نصيحة أستاذ لطلابه - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         معرفة الحق في فِطر الخلق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          الدعاء والذكر عند قراءة القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 6 - عددالزوار : 758 )           »          شرح كتاب الحج من صحيح مسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 67 - عددالزوار : 54796 )           »          الغش والتزوير لنيل الشهادات العلمية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          حكم التيمّم حال وجود الماء ووقت جوازه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          الواجب على من نسي سجوداً في صلاته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          القضاء والقدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          التحايل على غير المسلمين في المعاملات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          التحذير من شرّ شخص من الغيبة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          ترْكُ الأولاد نائمين في صلاة الفجر لضيق الوقت (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى التنمية البشرية وعلم النفس
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى التنمية البشرية وعلم النفس ملتقى يختص بالتنمية البشرية والمهارات العقلية وإدارة الأعمال وتطوير الذات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 15-10-2021, 09:39 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,980
الدولة : Egypt
افتراضي نصيحة أستاذ لطلابه

نصيحة أستاذ لطلابه


خالد برادة




كان أستاذُنا الدكتور أحمد بزوي الضاوي[1] - أجزل الله مثوبته - رجلًا شغوفًا بالعلم شغفًا لا مزيد عليه، فكان بذلك بحرًا زاخرًا بالدُّرر العلمية، والجواهر الحِكمية، ولا تلفي محاضرة من محاضراته إلا مفعمةً بنفائس الحِكَم، وروائع ما يفصح عنه بأجمل الكَلِم؛ ولم يكن في ذلك بدعًا من زملائه الأساتذة الذين شرُفْنا بأن ضمَّتنا مقاعد الدروس الأكاديميَّة التي يتألَّقون فيها.

ولا يعزب عن ذاكرتي أنه في إحدى محاضراته - إبان الدراسات العليا التي يسمو بعقولنا فيها إلى عالَمٍ من الفكر المتضوِّع بعبق إشراق الروح، مُذْكِيًا أُوَارَنا بينبوع من العلم ينهل منه الطلبة كالماء النمير- أهدى إلينا أسمى نصائحه فيما يخصُّ البحث العلمي، فاتحًا عيوننا على أهمية ربطه بالحياة، بعد أن أحيا في أرواحنا أشواقها للوصول إلى غاية الغاياتِ، ألا وهي: إجلال العليِّ الكبير، وعدم الركون إلى حياةٍ عمرُها قصير، وما كان منه إلا أن أهدى إلينا نصيحةً لمسنا في نبراتها رحمةَ الأبوَّة الحانية، حثَّنا فيها على الترفع عمَّا يفعله ذوو النفوس الدنيَّة، ممن ينتسبون إلى البحث العلمي، والذين تجاهلوا حرمةَ العلم، ولم يصونوا ماء وجوههم بالتطاول على سرقةِ بحوث غيرهم، فماذا لو أتى ملَك الموت على هؤلاء وهم على بحوث غيرهم يسْطون؟ أليس ذلك هو الخسرانَ لو كانوا يعلمون؟ وبينا هو في تقديم نصيحته الثمينة لنا، داعيًا إيانا إلى التعلُّق بالله تبارك وتعالى، والتأهب للموت في كل لحظة، إذ به يستحثُّ ذاكرته، فأسعفته حينها، فساق على مسامعنا - على سبيل العظة والعبرة - قصة مؤثِّرة، سرت في قلوبنا سريانَ الماء في العود الأخضر، فاعتبر منا مَن اعتبر؛ ومُفادها: أن رجلًا اشترى بيتًا بجوار مسكنه، بَيْدَ أنه لم يتَّخذه ليقطن فيه - فلقد كان يعمل في مدينة أخرى وفيها محل سكناه - وإنما كان مقصدُه من وراء شراء ذلك المسكن هو أن يأتي إليه في إجازة كل أسبوع، بمعية زوجه وأبنائه الصغار؛ لينفض عن كاهله وطْأة أيام العمل، وينال أريحيَّة من عنائه، ويزيل من غلوائه.

وفي يوم من أيام إجازة الأسبوع أتى الرجل كعادته إلى بيته الذي اشتراه حديثًا بمعية أسرته، ولكنه ما إن وصل من سفره حتى كان لروحه موعد مع سفر آخر؛ إنه سفر يُباغت الخلق، حيث تذعن له الأعناق، فيطيح بها على الإحقاق، فاعجب معي لمن لا يجدي معه الترياق!

لقد أراد الله تعالى بقدرته القادرة، وآياته الدالَّة الباهرة أن يرسل إلى ذاك الرجل ملَك الموت ليأخذه على حين غرَّة؛ فما أكمل في الدرج الصعود، وصولًا إلى بيته المنشود، حتى صعدت روحه إلى الواحد المعبود؛ وقد اضطرم شعور الأستاذ المحاضر حينئذٍ، فحفزه التساؤل قائلًا: ليت شعري! ماذا كان أمَّل هذا الرجل وهو يرتقي السُّلَّمَ الدرجي سوى أن يصل إلى بيته ويموت فيه، والمرء يفضل أن يأتيه الموت وهو بين أهله وبنيه؟!

إنها قصة رجل مع الموت، ساقها على مسامعنا الأستاذ الذي مَحَضَنا النصحَ - والنصحُ أغلى ما يباع ويوهبُ - وقد كان قصده من إيرادها هو أن يقذف في قلوبنا أهمية ربط البحث العلمي بتقوى الله جل في علاه؛ لنيل رضاه، واستحضار مراقبته في كل ما نقوم به في الحياة - وما البحث العلمي إلا من الحياة - والتأهُّب لنداء الموت الذي ينبغي أن يحرص المرءُ على أن يصادفَه وهو على عمل الخير؛ إذ لا ينبغي التطاول على اختلاسِ بحث علمي، وسرقة بنات أفكار صاحبِه، دون عزوِه إليه، فمن فعل ذلك فقد تردَّى مِن حالق، وهوى إلى سوءة المزالق، فيغضُّ المجتمع العلميُّ من قدره، ويطأطئ من شرفه، وقد يباغت الموتُ من ينسب بحوث غيره إلى نفسِه، فلا هو - إذ ذاك - قد ظفر بدنياه، ولا فاز بأُخراه؛ وهذا هو الغبن الحقيقيُّ، حيث أقبرت قلوب من لا يصون للبحث العلمي حرمتَه من التطلع إلى ما عند الله تعالى، والتقرُّب إليه ببحوثهم، ولو أنهم فعلوا ذلك، لنالهم ما يناله أصحابُ الدنيا من شهادات ومناصب، فضلًا عن عطاء الله الجزيل؛ وهو أسمى المطالب ﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ﴾ [يونس: 26].

وإنَّا لَنَعدُّ تلك النصيحة من لدن الأستاذ السيد (أحمد بزوي) نصيحةً غالية، وقد دبَّجتُها بقلمي لتلينَ لسماعِها القلوبُ القاسية، ولا إخالُها إلا منقذةً لمن على شفا الهاوية، إن كان ذا أُذن واعية.

ولقد ألفيتُني أنظرُ مِن حولي إلى الحياة التي تنقضي مع مغيب شمس كل يوم، فأرى الموت قابَ قوسين أو أدنى، ملتهبة أحاسيسي - على وقع ذكره - بخلجات شاعر، قائلًا والسؤال يحفزني: هل الحياةُ إلا كنز يتناقَصُ بمرور الأيام، ويفنى بتعاقب الأعوام؟ فأجيب من فوري: إيهٍ أمَّتي إنها كذلك! حيث إن الموت ينتزع تلك الحياة من المرء كما لو أنها حبلٌ في يد صاحب الدابة قد أرخاه، بينما هو ماسكٌ طرفَيْه، يجذبها متى شاء؛ فكيف بمن هو ماسك بنواصي من في الأرض والسماء؟ وسبحانه فهو القائل:﴿ أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ [النحل: 79].


[1] أستاذ التعليم العالي بجامعة شعيب الدكالي، كلية الآداب، الجديدة.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 61.13 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 59.41 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.81%)]