|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() حكم من اتبع شريعة غير شريعة الإسلام معاذ بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن المبرد لا يمكن الحكمُ على القوانين وعلى أهلها إلا بإدراك حقيقتها، ولا تُدرك حقيقتُها إلا بمعرفة مصدرها، فما مصادرُ القانون؟ يقول حسن كيرة في كتابه "المدخل إلى القانون" - ويُعَدُّ من أهم مراجع القانون - ما نصه - الصفحة الثالثة بعد الثلاثمائة -: (ليست المصادر الرسمية للقاعدة القانونية واحدةً مشتركة في كل الجماعات، بل هي تختلف من جماعةٍ إلى أخرى تبعًا للظروف الخاصة المحيطة بكلٍّ منها، والمتفاوتة بتفاوت الزمان، وبرغم هذا الاختلاف بين الجماعات في المصادر الرسمية للقاعدة القانونية نستطيع أن نقول: إنَّ العرف والتشريع - على تفاوت بينهما في الأهمية والمرتبة بحسَبِ الزمان والمكان - يعتبران كقاعدة عامة مصدرينِ رسميين تشترك فيهما كلُّ الجماعات قديمًا وحديثًا، غير أن ثم مصادرَ أخرى - إلى جنب العرف والتشريع - عرَفتْها بعضُ الجماعات دون البعض في القديم والحديث على السواء، وإن يكن حظُّها اليوم إما ضئيلًا كالدِّين، أو منعدمًا كالفقه، أو خاصًّا بجماعة أو جماعات معيَّنة كالقضاء؛ فنعرضُ إذًا لكل هذه المصادر الرسمية: العرف، والتشريع، ثم الدين، ثم الفقه، ثم القضاء). ا. هـ. ويقول السنهوري في كتابه "مبادئ الالتزام" - الجزء الأول، صفحة تسع وخمسين -: (الشريعة الإسلامية هي المصدر الثالث للقانون المدنيِّ المصري، وهي إذا أتتْ بعد النصوص التشريعية، والعرف، فإنها تسبق مبادئَ القانون الطبيعي، وقواعد العدالة). ا.هـ. وإذا عرَفنا أن القانون يقوم على تقديم تشريع الدولة والعرف على شرع الله، كما ينصُّ على ذلك القانونيون، وكما هو مسلكهم العمليُّ في مناهجهم وكتبهم وفي قضائهم في العالم كلِّه، أدركنا أن اتِّباع القوانين اتباعٌ لشريعة غير الإسلام، وليس هذا الذي بعَثَ الله به رسلَه عليهم الصلاة والسلام، قال تعالى: ﴿ وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ * وَلَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ ﴾ [النحل: 51، 52]، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ﴿ وَاصِبًا ﴾؛ أي: دائمًا. اهـ. ومن الدِّين الطاعةُ والانقياد؛ فمن اتبَع شريعة غير الإسلام لم يُخلِصْ لله الدينَ، ولم يكن الدين عنده لله واصبًا، قال تعالى: ﴿ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ ﴾ [الزمر: 11]، قال الطبري: ﴿ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ ﴾؛ أي: مفردًا له الطاعة. ا. هـ ولذلك فإن حكمَ نبذِ شريعة الإسلام بتقديم غيرها عليها تحريمُه محلُّ اتفاقٍ بين أهل السنة والجماعة، بل قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: (إنَّ مَن أسْقَطَ الأمْرَ والنَّهْيَ الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رُسُلَهُ كافِرٌ بِاتِّفاقِ المُسْلِمِينَ واليَهُودِ والنَّصارى) ا. هـ. ولا نعلم خَالَف في ذلك إلا المرجئة، وقد تصدَّت لهم اللجنة الدائمة - أيَّدها الله - فأفتت بحرمة طباعة كتبِهم ونشرها حول هذه المسألة، إذ قالت في ردِّها على بعضهم ما نصه: (بناه مؤلِّفه على مذهب المرجئة البدعيِّ الباطل، الذين يحصرون الكفر بكفر الجحود والتكذيب والاستحلال). ا. هـ. وقالت اللجنة في ردِّها على شخص آخرَ ما نصه: (دعواه إجماعَ أهل السُّنَّة على عدم كفر من حكَمَ بغير ما أنزل الله في التشريع العام إلا بالاستحلال القلبيِّ كسائر المعاصي التي دون الكفر، وهذا محض افتراءٍ على أهل السُّنَّة، منشؤه الجهلُ أو سوء القصد، نسأل الله السلامة والعافية). ا. هـ. ومناط الحكم في مسألة القوانين ليس هو الحكمَ بغير ما أنزل الله وحده، حتى يَرِدَ قولُ ابن عباس رضي الله عنه على المسألة، فيُرَدَّ المحكم من القرآن بالمتشابه من قول السلف، كما هو مسلك المبتدعة قديمًا وحديثًا، وإنما يخشى أن يكون ابتغاء دين غير دين الإسلام؛ قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [آل عمران: 85]، واتخاذ ندٍّ لله في الطاعة والانقياد؛ قال تعالى: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ﴾ [البقرة: 165]؛ قال السدي: (الأنداد من الرجال، يطيعونهم كما يطيعون الله، إذا أمَروهم أطاعوهم وعَصَوا الله). فالمعلم والمستشار الذي يستمد الأحكام من النظريات الإفرنجية والمواد القانونية، وينبذ الشريعة، ولا يبرأ من القوانين الوضعية وأهلِها - يُخشى عليه أن يكون منهم، قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ﴾ [المائدة: 51]. ومن أعظم ما يقوِّي الخوارجَ وأشباههم: تقريرُ مذهب المرجئة في هذه المسألة؛ فالغلوُّ يورث الغلوَّ، أما أهل السنة والجماعة فهم وسط بين الجماعات السالفة والمعاصرة، والله وليُّ التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |