|
ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() التحدي الأكبر إيمان أيمن جودة إذا أمعنَّا النظر في مجتمعاتنا - وخاصة العربية منها - نجد أن شباب هذا الجيل واجَه من التحديات ما لم يكن في حسبانه، طبقًا لما فُرض عليه من الظروف الاجتماعية، والسياسية، والاقتصادية، وخلافه! لكن كل تلك التحديات التي واجهها الجيلُ أو سيواجهها مستقبلًا - تنهار وتصبح بلا معنى أمام التحدي الأكبر؛ تحدِّي التربية، تحدي المرحلة الأولى لبناء الإنسان، مرحلة البذرِ، التي إن صلَحت صلَح كلُّ ما بعدها، وإن فسَدت فكلُّ ما بعدها سيظل عودًا أعوج لثمرةٍ لم تخرج، وانتهى الأمر! إن المعركة التربوية التي تواجهها الأمةُ الآن من أكثرِ المعارك قسوةً وضراوةً على الإطلاق، ربما لأنها هي المعركة الوحيدة في تاريخ الإنسانية التي تُحسَم في بدايتها، وتتعدَّد فيها أسباب الهزيمة، بل سبلُ الهزيمة فيها أكثر بكثير من سبل النصر؛ كأَنْ تُبحر بصحبة قارب صغير تعانق الأمواج العاتية والرياح التي لا تعرف الرحمة، مع أقل من 20 % احتمالية نجاة! والسؤال ها هنا: كيف لجيل لم يتلقَّ تربية سليمة وتأسيسًا واعيًا، يتبعه حرص وعناية من أجل الحصول على ثمرة طيبة - أن يكون جيلَ الفتح؟! ولكن أولًا: ما المقصود بالتربية؟ وحتمًا لا نعني بالتربية هنا ما شاع وراج من معانٍ لا تمتُّ لها بصلة، ولا تتعلق بها من قريب أو بعيد. • هناك عدة تعاريف للتربية؛ ومن هذه التعاريف: ما ذكره علماء اللغة في معاجمهم للفظة التربية بأنها: (إنشاءُ الشيءِ حالًا فحالًا إلى حدِّ التمام)، ففي المعاني العربية المجرَّدة من أي نظريات أو تجارِب علمية - وبعيدًا عن علم النفس الحديث - نجد التربية في اللغة بمعنى الإنشاء، أن تُنشِئ فردًا - ليس مجرد إنشاء خاوٍ؛ وإنما إنشاء على مراحل - حتى تصل به إلى حد التمام، هذا الحد الذي بعده تكون قد ساعَدْتَه في تحصين عقله وقلبه وفِكْره من كل ما قد يفتك به على حين غفلة منه ومنك! مَن منا يفرض مِن وقته لأبنائه ما يقوم به عليهم؛ يتحدث معهم، ويجوب في أنحاء عقولهم الصغيرة لتتَّسِع، ويعطيهم من دفء مشاعره ما يُلبِّي احتياجاتهم، فيشعرون بامتلاءٍ يدفعُهم لمواجهةِ العالم دونما خوف أو جوع عاطفي! (وربَّ الولدَ ربًّا: وَلِيَه، وتعهَّده بما يُغذِّيه، ويُنمِّيه، ويُؤدِّبه). وأكاد أجزم بأن المقصود بالغذاء هنا غذاء العقل والقلب والروح، ذاك الذي يحصل به النماء والأدب، فما فائدة التربية التي يكون نتاجها فردًا هشَّ القلب ضعيفَ المدارك؟! ولا نحتاج أن نعرف عن معنى التربية أكثرَ مما أخبرنا به المعجم؛ لنعيَ أننا نقوم بها على النحو الخاطئ، فالتربية عندما تُقام كما يجب تكونُ أداةً لرفعة المجتمعات ونهضة الأمم؛ فهي أداة المجتمع للمحافظة على مُقوِّماته الأساسية وأنماط تفكير الأفراد المختلفة، والكشف عن طاقاتهم ومواردهم، واستثمارها كما ينبغي، وهي أيضًا الوسيلة الأولى لنشر الثقافات على مر الأجيال. وأما عن التحدي الذي يُواجِهُه الجيل في معركة التربية هذه، فهو يكمن في أن مَن فطن للأمر منهم أصبح منهمكًا في العكوف على نفسه يُؤدِّبها ويُربِّيها، قلبًا وعقلًا وروحًا، فأصبح يحارب في أكثر من جبهةٍ، ويبحث عن المعلِّم المربِّي خشيةَ أن يتخبَّط في الأرض على غير هُدى، فمنهم مَن يُصيب ويَصِل، ومنهم مَن يحاول، ومنهم مَن لا يفطن للأمر برمَّته! قد هيَّؤوكَ لأمرٍ لو فطنتَ لهُ ♦♦♦ فاربَأْ بنفسِكَ أن ترعى مع الهملِ (الطغرائي). فما بالنا بمَن فطن فعمل وهيِّئ وسار على الطريق؟ فلنَقُلْ: إنه لا يمكن لجيلٍ لم يتلقَّ تربيةً سليمة وتأسيسًا واعيًا أن يكون جيلَ الفتح! وإن التربية السَّوية والعناية بعملية غرس البذور، هي من أهم المقوِّمات التي تضمن استمرارية الأمة على نحوٍ يُمكِّنها من تصحيح أوضاعها. ولكن لا يمكننا إنكار أن الجيل الذي صنع بنفسه لنفسه منهجًا ودَرْبًا لتربيةٍ تضبط قصور نفسه، وتمكنه من كبح جماحها، وسار بروية نحو العمران بشكلٍ واعٍ - لا بد على الأقل أن يكون له دورٌ في الفتح، وإن لم يكن الرئيسي!
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |