استفزاز زوجي وحب السيطرة

[ابوالوليد المسلم]

استفزاز زوجي وحب السيطرة

أ. أسماء مصطفى



السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بعد قراءتي لكثيرٍ مِن مَواضيعكم وثقتي بأنِّي سأجد حلاًّ عندكم، أعْرِض عليكم مشكلتي.
أنا متزوِّجة منذ مدة قصيرة ولدي طفل، وزوجي في نفْس عُمري، دائمًا يشعرني بأنه يُريد السيطرة؛ ليصبح رجلاً كاملاً، يَتَدَخَّل في أمورٍ لا تحقُّ له.


يُحبني بجنونٍ، وأنا أحبه، ولكن أخاف منه! دائمًا يشعرني بأنه إذا كبرتُ فإنه سوف يتزوَّج غيري، أكره تهديداته، وهذا يجعلني متوتِّرة، أكره أن أضحِّي بشيء مِن أجله، دائمًا أتذكَّر كلامَه لي، يشعرني بأنه سيقضي معي وقتًا ومرحلةً عمرية وسيتركني.


أحيانًا أشعُر بأنه يكذب، ويُحب استفزازي، وأقسم بالله، لا أطيق أن يلعبَ أحدٌ بمشاعري ويستفزني.


مشكلتي الأخرى: أنه أقل منِّي تعليمًا، ولا يحب أن أعملَ، يُحبني أن أكونَ في البيت، وكان مِن شُرُوط زواجي به ألا يَمنعني مِن وظيفتي.


يُضايقني كثيرًا، وحين أذكِّره بأنَّه وافَقَ على هذا الشَّرط يسكُت ويعود لنفس نقطة الحديث، أملك المال ولا أستطيع صرفه، فيمنعني مِن أنْ أنفقَ على نفسي أو البيت، ألا يُعَدُّ هذا ظلمًا؟!
أشعر أنِّي تسرَّعتُ في الزواج منه، فتفكيرُه غيرُ متَّزنٍ، لا أعرف كيف أتعامل معه
الجواب

أختي الحبيبة:
أرحب بكِ في شبكتنا المتواضعة، وشكرًا لثقتكِ بنا في مساعدتنا لك.
أبدأ كلامي بسرد النقاط التي تُضايقك مِن زوجك الحبيب:
• ما لا يُعجبك فيه أنَّه يَتَدَخَّل في الأُمُور التي لا تحقُّ له، وأنصحكِ أن تحكي لِزَوجكِ كل شيء، (كل ما تريدين أن تُخبريه به) قبل أن يسألَ عنه.
• استَخْدمي نفسَ الطريقة معه في سؤاله عنْ كلِّ شيءٍ بلطف.
• اجعلي بينكما لغةً سلِسَةً للحوار، دون شدٍّ أو قلقٍ أو توتُّر.
• تقبَّلي الوَضع، مع محاولة التوفيق بين نفسك وزوجكِ.
• انظري إلى الموضوع من الناحية الإيجابيَّة، وليس من الناحية السلبيَّة؛ لأنَّ ذلك يعبِّر بالفعل عن مدى اهتمام زوجِكِ بكِ كزوجةٍ، مع عدم تجاوُز الحُدُود والوَسطيَّة أيضًا في التدخُّل.
• بالنِّسبة لتَهديده بالزواج مِن أخرى في المستقبَل، للأسَف هناك بعضُ الرِّجال يبحثون عن نقاطِ ضعف المرأة ويستغلونها، وبما أنكِ ذَكَرتِ أنَّه يُحاول استفزازكِ بموضوع الزواج مِن أخرى، فأنصحكِ ألا تفتحي معه موضوعَ الزواج نهائيًّا، وفي حالة بَدئِه هو بالحديث عن هذا الأمر، فتجاهَلي كلامه تمامًا، وأشْعريه أنَّكِ واثقة مِن نفسكِ ومنه، ولْيَكُن ردُّكِ: (أنا واثقة مِن أنك لا تستطيع فِعلَ ذلك؛ لأنَّكَ تُحبني ومتَعَلِّق بي، ولا يمكن أن تسمحَ لنفسك للنظر إلى امرأة غيري مهما طال عُمري، بل بالعكس سوف تتمسَّك بي أكثر وأكثر عند الكبَر)، (عندما أكبر سوف أكون في نظركَ أحلى امرأة)، (مهما كبرتُ فسوف يكون جمالي جذَّابًا، وسأكون أمًّا لأطفالكَ، وسنبني معًا حياتنا لنهايتها)، ومع كثرة إرسال الرسائل الإيجابيَّة فسوف يُصَدِّقها، فخالفي ما بداخلكِ حتى وإن كان غَضَبًا شديدًا بزيادة الثقة بالنفس، ولا تجعلي هذا الأمر نُقطة خلاف وهي لَم تحدُث، فخِلاف التفكُّر بين الزَّوجَين أحيانًا يكون للاستفزاز فقط، ومع كثرة إبراز ثقتكِ بنفسكِ أمامه وثقتكِ به، فسوف يقتنع بأنه لا يستطيع فِعلَ ذلك، ولا تقلقي من أنه سوف يَتَزَوَّج عليكِ، فلقد وصلتْ له فكرة انزعاجكِ مِن أنه سوف يتزوَّج، ووصل له كيف سيكون ردُّ فِعلكِ خلالها، فلا تجعلي هذا مَوطِن خلاف، وركِّزي على نقاط الخلاف الحالية.
• أيضًا للاطمئنان أكثر، أخبريه في الوقت المناسب أنه لاكتِمال الحبِّ الذي بيننا فلا بُدَّ وأن تشعري بأنَّ حبَّه دائم، وليس مؤقتًا؛ لأنَّ هذا الشعور يهدِّد السعادة الزوجيَّة.
أختي الغالية، من المؤكَّد أنه لا توجد أسرةٌ بدون نزاعٍ أو خلافات، ولكن لكي تشعري بالسعادة الزوجية فعليكِ بتقبُّل الزَّوج على ما هو عليه، ولا تقارنيه بأيِّ أب أو زوج آخر، ويجب أن يكون كلُّ فردٍ مَرِنًا وغير مُتَزمِّتٍ أو متصلِّبٍ، وأيضًا يجب معرفة حُقُوق وواجبات كل شخْصٍ، وما له وما عليْهِ، كما يجب أن يراعي كل شخص مشاعر الآخر.
إذًا فكِّري معي: هل مُشكلتكِ تُعَدُّ مشكلةً تُهَدِّد حياة أسرتك؟ أنتِ تحبِّي زوجكِ، وزوجكِ يُكِنُّ لكِ كلَّ الحب والخَوف عليكِ، واعلمي جيدًا أنَّ الآخرين يَتَمَنَّون نفس ظروفكِ، وزوجًا يخاف عليهم كما يفعل زوجكِ!
أمَّا بالنِّسبة لموضوع الوظيفة:
فكثيرٌ مِن الرِّجال يحبُّون أن تظلَّ المرأةُ في المنزل، وليس شَرطًا أنَّه إذا اتَّفَق معكِ قبلها أن يوافَق بعد الزواج، فربما لَم يكنْ يُدرك الصُّورة الكاملة في العلاقة الزوجيَّة مع الوظيفة، وقد يعود ذلك لسببٍ ما بداخلِه؛ لذا أنصحك بتقبُّل رغبته أو معرفة سبب منعكِ منها، ومحاولة إقناعه بهدوءٍ وذكاء، ومنَ الممكن أن تفعلي ذلك كل فترة إذا لم يقتنع.
أمَّا بالنسبة للمشكلة المادِّيَّة فلَم تذكُري: مالُ مَن الذي يمنعكِ مِن صرفِه على نفسكِ والبيت؟ أهو ماله أم مالكِ الشخصي؟ وهل يعطيكِ المال ولا يرضى أن تصرفي منه؟ ومَن الذي يصرف؟
إذا كان هو الذي يحب أن يتحمَّل مسؤوليَّة مصروف المنزل، فهذا أمر جيدٌ، فإنَّ بعضَ الرِّجال يُحبُّون أن يُديروا الجانب المادي بأنفسِهم، ويتحمَّلوا مسؤولية ذلك، فتقبَّلي ذلك منه، ولا تُحاولي أنتِ تحمُّل هذه المسؤوليَّة، فهل تعتبرينه بخيلاً؟ أو إنه يحب السيطرة؟ وهل هو أناني؟ أو يراكِ مُسرفة فلا يحب أن تتولي مَسؤولية الصرف؟
عمومًا أنصحكِ بأن تكوني واضحةً معه في هذه النقطة، وأنصحكِ أن تضعي له ميزانية واضحةً، تحدِّد احتياجاتك، وأوجُه الصَّرف عليها.
كما ننصحكِ بالاعتدال في الإنفاق إذا كنتِ مِن الذين يصرفون بكثرة وعدم حكمة، وأن تقَدِّمي الأهمَّ على المهمِّ.
وأخيرًا، أحب أن أنَوِّهَ إلى أنَّكِ ما زلتِ عَروسًا، وَلَم يَمضِ كثير من الوقتِ على زواجك؛ فعليكِ بالصبر والتفاهُم، وعدم التسرُّع في الحكم على السعادة الزوجية أو الحكم على شخصيَّة الزوج، فإنها سوف تتغيَّر كثيرًا، لكن بالتدريج، ومع كثرة السنوات ستحلو الحياة - إن شاء الله.
أرى أن المشاكل التي تعانين منها يسيرة - إن شاء الله، وسوف يزيد التفاهُم بينكما يوميًّا، مع تقديم الحبِّ والصبر والثقة.
وفَّقكِ اللهُ وأسعدك مع زوجكِ