|
ملتقى مشكلات وحلول قسم يختص بمعالجة المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() كيف أوفّق بين ابنتي وطلاقي أ. أسماء حما السؤال أرجو أن يتَّسع صدرُكم لي؛ فأنا حقًّا في قمَّة الألَم. سأحكي لكم تَجربتي باختصارٍ، وأَطلب منكم الدَّعم النفسي؛ لأني مُتْعَبة جدًّا، فإني - منذ ما يَقرُب من سنة ونصف - كنتُ متزوِّجة من رجلٍ، كنتُ أعتقد أنه الزوج الصالح الذي انْتَظَرته أعوامًا كثيرة، فقد استطاعَ خداعي بادِّعائه التديُّنَ؛ حيث إنني مُنتقبة، ولطالَما رَفَضتُ مَن تقدَّموا لخِطْبتي؛ باحثة عن المُلتزِم. كان يَعِدني بأشياءَ سيُحَقِّقها لي وهو مَيسور الحال، وواللهِ ما كنتُ أطلب منه شيئًا، حتى الشبكة تَرَكتها لاختياره، وهذا حدَث أثناء العَقْد، ولكن اكْتَشَفت بعد الزواج أنه رجلٌ آخرُ؛ حيث إنه أخلَف كلَّ وعوده لي، واكْتَشَفت سوءَ أخلاقه؛ حيث إنه لا يحبُّ أحدًا، ودائمًا يشكُّ فيمَن حوله، ويَكره أهلي بشدَّة؛ فبمجرَّد أن أطلبَ منه زيارتهم، أو أنَّ أحدًا منهم يأتي لزيارتي، يتحوَّل إلى شخصٍ غريبٍ، إضافةً إلى عصبيَّته غير المبرَّرة. ولئلاَّ أُطيل عليكم، وصَلتُ إلى مرحلة أنني لَم أَعُد أحْتَمله، وظلَّت المشكلات تتصاعَد بيننا - خصوصًا أني حَمَلت بعد شهرين - إلى أن اتَّصلت على أبي؛ ليأتي ويأخذني؛ إذ كنتُ مُنهارة، فترَكتُ المنزل؛ خوفًا على حَمْلي من كثرة البكاء والانهيار، وعندما عاد إلى البيت ولَم يَجِدْني، اتَّصل على أخي وظلَّ يُهَدِّد بالطلاق، وأنني إذا أردتُ العودة، فيجب عليّ أن أُوَفِق على شروطه التي لَم أَعْلمها بالضبط، ولكنَّني كنتُ خائفةً جدًّا منه؛ حيث إنه في إحدى الليالي تعصَّب عليّ في الفجر وأنا حامل، وظلَّ يَصرُخ في وجهي، ويُهَدِّد بالطلاق، وقام بتحطيم الهاتف، واتَّصل على أهلي وأحْضَرهم في الفجر، كلُّ هذا لأني نِمَتُ في حجرة أخرى ولَم يَجِدني نائمة إلى جواره، وكنتُ مُتْعَبة من الحَمْل، ومن يومها أصبَحتُ أخافُ منه. المهم بعد تَرْكي المنزلَ في المشكلة الأخيرة، ومحاولة الجميع التدخُّلَ، رَفَض وفُوجِئْتُ بأنه طلَّقني غيابًا وأنا حاملٌ في شهرين. كان يُشَوِّه صورتي وأنا ما أزال على ذِمَّته في كلِّ مكانٍ، فيقول: إنني مُدَلَّلة، ولا أهتمُّ بشؤون البيت، والله وحْده يَعلم كَذِبَه. وقد أتْعَبني كثيرًا في إعطائي حقوقي ونَفَقتي، ولثقتي فيه لَم أكتُبْ قائمةً بمتاع بيت الزوجيَّة؛ لذلك لَم يُعطني أيَّ شيءٍ. المهم أني رُزِقت بابنتي، وهي الآن عندها ثمانية أشهر، أما هو فقد تزوَّج من امرأةٍ أخرى، تزوَّجها على متاعي الذي اخْتَرتُه بنفسي، وهذه الزوجة لديها بنتٌ من رجلٍ آخرَ، أتَتْ بها لتعيش معهما في بيت طليقي، في الوقت الذي لا يأتي هو لزيارة ابنته إلاَّ كلَّ شهرٍ ولمدَّة رُبع ساعة. وأُقسم بالله أني لَم أُسِئ إليه في شيءٍ، ولكنَّ قلبي يتمزَّق من أجْل ابنتي، فما ذنبُها، خاصَّة وأنَّ أباها يَبلغ من العُمر خمسين عامًا، وهي ابنته الوحيدة؟! أمَّا أنا، فقد طُلِّقْتُ - من قبل ذلك - من رجلٍ لَم يتَّقِ الله فيّ. ماذا أفعل الآن في حياتي؟ وكيف أُرَبِّي ابنتي وحْدي؟ وكيف أتزوَّج للمرة الثالثة؟ أرجوكم ساعدوني، فقلبي يَبكي ويتمزَّق من الألَم والحَسرة؛ حيث إني لا أستطيع النِّسيان، خصوصًا أني أسمعُ صوته في كلِّ مرَّة يأتي فيها ليَرى ابنته. الجواب أُختي الحبيبة، السلام عليكم ورحمة الله. وأهلاً وسهلاً بكِ في موقعنا الألوكة. قرأتُ رسالتك بكثيرٍ من التفاعل الحِسي، وشَعَرت بقَسوة علاقتين سابقتين خُضْتِهما، مع تصوُّري للألَم النفسي الذي ألَمَّ بكِ بعد الانفصال. واسْمَحي لي أن أُصارحك، فأقول: مشكلتك تَكمُن في سوء اختيارك للأشخاص، وقد ذَكَرتِ أنَّ زوجك الأخير أظهَر تديُّنًا وصلاحًا واضحًا قبل الزواج، والعِبرة ليسَت بما يُظهره، بل بما نراه نحن، ونَكتشفه بعد سؤالٍ وملاحظة وفَحْصٍ دقيقٍ، وعلى العموم حصَل ما حصَل، كان الله في عونكِ، ورزَقكِ الصبرَ. كان الأجدى أن تُحاوريه في شروطه التي لَم تَعلميها بالضبط - كما ذَكَرتِ - وأن تَسأليه بلُطفٍ ولِينٍ عمَّا يُريده، وأن تَتنازلي له أحيانًا، حتى لو لَم يُعجبك ما يَطلبه؛ ليثقَ بكِ، ويشعرَ بالراحة إليك، بذلك تَكونين في عينَيْه الزوجة المثالية التي تَجعله يَخجل من أفعاله أمامها؛ بدَماثة خُلُقها، وحُسْن تصرُّفها، عندئذٍ سيكون لك كما تُريدين. فزوجُك - رُغم إساءَته التي ذكَرتِها - أفضلُ حالاً من أزواج آخرين يَتعاطَوْن المُسكر والمُخدر، وتَصبر نساؤهم عليهم، وتُحاول معالجتهم في كثيرٍ من الأحيان. أرى أنَّك تسرَّعت في ذَهابكِ إلى بيت أبيك، وكان الأَوْلى أن تَجلسي في بيتك؛ لتُعيدي النظر والتفكير في آليَّة الإصلاح. الطلاق قد وقَع الآن، وبالرَّغم من قَساوته وما يُخَلِّفه من مشاعر سلبيَّة، فإنه يكون أفضلَ أحيانًا من علاقة سيِّئة لَم تَمنحْك سوى الألَم والخِذلان، ومع أنه أبغضُ الحلال إلى الله، إلا أنَّ الشريعة أقرَّته حين تَستحيل العِشْرة بين الزوجين، ويُصبح استمرارُ الزواج أكثرَ ضررًا وعذابًا للنَّفس، فيَحصل الطلاق؛ لأن فيه حلاًّ لكثيرٍ من المشكلات. المشكلة في موضوع الطلاق أنَّ مجتمعاتنا العربيَّة لا تَنظر إلى الأمر بشكلٍ صحيح؛ مما يُوقِع المُطلَّقة في أزماتٍ ومشكلات، ويَنقله من كونه حلاًّ إلى أزمةٍ ومشكلة، فيُسَبِّب الألَم والحزن والتوتُّر للشخص المُطَلق وعائلته، فأيًّا كانت أسباب الطلاق، فإنه يُثير عواطفَ مؤلِمة ومُزْعجة، قد تمتدُّ لمدَّة من الوقت؛ حتى يَعتاد الشخص على وَضْعه الجديد. في حين أنَّ النساء اللائي كنَّ مُستعدَّات للطلاق، يُحَقِّقْنَ توافُقًا وتقبُّلاً للذات بدرجة تَفوق نظائرهنَّ من غير المُستعدَّات للطلاق، وذلك بعد السنة الأولى للطلاق، كما أنَّ المرأة التي ما زالتْ تحبُّ زوجها ولَم تكن مُستعدَّة للطلاق، تحتاج إلى وقتٍ أطولَ؛ كي تَستعيد توافُقَها، وتُواجه صعوبات في تحقيق استعادة ذلك التوافُق. كما أوْضَحت دراسة تُسمَّى دراسة (هاكني) أن عمليَّة التوافق النفسي مع الطلاق تمرُّ بثلاث مراحل، هي: مرحلة الصدمة؛ حيث يُعاني المُطَلَّقون من الاضطراب الوِجداني، والقلق بدرجة عالية، وتَليها مرحلة التوتُّر، ويَغلب عليها التوتُّر والقلق والاكتئاب، وتتَّضِح آثارُها في الإحساس بالاضطهاد والظُّلم، والوَحْدة والاغتراب، والانطواء والتشاؤم، وضَعْف الثِّقة في النفس، وعدم الرِّضا عن الحياة. وأخيرًا تأتي مرحلة إعادة التوافق، وفيها يَنخفض مستوى الاضطراب الوِجداني، ويَبدأ المطلَّقون بإعادة النظر في موقفهم من الحياة بصفة عامَّة، والزواج بصفة خاصَّة. فالطلاق ليس دائمًا نِقْمة، أو كارثة لا مَخْرَج منها، فيُمكننا عزيزتي دائمًا أن نَجعل من المشكلات دافعًا قويًّا للحياة، وأن نَجعل من النهاية بدايةً لطريقٍ آخرَ. أُختي الكريمة، طلاقُكِ قد يكون بداية انطلاقةٍ لحياة جديدة طيِّبة كريمة، كوني مع الله، يكنِ الله معك؛ ورَد في الحديث عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((احْفَظِ الله يَحفظك...))، فأحْسِني الظنَّ به تعالى، فلن يَخيب ظنُّك، وضَعي في ذِهنك كلَّ تصوُّر تَتمنَّينه واكْتُبيه على ورقٍ، ثم اسْأَلي الله تعالى من فضْله، وتَوسَّلي إليه بالدعاء والصلاة والعمل الصالح؛ يقول الله تعالى في الحديث القُدسي: "أنا عند ظنِّ عبدي بي، فليَظنَّ بي ما يشاء". إليك بعضَ النصائح التي تُساعدك على الخروج من الأزمة: - تَجاوزي الإحساس بالخَسارة، والإيحاءات السلبيَّة التي تُسَبِّب لكِ الأذى؛ فالحياة لا تَقف عند تجربة فاشلة، بل يكون الفشل في كثيرٍ من الأحيان دافعًا ومُحَفِّزًا للنجاح والإنجاز؛ قال تعال: ﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾ [البقرة: 216]. فالرضا سِرُّ السعادة الحقيقي. - ابْحَثي عن الإيجابيَّات في شَخْصك، واكْتُبيها على ورقٍ، ثم ضَعي أهدافًا وخُططًا مكتوبة لحياتك؛ كالعمل، أو الدراسة ...إلخ. - فكِّري في تربية ابنتك تربيةً صالحة طيِّبة. - ارْسُمي ملامحَ مستقبلٍ مُشرقٍ في ذِهنك، وكوني مُتفائلة، ولا تَدرين فلعلَّ الله يُحدث بعد ذلك أمرًا، فيهدي زوجَك هذا، ويُصلح حاله، ويعود إليك نادمًا يَطلب عودتك، ويتعهَّد بحُسن عِشرتك، أو رُبَّما يَرزقك الله شريكًا آخرَ يُكمل مشوارَ الحياة معك، ويُعَوِّضك خيرًا مما فقَدتِه في الزوجين السابقين. - ضَعي برنامجًا يوميًّا لحياتك؛ كالقراءة، وزيارة الأقارب والصَّديقات. - شاركي في أعمال تطوُّعيَّة؛ فإدخال السرور على قلب المسلم، يعود على قلبك بالسرور أيضًا. أخيرًا: الطلاق ليس نهاية المَطاف، نعم هو مُصيبة كبرى، لكنَّها قد تكون البدايةَ لحياةٍ أجملَ وانطلاقة مُشرقة، هذا إذا أحْسَنَّا التفكير في الحلول والبدائل التي تعود على حياتنا بالنَّفع، وتُخرجنا من الأزمة. فرَّج الله عنك أُختي الكريمة، وأصْلَح من شأنك.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |