|
ملتقى الشعر والخواطر كل ما يخص الشعر والشعراء والابداع واحساس الكلمة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الغزل بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم صدقي البيك كان للقصيد في الشعر العربي في العصر الجاهلي غالباً منهج محدد، يسلكه الشاعر، سواء أكان الشاعر مقلاً أم كان مكثراً، فكانت القصيدة تبدأ بمقدمة غزلية، يتغزل فيها الشاعر بامرأة، يذكر اسمها وتعلق قلبه بها، ويصفها وصفاً حسياً أو معنوياً، ويقف على أطلال ديارها يشكو هجرانها له، ويحيي ذكرياته معها في تلك الديار التي أقفرت من ساكنيها، وسمي هذا لمطلع للقصيدة: "الوقوف على الأطلال". وكان يفعل ذلك الشعراء الذين اشتهروا بالمجون، والذين اتصفوا بالعقل والرزانة، والشعراء الشباب، والشعراء الذين تقدمت بهم السن، فالشاب طرفة بن العبد يقول: لخولة أطلال ببرقة ثهمد ![]() تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد ![]() والماجن امرؤ القيس يستوقف صاحبيه على أطلال محبوبته: قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل ![]() بسقط اللوى بين الدخول فحومل ![]() والشيخ الهرم الذي نيف على الثمانين زهير بن أبي سلمى يقول: أمن أم أوفى دمنة لم تكلم؟ ![]() بحومانة الدراج المتثلم ![]() وقفت بها من بعد عشرين حجة ![]() فلأياً عرفت الدار بعد توهم ![]() وهذا الغزل لم يكن تغزلاً بزوجة الشاعر دائماً، فقد يتغزل بها أو بغيرها، وغالباً ما يكون بغير زوجته، ضناً بها عن أن يتحدث عنها الناس. وكانت هذه الطريقة أسلوباً سلكه الشعراء في العصر الجاهلي، واستمروا عليه حتى بعد ظهور الإسلام، فالشعراء المخضرمون الذين أسلموا ساروا على هذا النهج، وشعراء العصر الأموي لم يخرجوا عليه.. إلى أن لحق التجديد نهج الشعر في العصر العباسي، بعد معركة كلامية حامية بين من خرج على هذا النهج (المحدثين) ومن بقي عليه (المحافظين). وعندما جاء الإسلام بعقيدة جديدة على المجتمع الجاهلي، وبأخلاق سامية نبيلة، هذبت هذه العقيدة سلوك أفراد المجتمع، نتيجة تحريم الخمرة، وطلب الحفاظ على العرض وغض البصر... فلم يكن بد من أن يلتزم المجتمع بذلك في سلوك أفراده. أما الشعراء، فقد قال الله تعالى عنهم في كتابه العزيز ﴿ وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ * أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ * وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ ﴾ [الشعراء: 224 - 226] ومع ذلك، كان منهم شعراء مسلمون يؤدون دورهم الإعلامي، ويجاهدون بالكلمة المنافحة عن الإسلام والمسلمين، وقد استمروا على النهج الذي كانوا عليه؛ فكانوا يبدؤون قصائدهم بالغزل التقليدي، ويقفون على الأطلال، ولم يكن المسلمون يحاسبونهم على كل كلمة يقولونها في شعرهم، ولا يستنكر عليهم ذلك أحد: فهذا كعب بن زهير بن أبي سلمى كما تروي كتب الأدب والتاريخ، يقف بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم يمدحه ويعتذر إليه عما بدر منه من هجاء له وعن محاربته للإسلام بشعره، ويفتتح قصيدته، على عادة شعراء الجاهلية بالوقوف على الأطلال، بل بالغزل مباشرة فيقول: بانت سعاد فقلبي اليوم متبول ![]() متيم إثرها لم يفد مكبول ![]() وما سعاد غداة البين إذ رحلوا ![]() إلا أغن غضيض الطرف مكحول ![]() تجلو عوارض ذي ظلم إذا ابتسمت ![]() كأنه منهل بالراح معلول ![]() شجت بذي شبم من ماء محنية ![]() صاف بأبطح أضحى وهو مشمول ![]() فيا لها خلة قد سيط من دمها ![]() فجع وولع وإخلاف وتبديل ![]() فما تدوم على حال تكون بها ![]() كما تلوّن في أثوابها الغول ![]() وما تمسّك بالوعد الذي وعدت ![]() إلا كما تمسك الماء الغرابيل ![]()
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |