|
الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() نظرية تدهور الضابط الديني للسلوك فريال بنت أحمد الفنتوخ تعد هذه النظرية من النظريات الخاصة بالجريمة في مفهومها العام، إذ إنها لا تقتصر على تفسير الجريمة بالعرف القانوني بل تنسحب على كل فعل محظور في الشريعة الإسلامية وإن كان لا يجرم قانونيًّا[1]. و"تقوم هذه النظرية على أساس أن داخل كل فرد كابح قوي نطلق عليه (الضابط الديني للسلوك) وأن هذا الضابط هو الذي يتحكم في سلوك الفرد ويمنعه من ارتكاب الخطأ والأفعال المنحرفة والجريمة" [2]، فكلما قوي هذا الكابح ابتعد الإنسان عن الوقوع في الانحراف مهما أحاط به من عوامل ومحفزات دافعة وكلما ضعف أو توقف عمله كان مفسراً لوقوع الشخص في الانحراف[3]. ويرى غانم[4] صاحب هذه النظرية: "أن حالة تدهور الضابط الديني للسلوك هي الأصل في ارتكاب الجريمة أما العوامل الأخرى فما هي إلا عوامل مساعدة أو أنها مظهر نفذت منه حالة تدهور الضابط الديني... وبمعنى آخر فإن هذه العوامل مهما كانت شدتها وتأثيرها ما كان لها أن تعمل على دفع الجاني إلى ارتكاب الجريمة لو لم يكن الجاني قد سيطرت عليه حالة تدهور الضابط الديني للسلوك"[5]. ومن ناحية أخرى قد تحيط ببعض الأشخاص عوامل تحفزهم للوقوع في الانحراف ومع ذلك لا يقع منهم انحراف، في حين أن بعضهم الآخر قد يعيش في ظروف تمنعه من الاقتراب للسلوك المنحرف ورغم ذلك يقع في مثل هذا السلوك مما يشير إلى وجود عامل خفي يطلق عليه الضابط الديني والذي يدل على درجة الإيمان لدى الفرد[6]. والمتأمل لأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم يجد إشارة لما ذكر آنفًا في بعض الأحاديث التي تحدثت عن المعاصي وربطت بينها وبين نقصان الإيمان، ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن))[7]. قال النووي في شرحه لهذا الحديث: "معناه لا يفعل هذه المعاصي وهو كامل الإيمان"[8]، فكون ارتكاب هذه المحظورات -وهي سلوكيات منحرفة حذرت منها الشريعة- دلالة على نقص كمال الإيمان يقوي ما ذهبت إليه هذه النظرية[9]. إن الناظر لتلك النظرية من زاوية ثقافية يدرك مدى وثاقة الارتباط بينها وبين الثقافة، إذ إن تقييم قوة الضابط الديني لدى الفرد أو تدهوره تنطلق من محيط ثقافته، وذلك من ناحيتين: الأولى عامة ترتكز على الاختلاف في وجهات النظر حول السلوك المنحرف من بلد إلى بلد، ومن مجتمع لآخر، ومن أسرة لأسرة أخرى، نظرًا لتنوع المعتقدات، والعادات، والتقاليد، والأعراف، والقوانين فيما بينها، والذي يترتب عليه نظرة مغايرة لمقياس قوة أو ضعف الضابط الديني تبعًا لهذه الوجهات. أما الثانية فخاصة بكل فرد، إذ إن قوة الضابط ديني أو ضعفه لدى كل واحد منهم تتعلق بمستوى الثقافة الدينية التي اكتسبها ممن حوله طوال سني عمره[10]. لو أُخذت الثقافة الإسلامية كمثال لما سبق نجد أن الفرد الذي يوجد في محيط تلك الثقافة واكتسب ثقافة قيمة قائمة على الكتاب والسنة والفهم الصحيح لهما سينتج لديه ضابط ديني قوي، أما إن كانت ثقافته قائمة على فهم خاطئ أو ضعيف للكتاب والسنة فهي حينئذ تبني له ضابطًا دينيًا مختلًا، يختل فيه مقياس الانحراف لدى ذلك الضابط فيسمح بفعل سلوكيات منحرفة لا يؤمن فاعلها بانحرافها[11]. أما لو كانت ثقافته مناقضة للكتاب والسنة فإنها ستحطم ذلك الضابط لديه في محيط تلك الثقافة وستبني له ضابطًا موافقًا لمعايير ثقافة أخرى. [1] ينظر: غانم، عبدالله - نظرية تدهور الضابط الديني، مجلة الفكر الشرطي، ص85، ط (بدون) 1996م، الشارقة: مركز بحوث الشرطة. [2] غانم، ص 86، مرجع سابق. [3] ينظر: غانم، ص87، مرجع سابق. [4] هو الدكتور: عبدالله عبد الغني غانم، رئيس قسم علم الإنسان في جامعة الاسكندرية، تولى تدريس تخصصات الأنثربولوجيا بفروعها الثقافية والاجتماعية، وله عدة بحوث ودراسات منشورة في مجلات محكمة، كما له عدة مؤلفات، منها: علم الاجتماع الجنائي الإسلامي، وسجن النساء، والمرأة وتجارة المخدرات. ينظر: المرجع السابق، ص83. [5] غانم، ص86-87، مرجع سابق. [6] ينظر: غانم، ص86-87، مرجع سابق. [7] أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب: الإيمان، باب: بيان نقصان الإيمان بالمعاصي ونفيه عن المتلبس بالمعصية على إرادة نفي كماله، رقمه:57، (1 /76). [8] المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، 1 /230، ط (7) 1421هـ، بيروت: دار المعرفة. [9] يراجع: غانم، ص95، مرجع سابق. [10] يراجع: المرجع السابق، ص89-90. [11] ينظر: غانم، ص93، مرجع سابق.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |