ينفرط عِقدُ الحقائق كلها، فقد سقطت الدراية بأصل الحقيقة.




فمثلًا؛ لما اكتشف نيوتن قانون الجاذبية، إنما توصَّل إليه من منطلق واحد، وهو أن هناك سببًا لسقوط التفاحة، ضرورة عقلية، تلك التي بغير اشتعالها في نفسه وفكره، ما قام يبحث عن حقيقة شيء ولا مردِّ أمرٍ، ولما استنتجت قوانين الحركة حتى اليوم، وإنما كانت جل الحكاية بلا قيمة، ولكانت القصة ببلاهة الأكل والاستطعام.




ثم إن قانون نيوتن نفسَه كله بناء للنَّتيجة على السبب، قوة تؤثر في جسم فيَتحرك أو يسكن!




وكذلك في كل قانون علمي، إذا سقطت الضروريات العقلية، ما كان لها في الوجود وجودٌ، وما كان لها في نفس الإنسان رغبة في الوجود. وهكذا باطراد؛ إنكار الضرورات العقلية يسقط كلَّ حقائق الوجود، ويبطل العلم بأي شيء كان، ولا يعرف الواقع من الهيام!

﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ [غافر: 69].




فالعلم بالله أصل معلوم.




وقد قال ابن القيم في هذا: "فإِنكار صانع الكون وجَحدُه في العقول والفطر بمنزلة إنكار العلم وجَحده، لا فرق بينهما، بل دلالة الخالق على المخلوق عند العقول الذكيَّة المشرقة، والفِطَرِ الصحيحة، أظهرُ من العكس".




وقال ابن تيمية: "كيف تطلب الدليل على من هو دليلٌ على كل شيء؟

وليس يصحُّ في الأذهان شيءٌ = إذا احتاج النهار إلى دليلِ".




ومشكلة المنكرين على الدوام هي أن الضروريات العقلية تصل بالعقل إلى الله تعالى، فعند التسليم بها يتعين الإجابة على أسئلة السببيَّة والغاية، وكذلك يتعين عليهم أن يحدِّدوا كيف فُطِر الإنسان على الضروريات العقلية، لا يتخلف عنها عقل، ولا ينكرها بالفطرة أيُّ إنسان! لكنهم أنكروا الحقيقة المطلقة مرة، فانفرط العِقد حقيقةً حقيقة، وانتفى العلم.
يتبع






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 111.48 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 109.76 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.54%)]