آفاق الوحدة العضوية في قصيدة: خواطر عانس - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 959 - عددالزوار : 121668 )           »          الصلاة دواء الروح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          أنين مسجد (4) وجوب صلاة الجماعة وأهميتها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          عاشوراء بين ظهور الحق وزوال الباطل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          يكفي إهمالا يا أبي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          فتنة التكاثر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          حفظ اللسان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          التحذير من الغيبة والشائعات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          كيف ننشئ أولادنا على حب كتاب الله؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          قصة سيدنا موسى عليه السلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى اللغة العربية و آدابها ملتقى يختص باللغة العربية الفصحى والعلوم النحوية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 16-10-2021, 03:22 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,460
الدولة : Egypt
افتراضي آفاق الوحدة العضوية في قصيدة: خواطر عانس

آفاق الوحدة العضوية في قصيدة: خواطر عانس


د. ياسر حشيش





آفاق الوحدة العضوية في قصيدة

خواطر عانس للشاعر محمد أحمد العزب



حقائق حول الوحدة العضوية:

مدخل:
لقد كان بناء القصيدة من أُولَى القضايا التي تعرَّض لها دعاة التجديد في الأدب العربي الحديث؛ من أمثال: "خليل مطران"، وصاحبي الديوان، و"شكري"، وغيرهم.


وقد تمثّل ذلك في الدعوة إلى مبدأ الوحدة العضوية في القصيدة، والذي كان أصلاً مشتركًا بين أصحاب نزعات التجديد جميعها على اختلاف مشاربهم، ومدى استيفائها الكلام على هذا المبدأ في رؤيتها النظرية، ومدى تحقق هذه الوحدة في نتاجاتها الشعرية [1].

في مقابل تلك الدعوة كان لهذه الاتجاهات حملة عنيفة تنعى على الشعر العربي في قديمه، وفي إبَّان نهضته الحديثة - في نماذج الإحيائيين - تخلفه عن هذا المبدأ، واحتفاءه بمبدأ آخر ترك القصيدة متهزِّعةَ الأوصال: "لا يؤلف بينها وحدة غير الوزن والقافية"[2]، وهو مبدأ وحدة البيت.

وإذا كان من الحق أن الشعر العربي ونقده في مسيرته الطويلة حتى ظهور هذه الدعوة لم يكن يعرف هذه الوحدة العضوية كما جاءت في بيان أصحابها الذين كانوا متأثرين بالأدب الغربي في ذلك[3]؛ فإنه ينبغي أن نلتفت إلى الحقائق الآتية:
أولاً: أن كثيرًا من النماذج الشعرية في قديم الشعر العربي، قد تحقق لها قدر كبير من تلك الوَحدة[4].

ثانيًا: أن مبدأ وحدة البيت في القصيدة الشعرية لم يحفل به النقد العربي القديم على وجه الإجماع؛ إذ "إن منهم كثيرًا من النقاد رأوا ضرورة التلاؤم والتلاحم بين أجزاء العمل الأدبي..."[5].

ثالثًا: أن الوحدة العضوية قد تحققت في نماذج عديدة لدى شعراء الاتجاه المحافظ، على أن كثيرًا من نماذج هذا الاتجاه قد اتسمت بهذه الوحدة متأثرة بما نادت الاتجاهات التجديدية به[6]، وما نشب بسببها من معارك، ومن أوضح النماذج الشعرية التي تمتعت بهذه الوحدة تلك التي قدمها الشاعر العظيم أحمد محرم[7].

رابعًا: أن حركة الديوان، وهي من أعمق الاتجاهات التجديدية وأشملها حديثًا حول نظرية الشعر، وبخاصة فيما يتعلق بالوحدة الموضوعية[8] - لم تتحقق في نماذجها الشعرية تلك الوحدة بنفس الصرامة التي دعوا بها إليها، بل لم يتخلصوا نهائيًّا من المبدأ الذي حاربوه، وهو مبدأ وحدة البيت، ومن ثَمَّ تعرضوا إلى نفس النقد الذي عنفوا به الشعراء المحافظين من قِبَل الاتجاه الجديد، اتجاه الواقعية الاشتراكية[9].

خامسًا: أن الوحدة العضوية التي ينبغي أن تكون في القصيدة الشعرية - كما عبر عنها العقاد بأنها -: "كالجسم الحي، يقوم كل قسم منه مقام جهاز من أجهزته، ولا يغني عنه غيره في موضعه..."[10].

هذه الوحدة تُعَدُّ مطلبًا عسيرًا وشاقًّا، وليس على أية حال إن تحققت "بمثل هذه الصرامة التي ترفض إمكان تقديم بيت من أبيات القصيدة أو تأخيره"[11].

سادسًا: أن الوحدة العضوية أقرب ما تكون إلى طبيعة الشعر الموضوعي الدرامي[12]، منها إلى الشعر الغنائي الذي هو أحد السمات البارزة للشعر العربي القديم، فلا يعيبه إن تخلفت فيه هذه الوحدة بمفهومها الحديث؛ إذ كانت تربط بين أبيات قصائد كثيرة فيه وحدةٌ شعوريةٌ لا يمكن إغفالها[13].

من أجل ما ذكرناه آنفًا من أن الوحدة العضوية أقرب في تحققها على وجهها الأكمل في البناء الموضوعي؛ فقد كان ذلك من أحد الأسباب التي مكنت لظهور النزعة الدرامية في الشعر العربي المعاصر.

وسنحاول إبراز هذا الاتجاه إلى القصيدة العضوية ابتداء من القصيدة الغنائية ووصولاً إلى البناء الدرامي.

بيد أنه -بفضل وضوح مفهوم الوحدة الموضوعية لدى الأجيال الجديدة من الشعراء في الوطن العربي على اختلاف اتجاهاتهم- غدت هذه الوحدة أصلاً يتمسكون بأهدابه، فلا يفرطون فيه، سواء كانت قصائدهم غنائيةً أم موضوعية، وتتمثل هذه الوحدة فيما بيَّنه الدكتور غنيمي هلال بالآتي:
وحدة الموضوع.
وحدة المشاعر التي يثيرها الموضوع.
وما يستلزم ذلك من ترتيب الصور والأفكار ترتيبًا به تتقدم القصيدة شيًا فشيًا حتى تنتهي، على أن تكون أجزاء القصيدة كالبنية الحية، لكل جزء وظيفته فيها، ويؤدي إلى بعض عن طريق التسلسل في التفكير والمشاعر..."[14].

قراءة:
آفاق الوحدة العضوية
في قصيدة "خواطر عانس"
ربما يأتي .. إذا صليتُ في جُنْحِ المساءْ
ربما يأتي .. إذا صعَّدتُ لله الدعاءْ


ربما يأتي .. إذا رَجرَجتُ في عينيَّ دمعةْ
أو إذا أشعلت في ليل الحزانَى ضوء شمعةْ


ربما يَنسَلُّ من خلف مجاهيل المدى
ليدقَّ الباب دقاتٍ رقيقات الصدى



آهِ .. كم يشتاق بابي نقرات من يديه
وجداري الساهم الظمآن كم يهفو إليه


كل ما في البيت مشدود الذراعين يصلي
مِخْدَعي الباكي .. إناء الزهر .. أحلامي وظلي


حُزْمة من أغنيات الشوق في صدر البيان
تمطر الليل نشيدًا من حنين وحنان


مثل ما بالرمل من تَوقٍ إلى سَيْب المطرْ
مثل ما باللحن من شوق إلى بوح الوترْ


مثل ما بالزورق المجروح من حب القَرارْ
من لُهَاث الشوق للشاطئ في ليل البحارْ


بي إليه .. غير أني لا أرى يومًا خُطَاه
تزرع الفجر على درب جراحي .. لا أراه


خلف بابي ألف حُلْم يخنق الوهم صداها
ألف غصن يحرق الجَدْب .. براعيم صباها


أَمْضَغ الآهات في صمت ضرير لا يُبِينْ
مثل طير راسف في القَيد مجروح الأنينْ


أتمنى في ظلال الصمت أطياف لقاءْ
تحت كَرْم هارب خلف متاهات الفضاءْ


أرتمي تحتَ خُطَاه طفلةَ الشوق سليبةْ
وهْو يدعوني إلى دنيا انطلاقات غريبة


فارسي الموعودَ .. يا حُلْمِي .. ويا فجري الظَّمِي
أَذْرُعِي تدعوكَ من خلف الضباب المُعْتِمِ


الذي أشتاقه أن تُطْرِقَ الباب .. وتدخُلْ
باحثًا عني .. عن الكَرْمِ الذي أوشكَ يذْبُلْ


آهِ كم أعبدُ أن تسألَ عني .. عن شرودي
فأنا ما زلت أشتاق سؤالاً عن وجودي


لا تدعني أقطع العمرَ سؤالاً ما سئلتُ
فأنا أنثى .. عشقت الحب .. لكني حُرِمْتُ[15]


يبدو أن الشاعر المعاصر قد انطلق في اتجاهه الإنساني إلى آماد بعيدة، فلم يدع إحساسًا إنسانيًّا يمرُّ على وجدانه إلا رصده، وانطلق يعبر عنه بكل طلاقة.

إن الاتجاه الإنساني في القصيدة العربية، له جذوره البعيدة في تراثنا الشعري القديم، ولكنه في أدبنا المعاصر يشكِّل ظاهرة تستحق التأمل والتحليل؛ إذ يبدو وكأنه طريق يُعبَّد لأول مرة: لجِدَّة في تجاربه، وتنوع في موضوعاته، ورقَّة في التناول، وشفافية في الرؤية، وجمالية في الأداء، تمنح التجربة لونها الأخَّاذ المتميز.

التجربة التي نقرؤها في قصيدة "خواطر عانس" للشاعر المصري: "محمد أحمد العزب" - تجربة فريدة في باب الشعر الإنساني؛ لأنها تفتح الباب على مصراعيه لمعالجة القضايا ذات الحساسية المفرطة، والتي اجتمع كل من الوجدانين "الذاتي" و"الجماعي" على سترها بعيدًا، في منأى عن التناول المباشر.

ولا شك أن الفن لا يتناول مثل هذه القضايا على طرائق المحللين النفسيين أو الاجتماعيين، ولا يعالج أدواءها بالوصفات الكيميائية؛ إذ كان للفن أسلوبه الخاص، وطرائقه المتميزة، التي تركب متن الخيال، وتنحو في التعبير عن قضايا الإنسانية المنحى الوجداني بتأثيراته العميقة في حياة الناس.

ربما كانت القصيدة الشعرية - حينئذٍ - بمثابة الجَرْعة الأولى في طريق الشفاء، غير أنها جَرْعة كُتِبت بمِداد الوجدان، وهي في ذات الوقت أجمل مذاقًا، وأعظم أثرًا.

إن قضية "العنوسة" وغيرها من القضايا الإنسانية ذات الطابع المحلي، حين يتناولها الشعر المعاصر، يمكن أن يجتاز بها المسافات الشاسعة، ويَعبر إلى القارات البعيدة، ويخترق الآداب العالمية؛ لأنها قضية جِدُّ مثيرة، ولا يعانيها بتلك المثالية إلا الشرقيون، أصحاب الديانات، وأهل التقاليد الراسخة.

وعرض مثل هذه القضايا الخاصة، فيه متعة وإثارة للمتأدبين من الأمم الأخرى، وربما مثَّلت تجربتُها فكرة غريبة، لا يجدون غُنْية عنها فيما يمتلكونه من آداب.

إنها تجربة مثيرة؛ لأن لها أسرارها في قرارة الوجدان، وفي واقع المجتمع، ونحن في تطلع إلى استكشاف هذا العالم الغامض. وعلى الرغم من ضخامة تلك الظاهرة في مجتمعاتنا - إنْ كمًّا أو كيفًا - إلا أنها ما تزال تمثل نوعًا من القضايا الأكثر حضورًا، والأعظم هروبًا وغيابًا.

مثل هذه التجارب الشعرية المعاصرة، ذات الأبعاد الإنسانية، جديرة بأن تخرج في بناء موضوعي مُحْكَم، إذ كانت القصيدة وكأنها دفقة شعورية نفثتها نفس مصدورة، تشابكت وانسجمت لغةً وصورًا وأساليب، وبدا النمو والاطراد في جسد القصيدة حتى اكتملت في نهايتها.

عنوان القصيدة:
لقد جاء عُنوان القصيدة دالاًّ على مضمونها "خواطر عانس"، والخواطر لا تَعرف إلا منطق الدفقات التامة، إنها تحاول الظهور على السطح حينًا، ولكنها سريعة الرَّوَغان، إذا لم يُسرع صاحبها بالقبض عليها، لم تَعُد إلى خاطره مرةً أخرى، إنها الفرصة السانحة أولى وأخيرة، إنها التثريب اللاشعوري، تكشَّف على السطح رغمًا عن صاحبه؛ لطول ما طواه في غيابات التناسي، غير أن الضغط في قبو الشعور نتق الحواجز، عسى أن تهدأ الأعماق فترة من الزمان، إن لغة الخواطر أقرب إلى البناء العضوي لاندفاق الفكرة من منبع شعوري يتسم بالصدق والقوة.

لغة القصيدة:
ثلاثية الأبعاد في مدلولاتها: "الشوق" الجارف الحزين، و"اليأس" القاتم، و"الأمل" الشفيف، مشاعر يمتزج بعضها ببعض، تصاحبنا من أول أبيات القصيدة حتى نهايتها، ويبدو الصراع بين المشاعر المتضادة على أَوْجِه.

ومن الحق أن الأمل - دائمًا - باعث للنفس على الصمود، لكن الواقع – ها هنا - يبوح بأن قوة الدفع أمامية، من رأس المثلث، حيث كان الشوق عاملا قويًّا في تغلب الآمال على المشاعر اليائسة، تلك التي تبعث النفس على الانكباب على الذات في رؤية ظلامية.


إن لغة الاحتمال الباعثة على مقارفة الفعل التفاؤلي "ربما يأتي - ربما ينسل.."، كانت باعثًا للغة الشوق على أن تتحكم في أجواء القصيدة: "كم يشتاق - أغنيات الشوق - الظمآن - يهفو - حنين - أتمنى.."، ولكن ذلك لم يكفَّ نغمةَ الحزن واليأس أن تتطرَّق للوجدان، وتلوِّح بالقتامة: "المجروح - لا أرى يومًا خطاه - جراحي - الآهات - صمت ضرير - القيد - مجروح - الأنين - يذبل..".


وهكذا كان ارتياد الشاعر لفكرة واحدة، ومدلولات قريبة متصارعة، عاملاً قويًّا للوقوف على عتبات الوحدة العضوية التي ننشدها في القصيدة المعاصرة.

ولنذهب لنتفقد البناء، ونقرأ الصور وما توحي به من تطور المشاعر.

"البناء":
يمكننا ملاحظة بناء القصيدة من خلال موجات ست كما يلي:
موجة الأمل، الأبيات (1- 6).
موجة الشوق، الأبيات (7-16).
موجة اليأس، الأبيات (17-22).
موجة الأمنيات، الأبيات (23-26).
موجة النداء، الأبيات (27-28).
موجة الرؤية وسؤال الوجود (29-34).
يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 102.48 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 100.76 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.68%)]